×

سرعة البديهة

التصنيف: المرأة

2014-02-05  09:18 م  2751

 

قلّت بيننا … عندما قررنا اللحاق بأفكار الغرب ، فأصبحت سرعة البديهة أمرا اعتقدناه مكتسبا بمرور أجيالنا وبما غرسه فينا ببطئ اثناء غفلتنا ذلك الزحف الغادر لأفكار الغرب الذي جائنا بأفكار قضت بالتفكير البطيء وعدم التسرع في إصدار الحكم وحين غزت البلاد سياسيا واستولت عليها بدأوا بتعليمنا إياها ليس بالكتب والمدارس بل بالتطبيق العملي الذي جعلنا نتشبع منها بشكل اسرع وربما لزمن اطول فتقليد الضعيف للقوي أمر بديهي .

نشأ لدينا ذلك التفكير البطيء فصار كل ما نواجهه يقتضي الدرس والتمحيص حتى الأمور الآلية التي لا يصح أن تفلسف ويُتفكر فيها صارت موضع الدرس والفكر والبحث .

ومع الزمن تقسمت لدينا سرعة البديهة إلى حزبين ككل شيء في حياتنا ، تلك الطبيعية والعفوية وهذه ما لبثت أن بدأت تقل كلما تطورت بنا الأفكار والحياة وتشبعنا من الغرب أفكارهم لكن قبل أن تهرم سرعة البديهة الطبيعية فينا تمخضت عنها سرعة البديهة المصطنعة …..  وهذه هي ما توصف به حالنا وهي حالة بين تفكيرنا البطئ والسريع بل هي حالة نحاول نقل تفكيرنا البطيء إلى تفكير آخر سريع ، والاصطناع في سرعة البديهة هنا يفقدها الفائدة لأنها لا بد أن تندرج تحت سرعة الحكم على الشيء وهذا لا يتأتى إلا طبيعيا وليس مصطنعا .

ولربما حدث لنا ما حدث في عالمنا الإسلامي بسبب تجمد عقولنا عن موروثات أجدادنا من عقولهم المستنيرة وسرعة بديهتم الطبيعية ، فأصبحنا نحلل وندرس ونتمحص بأشياء كان لابد لنا من فهمها بمجرد رؤيتنا لشرارتها أو إحساسنا بوجودها تلوح بالأجواء وهنا تدرك أن بديهتنا وعقولنا بدأت بالاحتضار .

ورغم ما ننشغل به في أيامنا هذه ، فإننا أحوج ما يكون لإعادة إحياء هذه الملكة الرائعة فقد بلغ بنا السيل الزبى وبلغنا من الهوان والإذلال والتصغير مبلغا . ولربما تلوح لنا فرصا في سمائنا إذا سارعنا في اغتنامها رجعنا أمة تضرب بها الأمثال والحكم بما كانت وبما أصبحت وبما ستكون .

عندما بدأت بالكتابة لم أعلم ماذا اكتب لكثرة الأفكار لدي فسرعة البديهة بحر عميق ، لكن ما إن استجمعتها حتى انساب الكلام مني كشلال كاد أن يطول لولا استدراكي لحب القارئ لما قل ودل …. أتمنى أن ينال إعجابكم .

وهذه بعض المواقف الممتعة لسرعة البديهة :
1-  وهذا موقف دل على استغلال علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لسرعة بديهيته لايصال معلومة للمتلقي حينما سئل :
ما المسافة بين المشرق والمغرب ؟
فقال : مسيرة الشمس يوما .
ثم قيل له : كم بين الأرض والسماء ؟
فقال : دعوة مستجابة .
2- وهنا موقف آخر :

أحد الأدباء كان جالساً , فأقبل عليه أحد العلماء , فقام له الأديب , فقال له العالم : اجلس , لا يجوز القيام , وهذا على مذهبه ! , فقال له الأديب :
قيامي – والإلهِ – إليكَ حق ٌ …. وتركُ الحقِ مالا يستقيم ُ
وهــل رجــلٌ له لــبٌ وعقـلٌ … يراك تسيرُ إليه ولا يقوم

3- وهنا ابن المعتز وكسره للقلم

جاء يوماً عبدالله بن المعتز في المسجد الجامع إلي أبي العباس أحمد بن يحى ليسلم عليه , فقام له وأجلسه مكانه , فداس ابن المعتز قلماً فكسره , فلما جلس , قال لمن حوله :
لكفي ثأر عند رجلي لأنها … أثارت قتيلاً ما لأعظمه جبر ُ..

4- وقف أحد أصحاب الفكر الضال المشككين في تعاليم الإسلام وحدوده فقال:

يد بخمس مئين عسجد وديت
ما بالها قطعت في ربع دينار؟!
يقول: دية اليد نصف دية الرجل: خمس مائة من الذهب، لماذا تقطع إذا سرقت ربع دينار؟!
وكان يسمعه فقيه أديب شاعر فرد عليه رداً مفحماً مقنعاً، بالوزن والروي نفسهما حيث قال:
عز الأمانة أغلاها، وأرخصها
ذل الخيانة فافهم حكمة الباري!

كانت اليد غالية جداً حينما كانت أمينة.. أما حينما خانت فقد رخص ثمنها!!

5- وكان عمر بهاء الدين الأميري شاعر الإنسانية المؤمنة يدرس في إحدى الجامعات وفي إحدى المحاضرات قام طالب ماركسي وأراد أن يحرج أستاذه فقال: ما تقول يا أستاذ في قول بشار بن برد:

إبليس خير من أبيكم آدم      فتميزوا يا معشر الأشرار
إبليس من نار وآدم طينة       والطين لا يسمو سمو النار

فأجابه الأميري على البديهة – وبسرعة:

إبليس من نار وآدم طينة       والنار لا تسمو سمو الطين
فالنار تحرق نفسها ومحيطها    والطين للإنبات والتكوين

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا