هلال حبلي

في خطاب ناري ألقاه رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي  في حفل توزيع الشهادات على طالبات مدرسة التمريض في الصليب الأحمر اللبناني، والذي أقيم في قاعة بلدية صيدا، حيث شد انتباه الحاضرين الذين لم يتوقعوا منه هكذا خطاب أجبر فيه السعودي على التكلم سياسياً كما قال. لم يكن في نية رئيس البلدية التكلم في السياسة في عهده الذي نذره لخدمة مدينته وانمائها ولكن يبدو أن من يريد وضع العصي في دواليب المشاريع الانمائية لمدينة صيدا قد فجر غضب السعودي المعروف بهدوئه ورحابة صدره حتى مع خصومه الذي مازال يحتضنهم رغم ما فعلوه معه أثناء الانتخابات البلدية من كتابة شعارات مسيئة له أمام منزله ورغم وصفه بأمور لا تليق به ولا بالجهة التي كانت تطلق هذا الكلام، رغم كل هذا كان السعودي يقول هم أبنائي وإخوتي ولن أزعل منهم ولنا تاريخ طويل من المحبة والاحترام الله يسامحهم. وهو القائل أن مجيئه إلى البلدية هدفه خدمة أبناء المدينة وتنمية مشاريعها "فأنا ابن صيدا وأجدادي صيداويون وبما أني مقاول أتفهم أهمية المشاريع وأهمية إنشاء مرفأ حديث للمدينة" وأكد المهندس السعودي أنه لن يكون حجر عثرة في وجه تطوير المدينة وإتاحة فرص العمل لأبنائها. والجدير ذكره أن السعودي اول من قدم فرص عمل لأبناء صيدا في الخليج في الشركة التي يعمل بها ومعظمهم من الجهة التي دعمت تحرك الصيادين ضده. كما أكد رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي بأن صيدا تستحق أن تكون مدينة مثالية لافتا إلى أنه لن يرضى بأن لا يكون فيها مرفأ أو فندق .

ان ما حصل في مرفأ صيدا ومحاولة البعض تعطيله لا بد من الإضاءة عليه . فأنا ابن صيدا، وغبت  عنها كثيرا ولسنين عديدة قد تصل الـ 50 عاما، ولكن ساءني ما آلت اليه هذه المدينة من معاناة وحرمان وتلوث ومجاري تصب في البحر في الشاطىءالذي كنا نسبح فيه(القملة)، وأيضا وجود جبل النفايات، لدرجة وللأسف إذا سئل أحد ما بماذا تشتهر مدينة صيدا يجيب على الفور بجبل النفايات.!! وهذا ما يحز في نفسي وفي نفس كل صيداوي.

لذلك جئت إلى البلدية من أجل تخليص صيدا من كارثتها البيئية ووقف معاناتها  إلى غير رجعة بإذن الله، ووضعنا نصب أعيننا في المجلس البلدي تنفيذ  الخطط  والمشاريع الكبرى التي  يشاهدها الجميع في صيدا، والتي تحقق التنمية المستدامة بما يضمن رفع المستوى المعيشي لأبناء صيدا والمقيمين فيها.

عملنا  على تحويل المجاري التي كانت تصب  في البحر وربطها بالشكبة الرئيسية وقمنا بتشغيل محطة التكرير للمياه الآسنة.

إستوردنا باخرة رمل من مصر وتم فلشه على الشاطىء الصيداوي الأكثر ضررا من المجاري لجعله شاطئا ذهبيا وفتحه أمام رواد السباحة وأهالي المدينة.

والآن نحن في المرحلة  النهائية لازالة جبل النفايات وهي المرحلة الثالثة.  وهذه المرحلة عبارة عن فرز النفايات عن التربة الصالحة للردم وبدأت العملية وفقا لأسلوب فني رفيع وبإشراف الأمم المتحدة وعلى اعلى المستويات.

 وأهم شيء قمنا به هو انشاء ميناء تجاري في مدينة صيدا ، وهذا الميناء انا ووالدي كنا نحلم به وهو حلم لكل صيداوي . وكما تعلمون ان صيدا كان يوجد فيها ميناء حين كانت المراكب خشبية وكانت هناك تجارة بين صيدا وجمهورية مصر .

لقد مضى حوالي 19 شهرا  في أعمال إنشاء الميناء التجاري والآن سمعنا ان هناك تحركا ، وهناك من لا يعجبه وجود ميناء تجاري مطلقا حججا واهية بأن الميناء سيأكل من ارزاق الصيادين؟  انا لا اعرف اين كان هؤلاء  منذ 19 شهرا ؟

نحن في بلدية صيدا منذ تولينا مهامنا قلنا ان السياسة تقف عند  سور البلدية ولن تدخل،  ولكن الآن اعتقد انهم سيجبروننا ان نعمل بالسياسة ونحكي سياسة .  انا لن أرضى ان لا يكون بمدينة صيدا فندق او ميناء، ولن أرضى أن تظل رائحة وسموم النفايات تلوث هواء صيدا والجوار وتزكم أنوف أهلها والمقيمين فيها وتصيبهم بالأمراض كما هو الحال منذ أكثر من 40 عاما.

الحقيقة صيدا تستحق ان تكون مدينة مثالية لأنه عمرها 6000 عام وهي ستكون مدينة جاذبة للسياح. ومن يحتج من الصيادين بأنهم لا يسترزقون فإن الميناء الجديد سيشغل آلاف الناس ومنهم من الصيادين وأولادهم وكل من يستفيد من هذا المرفق الحيوي الهام.

وختم السعودي مستشهدا بالأديب اللبناني جبران خليل جبران فقال: يستحضرني المقال الذي كتبه جبران خليل جبران ويقارن فيه بين نحن وأنتم ، هو عمل مقارنة كبيرة وانهاها "نحن نبني لكم القصور وانتم تحفرون لنا القبور، وبين جمال القصر وظلمة القبر تسير الانسانية بأقدام من حديد ".