×

صوفيا: من الاستغلال إلى السجن

التصنيف: أمن

2013-08-12  05:28 ص  549

 

مشت الفتاة السمراء ابنة الـ19 عاماً في أروقة السجن الذي لا تدخله الشمس تحت جسر العدلية، والأصفاد تكبّل يديها. كانت تذرف الدمع تحت نظاراتها ذات الإطار الأسود السميك. ربما كانت تفكر في حال الأدغال التي أتت منها، أو لعلّها تقول لنفسها إن وحشية الغابة أرحم من وحشية السجن.
لا تدري كيف تعرف نفسها بين النزلاء. هي أصلا لا تعرف قضيتها كي تشرحها. بالكاد تسعفها الفرنسية الضعيفة التي أنعم الاستعمار الفرنسي على بلادها بها. ربما شكرته الآن كونها تتمكن بفضل تعليمه من التواصل، ولو بالحد الأدنى مع هذا العالم الغريب.
حين استُقدمت الفتاة السمراء من بلدها الأفريقي بوركينا فاسو للعمل في لبنان بصفة خادمة منزل، لم تكن تعلم أنها ستقع في قبضة مكتب لتأمين عاملات للمنازل كل ما يهم القيمين عليه هو جني المال بطريقة هي أقرب ما تكون الى الاتجار بالبشر.. فالمكتب الفخم الكائن في منطقة فردان استقدم صوفيا للعمل لدى شخص معين، فبقيت عنده فترة وجيزة، ثم قام المكتب باستردادها وتشغيلها لدى شخص آخر من دون أوراق رسمية. وقد بقيت عنده نحو ثلاثة أشهر (تحت مسمى التجربة)، ثم أعادها إلى المكتب الذي حوّلها بدوره إلى شخص آخر.
استمرت صوفيا بالعمل هناك على وعد بتجهيز أوراقها وإجراء المقتضى القانوني لتثبيت وضعها في لبنان. ومن وعد إلى وعد مر الوقت والأيام صارت أسابيع، والأسابيع أشهراً.. إلى أن قبضت مديرية الأمن العام بعد وشاية ما (يرجح أن تكون من المكتب نفسه) على العاملة المسكينة وسجنتها تنفيذاً لقرار بترحيلها إلى بلدها، إذ بات وضعها بسبب إهمال المكتب غير قانوني.
نفض المكتب يده من الأمر وترك الفتاة بحال سبيلها بعدما تاجر فيها مرات عدة، فلم يعد في مقدوره الاستفادة منها، عبر تحويلها إلى شخص رابع فيقبض عليها أربعة آلاف دولار. فكيف لا ينفض يده والعقلية السائدة في ثقافة هذا النوع من التجار، أن البشر ليسوا سوى عبيد، عبيد العملة الخضراء.
في الأمن العام جهود متعددة لتطوير الأداء وتحسينه. وقد لمسنا تعاوناً من المسؤولين المعنيين وتجاوباً لافتاً لحل مشكلة هذه العاملة المظلومة ورفيقاتها ورفاقها.
وتنتظر الفتاة مصيرها، وهدفها بعدما تركها أهلها في إحدى المناطق النائية، أن تعود إلى بلدها وفي يديها مبلغ من المال تتمكن به من إيواء إخوتها بعيداً من العوز والفقر والمرض.
تفتح هذه القضية العيون على مكاتب استقدام العمال الأجانب وتعامل بعضها بشكل غير حضاري وغير قانوني. وهو أمر برسم وزارة العمل صاحبة القرار في إعطاء الترخيص أو سحبه وفق قواعد قانونية. فهل هناك ضمير يسمع، وهل يبادر الأمن العام إلى اتخاذ قرار يرأف بالفتاة؟

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا