×

بين الجسد واكتشاف المتعة... المراهق في علاقاته الأولى...

التصنيف: المرأة

2013-07-25  12:39 م  809

 
يجب أن نُميّز بين فترة الإنفتاح على الحياة الجنسيّة التي تحصل في سن الـ12-13 والإستنماء والسعي وراء المتعة من جهة، والقدرة على تقبّل الحياة الجنسية من جهة أخرى والتي لا تأخذ في الإعتبار القدرة الجسديّة على إقامة العلاقة الجنسيّة. يمرّ المراهقون عند بلوغ سن الخامسة عشرة في مرحلة من عدم النضج في العلاقات ويكون موقفهم من الجنس ملتبساً ومشوشاً للغاية؛ إذ يشعرون بوجود فارق كبير بين الصور والأفلام التي يشاهدونها على الإنترنت والضغط الإجتماعي الذي يُمارس عليهم.
 
الكثير من المراهقين يُجبرون أنفسهم على إقامة علاقة جنسيّة في عمر مبكّر. وغالباً ما يتسبّب الإنتقال من الطفولة إلى سن الرشد بحصول إرتباك كبير لديهم، إذ يواجه الفتيان والفتيات في المرحلة الإنتقاليّة ما بين التمرّد ونضج الشخصية، إضطرابات هرمونيّة وجسديّة ونفسيّة تتزامن مع سن البلوغ. وهي أيضاً مرحلة التجارب الغراميّة الأولى والعلاقات الجنسية الأولى. والمهم هنا معرفة كيفية التعامل جيداً مع الجسد في خضم هذه الإضطرابات العديدة والتي نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر نمو الثديين، وظهور العادة الشهرية، ونمو الشعر، وتغيّر الصوت وخشونته، وحب الشباب... ولا يغيب عن ذهننا أيضاً أن فترة البلوغ أيضاً هي إحدى المراحل التي تؤسس للهوية الجنسيّة.
كثيرة هي الأسئلة التي تراود أذهان المراهقين وهم يقعون في الحب من "أول نظرة" أو يعيشون علاقة غرامية للمرة الأولى، ولا يعرفون إلى من يتوجهون للحصول على إجابات مُجدية. فالمسيرة العاطفيّة والغراميّة تعترضها أحياناً معوّقات ومصاعب سواء كان حباً من النظرة الأولى أو إنفصالاً. يطرح الكثير من الفتيان والفتيات في سن المراهقة أسئلة عن المشاعر التي تعتريهم والتي يكتشفونها، وعن الرغبة الجنسيّة، والإستنماء، والهوّامات وغيرها من الأحاسيس المستجدة.
ومن الطبيعي عند إقامة العلاقة الجنسيّة الأولى، أن يشعر المراهقون بالخوف من مشاركة حياتهم الحميمة. تدور في ذهنهم الكثير من الأسئلة المتعلقة بوسائل منع الحمل، والمداعبات، والأمراض المتناقلة جنسياً، ومواضيع أخرى ذات طابع حميم سواء أقاموا علاقة من قبل أو على وشك القيام بها.
وما بين أزمات المراهقة والتمرّد والهوية الجنسيّة، ليس من السهل غالباً طلب المساعدة بخصوص مسائل تراوح بين مآس صغيرة ومشكلات كبيرة ... قذف مبكر أو حمل غير مرغوب فيه... مجتمعاتنا المعاصرة تدفع المراهقين إلى خوض غمار الحياة الجنسيّة في مرحلة مبكرة. ومن المؤكد أن إقامة العلاقة الجنسيّة الأولى يحدث في يومنا هذا في عمر أصغر مما كان عليه الوضع قبل 50 عاماً، إذ يقيم المراهقين والمراهقات الآن علاقة جنسيّة مع الشخص الذي يقع إختيارهم عليه من دون الإحساس بالذنب أو ضرورة التبرير. وتختلف المسوغات والدوافع، إذ أن 72 % من الفتيات مغرمات بشريكهن الأول فيما تتراجع هذه النسبة إلى 64 % فقط لدى الفتيان. ولا تتبلور الأمور بخصوص الجنس إلاّ في حلول الثامنة عشرة وما فوق.
يجدر الإنتباه إلى أن المراهقين لا يحتاجون بالضرورة إلى علاقة جنسيّة. فحاجتهم الأساسية والأهم عاطفيّة، ويأتي الجنس في المرتبة الثانية، وهم بالطبع لا يُقرون بذلك. وفي عالم أصبح فيه الجنس مهماً للغاية، يتماشون مع التوجهات السائدة خوفاً من نعتهم بالحمقى. إلاّ أنهم في الواقع يريدون الوقوع في الحب رغم إدعائهم بأنهم يريدون ممارسة الجنس. فثمة بُعد عاطفي رومانسي حقيقي للمراهقة. ولا يجب أن ننسى أن العلاقة الجنسيّة تكون عادة نتيجة لواقع غرامي، ونعرف جميعاً تمام المعرفة أن الحب لا يأبه بالأعراف والتقاليد والقوانين. فمن جهة هناك الجانب الحميم، ومن جهة أخرى الجانب الإجتماعي. ورغم إدعائنا بأننا أصبحنا في عصر الحوار المفتوح وتوافر المعلومات على نطاق واسع، لا زال الأهل يشعرون بالحرج عند التطرّق والتفكير في الحياة الجنسية للمراهقين. إلاّ أن هذا الجانب من حياة أولادنا لا ينتظر ضوءاً أخضر منا وهو خارج عن سيطرتنا، فإذا شئنا أم أبينا، للمراهقين حياة جنسيّة. لن يمكننا أن نمنع أولادنا المراهقين من إقامة علاقات جنسيّة وتبادل القبل ومداعبة الأعضاء الحميمة لصديقهم أو صديقتهم وغير ذلك.
سواء أكانوا مستعدين أم لا بنظرنا، وسواء ردعناهم ومنعناهم من ذلك، وشعرنا بالصدمة لمجرد التفكير بإمكان حصول هذا الأمر ورفضنا الواقع، سيقدم المراهق والمراهقة على إقامة علاقة جنسيّة مع أو بدون رضانا. الإعتراف والإقرار بأن هذا الأمر لا ينتظر رضانا وهو خارج عن سيطرتنا، يمكن أن يساعدنا في تقبّل هذا الواقع الذي يبدو غير مقبول في معظم الأحيان: أولادنا يكبرون وينفصلون ويستقلون عنا ولن ينتظروا الحصول على إذننا للقيام بذلك.
ليكُن هذا درس لنا؛ فكما لا يمكن أحداً إجبارنا على التحدث بصراحة معهم، لا يستطيع أحد إجبارهم كذلك على عدم القيام بأمور لا نرضى عنها وتثير قلقنا وتصدمنا. إنها لصفعة مدوّية ومعضلة بالنسبة الى الأهل: إن لم يتحدثوا عن الجنس، فهم رجعيّون، وإن تطرّقوا إلى الموضوع وبسطوا الأمور بالنسبة الى الجميع يكونوا منحرفين أوغير صالحين كيف لنا أن نعرف تحديداً إلى أي حد يمكن أن تكون كلماتنا صادمة أو مؤثرة بالنسبة الى أطفالنا؟
وأنا أجد أنه من المطمئن، بالنسبة الى أولادنا على الأقل، أن نفكر بأننا على درجة كافية من المنطق والوعي لنعتبر أن تمتعهم بحياة عاطفيّة وجنسيّة من دون رضانا، هو بمثابة خطوة نحو إستقلاليتهم تندرج في طبيعة الأمور. والأهم من ذلك كله، هو أن يكتسبوا الوسائل والطرق لحماية أنفسهم وتحمّل مسؤولياتهم.
وبالنسبة الى المراهقين، فإن إخفاء علاقاتهم الجنسية عن الأهل وعدم إطلاع هؤلاء بالضرورة على حياتهم الحميمة، هي بادرة صحية جداً، وهي أيضاً فسحة لتعلّم الإستقلالية وإكتسابها. لذلك، لا أعتقد أن الحصول على موافقة الأهل أمر ضروري. فالمراهقون عند وصولهم إلى مرحلة الإستقلاليّة في ظروف تسمح لهم بتحمل كل المسؤوليّات وإتخاذ القرارات الضرورية، يتمتعون بالقدرة الكافية على الإختيار... من دوننا.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا