×

الكولا. لا أحد يقاطعني

التصنيف: Old Archive

2010-02-21  10:16 ص  4100

 

علي حلاوي
alihalawi@albaladonline.com

"على.. الكولا. من. الكولا. بتوصل على الكولا وبتطلع من هونيك"، تعليمات تصدر عن ألسنة المواطنين اللبنانيين وغير اللبنانيين يومياً. يقصدونها لينطلق كل منهم الــى مقصده في مختلف

غير مناداتها باسمها وتردادها عــلــى الــســنــتــهــم يــومــيــاً تبقى سيرة الكولا مجهولة للكثير من العاملين فــي محيطها ان في المحال التجارية التي تحمل طابعاً شعبياً بامتياز او عند السائقين المرابطين في مواقف السيارات والباصات العمومية. قليل من هؤلاﺀ يشرح لك تاريخ المنطقة قبل الاجتياح الاسرائيلي للبنان الــعــام 1982 حيث شــيّــد بعده جسر يربط بين المدينة الرياضية وبين منطقة برج أبي حيدر ونفق سليم سلام فأطلق عليه حينها اسم "جسر" الكولا تيمنا بمصنع "كوكا" كولا والمنطقة التي عرفت باسمه.
حتى ان مصنع "الكوكا" كولا لا يسلم من اخبار "ابو احمد" السائق الاقدم في احد مواقف السيارات، وهو الذي كان استوطن في عمله في تلك المنطقة منذ ما يقارب الاربعين عــامــاً. يظهر لك هذا الرجل السبعيني والذي لا يزال يصر على اداﺀ وظيفته الطوعية رغم تقدمه في العمر، بأنه صاحب ذاكرة لا يستهان بها ابداً تخوله ذكــر الاحـــداث المفصلية التي مـــرت بــهــا منطقة الــكــولا سنة بسنة او حتى يوما بيوم. يقول "ابو احمد" وهو يحاول استراق راكبين من ركاب شتورة ليكتمل العدد في سيارته المرسيدس "انــه وبعد الــعــدوان الاسرائيلي على مصر، 1967 واتخاذ الدول العربية ومنها لبنان ضمناً قراراً بمقاطعة المؤسسات والشركات والمنتجات التي كانت تفترض أن أرباحها تعود الى اسرائيل بما فيها منتوج "الكوكا" كولا. ادارة المعمل عمدت الى تغيير اسمه ليصبح "كا" كولا التفافاً على قرار المقاطعة في محاولة لاستمرار العمل فيه، إلا ان ذلك لم يغيّر من واقع الحال شيئا، بل على العكس تكبّد المصنع خسائر مادية كبيرة جراﺀ مقاطعة اللبنانيين له، الى أن اضطر الى الاقفال نهائيا في بداية التسعينات
منذ ذلك الحين تحوّل موقع المصنع الــى موقف للسيارات والحافلات العمومية التي تنقل الركّاب من بيروت باتجاه المناطق اللبنانية. وبعد تحرير الجنوب اللبناني في العام 2000 اتخذت بلدية بيروت قــراراً بإطلاق اسم ساحة المقاومة والتحرير على منطقة، الكولا غير أن الاسم الأوّل لا يزال هو الشائع والمستخدم بين أوساط اللبنانيين والبيروتيين بشكل خاص. ليس مستغرباً ان يكون السائقون مع الركاب الفئة الاكثر انتشاراً في، الكولا فحتى ان سائقاً آخر يفتخر بين رفاقه الجالسين تحت شجرة "كينا" على جانب الطريق انه "هو الذي قام بغرس هــذه الشجرة في العام، 1984 وبــاتــت شــجــرة ضخمة تظلل باغصانها الطريق ويحتمى بفيئها في ايام الصيف".
بالنسبة الــى رواد الــكــولا من عابري السبيل، تشكل المنطقة محطة رئيسية ضمن محطات النقل اللبنانية، وتــبــدو آليات الــوصــول الــى مختلف المناطق متاحة من حيث الوسائل كما الــتــوقــيــت، اذ ان خــدمــة النقل متاحة حتى ساعة متأخرة من الليل، وهو الامر الذي يسهل على الآلاف من العمال والطلاب من الذين يتنقلون يومياً بين بيروت واماكن سكنهم المختلفة. يعمل "" ضياﺀ في احدى شركات الامن في الاشرفية في راتب شهري لا يتجاوز الخمسمئة دولار، ولهذه الحال لم يقدم على شراﺀ سيارة خاصة به تتيح له التنقل بين مكان عمله وسكنه في الشوف.
يستخدم ضياﺀ الباصات للوصول الــى عمله وكــذلــك للعودة الى الشوف عبر نقطة الكولا. يقرن الاخير اسم، الكولا بمحطة النقل ولا يــعــرف ســوى ذلــك الــشــارع الــمــمــتــد عــلــى طـــول مــئــة مــتــر، تصطف فيه السيارات العمومية والباصات على الجانبين. يعلّق ضياﺀ "هذا كل ما اعرفه عن، الكولا اعرف انني اتــردد عليها يومياً عند السابعة صباحاً والثالثة من بعد الظهر لاستقل الباص من والــى عملي، اما ما الــذي يحدث بها؟ من يسكنها؟ ومن يستثمرا مواقفها؟ وغير ذلــك، لم أسأل يوماً عن ذلك، مع اني اعلم علم اليقين ان هناك مجتمعاً خاصاً يميز هذه المنطقة.
لــيــس بـــعـــيـــداً عـــن زحــمــة الــســيــارات والــبــاصــات، تتميز بــعــض الــمــحــال الــتــجــاريــة في الــكــولا بــأنــهــا تــخــرق الــعــادات والتقاليد المسيطرة على تلك البيئة المحافظة. اذ لا يتردد اصحابها في عرض المشروبات الروحية على الملأ وامام المارة، وهو ما يظهر الى حد كبير تحرر تلك المنطقة من قبضة افكار دينية تجعل من بيع الكحول من المحرمات على الجهة المقابلة في الطريق الجديدة. اما الذي يلتزم من محال فإنه يفضل ان يفتح بعض المطاعم والاســتــراحــات المتواضعة والتي توفر الخدمة السريعة للركاب والسائقين على حد، ســواﺀ كما وتفضل محلات اخرى عرض بعض الهدايا والـ "" souvenirs التي ترمز الى لبنان ومناطقه السياحية والطبيعية وذلك يوفر للمسافرين الى الدول العربية المجاورة كسورية، الاردن والعراق ضمن مكاتب السفريات المنتشرة في الكولا بالحصول عليها قبل انــطــلاق رحلاتهم البرية.
في الجانب الآخــر من، الكولا وهـــو الــجــانــب الــــذي لا يظهر للعيان، يستقر حي التنك، يمتد على مساحة جغرافية لا تتجاوز 005 الـ متر مربع. ينقسم بحسب التنظيم الداخلي لسكانه الى شطرين، قسم غربي وآخر شرقي.
تستخلص من الملاحظة الاولية لــهــذيــن الــشــطــريــن ان القسم الــغــربــي اكــثــر تــطــوراً ليس من ناحية اسقف البيوت التي تتوحد جميعها بأغطية التنك. هذه هي الكولا بكل تفاصيلها، مجتمع خاص، قائم على النزوح والسفر، له مفرداته الخاصة، اوقاته الخاصة وحتى عاداته الخاصة، ينظر الى غيره بانه بحاجة اليه مهما علا شأنه. يتوق للتنظيم ويحلم بمن يهتم به في شؤونه وشجونه.
المناطق اللبنانية، الى الجنوب، الشمال، البقاع الغربي، راشيا وبعلبك الهرمل. يمكن ان تصنف منطقة الكولا (جسرها) في هذه الايام بأنها النقطة الاكثر نشاطاً على مستوى لبنان، ان من حيث عشرات الآلاف من المتنقلين يومياً على الارض اللبنانية او من خلال آلاف الرحلات للسيارات العمومية، الفانات وباصات النقل المشترك على نوعيها العام والخاص.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا