×

مصب نهر بيروت موطن للتماسيح !

التصنيف: المرأة

2013-07-24  03:12 م  1402

 

 بعد توارد معلومات عن وجود مجموعة من التماسيح في مصب نهر بيروت لجهة البحر في المنطقة الواقعة بين شركة سوكلين والمسلخ، توجّه فريق من «الجمهورية» الى المكان الذي بحسب شهود عيان، شوهد فيه البعض منها، وهو مكان الجسر الذي كان يربط ضفتي النهر قبل انهياره منذ سنوات.

من المعلوم، أن التمساح لا يخرج من مخبئه إلّا عند حاجته للصيد، لذا فإن عملية رصده للتأكد من صحة الخبر ليست بالسهلة، كون المنطقة المذكورة غنية بالغذاء لهذا النوع من الزواحف، لأنها تحتوي على فضلات من اللحوم والحيوانات والجيف التي يتم رميها في النهر، ما عزّز صحة فرضية وجودها فعلاً، ودفعنا للتوجه الى المنطقة المذكورة للتحقق من صحة الخبر، لكن من دون أن نصل الى النتيجة المرجوة. وبعد قيامنا ببعض الأبحاث عن طبيعة تصرف التماسيح في بيئتها، إستنتجنا أنها من المحتمل أن تخرج لتتشمّس في الصباح الباكر بعد قضاء ليلتها في المياه.

وبعد مرور حوالى الأسبوعين من المتابعة والرصد، تمكنا أخيراً من تصوير تمساح يافع في المنطقة التي ذكر الشهود أن التمساح كان موجوداً فيها، والتي تبعد أمتاراً قليلة عن البشر. لكن لم نتمكن من رصد باقي المجموعة، بحيث لا يمكن الجزم حالياً إذا كان لهذا التمساح اليافع الذي يتراوح عمره بين الثلاث والخمس سنوات أب وأم في مكان ما في مصب النهر، أو أنه تمّ رميه هناك.

لكن وبحسب الشهود فإن هناك ثلاثة تماسيح كحد أدنى، أحدها بطول يتعدّى الأربعة أمتار وعرضه متر، تتواجد على أول المصب من جهة البحر. وتجدر الإشارة الى أن المنطقة المحاذية لمصب نهر بيروت، تحتوي أيضاً على نهرين من النفايات تفصل بينهما مسافة من اليابسة ليست بالكبيرة، ويتصل إحداها بجبل النفايات، ومن المحتمل أن يكون في تلك المنطقة أيضاً تماسيح.

تهاجم الإنسان أحياناً

تتغذى تماسيح النيل على الحيوانات الصغيرة كالأسماك، والطيور، كما تهاجم أحياناً الحيوانات الكبيرة والإنسان وتضع البيض مثل معظم الزواحف. وتعيش التماسيح في المناطق الإستوائية، وتفضّل المساحات الواسعة من المياه الضحلة والأنهار الراكدة والمستنقعات المفتوحة. وتساعد أقدامها ذات الأغشية على السير فوق الأرض الطريّة، كما أن أعينها وفتحات أنوفها ترتفع عن بقية أجسامها. وتلائم هذه الميزات حياة التماسيح، لأنها تحب أن تطفو وأعينها وأنوفها فوق سطح المياه.

أسئلة تطرح نفسها

هنا تتوارد الى الأذهان أسئلة عدة تطرح نفسها.من أين أتت هذه المجموعة والى أي فصيلة تنتمي، وكيف وصلت الى المكان المذكور، وهل من رمى بها في النهر؟... مع العلم أن هناك فصيلة من التماسيح يمكنها أن تتنقل عبر مياه البحر المالحة.

وهل من الممكن أن تنتشر هذه التماسيح على طول مجرى النهر عندما يرتفع منسوب المياه في فصل الشتاء، أو أن تنتقل عبر البحر الى أنهر أخرى أو الى الشواطئ السياحية؟

وهل ستشكل في يوم من الأيام خطراً على المواطنين، في حال اقترابهم من ضفة النهر في المنطقة المذكورة، وما هو دور الدولة والبلديات والجهات المعنية والجمعيات المختصة، في متابعة هذا الموضوع، لأخذ الإجراءات اللازمة قبل وقوع الكارثة، خصوصاً أن التمساح كان يتشمّس على بعد حوالى العشرة أمتار فقط من مكان فيه عمال من دون وجود أي سور أو فاصل بينهم ؟

وما الذي يجب فعله مع هذه التماسيح، هل يجب نقلها أو تركها أو ترحيلها؟ وهل من الممكن أن يحصل أي شخص على رخصة بإستيراد التماسيح الى لبنان؟ وهل تتابع الجهة التي أعطت الرخصة، حال ومكان وجود هذه التماسيح وكيف تتم تربيتها ؟

وزارة البيئة

وفي اتصال مع وزير البيئة في حكومة تصريف الأعمال ناظم الخوري، أبدى استغرابه الشديد لوجود تماسيح في لبنان، وهي ظاهرة غريبة، مثنياً على الجهود التي قامت بها "الجمهورية" لمتابعة هذه الحال، واضعاً كل إمكانات الوزارة في خدمة هذا الموضوع. وتابع "نحن كوزارة بيئة نسعى جاهدين لتأمين التمويل اللازم لحل مشكلة المسلخ الذي يشكل كارثة كبيرة.

ولا بد من معرفة كيف وصلت هذه التماسيح الى المصب، وكيف وصلت الى لبنان وبأية طريقة، وكم عدد التماسيح التي دخلت وتم التصريح عنها"؟ وشدد على أهمية التعاون مع المواطنين للتوعية من خطورة هذه الظاهرة.

وزارة الزراعة

من جهته، وفور تبلّغه الخبر، أكد وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال حسين الحاج حسن في إتصال معنا، أنه أبلغ الأجهزة المعنية في بلدية برج حمود، للقيام بالإجراء اللازم للتحقق من صحة الخبر، وطلب منا الصور والفيديو الذي معنا، مشيراً الى عدم إقتناعه بصحة الخبر بسبب شح وجود المياه في المنطقة المذكورة، بحيث لا يمكن أن يعيش تمساح دون مياه وفيرة. ونزولاً عند رغبة الوزير، وحرصاً منا على المصداقية، وتأكيداً على عدم نشر أي خبر من دون التأكد من صحته، سيتم نشر الفيديو على موقع "الجمهورية" الإلكتروني.

الطبيب البيطري الدكتور وليد درويش

وفي سياق متصل، كان لنا لقاء مع الطبيب البيطري الدكتور وليد درويش، الذي أكد أن هذا التمساح الذي تم تصويره ينتمي الى فئة تمساح النيل " Crocodylus niloticus"، وهو واحد من التماسيح الأكثر خطورة في العالم، ويشكل خطراً كبيراً على الإنسان، وهو مسؤول عن مئات الوفيات من البشر كل عام، وموطنه الرئيس أفريقيا".

وتابع "يُعتبر تمساح النيل ثاني الزواحف المتبقية في العالم كبراً من حيث الحجم. وعلى الرغم من قدرته على العيش في المياه المالحة، إلّا أن هذا النوع نادراً ما يتواجد فيها ويفضّل البحيرات الآسنة و ملتقى الأنهار، وأحياناً يعيش في البحر قرب الشواطئ.

ويبلغ متوسط طول تمساح النيل بين 4 أمتار و 6 أمتار، ويزن حوالى 500 كيلوغرام. وتمساح النيل هو حيوان مفترس وعدواني جداً، ويملك القدرة على قنص أي حيوان تقريباً فى مجاله وهو أيضاً من مفترسي التربص ويمكنه أن ينتظر ساعات وأياماً وحتى أسابيع ليتحيّن اللحظة المناسبة للهجوم على الفريسة وجرّها إلى المياه.

وأضاف"إن تماسيح النيل هي تماسيح إجتماعية جداً في ما بينها، وهي تتشارك في أماكن التشمّس وفي مصادر الغذاء الكبيرة، مثل قطعان الأسماك وجثث الحيوانات الكبيرة، ويمكنها أن تهاجم وتقضي على حيوانات أكبر منها بأربعة أضعاف. وإذا كان التمساح جائعاً، يمكنه حتى أن يأكل تماسيح أخرى.

وهناك تسلسل هرمي صارم فى عملية التشارك الغذائي، يتم تحديده حسب الحجم. وكباقي التماسيح الأخرى، تضع تماسيح النيل البيض للتكاثر، وتقوم الإناث بحراسة البيض في الفترة الأولى، وبعد التفقيس، يصطاد التمساح المولود حديثاً فريسته بنفسه من دون الحاجة لوالديه. وحتى لو كان تمساح النيل وحيداً، فهو يعيش بطريقة طبيعية ويشكل الخطر نفسه كما لو كان ضمن مجموعة".

وعن مصدر هذه التماسيح وكيفية وصولها الى لبنان،" أكد أنه على الأرجح أن يكون رماها أحد بعد أن ابتاعها وهي صغيرة. وعندما كبرت وأصبحت شرسة، قام برميها في النهر، بحيث أن هناك بعض المتاجر والمحلات المتخصصة ببيع الحيوانات كانت تعرض تماسيح صغيرة للبيع بطريقة غير شرعية. وفي لبنان لم يكن هناك تماسيح عبر التاريخ، لكن في التاريخ القديم، كان يقال أن هذا النوع من التماسيح كان موجوداً في الأردن".

وعن إمكان إنتقال هذه الزواحف الى أماكن أخرى، قال" طالما أن الغذاء يتوافر للتمساح، فهو يبقى عادة في منطقة واحدة، لكن إذا لم يتوافر له الغذاء، فسيبحث عنه في مناطق أخرى، ويمكنه أن يأخذ أي مكان آخر متوافق مع بيئته موطناً له. لذا من المفضل إلتقاط هذه التماسيح وترحيلها من لبنان الى مناطق مخصصة لها".

"Animals Lebanon "

في السياق عينه، تلقّينا إتصالاً من السيد جيسون ماير المدير التنفيذي لجمعية "Animals Lebanon " المتخصصة في حماية الحيوانات، طالباً منّا تحديد الموقع، بحيث ستعمل الجمعية على التقاط التماسيح الموجودة لإرسالها الى خارج لبنان، وتحديداً الى مناطق تشكل بيئة حاضنة لهذا النوع من التماسيح".

وفي الختام، نطلب من المواطنين عدم التوجه الى المكان الذي شوهد فيه التمساح، حرصاً على سلامتهم، كما نطلب عدم قتل هذه التماسيح في حال رؤيتها، وترك الموضوع على عاتق الجهات المعنية والمتخصصة للقيام بالإجراءات المناسبة.

كما نطلب من الأشخاص الذين ابتاعوا التماسيح وبعد فترة رموها في الغابة، أو في أحد الأنهر، أو في أي مكان آخر، عدم التهرّب من المسؤؤلية والإتصال بالجهات المعنية والجمعيات المتخصصة، للتبليغ عن المكان الذي تم رمي أحد هذه الحيوانات فيه، لأنها تشكل تهديداً مباشراً على حياة المواطنين.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا