×

من هي تلك التي هدّمت باب الحارة!

التصنيف: تقارير

2013-07-22  12:40 ص  1299

 

فاطمة عبدالله

ول ما قيل في وصف المسلسل السوري "ياسمين عتيق" انه يجمع بين مسلسلي "باب الحارة" و"حريم السلطان". أسوأ ما قد يُقلق عملاً هو الخوف من عدم تقبّل المُشاهد له إلا على حساب مقارنته بأعمال أخرى لاقت نجاحاً. وإنما "ياسمين عتيق" (العاشرة إلا ربعاً عبر MTV) بدأ يثبت نفسه قيمةً في ذاته، متين الأسس. مقارنته بسواه من الأعمال، بقصد التقليل من شأنه أو تصغيره، أشبه بمن يحكم المسجون ظلماً بالإعدام.

الى زمن الياسمين الدمشقي، ما بين الأعوام 1831 و1840، يعيدنا الكاتب رضوان الشلبي والمخرج المثنى صبح. وزّع الرجلان الأدوار على شخصيات شكّلت مجتمعة مساراً درامياً متناسقاً، لعلّه أفضل بمرات من هيمنة قلّة من الرجال والنساء على الوضعية العامة للعمل على حساب النصّ غالباً وحضور باقي الممثلين، وتمادي مسلسلات البيئة الشامية على مدى السنوات الفائتة بتعزيز الصورة النمطية المنغلقة، لا سيما حين تتعلّق بالمرأة وانصياعها الكلّي للرجل، الأب والأخ والزوج والذكورية في رأسها.

 

جميلة وأنيقة وأكثر هيبة من السلطانة هُيام التي شُبّهَت بها، سلاف فواخرجي في دور صفية الألوسي، زوجة غسان مسعود في دور رشيد الشلومي، شهبندر التجار، ومحتكر السوق، والمتعالي على الخلق. يرميها بالطلاق حين ترفض ان تُهان كرامتها، فتخيّره بينها ككيان راجح عقله، محبّ للخير، وبين عاداته في السهر والثمالة. نشتاق غير الرعب في وجه المرأة السورية.

كان من الأفضل للعمل ألا يقتطف بعض التفاصيل من أفكار الآخرين ويعرضها في الواجهة. وكأن جهد المخرج منصبّ على ألا يبدو "ياسمين عتيق" نسخة منقحة عن "باب الحارة" أولاً، فمسلسلات البيئة الشامية مجتمعة، أما "حريم السلطان" فلا بأس بذلك.
الحرملك هنا خانٌ، فتياته يلعبن دور الجواري في خدمة آغاوات الشام وكبار رجالاتها من التجار ورؤوس المال والسلطة وقرار الحسم بين الحارات، والأسلحة. كيف تصبح صفية الألوسي شبيهة السلطانة هُيام، وبين المرأتين ثمة واحدة تناضل من أجل المساواة والقيم الأخرى، والثانية تنهمك في التخطيط والتآمر وكيد النساء؟ الملابس المستوحاة من أجواء "الحريم" قد تجعلهما متشابهتين، وإنما أبعاد شخصية صفية، وتحرّكها في اطار درامي تاريخي، تجعل مقارنة البطلتين أشبه بضحكة صفراء.

مرة أخرى، يبدو التعايش الاسلامي المسيحي في تاريخ المجتمعات العربية هشاً ومستعداً بارتباط شاب وفتاة ان يظهر على حقيقته، ويُسقط قتلى. زواج زمرد (امارات رزق)، الشابة المسيحية من شاب مسلم، ومقتله على يد ابن عمها في ليلة هروبها من المنزل، يفسّران كيف ان الوحدة بين الطوائف بمثابة شعار يتباهى برفعه الجميع، ليتحوّل في المواقف الجديّة سبباً من أسباب الحرب رغبة في الغاء الآخر الذي يقاسمنا الهواء والوطن.
تلتقي زمرد بجورية في الخان في ظروف متشابهة، فالأخيرة هربت بعدما قُتل أبوها على يد أبي العز الشوملي (سليم صبري)، أحد تجار الشام الذي يريدها زوجة له بالقوة. سرعان ما تتسارع الحوادث بآلية مشوّقة، ليبدأ أهالي الشام تصفية ذاتية لبعضهم البعض لا تستثني رجال الدين، بما يشبه عادات الثأر عند العرب تاريخياُ، ليبقى الحاكم العثماني، المهيمن على الأرض والقرار حينذاك، مراقباً مستفيداً ومسروراً بما يحدث.
القصة ممتعة، تقدُّمها مدروس، أجمل ما فيها اننا نريد المزيد. ألّا نشبع بمثابة اشارة الى ان العمل ناجح. "ياسمين عتيق" حين قدّم البيئة الشامية ضمن مجتمع "طبيعي" فيه الرجل وفيه المرأة، خفف ثقل الرضوخ المطلق: "بأمرك ابن عمي" الذي تكرّس بجهود "باب الحارة"، والسبحة التي كرّت. آن الأوان لعين مختلفة ترى الحقيقة.


Fatima.abdallah@annahar.com.lb
Twitter: @abdallah_fatima

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا