×

عطارة عزام خبرة تزيد عن قرن ينقلها الأحفاد للأبناء

التصنيف: إقتصاد

2014-02-26  08:05 ص  1244

 

سامر زعيتر

هل تبحث عن شيء ولا تجده في أي مكان، ما لك إلا زيارة مكان واحد في مدينة صيدا!
عبارة ليست غريبة على أبناء المدينة الذين اعتادوا منذ ما يزيد عن قرن من الزمن قصد محل «عطارة عزام»، مكان ليس كغيره من الأمكنة التي حصد أصحابها شهرة واسعة في صيدا ولبنان وأكسبتها فضلاً عن ذلك مناعة صحية...
تاريخ يتوارثه الأبناء والأحفاد عن الأباء والأجداد، كونه عمل يعطي «أجراً وأجرة»، وهي العبارة الشهيرة التي أرساها الجد المرحوم عبد الحليم عمر عزام ونقلها الى ولده المرحوم محمد خير الدين ومنهما الى نجله مصطفى وحفيده عبد الحميد...
تطوير للمهنة التي لم تقتصر على العطارة والخردوات والصباغة، لتشمل التخصص في النباتات علاجاً وزراعة، مما جعل ذلك المكان مقصداً لكل عليل أو صاحب حاجة...
«لــواء صيدا والجنوب» زار محل «عطارة عزام» وعاد بهذه الانطباعات:
ما وراء الحاجز الخشبي!
{ يطل الحاج مصطفى محمد خير الدين عزام (61 عاماً) بخبرته التي توارثها عن والده وجده، ليساند نجله والعاملين معه لينقل لهم خبرات ما يزيد عن قرن من الزمن، يقف خلف حاجز خشبي يمنع الدخول إلى المحل الكائن في شارع الشاكرية عند مدخل صيدا القديمة، بالوقت الذي يقف فيه الزبائن بإنتظار دورهم للحصول على مرادهم.
أما عن تاريخ بداية العمل، فيشير الحاج مصطفى عزام بيده إلى فاتورة تعود إلى أيام جده عبد الحليم عمر عزام في العام 1912، والذي اشترى بموجبها بضاعة من سوق العطارين في بيروت من محمد فاخوري، وهم الذين كانوا يمارسون في ذلك الوقت مهنة العطارة فضلاً عن مهن أخرى، ليؤكد بأن تاريخ التأسيس جاء قبل ذلك.
ويوضح عزام «أن هذه الفاتورة تشير إلى شراء العديد من البضائع التي كانت مستخدمة منها ما يفيد علاج الزكام و«الفتاق» وغيرها من الأمراض، حيث قام جده بتوريثه المصلحة ونقلها إلى والده المرحوم الحاج محمد خير الدين عزام، واليوم يقوم الحاج مصطفى بنقل هذه المصلحة إلى نجله».
وعن أيام عز المصلحة يقول: «كان مجد هذه المصلحة في ظل عدم وجود الصيدليات، وقد ورثها الوالد عن الجد منذ صغره، بعدما ترك المدرسة باكراً بناء على رغبة جدي، وحزن والدي في وقتها لترك المدرسة، لكن جدي أخبره أن المصلحة فيها «أجر وأجرة»، وتحقق إستفادة مزدوجة، وأنا سرت على هذا الدرب، وهي أمانة يجب أن نحافظ عليها، حيث لا يوجد في مدينة صيدا سوى محلنا ومحل آخر يملكه جارنا وقد قام بفتحه على مقربة منا منذ سنوات قليلة».
ويضيف: «يتابع نجلي عبد الحميد دراسته الجامعة في السنة الثانية، حيث يأتي خلال العطلة الأسبوعية والصيفية لمساعدتنا بعدما بات لديه إلمام بالمصلحة، التي تطوّرت عبر الزمن، حيث كان الناس في الماضي يستخدمون مواداً كالأسيد لعلاج التلول ولكن اليوم تطوّر العلاج باستخدام «المراهم»، وهذه المصلحة لديها استمرارية لأن الناس تعود الى استخدام الأعشاب الطبيعية لعلاج السمنة وأمراض السكري، فيكثر طلب الأعشاب المنحفة والملينة».
الزبائن من مختلف المناطق
ويشير إلى «أن الزبائن يأتون الى محل «عطارة عزام» من جميع المناطق لأننا نملك بضاعة متنوّعة لا تتوافر مجتمعة في المحال الأخرى، فضلاً عن بيع الأعشاب الصحية والالمام بخاصية كل منها».
أما تعدد الأصناف والبضائع التي وضعت كل منها في مكان يعرفه أصحاب المحل بعناية فائقة، تجعل الحيرة تدخل إليك، لكن يبدد ذلك الخبرة التي ورثها الحاج مصطفى بالقول: «بدأت العمل منذ 47 عاماً في هذه المصلحة بعدما ورثتها عن والدي، الذي أمضى بدوره ما يقرب من 70 عاماً في هذه المهنة، وهو ورثها بدوره عن والده الحاج عبد الحليم، وبداية لم أرغب في مزاولة هذه المهنة، لكن والدي أصرّ على غرار ما قام به والده، لأن المهنة تحتاج الى من يرثها، وبما أنني كنت أسرّ بمرافقة والدي في شراء مستلزمات العطارة نزلت عند رغبته».
ويضيف: «أما نجلي عبد الحميد، فهو اختار المهنة ومتابعة الدراسة الجامعية في نفس الوقت، فيما ابني الثاني محمد خير الدين سافر للعمل في الخارج بعد الانتهاء من دراسته الجامعية، ونحن نواصل حفظ الأمانة».
ويوضح «إن الناس تهتم بالزيوت والأعشاب وبالطبع فإن الطب النبوي يقوم على الأعشاب، لأن كل ما هو مر فهو نافع، لذلك نجد شرش الرباط ينشط الكبد ويخفض نسبة السكري، ونحن نقوم بتركيب الزيوت التي تفيد الشعر، وهناك أعشاب «العيزقان» و«البابونج» والأعشاب العربية والهندية التي تشكّل كل منها إستفادة وفق خاصيتها، أما الكافور فهو لوجع الظهر، فيما المواد السامة تأتي معبأة وعليها علامات تنبّه لذلك ويجب قراءة هذه التوجيهات».
ويؤكد «أن المهنة تطوّرت من العطارة لتشمل أيضاً بيع البذور الزراعية، والمصلحة تتطلب اهتماماً والماماً بأنواع البضاعة لأنها تشكّل مسؤولية وهي أمانة علينا واجب تسليمها الى الأجيال، ونحن نعتز بها كونها حققت لنا شهرة كبيرة، وبات الشعار المعروف «كل شيء غير موجود يكون عند عزام»، وهذه شهادة نعتز بها».
ويختم مصطفى عزام بالقول: «هذه المهنة أعطت لنا إضافة الى الشهرة المناعة الصحية، إضافة الى معرفة فضائل العديد من النباتات ومنها حبة البركة وزيتها، والناس تقصدنا من مختلف الفئات ولطلب جميع الحاجات، لأننا طوّرنا المهنة من العطارة إلى الخردوات والصباغات».
الجيل الرابع
{ بدوره، نجله عبد الحميد عزام يقول: «أقوم بمساعدة الوالد منذ 5 سنوات، واستفدت كثيراً من هذه الخبرة التي نقلها لي والدي، وبفعل الخبرة والممارسة العملية، ومن خلال سؤال الناس لنا عن بعض الأعشاب وفوائدها ومفعولها، وضاعفت خبرتي من خلال العمل بشكل أسبوعي وفي أيام العطل وخصوصاً في الصيف، رغم أن دراستي الجامعية هي في تخصص الكومبيوتر، ولكن يجب الحفاظ على هذه المصلحة نظراً لأهميتها في خدمة الناس وتأمين احتياجاتهم».
خبرة تتوارثها الأجيال وتعطي لمدينة صيدا ميزة خاصة، يجعل البعض يقصدها للسؤال عن احتياجاته عند محل «عطارة عزام».

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا