القصة الكاملة للعلاقة بين حزب الله والمحكمة الدولية2
التصنيف: إصدارات مركز هلال
2014-01-12 03:01 ص 567
مرّت مسيرة العدالة الدولية الباحثة عن الحقيقة في جريمة إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، في الكثير من الطلعات والنزلات وواجهت العديد من الحواجز والعقبات، وأثبتت بفضل حنكة القضاة الذين تعاقبوا على ترؤس لجنة التحقيق الدولية، قدرتها على إجتياز كل هذه العوائق بفعل مسألتين أساسيتين، الأولى أن التحقيق الدولي تجنّب حرق المراحل والاستعجال في الوصول الى نهاية المشوار من دون أن يكون ملماً بكل نواحي الجريمة وممسكاً بكل عناصرها والأدلة التي تقوده الى المتهمين، والثانية أن التحقيق كان يسير بسرية تامة على الرغم من تسريبات مفتعلة، تبيّن أن غالبيتها تفتقر الى المصداقية، وأن المراد منها تشويه صورة التحقيق وضرب مصداقيته، ليكون ذلك مقدمة للطعن بالمحكمة وحياديتها وتجردها حتى قبل أن تبدأ محاكماتها.
اللافت أن الحرب التي شنّها "حزب الله" على المحكمة اتخذت أوجهاً مختلفة، منها اتهامها بالخضوع لسياسات دول تعمل على الوصول الى ضرب النسيج اللبناني، ومنها أيضاً أنها أداة إسرائيلية تحاول تصفية حسابات لم تكن إسرائيل قادرة على إكتسابها بالحروب الأمنية والعسكرية، وصولاً الى ما هو أخطر ومثير للإستغراب، إذ ذكّر الأمين العام لـ"حزب الله" بأن المقاومة الإسلامية كلها من الطائفة الشيعية، وإن إتهام المحكمة لعناصر من "حزب الله" بجريمة إغتيال الرئيس رفيق الحريري هو إتهام للطائفة الشيعية بأسرها، وهذا الإتهام ليس الا مقدمة لإثارة الفتنة المذهبية في لبنان.
الحلقة الثانية التي تنشرها "المستقبل" اليوم عن المسار الذي سلكه التحقيق والمحكمة، تشكل إحاطة وافية لمحاولات "حزب الله" إسقاط المحكمة سياسياً أمام جمهوره، بعدما عجز عن إسقاطها قانونياً، كما تتطرق هذه الحلقة الى قضية إصرار "حزب الله" على إخفاء المتهمين بالجريمة ورفض تسليمهم الى العدالة وهذا يشكل جريمة يعاقب عليها القانون اللبناني. ويتوجّب على السلطات القضائية اللبنانية، إما عفواً أو بناء على طلب يردها من الحكومة، تحريك دعوى الحق العام بحق مسؤولي "حزب الله" الذين صرّحوا عبر وسائل الاعلام انهم سيقاومون تسليم المتّهمين إلى المحكمة، بجرم التدخّل في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري، عبر إخفاء شخص أو أكثر من الذين اشتركوا في ارتكاب الجريمة عن وجه العدالة.
لم تتوقف حملة "حزب الله" القائمة على المحكمة عند الأمين العام ونائبه، إنما إنسحبت على نواب الحزب أيضاً، وعلى شخصيات الصف الثاني، الذين حوّلوا المنابر الى منصة لإطلاق الهجومات ومحاولات التشويه، فاغتنم النائب نواف الموسوي إحتفال ذكرى شهداء إنتصار تموز في 27 تموز 2011، للربط بين المتهمين وشهداء المقاومة، فأكد "تمسك المقاومة وعدم التفريط بسمعة شهدائها ورفاقهم من المجاهدين، وعدم السماح لأي حملة في العالم محلية كانت أو دولية بأن تنال من سمعتهم، انطلاقاً من موقع الوفاء للشهداء". وقال: "لن نقبل أن تأتي مكيدة دولية اسمها المحكمة الدولية، فتحول الشهداء والمجاهدين إلى مجرمين وقتلة، وسنحافظ على سمعتهم بكل ما أوتينا من قدرات". أضاف: "الشهيد القائد عماد مغنية ورفاقه سيبقون أعلام الكرامة للبنان بل للأمة بجمعها وجميعها، وأي اسم تحاول القرارات الاتّهامية أو ما بعدها تلويثه بتهم باطلة مشينة، سيتحوّل عندنا إلى أيقونة مقدسة نعلي به هامتها فوق السحاب، وإنّ كل اسم يُشار إليه بالاتّهام سيتحوّل عندنا قديساً مطوباً لا تعلوه رتبة للقداسة. نقول لهم بأن يُكثروا من الأسماء، لتصبح بدل أربعة أسماء، عشرين بل سبعين اسماً لأنّ تلك الأسماء ستتحول في سمائنا إلى نجوم ساطعة، وسيحفظها ابناؤها والأحفاد كرموز للمجد والكرامة".
المقاومة الشيعية
إتخذ السيد نصرالله من إعلان القرار الاتّهامي وأسماء المتهمين، منصّة لإطلاق مزيد من المواقف العدائية تجاه المحكمة، فإعتبر في خطاب ألقاه في 17 أيلول 2011 انّ "الأشخاص موضوع الادّعاء هم من المقاومين الشرفاء وانه لا يجوز أن يُقال عنهم انهم متهمون إنّما هم مفترى عليهم وهم مظلومون بهذا الافتراء". ورأى أن "ما يجري محاولة ضرب وتخريب للنسيج الاجتماعي في لبنان وتهيئة الأرضية والمناخات لفتن وحروب أهلية متنقلة يأملون من خلالها جرّ المقاومة إلى حروب داخلية لضرب مصداقيتها وهذا ما اسميه "استهداف المقاومة من خلال ضرب النسيج الإنساني الاجتماعي الطائفي في لبنان".
وقال: "ما يجري من توجيه اتهام لـ4 من المقاومين الشرفاء.. واليوم قوى المقاومة في الواقع الحالي تنتسب إلى الطائفة الشيعية في لبنان، وما نشر يؤكد صحة ما قلناه عن ان هذا التحقيق غير شفاف ولا علمي ولا حرفي بل تم تسريبه في دير شبيغل وصحف اخرى عربية وإسرائيلية والتلفزيون الكندي. لا يوجد أي دليل مباشر، والأمر الوحيد الذي يستند إليه القرار الاتّهامي هو الاتصالات الهاتفية، وبعض التحليلات والاستنتاجات التي لا معنى قضائياً لها"، مشيراً الى ان "النص يكرر من تعابير "من المعقول الاستنتاج" أو "يمكن الاستنتاج بصورة معقولة" أو لأن هناك كوادر من حزب الله قامت بهكذا عمليات في الثمانينيات فهم يستطيعون القيام بهذه العملية". وأكد أن "ما يجري هو على درجة عالية جداً من الظلم والتسييس والاتّهام وان هؤلاء المقاومين الشرفاء لا يجوز أن يقال عنهم حتى انهم متهمون هم مفترى عليهم وهم مظلومون بهذا الافتراء. هذا الموضوع واضح انه هناك جهد بدأ من آب 2006 الى اليوم لتخريب العلاقات الوطنية بين الشيعة والسنّة خاصة". وخاطب نصرالله جمهوره قائلاً: "أؤكد لكم ان مقاومتكم التي تدعمونها وتؤمنون بها ستكون أكبر من الفتنة وأكبر من المظلومية وأكبر من الاتّهام. واضطر الحزب إلى عقد مؤتمرَين صحفيين، الأوّل قانوني سياسي وآخر فني يتناول الاتصالات، ليكرّر مجدداً أنّ صدور القرار الاتّهامي يهدف إلى "اتهام مقاومين شرفاء"، وتشويه صورة المقاومة".
رعد ـ جريصاتي
وفي 23 آب (أغسطس) 2011، عقد النائب محمد رعد والمحامي سليم جريصاتي مؤتمراً صحافياً خصص لتفنيد القرار الاتّهامي، وعادا فيه الى معزوفة "تسييس الإدعاء لإخفاء الحقيقة وإلباس مقاومين شرفاء تهمة ارتكاب الجريمة ظلماً وبهتاناً". ووصفا القرار الاتهامي بأنه "قرار سياسي أملته المصالح الأميركية والإسرائيلية التي يتوهّم أصحابها والمتواطئين معهم ان باستطاعتهم إحكام الخناق على المقاومة وابتزازها ووضعها بين خياري تشويه صورتها وسمعة مجاهديها ووسمها بالإرهاب وصولاً إلى تسعير فتنة عمياء بين اللبنانيين، والخضوع والاستسلام لمشروع الهيمنة الأميركية الإسرائيلية على لبنان". ولم يوفرا المدعي العام دانيال بلمار، فقالا: "ان مضمون القرار الاتّهامي جاء مطابقاً للتسريبات الاعلامية التي تعمّدتها لجنة التحقيق الدولية من أجل أن يعتاد الرأي العام على الأكاذيب والتزوير والتلفيقات التي يستند إليها التحقيق، كما ان المقاومة أحبطت مفاعيل القرار، فجاء غير قابل للتصديق إلاّ من قِبَل المندمجين في مشروع استهداف المقاومة الذين يزعجهم التفكير باحتمال تورط إسرائيل بالجريمة". ووصفا بلمار بـ"الموظف المنضبط بمسار سياسي في التحقيق اضطره لانتاج فبركات ظرفية توسلاً لإصدار القرار الذي يخدم الهدف السياسي المرسوم له، ويأتي القرار الاتّهامي ليتحدث بنفس المنطق الإسرائيلي حول المقاومة فيصف أعمالها بالإرهابية ويطلق أحكاماً حول "حزب الله" مما يؤكد ان الأميركيين والإسرائيليين شركاء في صياغة نص القرار بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، ولا هدف له الا ادراج أسماء مقاومين في خانة الاتّهام لتشويه الصورة والسمعة وابتزاز المقاومة من ورائهم". وخلصا الى إعتبار ان "كل ما يصدر عن المدّعي العام والمحكمة الدولية يأتي في سياق روزنامة سياسية ترمي إلى استهداف المقاومة ووسمها بالإرهاب لمحاصرتها وإسقاطها وتصفية الحساب معها".
الإتهام وقضية الأمة
استغل السيد نصرالله خطابه الذي ألقاه في 26 آب 2011 لمناسبة "يوم القدس العالمي" لربط قضية "الأمّة العربية" بالقرار الاتّهامي، واعتبر أنه "بعد الفشل في الاستهدافات العسكرية وآخرها حرب تموز والاستهدافات الأمنية وآخرها اغتيال عماد مغنية، وصل الاستهداف إلى المحكمة الدولية، ليتكشف كم هي مسيّسة ولماذا أُنشئت وكيف وضع قانونها وأُجريت فيها محاكمات غيابية واستُهدفت سوريا والضباط الأربعة وآخرون ثم "حزب الله" وكيف تتم حماية شهود الزور حتى الآن وكيف يُفرض أي قرينة أو شاهد على اتهام إسرائيل". وقال: "كل هذا يؤكد طبيعة الاستهداف وحجمه، عندما أخرج أنا وأخواني لنشرح ونوضّح لا لنقنع الإدارة الأميركية ولا مجلس الأمن الدولي ولا بلمار ولا كاسيزي ولا بعض الشخصيات السياسية في لبنان، فهؤلاء ركّبوا المشروع ويسيرون فيه، إنما نخاطب الرأي العام الذي نراهن على مساندته المقاومة وادراكه لهذه المؤامرة، فما صدر عن المحكمة وما سيصدر عنها لا قيمة له، والمتّهمون من المقاومة هم مظلومون ويتحمّلون تبعات انتصار المقاومة".
جريمة عدم تسليم المتّهمين
خلاصة كل ما صدر عن القيّمين على حزب الله وتأكيدهم انه لن يصار إلى تسليم المتّهمين، و"إن بعد 300 سنة"، تشير الى ان ثمة جريمة تدخل في جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري. فقانون العقوبات اللبناني، يعتبر كل من قام بإخفاء شخص أو أكثر من الذين اشتركوا في ارتكاب الجريمة عن وجه العدالة، يعدّ تدخلاً في الجريمة بحسب المادة 219 من قانون العقوبات اللبناني. وتنص هذه المادة على ما حرفيته: "يعاقب القانون المتدخلين في ارتكاب جريمة، عبر إخفاء شخص أو أكثر من الذين اشتركوا في ارتكاب الجريمة عن وجه العدالة، بالأشغال الشاقة المؤبدة أو الموقتة من عشر سنوات إلى عشرين سنة إذا كان الفاعل يعاقب بالاعدام، أما إذا كان عقاب الفاعل الاشغال الشاقة المؤبدة أو الاعتقال المؤبد حكم على المتدخلين بالعقوبة نفسها من سبع سنوات إلى خمس عشرة سنة. وفقاً للمادة 220 من قانون العقوبات اللبناني".
إن إصرار المسؤولين في "حزب الله" على انهم لن يسلّموا المتّهمين بموجب قرار الاتّهام الصادر عن المدّعي العام، الذي صادق عليه قاضي الإجراءات التمهيدية، وان بعد مرور قرون، وإعتبارهم ان هؤلاء هم من "المقاومين" ومن "الشرفاء" وانهم يعتبرون بمثابة "قديسين مطوّبين لا تعلوهم رتبة للقداسة". يعني بشكل صريح ان "حزب الله" قرّر إخفاء شخص أو أكثر من الذين اشتركوا في ارتكاب جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري عن وجه العدالة، مما يشكل جريمة يعاقب عليها القانون اللبناني. ويتوجب على السلطات القضائية اللبنانية، إما عفواً أو بناء على طلب يردها من الحكومة، تحريك دعوى الحق العام بحق مسؤولي "حزب الله"، الذين صرحوا عبر وسائل الاعلام انهم سيقاومون تسليم المتّهمين إلى المحكمة الخاصة بلبنان، بجرم التدخّل في جريمة اغتيال الرئيس الحريري، عبر إخفاء شخص أو أكثر من الذين اشتركوا في ارتكاب الجريمة عن وجه العدالة.
يوسف دياب
أخبار ذات صلة
اعتداء بالضرب على سيدة أثيوبية في صيدا
2024-09-12 03:41 م 166
الأمن العام في صيدا أوقف 5 سوريين مخالفين وسحب أوراق 10 وختم محلين بالشمع الأحمر
2024-05-14 05:33 ص 122
اميركا اتهمته بتحويل اموال الى غزة: من قتل الصراف محمد سرور؟
2024-04-10 01:47 م 234
قوى الأمن: توقيف شخص يسرق محتويات السيارات في صيدا بالجرم المشهود
2023-11-18 08:08 م 274
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا
أطباء يحذرون: لا تجلس على المرحاض لأكثر من 10 دقائق لهذا السبب
2024-11-14 09:31 م
بدر زيدان: لخدمة صيدا وأبنائها وهو يسير على درب والده السيد محمد زيدان
2024-11-14 03:35 م
خليل المتبولي - المحبة بين الناس: جوهر العلاقات الإنسانية في زمن الحرب
2024-11-06 12:23 م
حكم وعبر في الحياة
2024-11-04 10:37 م
بالصور غارة على بلدة الغازية
2024-11-03 01:32 م
من هم أبرز المرشحين لخلافة السنوار
2024-10-19 06:19 ص
كارثة صحية تهدد مستشفيات صيدا بعد استنفاذ مخزونها من المستلزمات الطبية
2024-10-18 09:40 ص
حمام الشيخ في صيدا القديمة يفتح أبوابه لتمكين النازحين من الاستحمام
2024-10-17 03:02 م
مبروك المصالحة مبروك لصيدا وللنائب الدكتور أسامة سعد والمحافظ منصور ضو
2024-10-10 10:39 ص
بالصور تعليق عدد من اللصوص على الأعمدة في وسط الشوارع بالضاحية الجنوبية