×

صيدا تدق ناقوس الخطر مع إزدياد أعداد النازحين السوريين

التصنيف: Old Archive

2013-10-02  01:28 م  1470

 

 ثريا حسن زعيتر:

بدأت قضية النازحين من سوريا إلى مدينة صيدا تُشكّل قلقاً كبيراُ لدى الفاعليات الروحية والسياسية، وعبئاً على المؤسسات الإغاثية نظراً لتزايد أعدادهم بوتيرة سريعة ومرتفعة، وللبيئة والظروف الاجتماعية التي تحيط بهم، مما يستدعي معالجة مسؤولية بروحية متكاملة بين بلدية صيدا ودار الإفتاء والفاعليات والهيئات الإغاثية والأجهزة الأمنية...

لقد ارتفع منسوب القلق بعد حادثين لافتين:

- الأول: وقوع إشكال في «مجمّع الإمام الأوزاعي» الواقع بالقرب من «المستشفى التركي» عند مدخل صيدا الشمالي، حيث كشف عن تكتل بشري عشائري وعائلي يُمكن أن يؤدي مستقبلاً إلى إشكالات أخرى.

- الثاني: تحرّك أهالي لبعا - ذات الأغلبية المسيحية وبعض قرى قضاء جزين - رفضاً لإيواء نازحين في «مدرسة الحضارة» بعدما تم تأجيرها لإحدى «المؤسسات الاغاثية»، على قاعدة أن البلدة لا يُمكن أن تستوعب كل أعداد هؤلاء النازحين في أزمة ما زالت فصولها مستمرة.

بين الأمرين، تؤكد الوقائع أن المطلوب إستيعاب النازحين ومراعاة الجوانب الإنسانية، وفي الوقت نفسه وضع خطة رسمية لمواجهة التداعيات السلبية من الناحية الصحية والاجتماعية وسواهما، خاصة مع تقصير الهيئات الاغاثية الدولية في تأمين الاحتياجات الضرورية، وعجز الهيئات المحلية عن سد النقص، خاصة مع بدء موسم الخريف، واقتراب موسم البرد...

«لـواء صيدا والجنوب» حط رحاله في «مجمّع الإمام الأوزاعي» عند مدخل صيدا الشمالي، وعاين واقع النازحين مع بدء العام الدراسي واستفحال معاناتهم الإنسانية...

حياة ومعاناة

داخل «مجمع الإمام الأوزاعي» القريب من «المستشفى التركي»، تبدو الحياة مختلفة تماماً، يتكدس النازحون - وجلّهم من السوريين - فوق بعضهم البعض، وقد تحوّل المبنى الذي كان قيد الإنشاء إلى غرف تأويهم على عجل، أضيفت إليه النوافذ والأبواب، فيما تدلت من طوابقه كل ما يكشف عن مؤشرات النزوح، ثياب وأغراض مبعثرة.. فيما أصوات الأطفال يملأ المكان ضجيجاً، وقد تحوّل حرم المجمّع إلى ما يشبه ملعب لكرة القدم.. فالأطفال بلا مدارس، والعام الدراسي لم يمر من هنا حتى الآن.

أوساط النازحين أكدت أن أعدادهم وصلت إلى نحو 850 شخصاً موزعين على نحو 123 عائلة، وأن مطالبهم تتلخص بالرعاية وتأمين الطبابة والتعليم لأولادهم خشية من ضياع مستقبلهم، وهناك وعود من المؤسسات الاغاثية بافتتاح مستوصف طبي ومدرسة في الطابق الأرضي للمجمع لتلبية احتياجاتهم.

وقال أحد المشرفين على «مجمّع الاوزاعي» خالد سعيد: «نعاني من نقص الطبابة، إضافة إلى المدارس، كل الأطفال الموجودين في هذا المجمع خارج مدارسهم، وهي مشكلة حقيقية، لقد راجعنا كثيراً بهذا الأمر ووعدنا من قبل «اتحاد الإغاثة الإنسانية» أن يُلبي هذا المطلب، وهناك مشروع لإنشاء مستوصف صحي ومدرسة خاصة بالنازحين السوريين في الطابق الأرضي من هذا المجمع، ونأمل خيراً».

مطالب وتمنيات

{ بينما قالت سعاد غازي، وهي أم لأربعة أولاد: «إن المشكلة الأساس تكمن في قلة «المونة» والمساعدات الإنسانية والطبية والتعليمية، فأولادي باتوا خارج المدرسة، ونحن غير قادرين على العودة إلى منزلنا في محافظة حماه في سوريا، مطلبنا مع بدء العام الدراسي تأمين مقاعد دراسية للطلاب، وعلى أبواب الشتاء تأمين المعونات، فهناك 45 عائلة في المجمع محرومة من هذه المساعدات، فإلى متى يبقى الاستهتار بحياة الناس من قبل المجتمع الدولي؟».

{ واعتبرت سهام الحسين، وهي أم لأربعة أولاد من محافظة حماه «أن المدارس هي المعاناة الأساسية هذه المرة، يكفي أننا خسرنا منازلنا وممتلكاتنا في سوريا، فلا نريد أن نخسر مستقبل أولادنا، أن بقاءهم خارج الصفوف يعني جيلا غير متعلم،  وهذا أخطر ما في الأمر، إننا نناشد المعنيين الرأفة بأوضاعنا، فقد صبرنا على المرض وعلى الجوع لكن لا يُمكن أن نصبر على ضياع مستقبل أولادنا».

وبعيداً عن عذاب المعاناة، فان الإحصاء الاغاثي الأخير أشار بوضوح إلى أن مشكلة النزوح تتفاقم في صيدا ومنطقتها ومخيماتها الفلسطينية، إذ وصل عدد النازحين السوريين والفلسطينيين إلى 50 ألف، ما تنوء البلدية ومؤسسات الاغاثة الإنسانية بتحمّل أعبائه، حيث بدأ تململ في صفوف أبناء القرى من إستيعابهم كواجب إنساني.

النائب الحريري

{ وأوضحت النائب بهية الحريري «أن عدد النازحين في مدينة صيدا أصبح يفوق طاقة المدينة»، مشددة في الوقت نفسه على «أهمية العمل من أجل خلق بيئة آمنة للنازحين، وأن تكون الدولة مسؤولة عن إزالة أي خلل في هذه البيئة».

وأشارت النائب الحريري إلى أن «مجمّع الإمام «الأوزاعي» «بات يُشكل قلقاً كبيراً بعد حادث وقع فيه، وأحرق بعض النازحين سيارة، وتبيّن أن هناك تكتلا عشائريا أو قبليا داخله، لكن المشكلة ليست مشكلة نزوح، بل هي مشكلة البيئة التي تحيط بهذا النزوح، والآفات الاجتماعية التي بدأت تنتشر حول المكان، والذي يُشكل قلقاً كبيراً لكل أهالي المنطقة، وهذا يجب أن يُعالج على صعد روحية متكاملة بالتعاون مع بلدية صيدا ودار الإفتاء والفاعليات والهيئات الاغاثية ومع الأجهزة الأمنية، ونحن ضد التجمعات منذ البداية، لأنه لا أحد يستطيع أن يديرها، نحن مع أن تكون التجمعات على الحدود، وهذه مسؤولية الدولة اللبنانية وأن تقوم بها وخاصة مع ازدياد العدد، فإذا وصل عدد النازحين إلى ما يوازي ربع الشعب اللبناني، فهذا يحتاج إلى ترتيب آخر، وهو برسم المسؤولين، وليس الهيئات الأهلية ولا البلديات ولا المناطق».

حلول متكاملة

{ وأكد راعي أبرشية صيدا ودير القمر لطائفة الروم الملكيين الكاثوليك المطران إيلي الحداد انه «يجب أن يكون لدى الدولة اللبنانية حلولاً متكاملة لقضية النازحين، لأن الحلول الجزئية تؤذي السوري واللبناني معاً»، معلناً أن «بيت مطرانية صيدا مفتوح لجميع النازحين من سوريا، لأنهم أخوة، ونعاني معهم كما هم يُعانون، ونحن لا ننظر لا إلى طائفتهم ولا إلى ميولهم السياسية، بل ننظر إليهم كإنسان مثلنا أينما كانوا، لكن وجودهم يجب أن يكون بطريقة منظمة، والتنظيم هو شأن الدولة وليس شأن الأفراد».

واعتبر المطران الحداد «أن كل الضجيج الذي صدر مؤخراً حول وجود النازحين السوريين بمناطق عين المير ولبعا، أخذها اتجاه إعلامي  لمحلات غير الغايات الموجودة في القلوب، نحن يدنا بيد بعضنا في منطقة صيدا بالمدينة والجوار وفي شرق صيدا وصولاً إلى جزين، ويدنا بيد بعض حتى نخفف وطأة الوجود السوري النازح، ونخفف آلامه وننظمه، مع دعوة حثيثة للدولة أن تنظم هذا الوجود حتى توفر على المجتمع اللبناني الثغرات الموجودة».

ناقوس خطر

{ في المقابل، دق رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي ناقوس الخطر من تزايد أعداد النازحين من سوريا إلى مدينة صيدا ومنطقتها، كاشفاً «أن أعدادهم قد بلغت نحو 50 ألف نسمة ما يفوق قدرة المدينة على إستيعابهم»، داعيا الدولة إلى «تحمّل مسؤولياتها كاملة وأن تقدّم وهيئات الأمم المتحدة العون والمساعدة لهم».

ووصف السعودي أزمة النازحين من سوريا بأنها اجتماعية واقتصادية وتعليمية، قائلاً: «نحن كلبنانيين على مختلف طوائفنا، يجب أن نقف إلى جانب النازحين ونقوم بمساعدتهم، فالأزمة هي اجتماعية واقتصادية وتعليمية بشكل خاص للأطفال، وعلى الدولة والمجتمع الدولي تحمّل مسؤولياته كاملة في هذا الاتجاه قبل فوات الأوان».

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا