×

قضية محيي الدين حشيشو إلى التمييز

التصنيف: إصدارات مركز هلال

2013-09-28  06:26 ص  779

 
ردت «لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين» على الحكم الصادر عن محكمة جنايات صيدا، بتبرئة المتهمين الثلاثة باختطاف المسؤول في «الحزب الشيوعي اللبناني» محيي الدين حشيشو، منذ إحدى وثلاثين سنة. وقررت تمييز الحكم، مع متابعة مشروع القانون الخاص بالمخطوفين والمفقودين في مجلس النواب، بعدما أطلقت اسم حشيشو عليه. وينص المشروع الذي يتألف من 31 مادة، على حق أفراد الأسر في معرفة مصائر أفرادها وذويها المفقودين، أو المخفيين قسراً، وأمكنة وجودهم. وفي حال الوفاة، حقهم في معرفة الأسباب والظروف التي أدت إلى الوفاة، ومكان وجود الرفات، وحقهم في استلامها. ويشمل ذلك الحق تحديد مواقع المقابر الجماعية التي وردت في تقرير اللجنة الرسمية، وإجراء الكشف عليها.
وفي لقاء عقد أمس، في «مسرح دوار الشمس»، رأت رئيسة اللجنة وداد حلواني أن الحكم القضائي مؤشر جديد على تقسيم البلد بين أقوياء وضعفاء. وروت زوجة حشيشو نجاة، رحلة الآلام الطويلة مع القضاء، فعرضت المحطات الرئيسية في محاكمة المتهمين باختطاف زوجها، بدءا من تاريخ اختطافه في 15 أيلول 1982، اليوم الذي تلا اغتيال رئيس الجمهورية بشير الجميل، وما رافقه من قرار منع التجول لمدة ثلاثة أيام.
وقالت إنه عند الحادية عشرة من قبل ظهر ذلك اليوم، وفي تلك الظروف الصعبة، فوجئت بقوة عسكرية مؤلفة من عشرين عنصراً في سيارتين مدنيتين وسيارة عسكرية، يحملون الأعلام الحزبية، ويضعون الشارات، ومنهم من كان باللباس العسكري. وقد اقتحموا المنزل وطلبوا من زوجها مرافقتهم للتحقيق معه، على أن يعيدوه بعد نصف ساعة، ولم يعد من يومها.
وبعد انتهاء الحرب الأهلية مباشرة، بدأت رحلتها مع المحاكم على مدى ثلاثة وعشرين عاما، حتى تحولت قضية زوجها في اعتقادها إلى أطول دعوى قضائية في الجمهورية اللبنانية، والقضية الوحيدة التي وصلت إلى القضاء، من بين قضايا السبعة عشر ألف مخطوف ومفقود.
وقد شرحت نجاة في تلك الرحلة للقضاء أنواع السيارات التي شاركت في عملية الخطف، والعناصر الذين داهموا المنزل، وأطلعتهم على أسماء عدد ممن شاركوا في العملية، بعدما زودها بها بعض الجيران والأصدقاء الذين يعرفونهم جيدا. وأحد هؤلاء حضر إلى المنطقة أثناء منع التجول. وقال في إفادته الأولى أمام قاضي التحقيق لدى محكمة صيدا الاستئنافية القاضي جوزيف سماحة في 29 شباط 2000 إن الدراسة توقفت في «الجامعة اليسوعية»، بسبب الاجتياح، بتاريخ 6 حزيران 1982. وحضر هو بتاريخ 15 أيلول من العام نفسه، لمعرفة موعد الامتحانات. وأضاف في محضر الاستجواب انه رأى صديقه فادي داغر في 15 ايلول، وسلم عليه. وفي تلك الأثناء شاهد سيارتين أو ثلاث سيارات عسكرية، ومسلحين وجوههم معروفة ومألوفة لديه. وفي الإفادة الثانية له في 20 نيسان 2006، قال إنه ذهب في 15 أيلول للخضوع للامتحانات. وعندما سأله المحامي نزار صاغية أثناء التحقيق وبحضور القاضي أكرم بعاصيري في أي سيارة حضرت إلى الجامعة، أجاب بعفوية ومن دون تردد: في سيارة والدي البيجو البيضاء، وهي من النوع نفسه للسيارة التي اختطف فيها حشيشو. وفي الإفادة الثالثة بتاريخ 5 حزيران 2008 قال أيضا إنه خضع لامتحان، علماً أن موعد الامتحانات لم يكن معلناً حسب إدارة الجامعة.
أما إفادة فادي داغر، المسجلة لدى كاتب عدل صيدا في 8 تموز 2005، فقد سئل فيها عن منزل محيي الدين حشيشو. وتم الطلب منه عدم الالتفات شمالاً أو يميناً. وحاول داغر القول إنه يقع في المقطع الثاني. ودخل مذعورا إلى منزله خوفا من الجور المرعب لأنه تهيأ له أن أمراً ما سوف يحصل لحشيشو، وواضح أن عملية الخطف حصلت بعد دقائق. وأفاد أحد الجيران أمام القضاء، وبحضور القاضي أكرم بعاصيري في 29 كانون الثاني 2009، أنه شاهد سيارات عدة تطوق المنطقة، وبينها سيارة «بيجو» بيضاء حضرت إلى المكان القريب من منزله الذي يبعد خمسين متراً عن منزل حشيشيو.
وسألت نجاة: ألا يكفي وجود العائلة التي شاهدت عملية الخطف بقوة السلاح ودخول المسلحين إلى غرفة نوم زوجها، وانطلاق السيارتين المدنيتين من نوع «بيجو»، التي وضع فيها حشيشو والسيارة الفيات البرتقالية في اتجاه شرق صيدا؟.
وأوضحت أنها لجأت بالاضافة للقضاء إلى الجمعيات المدنية. وقدمت ثماني استمارات تحتوي على إفادات شملت مخفر صيدا ووزارة الداخلية واللجنة الرسمية خلال تولي الرئيس سليم الحص رئاسة الحكومة، ولجنة هيئة تلقي شكاوى أهالي المفقودين، واستمارة خاصة بهيئة تلقي الشكاوى الخاصة بالمفقودين، ورئيس مكتب مكافحة الإرهاب والجرائم الهامة ومكتب أمن الدولة ولجنة الصليب الأحمر الدولية.
وتحتفظ نجاة بتسجيل صوتي لأحد أقرباء المتهمين بحضور شخصية سياسية صيداوية، يحكي فيها عن عملية الخطف. وتعتبر التسجيل إشعارا خاصاً بالقضاء لمتابعة قضية البحث عن حشيشو.
من جهتها، سألت رئيسة «لجنة أهالي المخطوفين والمفقودين» وداد حلواني عن الإثباتات المطلوبة للقول بأنها كافية؟ وعما إذا كان على السيدة حشيشو استمهال الذين اقتحموا منزلها بالسلاح وعلى لباسهم العسكري شارة القوات اللبنانية لكي تحضر آلة التصوير، وتلتقط صورا لهم، حتى تتمكن من تقديم الدليل؟ وأضافت: «ثمة متهم ثبت بالدليل القاطع أنه كان هناك من دون أي سبب أو حجة، وأدلى بأدلة كاذبة، وإذا كانت الإثباتات غير كافية من وجهة نظر المحكمة، فلماذا لم توفر النيابة العامة أيا منها؟». وقالت: «إن الأهالي ليسوا الطرف الذي يعول عليه في جمع المعلومات والأدلة عن الجرائم، بل إن الأمر يدخل ضمن مسؤوليات الدولة. وأعادت التذكير بأن الدولة ثبتت في تقرير رسمي وجود مقابر جماعية من دون اتخاذ أي إجراء للتعامل معها، أما المسؤول الثاني بعد الدولة فهو الجهات الخاطفة التي تحتفظ بالمعلومات عن مصائر المخطوفين».
وبعد تأكيدها على الطعن في القرار أمام محكمة التمييز، أعلنت أن اللجنة قررت التقدم من المحاكم بدعوى تلزم الجهة الخاطفة الإدلاء بما لديها من وقائع. وعلى الصعيد التشريعي سوف تطالب مجلس النواب الإثنين المقبل، لا سيما لجنة حقوق الإنسان وضع يدها على مشروع القانون، وتحويله إلى اقتراح قانون من أجل تحديد مصائر المفقودين. ودعت كل من لديه معلومة من المواطنين تساهم في الكشف عن مصير المخطوفين الاتصال بها.
وما يميز قضية حشيشو أنها الوحيدة من بين قضايا المخطوفين التي تحصل على مسرح القضاء، كما وصفها وكيل لجنة أهالي المخطوفين المحامي نزار صاغية، في مواجهة استباحة حقوق الناس من دون أي رادع، لذلك يوجد إصرار على محاسبة الفاعلين.
وأبدى ملاحظات أربعا على الحكم القضائي: الأولى عدم الاقتناع بتعليل المحكمة تبرئة أحد المتهمين الذي يقيم على مسافة تبعد كيلومترات عن صيدا، بينما أقر بتواجده على أمتار من موقع الجريمة، وفي التوقيت نفسه الذي حضر فيه الخاطفون. وقد حصل ذلك في ظل حداد وإغلاق شاملين، ومنع تجول فرضه الجيش الإسرائيلي لأيام عدة (وقد بين الحكم أن طائرات الهليكوبتر الإسرائيلية كانت تدعو إلى منع التجول). وكان جوابه الأوحد: للاستفهام عن موعد الامتحانات في «الجامعة اليسوعية». وتلك بالطبع حجة لا يصدقها أحد، وتتناقض مع عدد من المستندات الموجودة في الملف.
الثانية، تتعلق بدور النيابة العامة التي يتعين عليها اتخاذ موقف من الحكم، فهل ستميزه؟ وفي حال سلمت ببراءة المتهمين، فما هي الخطوات التي ستتخذها لتحديد هوية الخاطف؟
الثالثة، أنه مهما صدر من أحكام في القضية، فان قضية الإخفاء القسري بحد ذاتها لا تنتهي بالتعرف على مصير محيي الدين حشيشو، وذلك عملا بحق المعرفة الذي نجحت اللجنة في تكريسه من خلال أحكام أخرى صدرت عن قضاة أمور مستعجلة في بيروت وبعبدا.
الرابعــــة، وضع آلية من خلال «لجنة أهــــالي المفقودين» لتلقي معلومات من المواطنين، والتعويض عن تقاعس الدولة بأجهزتها عن القيام بواجبها.
زينب ياغي

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا