المعلم لا يزال على ثباته يصنع التغيير في زمن المتناقضات

التصنيف: Old Archive
2014-03-05 03:05 ص 642
سامر زعيتر
يمضي عام ويأتي آخر، فيما لا يزال هناك، صامداً في محرابه، وكأنه تسمّر في ذات المكان، يصارع الزمان وعقولاً تعددت مصادر معرفتها، فكيف يكون معه الحال في كل عام؟!
سنوات عجاف، تجعله معلّماً ومتعلّماً، تزيده الأولى صلابة وخبرة في التعاطي مع العقول على تعدد أنواعها ومشاربها الفكرية، فيما الثانية تجعله يعيد الدرس وكأنه للمرة الأولى. أما الدرس الذي لا يحسن تعلّمه بأنه اختار مهنة كادت أن تجعله رسولاً، لا للرسالة الغالية التي يحمل بين يديه وحسب، بل للمشقة التي يتكبّدها بالسير على خطى الأنبياء والمرسلين في مواجهة المألوف وصولاً لصنع التغيير أو ملاقاة ذات المصير لكل صاحب رأي...
أما المتعلمون الجدد، فيطوّرون الدهاء والذكاء من خلال تعدد مصادر المعرفة، والتي قد تجعلهم أكثر إلماماً بكل حديث، الأمر الذي يلقي بثقله على كاهل المعلم في مواكبة المتغيّرات، فيما الضغوط الإجتماعية والاقتصادية تزيد العبء عليه، تُعقد السياسة وأهلها من مهمته، كيف لا والفتن المدلهمة كقطع الليل تطل برأسها في زمن الرُويَبِضة، حيث الجهل يُقتدى والعلم ينكر على أصحابه، زمن يصبح فيه الحليم حيراناً، فكيف الحال بالمعلم؟!
«لـواء صيدا والجنوب» وعشية عيد المعلم وقف على أراء عدد من التربويين وجيل المستقبل، وعاد بهذه الانطباعات...
تتغيّر المفاهيم وتتبدّل، فيما السلطة الأبوية تخفّ وطأتها ومعها سلطة المعلم على تلامذته، فإن الخوف على المراهقين في زمن باتت فيه الكراهية تحتل الجزء الأكبر من حياة الناس، وكأن الجميع يتناسى أياماً قضوها على مقاعد الدراسة جمعت المختلفين على تعدد مشاربهم العقائدية والفكرية، لكن لا يزال هناك من يصرّ على الانصهار الوطني طريقاً للنجاة بسفينة الوطن.
د. جان داود
{ رئيس «مدرسة الفنون الإنجيلية للبنات والبنين» في صيدا الدكتور جان داود أشار الى «أنه أيام قليلة ويحلّ علينا عيد المعلم، رسول المحبة والفرح والمعرفة والكلمة الطيبة، ولنا أن نقف في هذه المناسبة خاشعين أمام عطاءات الذين وهبوا أنفسهم لإبعاد الظلمة والجهل عن النفوس، فالكلمة مهما عظمت تبقى عاجزة عن الوفاء والتقدير. المعلم في أيامنا هذه مرشد اجتماعي، طبيب نفسي وولي أمر حنون».
وقال: «لقد أظهرت دراسة علمية أجريت في بلاد الغرب على 18 ألف متعلم أن 35% من العائلات التي خضعت للدراسة غير قادرة على توفير العطف والحنان لأبنائها. ذلك أن هذه الأسر في حالة عوز عاطفي، ويصح فيها القول: فاقد الشيء لا يعطيه، هذه الدراسة أجريت في العالم المتحضّر فما بالك في لبنان الذي تعصف بأرجائه المشاكل الاجتماعية والعائلية والأمنية! فليس غريباً إن كان لدينا في لبنان 35% من العائلات لا توفر لأبنائها الحنان اللازم».
وأضاف: «إن هذه الفئة العمرية (الأطفال) وتعدادها بالآلاف تحتاج إلى من يهتم بها ويعمل على تعويضها ما تفتقده من عطف وحنان، فمن الذي سيقوم بهذا الدور؟ الجواب المعلم وأي كلام آخر يبقى مجرد كلام. لذلك أتوجه إليك أيها المعلم، المربي، الرسول، أن تضيف إلى همومك الثقيلة هذا الهم الجديد، تعويض الأطفال ما ينقصهم من عاطفة وحنان لقد كتب علينا نحن المربين ان نكون أصحاب رسالة، لا مجرد موظفين يعتاشون من رواتبهم».
وأكد «أن الأديان السماوية أقرّت بالدور السامي والنبيل للمعلم، ومن هنا لنا شرف الاطلاع بهذا الدور وسد هذه الثغرة القاتلة».
وقال: «تقول الدراسة ان الحنان المتواصل والدائم من قبل الأم لطفلها يعطيه مناعةً قوية يواجه بها كافة أشكال الضغوط والقلق، كما أنّه يزوّد الطفل بمحبته للناس والانفتاح على الآخر والقدرة على التواصل والاندفاع نحو أفراد مجتمعه ليتآلف معهم بدل الانعزال والتقوقع. لقد صنفت هذه المعلومات المستقاة من الدراسة العلمية تحت عنوان الطب الوقائي، وتبنّتها وزارة التربية في الخارج وخصصت لها الميزانيات اللازمة من منطلق كونها ستوفر على الدولة كلفة باهظة لمعالجة الأطفال الذين يفقدون عاطفة الأهل ويتعرّضون لمختلف أنواع المشاكل النفسية. فلندرك جيداً أهمية دورك أيها المعلم».
وختم داود: «في عيدك أيها المعلم ننحني إجلالاً وإكراماً لك ولدورك الرائد دائماً وأبداً، فبالإضافة إلى التعلم والتربية ها نحن نضيف الى واجبك مسؤولية جديدة، مسؤولية سد فراغ عاطفي هو بالأساس من مسؤوليات الأهل لكنه الواقع يدفعنا للقيام بأكثر من واجبنا حماية لأطفالنا منذ يومهم الأول في المدرسة حتى تخرّجهم سائلين الله ان يملكنا الحكمة والقدرة على القيام بهذا الدور الكبير متأكدين من كونه دوراً إيمانياً رسولياً له أجره الكبير عند الخالق القدير. أما النهل من القيم الدينية السمحاء، فطريق يصرّ عليه البعض الآخر في مدينة صيدا، لكي تبقى مدينة تجمع أطياف المجتمع اللبناني، بعيداً عن المنغصات اليومية».
كامل كزبر
{ مدير «مدارس الإيمان» في صيدا كامل كزبر رأى «أنه في يوم عيدك يا زميلي المعلم لا بدّ أولاً من توجيه أجمل وأحلى عبارات التهنئة إليك لأن العيد فرح وسرور وسعادة وصاحب العيد اليوم هو أنت يا أخي وزميلي المعلم. ولكن هل المعلم في يوم عيده هذا العام يشعر بالسعادة ويعيش فرحة ونعمة العيد؟ أم لسان حاله كما يقول الشاعر: عيد بأية حال عدت يا عيد... بما مضى أم لأمر فيك تجديد»؟!
وقال: «إن الدولة اللبنانية قد جعلت للمعلم عيداً سنوياً باسمه تكريماً وتقديراً لعطاءاته وتضحياته ودوره المهم والكبير في التربية والتعليم يبني الأنفس وينشئ العقول ويخرّج الأجيال من ظلمات الجهل والأمية إلى أنوار العلم والمعرفة والثقافة ويزوّدهم بالعلوم الصحيحة والمفيدة والنافعة لهم في الدنيا والآخرة ويغرس في نفوسهم وقلوبهم وعقولهم الأخلاق الكريمة والشمائل والصفات الحسنة ليكونوا في مجتمعهم ووطنهم لُبنات بناء وعمران وليس أدوات هدم وفساد. أجل! إن المعلم هو رسول الخير وصاحب اليد البيضاء القادرة على التغيير والإصلاح، إنه بحق طبيب الأمة، يداوي أسقامها، ويبلسم جراحاتها، ويقوّم اعوجاجها، ويربي أجيالها على حب الوطن والمواطن واحترام الآخر وقبوله، وإن كان يختلف معه أحياناً بالعقيدة والسياسة أو الفكر والرأي. والمربي الفاضل هو القدوة الحسنة لطلابه علماً وخلقاً وسلوكاً يأخذون عنه ويتأثرون به إيجاباً أو سلباً».
وأضاف: «من المؤسف جداً في هذه الأيام أن وسائل الإعلام المرئي والمسموع ما يعرض على شاشات التلفزة من أشرطة ومشاهد وأحداث مخلّة بالآداب والأخلاق والعمل الصالح والمفرطة بالإجرام والفساد صارت تؤثر سلباً على سلوك وعقول الطلاب وتفسد ما تعلموه وما تربوا عليه في البيت والمدرسة من قيم تربوية وأخلاق فاضلة وسلوك حسن وفي الوقت نفسه أخفقت بعض الشيء من دور البيت والمعلم والمدرسة في التوجيه والإرشاد».
ورأى «أنه من المؤسف أيضاً أن بعض السياسين في أقوالهم وأفعالهم وما يراه الناس والطلاب منهم على شاشات التلفزة زاد في الطين بلّة وجعل دور المعلم أكثر صعوبة في الإطلاع والتقويم والتربية».
وقال: «مع ذلك كله فنحن كتربويين ومربين ومعلمين لن نيأس أو نقنط وسنواصل إن شاء الله دورنا التربوي والأخلاقي بأمانة وإخلاص وسنضاعف جهودنا لإخراج طلابنا وأبنائنا من هذه الجاهلية الجهلاء والضلالة العمياء ليعودوا إلى رشدهم ويكونوا كما يجب أن يكونوا طلاباً صالحين قولاً وفعلاً وسلوكاً».
وختم كزبر: «بالمناسبة فإنني أتوجه إلى الأهل الكرام بتحمّل مسؤولياتهم أيضاً وأحثهم على التعاون مع المعلم وإدارة المدرسة للخلاص نهائياً مما نحن نتخبط فيه. والله أسأل أن يكون عيد المعلم في العام القادم أفضل من هذا العام والله المستعان. وصدق الله حيث يقول: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}.
السهل الممتنع
{ أما المعلم الصابر على مهنته، فيراها المربي صابر إبراهيم مهمة تتراوح بين السهل والمستحيل بالقول: «العملية التعليمية في تطوّر مستمر ودائم، والى مزيد من التطوّر والنجاح، ولكنها كانت في السابق كلاسيكية، إلا أنها اليوم أصبحت أكثر تعقيداً، وفي الوقت نفسه فإن الحصول على المعلومات أصبح أكثر سهولة من خلال الانترنت، حيث يمكن للتلميذ الحصول على المعلومات من خلال الشبكة العنكبوتية، فأصبح دور المعلم توجيهيا أكثر مما هو دور تعليمي أو كملقن، وهذا دليل على تطوّر العملية التعليمية، وبالطبع فإن ذلك لم ينقص من دوره بل لا يزال لديه نفس الاحترام والتقدير من قبل المجتمع، لأن المعلم هو محور العملية التعليمية».
{ بدوره رياض علي قال: «يجب أن يكون للمعلم دوره وتقديره في المجتمع، كونه يقوم بمهمة تجعله قدوة في إيصال رسالة الى سائر شرائح المجتمع، ومواصلة المسيرة التي صار عليها بقية المعلمين في نقل المعرفة للمجتمع».
بين الثناء والشكوى
مهمة تعطي للمعلم دوره في المجتمع، رغم قسوة ظروف الحياة، فيما خيار العلم يبدو كأنه الخيار الوحيد للطالب المجتهد وخصوصاً من أبناء المخيمات الفلسطينية، الذين يصرّون على متابعة طريق التسلّح بالعلم.
{ الطالب محمد منصور قال: «بعد التخرّج من الدراسة تزداد معرفة التلميذ لأهمية الدور الذي يقوم به المعلم، ولكن ليس كل معلم يعترف بدوره وحقه، وذلك حسب كفاءة المعلم التي تعطي هذه المكانة، ولكن تبقى الأمور المعقدة هي إيجاد فرص عمل بعد انتهاء الدراسة وخصوصاً بالنسبة لنا كفلسطينيين، إلا أننا نصرّ على مواصلة تحصيل العلم وفي الوقت نفسه أرغب أن أصبح معلماً في المستقبل».
{ بدوره الطالب عماد البقاعي قال: «المعلم هو أساس المجتمع والذي يعطي للتلاميذ أسس الحياة والعيش، ولذلك على التلاميذ تقديم كامل الاحترام له لأن المدرسة والمعلم تشكلان العائلة الثانية التي يترعرع داخلها الأجيال».
أما الشكوى من المعلمين، فوجدها البعض الآخر في تميّز المعلم لتلميذ على حساب آخر، وذلك على أساس المعرفة والقرابة، فضلاً عن عدم مقدرة بعض المعلمين في إيصال المعلومات الى تلامذتهم بالشكل المطلوب أو عدم مراعاة ظروف الطلاب.
تعدد للآراء بين الثناء والشكوى، ثناء على الدور الذي يقوم به المعلم المجتهد والجاد في عمله، وشكوى من عدم مقدرة البعض الآخر على العطاء بالشكل الذي يرضي تلامذة اليوم، لتبقى الخيارات متعددة أمام التلاميذ في التنقل ما بين المدارس أو اختيار مدرّسين خصوصيين، إن كان الحال ميسوراً، فيما المعلم يعيش الخيارات الأصعب، إما المضي في رسالته أو التنحي جانباً عن مهنة تكثر فيها المتاعب ويعقبها كثرة العوارض الصحية
أخبار ذات صلة
في صحف اليوم: تراجع في موقف الجامعة العربية بشأن حزب الله بعد ضغط
2024-07-02 12:25 م 130
جنبلاط متشائم: أستشرف توسيع الحرب*
2024-06-24 09:10 ص 237
لبنان ليس للبيع... مولوي: نرفض الإغراءات المالية لتوطين النازحين*
2024-06-22 09:59 ص 197
تطوّر "لافت"... أميركا تكشف مكان السنوار وقادة حماس في غزة
2024-01-13 09:01 ص 268
خطة غالانت لما بعد حرب غزة.. هذه أهم بنودها
2024-01-04 09:09 م 320
مفوضية الجنوب في كشافة الإمام المهدي خرجت 555 قائدا وقائدة
2017-07-10 10:26 ص 1666
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا

علماء: عثرنا على "سفينة نوح" التي أنقذت البشرية قبل 5 آلاف عام
2025-03-13 05:15 ص

بالصور شخصيات صيداوي في إفطار معراب..
2025-03-08 10:42 ص

بالصور أمسيات رمضانية مميّزة في صيدا بحضور بهية الحريري د حازم بديع
2025-03-08 10:40 ص

بهية الحريري ..مدينة صيدا وصيدا بهية الحريري
2025-03-04 06:14 م

سيدة تخسر مبلغاً ضخماً وتغلق الهاتف في وجه محمد رمضان
2025-03-03 05:29 ص

قميص زيلينسكي في لقاء ترامب يثير مقارنة مع ماسك وتشرشل
2025-03-03 05:20 ص

يا نايم وحّد الدايم.. يا نايم وحّد الله، قوموا على سحوركم، جايي رمضان يزوركم
2025-03-02 05:25 ص

مشهد غريب آخر بشجار ترامب وزيلينسكي.. بطلته سفيرة أوكرانيا
2025-03-01 05:21 ص

لم تحدث منذ 2021".. 3 أعاصير مدارية تتشكل جنوب المحيط الهادي