×

اللبنانيون يهدِّدون حتى في دبي!

التصنيف: Old Archive

2014-02-10  07:20 ص  628

 

 

"بشوفك ببيروت"... هذه ليست دعوة للمشاركة بأيٍّ من البرامج الفنية التي تُنتج في لبنان، بل تهديد مباشر من شخص "لبناني" حاولتُ أن أمنعه من التجاوز غير القانوني (الدوبلة) في ديسكفري غاردنز في منطقة جبل علي بدبي. فترجّل من السيارة متّجهاً نحوي مشيراً بإصبعه (افتح الطريق) مع سيل من الشتائم، ووصل به الأمر إلى التهديد المباشر "طيب... بشوفك ببيروت"!

قد تكون هذه الحادثة واحدة من التجاوزات التي يقوم بها بعض اللبنانيين المنتشرين في بلاد الله، إلا أن الكثير من اللبنانيين هم أيضا جزء مهم من الصورة المبهرة لمدينة دبي، فتجدهم في كل المحافل إلى جانب النجاح وفي قلبه. ويمكن القول إن معظم المشاريع الكبيرة في المدينة وكبريات الشركات يشارك لبنانيون في جعلها متميزة وفي المقدمة.

لكن هناك نماذج فشلت في الخروج من أزقة الحرب الأهلية، وبات أفرادها مجرد صور ومرايا متنقلة لزعمائهم السياسيين، وما زالوا يتشبثون بهم ويحملون توترهم وأفكارهم الملوثة حيثما حلّوا، معتمدين لغة "التشبيح" والغوغائية المفرطة. يبدو ذلك بشكل فاضح في أماكن السهر، أو في شوارع المدينة من خلال قيادتهم لسياراتهم بطرق استعراضية خالية من الذوق الذي ميّز اللبناني في زمن ليس ببعيد.

ويزداد التوجّس والحساسية ويسود التوتر عند تواجد لبنانيين مؤيدين لعدّة أفرقاء سياسيين أو بالأحرى (طائفيين) في مكان واحد. فمع انطلاق أول إشارة تدل على فريق سياسي، يظهر فريق آخر في المكان نفسه بإشارة تميّزه، وتستمر هذه الحالة من الهستيريا المجانية لتصل في كثير من الأحيان حدَّ التصادم والعراك والسباب والتشاتم (الأخوي). وفي المكان ذاته، قد تجمعهم أغنية ينشدونها جميعاً، ويهتفون لحبّ لبنان، وترى بريق دموع في عيونهم تأثراً، وحزناً، وتضامناً على ما يجري...أين الخلل وما العمل؟ لا أعتقد أن هناك إجابة على أي تساؤل يخصّ بلدنا العزيز لبنان.

فبالرغم من كل الانفتاح الذي يسعى اللبناني لنشره أمام الآخرين، تجده يختصر تاريخ هذا البلد بطرحه الأسئلة "المذهبية" التي تبحث في ملف وتاريخ الآخر، فتبدأ المحادثة بمسارها التقليدي:

- لبناني حضرتك؟

- نعم من لبنان

- أهلا وسهلا. "من وين من لبنان؟"

قد تكون الأسئلة عادية وقد تكون حاجزاً طياراً. ما أهمية المكان؟ أما زلنا عند نقطة (بتعرف فلان؟ أو شو بيقربك فلان؟). أو هي أسئلة للاطمئنان الطائفي. ماذا يعني أنك من الجنوب؟ وماذا يعني أنك من الجبل؟ وماذا يعني أنك من بيروت؟ وما أهمية من وين من بيروت؟ وماذا يعني أنك من الشمال؟ وما الفرق أن تكون من الكورة أو من طرابلس؟ وهل هي أسئلة للحديث عن شعراء الجنوب أو حال الجبل أو عن السياحة في الشمال وتاريخ العاصمة التي هدمنا حضارتها بأيدينا؟

ذات يوم قرابة الفجر عدت إلى منزلي في دبي لأجد جاري محتفلاً وصوت الموسيقى يهزً غرفتي. قاربت الساعة الخامسة صباحاً وما زالت الموسيقى تنبعث وتهز سرير نومي. حاولت أن أدقّ الأرض بـ(شاكوش) كي أنبّه الجار ليتوقف عن صخبه، لكنه رفع الصوت وكأنه يتحداني، فقررت أن أتصل بالشرطة وجرى الحديث التالي:

- آلو الشرطة؟ ممكن تجوا تسكّتوا (هالحيوان) جاري؟

- الشرطي: يا أخي ما يصير تقول عن إنسان حيوان.

- بس يا حضرة الشرطي من يترك الموسيقى تصدح للصباح من دون أن يأبه لباقي سكان المبنى ولديهم أشغال في الصباح فهو "حيوان".

- الشرطي: إذا كررت شتم جارك سأكتب بك مخالفة فوراً. قلت لك لا تنعت إنساناً بالحيوان. نحن نتصرف مع جارك وانتهت مهمتك، وشكرا لك.

فعلاً، دقائق وكانت الشرطة في المبنى وصمتت الموسيقى.

أعود لمواطني اللبناني الذي هددني "بشوفك في بيروت"، ونحن مغتربان لأسباب نعرفها جيداً، فأتحسّر على خسارة "المدنيّة" التي كانت عنواناً عريضاً لكل منتج حضاري ولكل ما هو جميل يأتي من وطن النجوم.

جميا ضاهر

 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا