×

كبار السن: لا نريد أن نموت جوعاً وعلى أبواب المستشفيات

التصنيف: Old Archive

2014-01-07  10:56 م  756

 

بقلم ثريا حسن زعيتر

 

بقلم ثريا حسن زعيتر

من يحمي مواطن لبناني متقدّم في السن... يقف أمام مدخل مستشفى ترفض إدخاله أو تقديم العلاج له بانتظار دفع التأمين أو مكالمة من هذا المسؤول أو ذاك؟
وأين المواطن من الحصص التي يتصارع عليها المسؤولون؟
ها قد مضت 50 عاماً على إقرار قانون الضمان الاجتماعي، وما زال المواطن بانتظار تطبيق جميع الفروع التي ينص عليها هذا القانون، فوضع المواطن اللبناني من مأساة إلى أخرى، ما لم يقرّ قانون يُحمي المسنين وينسيهم كاهل السنين التي مضت في شقاء وتعب، كحق مكتسب شرّعته القوانين الدولية وحقوق الإنسان...
وفي الجنوب ما زال الكثير من كبار السن صانعي نجاحات الأمس، ينتظرون بفارغ الصبر من الدولة اللبنانية أن يقر مجلس الوزراء قانون يحفظ شيخوختهم وأن يتم تكريمهم في السنوات الأخيرة من حياتهم، بدلاً من استمرارهم في الكد والعطاء، فيموت بعضهم على الطرقات أثناء تلقفهم قوت العيش...
«لـواء صيدا والجنوب» جال على المسنين الذين يثابرون حتى الرمق الأخير لتحصيل قوت العيش...

متى يبصر النور؟
في «عاصمة الجنوب» صيدا ينتظر أبناؤها من الدولة والسياسيين بروز قانون إنشاء نظام التقاعد والحماية الاجتماعية، المعروف بضمان الشيخوخة، كمشروع رائد يُمكن أن يعوّض اللبنانيين الحرمان المزمن على المستوى الاجتماعي والصحي، وينسيهم يوماً ما شبح الشيخوخة وهمّ التقاعد والطبابة...
{ هموم وتعب وإرهاق العم غازي الحنوني (75 عاماً)، فبالرغم من كل هذا، ما زال يستقبلك عند مدخل السوق في مدينة صيدا، منذ أكثر من 45 عاماً، تجده جالساً في المكان ذاته بابتسامته العريضة خلف عربته الخشبية التي يعرض عليها أدوات نادرة، مستلزمات للخياطة، ألعاب وخرضوات، ويقول: «أنا لم أترك المكان لا صيفاً ولا شتاءً، الكل يعرفني ويقصدني، الزبون يجد كل شيء عندي، ولكنني تعبت من الوقوف خلف العربة، فأنا من إشراقة الشمس حتى مغيبها أقف من أجل تأمين قوت عائلتي، لأنه ليس لي معيل سوى الله سبحانه وتعالى».
يمسك العم غازي الكرسي بيده ويتابع: «لو كان لدينا دولة تحترم نفسها وشعبها وتخاف عليه من «البهدلة» لكانت أمّنت لنا العيش بكرامة من الطبابة، لنرتاح ونحن في هذا السن، فأين ضمان الشيخوخة الذي وُعدنا به؟ الدولة تأخذ ولا تُعطي، تريد أن تأخذ كل شيء، ونحن من لنا؟، قضيتُ عمري وأنا أؤمّن لقمة عيش كريمة حتى لما أكبر أجد شيئاً يحميني، حتى وصلت لعمر الشيخوخة لا في معنا ضمان، ولا حتى حق الطبابة شبه المجاني».
بلد بلا ضمان
{ ويقف الحاج مصطفى الجعفيل منذ 30 عاماً ينادي بأعلى صوته على عربته التي تحتوي أنواعاً من الخضار والفاكهة، يقول وفي قلبه غصّة: «أنا بائع متجوّل ألفّ شوارع صيدا كلها لكي أسترزق وأعيل عائلتي المؤلفة من 5 أولاد، لأنه لا معيل لهم سواي، بالرغم من التعب الذي يُصيب قدمي من كثرة التجوّل طوال النهار، حيث لا خيار ثانٍ إلا الاستمرار بالعمل، متحمّلاً البرد القارس شتاءً، وحرارة الشمس الحارقة صيفاً».
والحاج مصطفى يحمد الله في كل الأحوال ويوضح «في حال تعرّضنا لأي عارض صحي، لا نستطيع الاستشفاء لأن ما أجنيه في اليوم لا يكفي إلا قوت يوم واحد، ولا نجد من يُساندنا أو يقف إلى جانبنا في مثل تلك الظروف. والمستشفيات تزيد الطين بلّة حينما تُطالبك بدفع التأمين قبل القيام بواجبهم تجاه المريض، في الوقت الذي تهمل فيه دولتنا ضمان الشيخوخة... الفقير دائماً هو يلّي بياكلها».
وحال مصطفى من حال كثر زادت أوضاعهم سوءاً بسبب أصحاب النفوذ والساسة الذين أشبعوا الفقراء ببرامجهم الانتخابية أحلاماً وردية، متشبثين بكراسيهم التي لولا مصطفى وأمثاله لما وصلوا إليها، ولا يخطر هؤلاء على بال الكثير منهم إلا عند اقتراب موعد الانتخابات، فيضعون أيديهم على جراح الشعب المتلهف وراء أحد ليمد له يد المساعدة.
الزمن غدّار!
{ يقعد العم حسان محمد البطش (مواليد العام 1938) على حافة أحواض الأزهار بانتظار الزبون ليشتري منه لوح شوكولا، يقول وهو بالكاد يستطيع  إلتقاط أنفاسه والدموع تغمر مقلتيه: «كل ما أملكه هو بالدين، فأنا لديّ بسطة أبيع عليها السكاكر، لكن البضاعة بالدين، وعندما أبيع أسدد المبلغ».
ويتنهد البطش من التعب من وقوفه طوال النهار ويتابع: «بدلاً من أرتاح أنا ومن في عمري لأننا لا نقدر أن نقف على أرجلنا، نركض من الفجر حتى النجر وراء قوت يومنا لكي نعيش، لأننا في وطن لا أحد يسأل فيه عن الفقير، الكل يهمّه نفسه فقط، والمصيبة الكبيرة إذا أصبت بعارض صحي ماذا أفعل؟؟ نقف على أبواب المستشفيات ونموت، لذلك أطالب الدولة أن تستعجل بإقرار قانون ضمان الشيخوخة، لأننا بحاجة ماسّة لهذا الضمان».
الضمان حقنا
{ فيما تخفي تجاعيد العم سليم محيي الدين وهبي (70 عاماً) الملقب «الأستاذ سليم»، المعاناة ذاتها، فهو متزوج ولديه 4 أولاد، ويعمل في مرفأ صيدا البحري يلبّي احتياجات الصيادين والناس، الذي ترجم صوته الحزين قسوة الزمن المرير، شاكياً وضع كبار السن في لبنان الذين لا يجدون لهم حول ولا قوة إلا التوسّل لهذا أو ذاك، بهدف التوسط لهم على أعتاب المستشفيات في بلد تنعدم فيه الطبابة المجانية الإلزامية.
يقول: «إذا تعرّضنا لعارض صحي نتعالج على حساب الوزارة أو «المستشفى الحكومي»، لكنني أطالب أصحاب السياسة والنفوذ أن ينظروا إلينا، فنحن لا نطلب شيئاً من الخيال أو الأحلام، فهذا حق من حقوقنا الإنسانية والاجتماعية، والواجب على  الدولة أن تنفذه، فنحن نريد حقوقنا البسيطة، كما الدولة تأخذ حقها من المواطنين من الضرائب كلها».
العم سليم كان يعيش في روسيا، وهو مُلم بسبع لغات، لم يجد له في لبنان عملاً يليق به ويحفظ حقوقه، الا انه وفي روسيا، وهو بلداً أجنبياً - بالرغم من أنه ليس مواطناً منه - حافظاً له أكثر من وطنه الأم لبنان...

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا