محمد صالح
انقسم الرأي العام الصيداوي، أمس، في شأن مشروع بناء في المنطقة البحرية. واحتجّ عدد كبير من صيادي الأسماك على المشروع، وأعلنوا الإضراب وامتنعوا عن ممارسة الصيد أو بيعه، أمس، احتجاجاً على ما وصفوه بـ«بناء سنسول لنادي يخوت» في المنطقة التي يعتبرونها مصدر رزقهم وعائلاتهم منذ مئات السنين. ورأوا أنّ بناء نادي اليخوت في هذه البقعة من الشاطئ تقضي على الثروة السمكية.
في المقابل، أكدت بلدية صيدا على لسان رئيسها محمد السعودي أن «ما يقول البعض إنه نادي يخوت هو مكان إقامة المرفأ التجاري الحديث والمتطور لصيدا الذي سيحتوي 450 متراً من الأرصفة التي ستستقبل البواخر المتوسطة الحجم».
وأردف: «هناك قسم مخصص لإقامة ميناء سياحي لليخوت إلى جانب الكورنيش البحري».
واستغرب السعودي «تعطيل العمل في مشروع إنشاء المرفأ التجاري لمدينة صيدا...». ودعا «جميع السياسيين والشخصيات في صيدا لأن يقولوا رأيهم صراحة في إنشاء المرفأ التجاري في المدينة». وسألهم: «هل أنتم مع إنشاء هذا المرفأ التجاري أم لا؟».
ونفذ صيادو الأسماك في صيدا بقيادة «لائحة التغيير النقابي» وبمشاركة الأمين العام لـ«التنظيم الشعبي الناصري» أسامة سعد إضراباً واعتصاماً. واستنكروا المواقف المتخاذلة والممارسات الاستفزازية لـ«نقابة الصيادين في صيدا» التي وصفوها بـ«المرتهنة» التي حاولت عبثاً إفشال حركة الصيّادين وإحباط عزيمتهم.
وقد تضمّن التحرك تظاهرة بحرية، واعتصاماً على السنسول الذي هو قيد الإنشاء، إضافة إلى الإضراب عن الصيد الليلة الفائتة، وإقفال قسم من محلات بيع السمك. وقد دفع التحرك محافظ الجنوب بالحلول نقولا بو ضاهر إلى عقد لقاء مع وفد من «لائحة التغيير النقابي»، ووعدهم بنقل مطالبهم إلى المسؤولين المعنيين.
وكان المعتصمون أكدوا مواصلة التحرك وتصعيده في وقت قريب جداً، إذا لم يتجاوب المسؤولون مع مطالبهم، مع اعتبار تحرك اليوم بمثابة إنذار لجميع المسؤولين.
ودعا سعد الحكومة والوزارات المعنية إلى العمل بأسرع وقت لتدارك النتائج الكارثية لمشروع سنسول مرفأ اليخوت على مصدر رزق الصيادين، ووقف الأضرار التي تسببها الأساليب المتبعة في تنفيذ مشاريع أخرى على البيئة وعلى صحة المواطنين.
وشدد على ضرورة دراسة الموضوع بشكل علمي من جانب الأطراف المعنية، وأكد مواصلة السعي مع الصيادين لمعالجة المشكلة بشكل جذري «حتى الحصول على حلول مفيدة للجميع».
وتحدث هشام العوجي باسم «لائحة التغيير»، فعرض تعهدات المحافظ بمتابعة المشكلة مع المعنيين في الدولة.
وأشار مصدر في لائحة التغيير إلى أنّ تحرك الصيادين يأتي احتجاجاً على بناء سنسول مرفأ اليخوت الذي أدّى إلى القضاء على البرك الوحلية داخل مياه البحر التي تشكل مكاناً لتكاثر الأسماك. وقد نتج عن بناء هذا السنسول، وعن عمليات الردم الأخرى المتعددة على امتداد شاطىء صيدا، القضاء بشكل شبه كامل على الثروة السمكية على شواطئ المدينة، ما قضى على مورد الرزق الوحيد لغالبية الصيادين. فهؤلاء الصيادون بقواربهم الصغيرة لا يستطيعون الذهاب إلى عمق البحر للتفتيش عن أماكن جديدة للصيد.
من جهته، استنكر رئيس البلدية محمد السعودي احتجاجات الصيادين. وقال: «القول إنّ الأعمال الجارية هي لإقامة ميناء لليخوت يدلّ على خبث، لأن المشروع هو إقامة ميناء تجاري، وهناك قسم مخصص لإقامة ميناء سياحي». ورأى أن إقامة هذا المرفأ التجاري من شأنه أن يحرّر ميناء الصيادين ليبقى استخدامه محصوراً بالصيادين.
واستغرب الحملة المفاجئة على إنشاء المرفأ، علماً أنّ الأعمال انطلقت منذ أكثر من سنة ونصف، فلماذا تحريك هذا الأمر ولمصلحة مَن؟». وختم: «من يقف ضد إنشاء ميناء تجاري يليق بمدينة صيدا، لا يستأهل أن يكون من أبناء صيدا المخلصين».
إلى ذلك أكدت البلدية، في بيان أمس، أنّ مشروع إنشاء المرفأ بات في مراحله الأخيرة وهو يشكل حاجز حماية من الأنواء البحرية التي تضرب الشاطئ شتاء، مشيرة إلى أنّ المرفأ يوفر مئات الوظائف لأبناء المدينة.
وأشار «التنظيم الشعبي الناصري» من جهته، إلى أنه «في الوقت الذي نحرص فيه على تنفيذ المشاريع التي تطور أوضاع المدينة، إلا أننا نرفض أن يجري تنفيذ هذه المشاريع بأساليب ووسائل تقضي على مورد رزق الصيادين». واستنكر، في بيان أمس، ما تعرض له الصيادون من استفزازات وتهديدات لمنعهم من المطالبة بحقوقهم. واتهم «تيار المستقبل» بـ«الوقوف وراء الاستفزازات والتهديدات والسعي إلى إحباط عزيمة الصيادين، وحرمانهم من حقوقهم المشروعة