×

البوابة التحتا... مدخل صيدا البحري ومركز تلاقي الناس

التصنيف: إقتصاد

2014-05-14  08:32 ص  1109

 

ثريا حسن زعيتر

 

بين البوابة التحتا قبالة القلعة البحرية... والبوابة الفوقا قبالة القلعة البرية قصص وحكايات وذكريات لأبناء مدينة صيدا مع مدينتهم القديمة المفتوحة على البحر ومراكب الصيادين ومغامراتهم التي لا تتوقف حدودها المفتوحة بحراً على العاصمة بيروت وعلى مدينة صور جنوباً.. هنا في هذا المكان كان الناس يلتقون، يشترون احتياجاتهم ويتبادلون الأحاديث وهموم الحياة وشجونها بحلوها ومرّها...
اليوم ها هو المكان بقى صامتاً تملؤه ذكريات جميلة، ولكنه خلا من البشر وقلّة الاهتمام بالحجر، بعض المحلات أقفلت على مضض، القشلة المشهورة تنتظر نفض غبار النسيان عنها رغم الوعود المتكررة، والجامع البراني يراقب حركة الناس ببركة وخان الخيل تلاشى، فيما الأسواق تداخلت مع بعضها البعض.. هنا تجد محل سمانة وآخر لبيع اللحوم والدجاج إلى جانبهم محلات الكندرجية والحلويات، يقابلهم خان الصابون والأكلة التراثية الشعبية «الفلافل»، كل هذا يجعل المكان يعج بالحركة بانتظار التنظيم والمزيد من النظافة لإستقطاب السياح الذين يقصدون القلعة البحرية وخان الإفرنج والأسواق القديمة، لأن مدينة صيدا تستحق من أبنائها الاهتمام بها أكثر بكثير مما هي عليه...
ما زالت أسماء العائلات في منطقة البوابة التحتا «حمود، دحداح، سوسي، السيد، العربي والسنيورة» تحتل مكانة من الذكريات، ولكن معظم منازلها باتت خاوية ومهملة وتحتاج إلى ترميم بعدما هاجرتها إلى منازل أخرى خارج المدينة...
«لـواء صيدا والجنوب» جال في منطقة البوابة التحتا وتفاجأ بالمباني القديمة المهملة، والبعض المتداعي، وتساءل لماذا لا تدخل إليها ورشة الإنماء والترميم؟ علماً أنها المدينة الثالثة في لبنان، وأن الكثير لا يعرفونها كما هي حال البوابة الفوقا رغم ازدحامها وأنها مقصودة من الناس...
البوابة التحتا
{ وسط السوق، تعلو ضجيج الباعة: سمك... الخضرجي... اللحام، وصوت الكندرجي يدق مسماره في الحذاء ويسمع أغاني فيروز والى جانبه يقف الزبون ليأخذ الحذاء بعد تصليحه إضافة إلى زمامير السيارات التي لا تهدأ، يقف سامي قبرصلي (موظف سابق في السنترال) وهو متأمل المنظر، ويقول: «إن مدينة صيدا كنز أثري كبير لا يجب التفريط به، وهي مثل منطقة جبيل، إنما الفرق أنه عندما تدخل إلى صيدا لا يجذبك شيئاً إن لجهة التنظيم أو النظافة أو الطرقات، ولا حتى الترميم، والسبب هو الإهمال، لا أحد يهتم بالمدينة كل واحد يريد أن تكون له فقط، ونسى أن صيدا للجميع».
ويضيف: «مدينة صيدا تحاكي البحر، فإذا نظرنا إلى جميع انحاء العالم، نرى كل المدن التي هي قريبة من البحر يتم ترميمها بشكل جميل وملفت إلا مدينتنا الحبيبة صيدا مهملة، فكيف نجذب السياح وننعش الاقتصاد؟! إذ ان مدينة صيدا لا تقل أهمية عن جزر اليونان أو غيرها ولكن هناك الدولة والقيّمين يهتمون، أما نحن نتسابق من يهيمن على المدينة».
ويتابع: «كل يوم أقوم بجولة في المدينة القديمة، وأتحسّر عليها وخاصة على الواجهة البحرية، كل أصحاب البيوت غادروا وبقى الحجر ينتظر الأحبة، فالخلاف السياسي الحاصل في المدينة يضرّها بكل شيء والملفت أن أصحاب الأبنية القديمة بعد أن غادروا صيدا القديمة إلى الضواحي لم يهتموا بترميمها؟!».
منازل وذكريات
{ وحديث قبرصلي لا يختلف كثيراً عن غيره في المكان، إذ يقول بشير الهبش (وهو معلم أدوات صحية يجلس أمام محله المقفل بانتظار زبون): «منذ الستينيات وأنا أملك هذا المحل، الله يرحم أيام زمان، فقد تغيّر كل شيء، الناس والعادات والتقاليد وحتى العمل، كان لا يهدأ ولا ينتهي، أما اليوم يوجد «عجقة» ولكن بدون فائدة، «حركة بلا بركة»، فأنا منذ الصباح جالس أمام مدخل المحل ولم أفتحه، بانتظار قوت يومي، بينما في الماضي كنت لا أجد وقتاً للجلوس دقيقة واحدة.. المهم الآن أن أحصل على ربطة خبز، بدلاً من أن أمد يدي للغير».
ويستعيد الهبش ذكرياته القديمة، فيروي «في هذا المكان كان يلتقي كل الناس، فهو تجمّع لهم، وكان مدخل المدينة البحري ومنه يتوجهون إلى بيروت.. كان جاري يبيع البزورات وقربي سوق «الكندرجية» و«القشلة» ما زالت إلى الآن، ولكنها فَقدَت رونقها، وبانتظار من يهتم بإعادة ترميمها».
نفض الغبار
{ وقرب الجامع البراني، يجلس عدنان قبرصلي داخل محله، يستقبل الزبائن وعلى وجهه ابتسامة لا تفارقة، يقول: «هنا عشت كل حياتي بفصولها، كنت ولداً حين نزلت إلى المحل مع والدي، كبرت وتزوجت وأنجبت أطفالاً، وأصبح أولادي أطباء ومهندسين وباتت كل ذكرياتي معلقة فيه، بات جزءا من حياتي ويومياتي لا يمكن أن أتخلى عنه».
وبحسرة يضيف: «لقد كان أجمل مكان في صيدا، فيه يلتقي الناس ويقصدونه لشراء احتياجاتهم، من المحل ترى القلعة والبحر، ويسرح نظرك في عظمة الخالق، بقيت القلعة والبحر أما الناس فقد تغيّرت، هنا كان «السنترال» الأساسي للمدينة.. السوق والحسبة وخان الخيل والقشلة والمحكمة الشرعية وهنا أيضا كان أحد أقدم المصورين في المدينة السوسي... ولكن للأسف رحلوا هؤلاء وبقي الحجر ذكرى ولم يعد أحد يهتم بالترميم، علما أنه إذا أعيد الترميم تعود المنطقة إلى سابق عهدها من التلاقي والجمال».
{ بينما كان نزيه حمود يتجول في أحياء صيدا القديمة، يقول: «أمضيت سنوات طويلة من عمري هنا ولي فيها ذكريات جميلة، اليوم بين الوقت والآخر، لا اشعر إلا وأن قدمي تسير بي إلى هنا لاستعيد ذكرياتي الجميلة رغم أن منزلي يقع خارج حدود المدينة القديمة، ولكن لا يستطيع الإنسان أن ينفصل عن تاريخه وذكرياته».
وهنا يقف بحسرة وألم ويضيف: «ليت كل الصيداويين يشعرون بما أشعر به تجاه مدينتي، والأمر يتطلب مبادرة فردية أو جماعية من أجل نفض الغبار وإعادة الاعتبار إلى هذا المكان، الذي يختزل ذكريات الكثير منهم وبات سوقاً شعبية متداخلة يستحق العناية والاهتمام».

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا