×

زيتون إقليم التفاح وشرق صيدا متروك للإهمال

التصنيف: إقتصاد

2013-11-12  06:13 ص  1439

 
مايا ياغي
تنتشر أشجار الزيتون بين الطرق الضيقة والبيوت في بلدات شرق صيدا وإقليم التفاح، ومنذ بداية شهر أيلول يتفقد الناس ثمارها التي لم تكن كالمتوقع، ينتظرون الشتوة الأولى ففيها البركة، لكنّ السماء أمطرت برياح عاتية فبددت أحلامهم الوردية، وأسقطت ما في جعبتهم من أمل بموسم وافر وغنيّ.
تعتبر زراعة الزيتون قديمة العهد في هذه المنطقة، وتفترش بساتينها المساحات الزراعية الأكثر، وأحياناً تكون هذه البساتين بعيدة بحيث لا طريق تصلها، يجتازها المزارع بتعب وجهد لجني محصوله، لكن هذا العام لم يكن كالسابق، وهمّة المزارع لقطف أشجاره تراجعت، العائلة الكبيرة لم تعد تجتمع لجني الزيتون، وتلك اللقاءات الجميلة والأيام العالقة في الذاكرة غابت، وهذه الشجرة المباركة تُركت للطبيعة تنمو وحيدة من دون اهتمام.
في الزمن الغابر كان جدّ فيروز عبد الرسول حمدان يقضي معظم وقته في أرضه في "القاطع"، وهي منطقة خصبة ممتدة في أسفل الوادي، حيث الينابيع في كل حقل وبستان، تقول فيروز لـ"السفير": "جدي كان يعشق هذه البقعة من الأرض، كانت كل حياته، زرعها بأشجار الزيتون، وكان يفلحها سنويًّا على الفدان، يضع لها المغذّيات الحيوانية، يقلّمها، يسقيها، ينقب منها الأعشاب الضارة، يجني محصولها، والخير منها كثير، اليوم بقيت هذه الأرض الشاسعة لأولاده، وجميعهم منشغلون بمصالح تجارية، هذه الأرض متروكة للإهمال، حيث يرتفع الشوك أعلى من بعض الأشجار".
آلية القطاف
الخبرة الزراعية للاهتمام بشجرة الزيتون مفقودة أيضاً، خصوصاً أن معظم مالكي بساتين الزيتون يعيشون في بيروت، أراضيهم متروكة، يأتون وقت القطاف، يكلفون بعض العمّال الوافدين لجني المحصول، يعبثون فيها من دون رقيب، حيث للقطاف آلية كان أجدادنا يلتزمون بها، فاستعمال العصا لم يكن محبباً، والقطافات الآلية الحديثة لم تكن موجودة، كانت أيديهم تقطف الحبات واحدة تلو الأخرى، وما يقع على الأرض، لا يترك، بل يجمع ليعصر على انفراد ويصنع منه الصابون البلدي، يقول المزارع أبو رامي متأسفاً على ما وصل له حال هذه الشجرة.
يؤكد أبو رامي لـ"السفير" أن كل الندوات الزراعية التي تعقدها الجمعيات الزراعية لا تعطي للشجرة حاجتها المطلوبة من الاهتمام، "جيل اليوم يأخذ ولا يعطي"، يختم ضاحكاً.
التقليم إلكترونيّاً!
أما كمال فلا يعرف كيف يهتم بهذه الشجرة، يبحث على الإنترنت عن كيفية التقليم ووقته، لكنه سرعان ما يتراجع لعدم اعتياده على الأعمال الزراعية، وعندما يبحث عن اليد الزراعية الخبيرة التي تساعده في الاهتمام بأرضه، لا يجد لبنانياً واحداً مستعداً للعمل بالزراعة، وأكثر العاملين هم سوريون رجالاً ونساء، ولا يعرفون أدنى خبرة في التعامل مع هذه الشجرة، يقول.
هذا العام بخل الزيتون جداً بثماره، في منطقة مشهورة بجودة زيتها تعرف بكروم الراس، وهي في أعالي بلدة كفرملكي الجنوبية، كان أبو أحمد يجني من ثلاثة دونمات ما يقارب الأربع إلى خمس تنكات من الزيت، والتنكة تتسع لـ16 ليتراً من الزيت الصافي، هذا العام بلغت نسبة محصوله تنكة واحدة و12 ليتراً من الزيت.
هكذا الحال أيضاً لأبي حسن، يملك بستان زيتون بين بلدة كفرفيلا وعين قانا، في منطقة تغطيها أشجار الزيتون على الجانبين، يقول: "هذا العام تركنا الزيتون ينضج أكثر من اللازم وكانت الأمطار المفاجئة سبباً في تساقط أكثرها".
200 ألف ليرة
موسم الزيتون المتدني زاد من سعر تنكة الزيت لتبلغ 200 ألف ليرة، يقول صاحب معصرة كفرملكي أحمد درويش، إن المحصول من الزيتون يعطي من كل 50 كيلو حب، ما يقارب 16 ليتراً زيتاً، مؤكداً لـ"السفير" أن موسم هذه السنة قد تراجع جداً، وتنطبق هذه الحال على كل بلدات شرق صيدا وإقليم التفاح، بحيث تقع ضمن نطاق جغرافي ومناخي واحد، إلا بعض البساتين في الوادي حيث الهواء أقل قسوة على الأزهار والثمار، شارحاً أن عملية قطاف الزيتون وعصره أصبحت أكثر تكلفة من شراء تنكة الزيت: "أجرة العامل الوافد 30 ألف ليرة يومياً، مع ترويقة وغداء... وكلفة العصر تبلغ ألف ليرة لكل كيلو زيت، هذا فقط في القطاف من دون أي اهتمام آخر"، مبرراً سبب ترك الكثيرين بساتينهم هذا العام من دون قطاف.
لكن جولة واحدة بين البساتين في المنطقة، توضح تراجع الاهتمام بالقطاع الزراعي والتحول من الزراعات الموسمية إلى الزراعات الشهرية كالحشائش من ملوخية وبقدونس ونعناع وصعتر، فيما بقي السماق يابساً على شجيراته، وبقيت حبات الزيتون تلمع تحت الشمس، وحبات الجوز تركت عارية مع شجيرات بلا أوراق.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا