آمال خليل

على أبواب السنة القضائية الجديدة، يُشغل بعض القضاة بقرار لجنة الإدارة والعدل تخفيض عطلتهم السنوية إلى شهر واحد، فيما يُشغل مجلس القضاء الأعلى بتشكيل هيئات استشارية لرؤساء المحاكم الاستئنافيين تتابع شؤونهم. لكن ماذا عن أوضاع المحاكم وموظفيها وسير عملها وانعكاس ذلك على تحقيق العدالة؟
مطلع الأسبوع الجاري، بدأت السنة القضائية الجديدة. هكذا أعلنت وزارة العدل. حصرت الجديد في الأمر بانتهاء العطلة القضائية وعودة كافة القضاة إلى عملهم الطبيعي. فهل على المواطن والموظفين والقضاة والمحامين في محاكم محافظة الاحتفال بعيد رأس السنة القضائية تحت هذا السقف؟
في محافظة الجنوب، تبدأ سنة قضائية جديدة على محكمة صور القديمة. المحكمة بقسميها الجزائي والمدني لا تزال تستأجر شقتين في الطبقة الأولى من مبنى خاص متعدد الاستعمالات في منطقة الخراب. قاضيان و13 موظفاً يتابعون مراجعات أكثر من 300 ألف مواطن في قضاء صور وفي تجمعات صغيرة وثلاثة مخيمات فلسطينية كبيرة (البص والرشيدية والبرج الشمالي).
نالت المحكمة، الجزائية والمدنية، موظفة واحدة فقط من المساعدين القضائيين الذين ألحقوا بالمحاكم مطلع العام الجاري. أمنياً، يقتصر الحضور الأمني على عنصرين على باب القاعات وتسيير دورية في محيطها في وقت عقد جلسات المحاكمة، من دون أن تتوافر نقطة مماثلة عند مدخلها. جهاز أمن السفارات في قوى الأمن الداخلي هو المكلف بحماية المحكمة. ورغم الحديث عن سحب عدد من مرافقي الشخصيات لدواعي المصلحة الأمنية العامة، لم يصل أي من هؤلاء المرافقين إلى صور بعد. وما كان ينقص المحكمة التي تدفع آلاف الدولارات سنوياً بدل إيجار إلا أن يطلب منها صاحب المبنى أن تخلي المحكمة المدنية شقتها وتنتقل إلى شقة أخرى في المبنى. المشهد لا يختلف كثيراً في محكمة جويا التي يداوم فيها قاضيا صور نفساهما. لكن اللافت أن المحكمة التي تستأجر الطبقة الأولى من مبنى بلدية جويا، هي جارة فصيلة جويا التي تشغل الطبقة الأرضية. مع ذلك، فهي مكشوفة أمنياً ولا تنعم بالأمن، لأن حمايتها هي من اختصاص أمن السفارات. على صعيد الموظفين، حظيت المحكمة بموظفتين جديدتين. في المقابل، حظي قصر العدل في صيدا بـ15 موظفاً جديداً من المساعدين القضائيين.
لعل وزارة العدل ومجلس القضاء الأعلى لم يعلّقا أهمية كبيرة على تحسين مباني المحاكم وتعزيز عدد القضاة والموظفين، بل اختاروا بدء السنة القضائية الجديدة بتأليف هيئة استشارية معاونة للرئيس الأول الاستئنافي في مهماته الإدارية. الخطوة التي يبدو أنها على قدر من الفعالية في نظر الوزارة والمجلس، تهدف الى تقديم العون للرئيس الأول للمحاكم في محافظة الجنوب، كما في بقية المحافظات، من أجل تأدية مهماته الإدارية، على أن تقدم الهيئة اقتراحاتها إلى المجلس حول المواضيع المتعلقة بشؤون القضاة في المحافظة وتحسين ظروف عملهم «لما من شأنه الارتقاء بعمل الجسم القضائي». هذه الهيئة الاستشارية تؤلف من الرئيس الأول الذي يكون رئيساً حكمياً وخمسة أعضاء يمثلون رؤساء غرف الاستئناف ومستشاريهم ورؤساء الغرف الابتدائية وأعضائها والقضاة المنفردين والمحامين العامين وقضاة التحقيق، علماً بأن قرار تشكيل الهيئة أوجب اجتماعها مرتين في السنة، في بداية السنة القضائية وفي ختامها.
لكن إجراء مقاربة سريعة بين آلية عمل الهيئة وتشكيلها ومحاكم الأطراف، ومنها محكمتا جويا وصور (محافظة الجنوب) وبنت جبيل ومرجعيون (محافظة النبطية)، تطرح تساؤلات عدة. هل سيراعى في تشكيلها التوزيع المناطقي للمحاكم، بحيث تتمثل محاكم الأطراف فيها؟ خصوصاً أن زيارات الرؤساء الأول في المحافظات إلى تلك المحاكم تكاد تكون نادرة، في الوقت الذي تبرز فيه الحاجة إلى تمثيلها ليكون الرئيس الأول على اطلاع دائم على أوضاعها؟
اللافت أن الهيئة لا تساهم في تفرّغ الرئيس الأول في المحافظة أو التخفيف من العمل الموكل إليه، على غرار رئيس مجلس القضاء الأعلى. وهذا يبدو ملحّاً من أجل تمكينه من الإلمام بشؤون منطقته من دون الحاجة إلى الاستعانة بأي لجان مساعدة.
إذاً، هي سنة قضائية جديدة تُفتح كالعادة على كل ما سبقها من مشاكل واهتراء وضعف تؤثّر على سير العدالة.