صناعة المرطّبات والمثلجات في صيدا البلد خبرة 90 عاماً

التصنيف: Old Archive
2013-07-17 04:56 ص 1468
سامر زعيتر اللواء
مع عودة شهر الصوم، تتجدد الحياة داخل أزقة مدينة صيدا القديمة، وتحفظ ذاكرة صيداوية نقلها الأبناء عن الأجداد، وتستعيد أحياء مهن لا زالت تحفظ التراث في ذات المكان...
صناعات مُتعددة، بعضها يؤثر الصمت والبعض الآخر يشرّع الأبواب، وما بين ذلك وتلك، يبقى الاستقبال والحفاوة لكل زائر وزبون عنوان المدينة القديمة وامتداداتها وإن ترافقت مع صمت مُطبق في بعض الأحيان...
فمن صناعة المثلجات الى المرطبات، مهن لا زالت هناك منذ أكثر من 90 عاماً، تُحافظ على نفس الجودة، حيث تناقلها الأبناء عن الآباء ونقلوها بدورهم الى الأحفاد، تتجسّد في مكان واحد في «عاصمة الجنوب»، يوم كانت خلف أبواب موصدة، داخل أزقة مدينة صيدا القديمة «البلد»، حيث لا تزال بعض العائلات الصيداوية تحفظ هذه المهن في نفس المكان، فيما انتشرت صناعات أخرى في كل زاوية من المدينة...
مع بداية شهر الصوم تعود الحياة الى قلب «صيدا البلد»، وإن ترافق المشهد مع سماع أصوات انفجارات، لكنها هذه المرة صادرة عن فرحة الأطفال بقدوم شهر الصوم، فيما لا يزال الحذر والتشنج أسير الموقف ولا يخلو المكان من بعض الإشكالات...
«لـواء صيدا والجنوب» جال داخل أزقة صيدا القديمة وعند مداخلها وعاد بهذه الانطباعات...
يحتار الداخل إلى مدينة صيدا أي باب يختار، فكما كانت المدينة القديمة، لا زالت أبوابها مشرّعة من مداخل عدة، كل واحد منها له حكاية خاصة ومعها تروى سيرة مهن مُتخصصة، لا زال بعضها في ذات المكان ينتقل من جيل إلى آخر، فيما البعض الآخر فضّل الخروج إلى خارج أسوار المدينة القديمة مع التوسّع العمراني. بدوره رمضان يعيد الحياة إلى داخل أزقة المدينة التي تنشط فيها الدورة الاقتصادية، وإن كان المطلوب القيام بدور أكبر بفعل الواقع الاقتصادي الذي لا يخفى على أحد، فإن كانت محالها تنشط خلال النهار، فإنها تتحوّل إلى مدينة أشباح خلال الليل وعينها على أيام ماضية كانت فيها الحركة التجارية والسياحية تشهد أمسيات رائعة، لكن انتشار العديد من الظواهر وكثرة المشاكل الاجتماعية وخصوصاً ظاهرة المخدرات جعلت منها مدينة نهارية، والتي بدورها لا تخلو من بعض المشاكل، وإن كان البعض بات يعتبرها عادية، لكن الزائر إلى ذلك المكان لم يعتد عليها، رغم أنها أصبحت نموذجاً تجسّد في العديد من الأحياء الفقيرة داخل عدة مناطق لبنانية.
صمت وترحاب
بين هذا المشهد، الذي ربما تبدأ به دخولك إلى داخل أسوار المدينة القديمة أو ربما تنتهي به، تبقى إرادة الحياة أكبر، حيث لا زال يقف هناك العديد من أصحاب المحال يحفظون مهناً تاريخية، وإن كان البعض يفضّل تجنّب الحديث عنها، وربما في ذلك وجه حق، فها هو صاحب معمل فريد من نوعه لبيع البوظة، يملكه آل النوام، والذي لا يزال يُحافظ على تراث هذه المهنة منذ عشرات السنوات، يرفض الحديث للإعلام أو حتى التقاط الصور، «لأن من لسع من الشوربة لا بد له أن ينفخ في الزبادي» - كما يقول المثل المشهور، منع يصل إلى الحلفان باليمين، لأن بعض وسائل الإعلام حرّفت مقابلة مع أصحاب المحل منذ عقود قديمة وشوّهت إصرارهم ومحبتهم لهذا العمل، لذلك يرفضون اليوم الحديث أو التقاط الصور.
إصرار يحترم، لأنه يغمرك بالترحاب كزائر أو شارٍ، فالقلوب مفتوحة ولكن بحذر من أي خلل، «لأن المؤمن لا يُلدغ من الجحر مرتين»، فبعد الحفاوة والترحاب، تعرف من كل زائر وتاجر أن مبيعات ذلك المعمل تسير على خير ما يرام، وتلقى البوظة التي ينتجها طلباً من كل أنحاء المناطق، لأنها تتمتع بذات الجودة التي كان ينتجها الأجداد، وللحفاظ على ذلك ينتج في كل يوم لوناً واحداً، فيما يقف الزبائن لتسجيل طلباتهم، ويضطر التجار لزيارة المعمل داخل أزقة صيدا القديمة نظراً لجودة هذه البوظة التي تمتاز بكونها مصنوعة من الثلج، ويزداد الاقبال عليها في شهر الصوم لإطفاء ظمأ الصائم، فيما فرحة الأطفال تكبر لأن لهيب الصيف لا بد له من تناول ما يثلج القلب.
مشهد يثلج القلب
نعود من هناك، بصورة أكثر من واضحة، ولو لم تكن مُجسّدة بالتقاط الصور، وعلى بعد أمتار منه تجد الترحاب ذاته بالزائرين في «حارة اللوز» بالقرب من «فرن معنية»، ومعه ما يثلج القلب أيضاً، فلا زال آل السن يُحافظون على صناعة المرطبات ومعها حفظ تراث يزيد عن 90 عاماً من خلال مهنة توارثها الأبناء عن الأجداد.
وأشار بدوي السن إلى «أنه توارث المصلحة أباً عن جد، وذلك في نفس المكان حيث كان جده الذي يحمل اسمه يعمل في هذا المكان، وبعدها انتقل العمل الى والده أحمد، ومن ثم إليه مع شقيقه محمد».
وقال: «نحن نقوم بصناعة المرطبات على أنواعها، وهي: عرق السوس، التمر الهندي، الجلاب، الخروب، وكل إنسان لديه رغبة خاصة به، ولكل منتج سعره الخاص، حيث يباع الجلاب والتمر الهندي والخروب بـ 3 آلاف ليرة، والسوس بمبلغ 2500 ليرة، والتوت يباع بمبلغ 4 آلاف ليرة. ولهذه المنتوجات العديد من الفوائد وعلى رأسها السوس، الذي يُعالج الرواسب مثل الرمل والبحص ويُساعد على الشفاء».
وعن المراحل التي تمر بها هذه العملية قال: «نأتي بالسوس من الخارج وخصوصاً سوريا، أما التمر الهندي فهو بالتأكيد يأتي من الهند، والتوت نأتي به طازجاً، ويمر عرق السوس بعدة مراحل منها التخمير بتركه فترة من الزمن، ومن ثم صب الماء عليه، ويجب أن تكون المياه خفيفة كي لا تنفذ الكمية بسرعة، فيما التمر الهندي يحتاج الى النقع ومن ثم «التمريج» باستخدام قطعة من القماش، أما الجلاب فهو يستخرج من العنب، فيما التوت فنستخدم في انتاجه الحب الطبيعي، إضافة لصناعة الخروب والتي هي من ثمرة الخروب».
وختم بدوي بالقول: «نحن لا نقوم بالتوزيع، لأن الزبائن يأتون إلينا من كل المناطق، وخصوصاً من بيروت والجنوب، ونحن نحافظ على الأسم الذي ورثناه عن الأجداد ونحافظ على جودة الانتاج والنظافة».
تنويع الانتاج
بدوره شقيقه محمد السن قال: «عملت مع والدي في المصلحة منذ الصغر، وفي السابق كنا نواجه صعوبة في تأمين الزجاجات لتعبئة المرطبات، لكن اليوم ومع وفرة المصانع التي تعمل على تصنيع الزجاجات البلاستيكية، فإن الأمر أصبح سهلاً وفي الوقت نفسه زاد من النظافة التي تهمنا وتهم الزبائن».
وأضاف: «في رمضان يزداد الطلب على جميع أنواع المرطبات، ولكن الناس تطلب السوس بشكل أكبر، وطبعاً هناك يد عاملة كثيرة تقوم بهذه المهنة، ولكن غالبيتها تعتمد على الصناعة باستخدام المواد الاصطناعية، لكننا لا زلنا نُحافظ على التراث ونستخدم المواد الطبيعية، وهذا ما يُميّز نكهة منتوجاتنا التي تجد الرضا لدى الزبائن». وختم محمد السن بالقول: «في فصل الشتاء نقوم بإنتاج السحلب، وبالتالي فإن تنويع المنتوجات يساهم في استمرارنا، فلقد كانت المهنة مربحة في السابق، ولكنها الآن ليست كذلك، وطبعاً الطلب يكون بشكل أكثر من قبل الطبقات الشعبية، التي تهوى هذه المنتوجات أكثر من غيرها».
ويفخر آل السن بهذا العمل، حيث أشار بدوي وشقيقه محمد إلى صورة التقطت لجدهما في العام 1949، حين كان يبيع عرق السوس والى جانبه يبدو والداهما يُساعده عندما كان طفلاً، والى جوارها صورة أخرى لوالدهما التقطت منذ 17 عاماً.
القطايف.. رمضانية بإمتياز
وبالخروج من أزقة صيدا القديمة إلى السوق التجاري، وتحديداً عند «ساحة النجمة»، يقف باسم توبة، الذي حوّل محله المخصص لبيع السندويشات إلى صناعة القطايف، ويُساعده في هذه المهمة حسام عبد الغني.
مهنة تراها تزداد بشكل ملحوظ في شهر رمضان المبارك فتفتح محال عديدة في المدينة لبيع القطايف خلال شهر الصوم، وقال توبة: «نبيع السندويشات خلال الأيام العادية، لكن خلال شهر الصوم وحفاظاً على القيم الأخلاقية وعادات مدينة صيدا باحترام عدم الجهر بالإفطار في شهر رمضان المبارك، فإننا نتوقف عن بيع السندويشات، ونبيع المنتوجات الرمضانية، وأشهرها القطايف، والتي تعلمتها من خلال خبرتي كطاهٍ في عدد كبير من الأماكن، والهدف هو الحفاظ على القيم وعادات مدينة صيدا الإسلامية».
انتشار للتراث وحفاظ عليه، يحفظ لمدينة صيدا تاريخها في ذاكرة تصرّ على الالتزام بالقيم والآداب الإسلامية، فيما تنشط الحركة التجارية في شهر الصوم، كيف لا وهو شهر يزداد فيه رزق العباد.
أخبار ذات صلة
في صحف اليوم: تراجع في موقف الجامعة العربية بشأن حزب الله بعد ضغط
2024-07-02 12:25 م 132
جنبلاط متشائم: أستشرف توسيع الحرب*
2024-06-24 09:10 ص 239
لبنان ليس للبيع... مولوي: نرفض الإغراءات المالية لتوطين النازحين*
2024-06-22 09:59 ص 200
تطوّر "لافت"... أميركا تكشف مكان السنوار وقادة حماس في غزة
2024-01-13 09:01 ص 271
خطة غالانت لما بعد حرب غزة.. هذه أهم بنودها
2024-01-04 09:09 م 322
مفوضية الجنوب في كشافة الإمام المهدي خرجت 555 قائدا وقائدة
2017-07-10 10:26 ص 1668
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا

لوائح جديدة للانتخابات البلدية والتحضيرات تنطلق بعد رمضان
2025-03-14 06:41 م

علماء: عثرنا على "سفينة نوح" التي أنقذت البشرية قبل 5 آلاف عام
2025-03-13 05:15 ص

بالصور شخصيات صيداوي في إفطار معراب..
2025-03-08 10:42 ص

بالصور أمسيات رمضانية مميّزة في صيدا بحضور بهية الحريري د حازم بديع
2025-03-08 10:40 ص

بهية الحريري ..مدينة صيدا وصيدا بهية الحريري
2025-03-04 06:14 م

سيدة تخسر مبلغاً ضخماً وتغلق الهاتف في وجه محمد رمضان