رأفت نعيم

كما كان الرئيس الشهيد رفيق الحريري يطوف بلبنان العالم رافعا اسمه وقضاياه وصورته الحضارية في مختلف المحافل الدولية، اختار ابن مدينته صيدا شفيق طالب الطابع البريدي وسيلة لذلك.
ففي الوقت الذي ينقل فيه الإعلام العالمي عن لبنان صور واخبار ازماته السياسية والأمنية والاقتصادية الناجمة عن تأثره بما يجري حوله في المنطقة من احداث، حتى كادت تغطي على صورة لبنان الحضارة والثقافة والفن والابداع والتراث، يتوجه طالب - وهو عضو في الأكاديمية الأوروبية للطوابع - الى العالم بمحاولة لإعادة تصويب فكرته هذه عن لبنان واعادة تسليط الضوء على صورته الحقيقية إبداعا وفنا وثقافة وتراثا من خلال "الطوابع البريدية".. حيث تشهد العاصمة البريطانية لندن منتصف كانون الأول المقبل معرضا عالميا للطوابع التي جمعها طالب على مدى عقود يحمل عنوان "ذاكرة لبنان.. دعوة لحب لبنان" وتعرض فيه آلاف الطوابع البريدية التي تحكي تاريخ لبنان منذ بداية الانتداب ومنذ تاريخ صدور الطوابع البريدية في لبنان سنة 1924 مرورا بكل حدث مميز جرى في لبنان وله طابع بريدي وحتى يومنا هذا بهدف اظهار الوجه الحضاري لهذا البلد.
لكن ليس فقط صيدا وحب لبنان والحرص على ابراز صورته الحضارية هو الذي يجمع بين الرئيس الشهيد وشفيق طالب، فالطوابع البريدية التي جمعها طالب، تتصدرها مجموعة مميزة عن الرئيس الشهيد تتضمن ثلاثة اصدارات بريدية صدرت بعد استشهاده.
مجموعة رفيق الحريري البريدية
يستعيد طالب ذكرى الرئيس الشهيد ومسيرته الوطنية والانسانية من خلال مجموعته الخاصة من الطوابع البريدية والتي تختصر مسيرة رجل الدولة والتربية والثقافة والعمل الانساني والاجتماعي رفيق الحريري، ولكن ما يميزها ايضا هو ختمها دون سواها بختم اتحاد البريد العالمي في سابقة في تاريخ الاتحاد تكريما للرئيس الشهيد وتقديرا لإنجازاته الوطنية والانسانية اضفى على هذه المجموعة الطابع العالمي وجعلها تتصدر معارض الطوابع وسفارات لبنان حول العالم.
قصة هذه المجموعة
يقول شفيق طالب: "في العام 2006، وبدعوة كريمة من رئيس اتحاد البريد العالمي السيد ادوارد ديان وسفيرة لبنان في سويسرا آنذاك السيدة انعام عسيران اقمت معرضا لمجموعة الطوابع البريدية اللبنانية الكاملة في مقر الاتحاد في بيرن سويسرا، وكان معرضا ناجحا عن" لبنان حضارة وثقافة" من خلال الطابع البريدي وشهد حضورا لافتا تقدمه 45 سفيرا في العالم. ومن بين المجموعات التي عرضت مجموعة طوابع صدرت حول الرئيس الشهيد رفيق الحريري وانجازاته الوطنية تخليدا لذكراه وهي كانت ثالث اصدار للطوابع بعد اصدارين الأول في ذكرى مرور 125 سنة على تأسيس جمعية المقاصد في صيدا باعتباره رئيسها الفخري والثانية بمناسبة مرور 125 سنة على تأسيس مقاصد بيروت".
ويضيف :" شكل معرض بيرن سابقة في تاريخ اتحاد البريد العالمي بأنها كانت المرة الأولى التي يتاح فيها المجال لصاحب مجموعة طوابع بريدية خاصة ان يعرضها تحت رعاية الاتحاد. وكانت سابقة ايضا ختم مجموعة الرئيس رفيق الحريري بختم الاتحاد عربون تقدير لذكراه ولإنجازاته الوطنية وبذلك باتت هذه المجموعة الوحيدة من نوعها في العالم التي تختم بختم الاتحاد".
وعن الرئيس الشهيد يقول طالب: "رفيق الحريري يعني لي وطناً ورجلاً جاء يبني وطنا ومؤسسات ودولة حضارية متقدمة ولهذا قتلوه وهذا قدر العظماء.. ورفيق الحريري ترك كثيراً..وربما الآن الأجواء ان هناك محاولات لطمس ما قام به لكن التاريخ لن يستطيع تخطي انجازاته.. وستبقى ذكرى رفيق الحريري للأجيال القادمة ولا احد يستطيع محوها، واذا كان العالم منصفا عليه ان يقر الحقيقة ويقول ان اهم عهد مر على لبنان هو عهد رفيق الحريري لأنه كان عهد سلام وانفتاح ومحبة لكل الناس".
معرض لندن.. دعوة لحب لبنان
وعن فكرة معرض " ذاكرة لبنان.. دعوة لحب لبنان" الذي سيقام في 16و17 كانون الاول في اوتيل الميلينيوم في العاصمة البريطانية لندن يقول طالب : "بعد معرض بيرن، بقيت الفكرة لدى السفيرة عسيران الى ان انتقلت الى لندن كسفيرة للبنان في المملكة المتحدة وخلال إحدى المناسبات قالت سنأتي بشفيق طالب الى لندن ونقيم معرضا عن لبنان بالطابع البريدي. وبعدما علم رجل الأعمال الصيداوي مروان كالو بالأمر تحمس لهذه الفكرة وقدم دعما للمعرض فجاء واجتمعت معه. وبدأنا بالتحضير للمعرض منذ ستة اشهر".
ويضيف: "المعرض سيتضمن عرضا للمجموعة اللبنانية الكاملة منذ بداية الانتداب ومن تاريخ صدور الطوابع البريدية في لبنان سنة 1924 وكل حدث مميز جرى في لبنان وله طابع بريدي، والهدف من هذا المعرض ان نظهر من خلاله الوجه الحضاري للبنان وثقافتنا وتراثنا، وما كان يشهده من مشاريع ومهرجانات وابداعات لأبنائه.. وما قدمه للعالم من علماء وادباء ومفكرين وفنانين ومبدعين في غير مجال، وأهم الأحداث الرسمية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والفنية التي شهدها على مدى تاريخه".
ويتابع :"المجموعة الكاملة تضم نحو 800 موضوعا عن لبنان كل موضوع يتراوح بين طابعين و10 طوابع بريدية. والمعرض هو الثاني من نوعه لي خارج لبنان بينما هناك 14 معرضا أقمتها بين لبنان والخارج، وبرأيي هو أفضل دعاية للبنان فقد مللنا من الحروب والقتل، ونريد ان نري العالم ثقافتنا الحقيقية فنحن بلد حضاري معروف بثقافته وتراثه وانفتاحه على العالم وتفاعله مع كل الثقافات".
أطمح الى نشر ثقافة الطابع
لكن طموح شفيق طالب لا يتوقف عند هذا المعرض، ويقول في هذا السياق: "أطمح الى نشر ثقافة الطابع.. فهناك معارض كثيرة للطوابع البريدية حول العالم لكن معظمها تجاري ويتخذ شكل مزادات بينما انا أجمع الطوابع واعرضها لأنشر ثقافة الطابع البريدي.. لا اعرض بهدف البيع وانما بهدف اظهار موضوع الاصدار وقيمته التاريخية والثقافية".
ومن بين مجموعات طالب البريدية مجموعة تضم طوابع عن الرؤساء الشهداء "بشير الجميل ورشيد كرامي ورينيه معوض" والشهيد كمال جنبلاط، والمفتي الشهيد حسن خالد الى جانب صورة نادرة له مصافحا الإمام موسى الصدر.
ولا يعول شفيق طالب على تشجيع رسمي لهذه الهواية التي تلازمه منذ الصغر، ويقول: "ربما الظروف التي يمر بها البلد لا تسمح بذلك لذلك نرى ان الاهتمام بالطوابع في الخارج اكثر من هنا".