×

ليلى رضا... شاعرة تكتب قصائد الحب والحياة

التصنيف: تقارير

2014-03-12  08:08 ص  1158

 

ثريا حسن زعيتر

أجمل ما في المرأة أنها تختزن طاقات وإبداعات أقرانها من «نون النسوة وتاء التأنيث» بين الأمومة والزوجة وربّة المنزل والعاملة... والرسامة والشاعرة... فيأتي فصل الربيع بين يومها العالمي وأمومتها، وفي كليهما ذات العنوان، يضحّين بصمت على مدار العام، ليؤكدّن أنهن العنصر الفاعل في المجتمع يوازين بين مسؤوليتهن العائلية والاجتماعية والعملية...
رغم ضغط الحياة ومشاغلها، لا يترك للمرأة في كثير من الأحيان مجال للتفكير والاهتمام بذاتها، إلا أنها تشق طريقها لتعبّر عن ذاتها، سواء في مواهبها أو احترافها، قناعة منها بأهمية تحقيق النجاح ولو بعد حين، لأن نجاحها هو لكل السيدات والكيان الأنثوي...
والمرأة الجنوبية التي عرفت بصمودها في الأرض ومقاومتها للاحتلال والجهل، حققت الكثير من النجاح في شتى المجالات العلمية والأدبية، فكانت الأم وابنة الأرض والشاعرة والرسامة والفلاحة الثائرة على كل نمطية وقوانين، فرسمت بريشتها، وكتبت بقصائدها الحرية والحياة والحب، هن باختصار سيدات مبدعات رفضن التقوقع في زاوية الحياة الضيقة، فحوّلنا القلم والريشة وآلة الخياطة والزراعة إلى مصدر إلهام وتفوّق...
وتجسّد حمدى يحيى وليلى رضا نموذجاً لعشرات الجنوبيات اللواتي شقّينا طريقهن بنجاح، حيث حطّ «لـواء صيدا والجنوب» رحاله عندهما ليروي معهما حكاية الابداع...
حمدى... الرسّامة
من رحم الأرض استوحت لوحاتها فرسمت حياتها بريشة ملونة تعكس بساطة العيش، فهي ابنة الأرض التي ابتدعت أفكارها من الطبيعة للتحوّل من فلاحة إلى رسامة بالفطرة...
{ حمدى يحيى البالغة من العمر 60 عاماً، والأم التي ربّت أولادها على حب الأرض والتضحية في سبيلها، مصرّة على المضي في تجنيد ريشتها لتحقق ذاتها ولو بعد حين، إذ احترفت الرسم في سن متأخّر لتعوّض ما فاتها من إبداعات على مر السنين.
وبافتخار واعتزاز بما حققته حمدى تقول مبتسمة: «لقد سحرت الكثيرين ممن شاهدوا فني، وتحدّيت الرسامين في المعرض الذي أقيم في «خان الإفرنج» في صيدا وشارك فيه 42 رساماً، والذي نقلني إلى عالم الشهرة، فذاع صيتي لأنني املك طموحاً وموهبة، وكنت الوحيدة التي ترسم دون مدرسة متخصصة بالرسم، وهذا إبداع بحد ذاته».
وتضيف: «لقد ثابرت وتحدّيت الظروف، فالرسم يحتاج إلى قاعدة وخطوط مستقيمة لم أعرفها أبداً، مع إشراقة شمس الصباح أبدأ يومي مع التبغ في الأرض... أما الليل فملاذي للرسم، حيث تتوالد اللوحات على سكونه».
وبعفويتها المعهودة وهي تجلس على أريكة، توضح «إن فكرة «التبغ» تمنحني إلهاما فكرياً، فتنطلق ريشتي بطلاقة لترسم الفرح والأمل بغد أفضل، تتعانق مع ضوء «سراج الكاز» في لوحة كونية تنسيني هموم الحياة ومشاغلها وتزيل عني تعب العمل».
لوحة... وحكاية
وفي داخل منزلها تحتفظ حمدى بلوحاتها ولكل واحدة منها حكاية في رحلتي الصيف والشتاء كما تعاقب سنين عمرها، في الشتاء تزرع الأرض بذوراً وتسقيها من ينابيع مياه العطاء، أما في الصيف فتحصد ثمارها رزقاً لحياتها ونجاح متألق في مسيرة رسوماتها.
وتؤكد «إنني أرسم نفسي بصورة الواقع، فثرت عن نمطية الرسم التقليدي، فمن رحم ألوان الأرض ارسم لوحاتي وأمازج بين الريشة ورائحة التبغ في معادلة قلّما يفهمها الكثيرون الذين يعيشون في المدن وسط الضجيج».
وتستعيد حمدى ذكرياتها منذ طفولتها حيث لم تلقَ تشجيعاً من عائلتها على احترافها الرسم، رغم أنها كانت ترسم في مدرسة الضيعة، واستكملت مشوارها في حياتها الزوجية، حيث لاقت ذات المعاملة، تقول: «أنا المزارعة والفلاحة والرسامة والأم معاً وهذا وسام اعتزازي، فهذه الهواية تخرجني إلى عالم جديد بعيداً عن مشاكل المجتمع وهموم الحياة، أهرب منها في بعض الأحيان إلى أحلامي الوردية، وأتفقّد لوحاتي التي أهديتها لأصدقائي وأقاربي لاستعيد عبرها ذكريات وظروف رسمها، وقد طلب الاتحاد الاوروبي مني لوحات عن واقع الحرب، وعن الدبكة اللبنانية وجرش القمح، فالتراث يذكّرني بطفولتي، فهي أحلى أيام حياتي لا ينساها المرء بسهولة».
ليلى... الشاعرة
{ وعلى غرار حمدى، شقت ليلى رضا طريقها بنجاح، ولكنها اختارت الشعر لتنسج حروفه ابداعاً فرسمته كلمات في قصائد شبيهة للرسم بلغة عامية رقيقة أسَرَت الأنظار بعدما حاكت الحب والحرية، والعدالة، والوطن باسلوب امرأة تبحث عن ملاذها الآمن بين الحروف.
بثقة في النفس، تجلس الحاجة ليلى رضا، المرأة السبعينية، وهي ترحّب بنا على طريقتها الخاصة ببيت من الشعر وآخر من النثر لفظتها على سجيّتها، كأنها تعبّر عن فرحها بكل واقعية، وتقول: «لم أدخل المدرسة ولم أتعلم فك الحرف، فأيام زمان لم تكن البنات يذهبن إلى المدارس مثل اليوم، كانت البنت البكر تُمنع من التعلم كي تتفرّغ لتربية أخوتها وتساعد والدتها في الأعمال المنزليّة، كانت المدرسة قرب منزلنا، وكنت أقف خلف السور أسترق العلم، أصغي جيداً إلى المدرّس، أحفظه، ثم أعيد قراءته آخر الليل على ضوء «سراج الكاز»، أهجئ الحروف وقد وضعت التعليم نصب عيني، مهما كلفني الأمر، لأنني أعشق الشعر الذي يطوف في أرجاء منزلنا، فالشعر عندنا يُولد بالفطرة وأردت أن أنمّيه بالعلم».
عشق... وشعر
وتضيف: «لقد تعلّمت الخياطة والتطريز اليدوي، ولكن القلم والورقة لم يفارقنني فكنت أضعهما على آلة الخياطة وكلما خطر ببالي بيت من الشعر اكتبه، وهكذا بدأت أكتب الشعر وعشقته لأنه أعبّر فيه عن ما يجول في داخلي من خواطر ومواقف، فتناولت فيه الحب والمرأة والحياة، وكان الشعر لسان حالي أينما حللت، أعبّر فيه عن غضبي وفرحي وحزني».
وتعتز ليلى بأنها رغم أنها كانت أميّة إلا أنها سرعان ما باتت تحترف الشعر، إذ دعمته بتلقي الثقافة من خلال التلفاز، وتوضح «إنني أصبحت ألقي أبيات الشعر في مناسبات الرثاء والفرح، وأدرك تماماً أنني متميّزة، ومتمرّسة بما أجود به، وما حرمني القدر منه، قدّمته لأولادي من العلم ما اختاروا منه، فالخياطة والشعر هما توأمان لحياتي بحلوها ومرّها».

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا