×

إسرائيل حاولت اغتيال ناشط أصولي في عين الحلوة

التصنيف: إصدارات مركز هلال

2010-04-13  09:17 ص  1416

 

مع كل قرار قضائي يصدر بحق أحد الجواسيس، يظهر حجم الاختراق الإسرائيلي في لبنان. والجديد أمس هو انكشاف دخول الاستخبارات الإسرائيلية على خط التوتر في مخيم عين الحلوة، عبر عملاء كُلفوا مراقبة التنظيمات الأصولية وحركة فتح
ليس جديداً القول إن الاستخبارات الإسرائيلية تملك جيشاً من العملاء في لبنان. وهؤلاء ينتشرون على مساحة الوطن. لكن الجديد في قرار اتهامي أصدره قاضي التحقيق العسكري سميح الحاج أمس، أن الاستخبارات الإسرائيلية كانت قد كلفت أحد عملائها اغتيال القيادي الأصولي المعروف في مخيم عين الحلوة، نعيم عباس. وعباس هو أحد أبرز الناشطين الذين تضعهم الأجهزة الأمنية في خانة العاملين في تنظيمي القاعدة و«فتح الإسلام». إلا أن أسباباً خارجة عن إرادة العميل أفضت إلى نجاة عباس. ويكشف القرار عن تحركات لوجستية وأعمال مراقبة نفذها العميل ذاته بتكليف من الاستخبارات الإسرائيلية بالتزامن مع تفجيرات وقعت داخل مخيم عين الحلوة، بينها الاعتداء الذي تعرض له مسجد النور في أيلول 2008.
اللافت أيضاً في الوقائع التي كشفها قرار القاضي الحاج أن الاستخبارات الإسرائيلية استمرت بإرسال ضباطها عبر الحدود الجنوبية إلى داخل الأراضي اللبنانية، في الفترة اللاحقة لصدور القرار 1701 وانتشار القوات الدولية المعززة، إضافة إلى استخدام الحدود الجنوبية لنقل عملائها إلى داخل فلسطين المحتلة، حيث يُدرَّبون ويزوَّدون بالتعليمات الأمنية ثم يُعادون إلى لبنان من المنطقة ذاتها.
القرار الذي أصدره القاضي سميح الحاج يوم أمس اتهم فيه الموقوفَين محمد عوض وروبير الكفوري بناءً على مواد تصل عقوبتها إلى الإعدام. وكان فرع المعلومات في المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي قد أوقف المتهمين في نيسان 2009.
وبحسب وقائع القرار الاتهامي، فإن روبير كفوري كان يسكن في بلدة مرجعيون، وانضم في منتصف ثمانينيات القرن الماضي إلى ميليشيا العملاء، قبل أن يترك صفوفها، طالباً من العملاء السماح له بالتردد إلى المناطق المحررة، بهدف ممارسة مهنته الأصلية، قيادة الجرافات. وقد جنده أحد العملاء للعمل لحساب الاستخبارات الإسرائيلية، فوافق مباشرة قبل أن يُوصَل بأحد ضباط الاستخبارات الإسرائيلية داخل فلسطين المحتلة. وأول مهمة كلفه إياها الضابط الإسرائيلي كانت تجنيد شخص فلسطيني. وبعدما اقترح كفوري تجنيد زميله محمد عوض، لأنه فلسطيني من مخيم عين الحلوة، وافق الضابط الإسرائيلي، طالباً منه عرض العمل التجسسي على عوض. والأخير «لم يكذّب خبراً»، إذ وافق مباشرة، موقّعاً رسالة بهذا الخصوص أوصلها كفوري إلى الضابط الإسرائيلي. وبواسطة روبير، بدأ عوض يزود الإسرائيليين بمعلومات مكتوبة عن الناشطين في المنظمات الفلسطينية داخل المخيم، إضافة إلى معطيات عن مراكز هذه المنظمات.
لاحقاً، في عام 1992، أُدخل عوض إلى فلسطين المحتلة، حيث أخضع لفحص على جهاز كشف الكذب، فاتهمه الإسرائيليون بعدم الصدق معهم وقطعوا علاقتهم به، قبل أن يفعلوا الأمر ذاته مع كفوري.
بقي الأمر على هذا المنوال حتى عام 2006. فخلال حرب تموز، اتصل أحد العملاء الفارين إلى فلسطين المحتلة، الياس كرم، بروبير كفوري هاتفياً، طالباً منه جمع أي معلومات ممكنة عن منصات الصواريخ التي تستخدمها المقاومة في منطقة مرجعيون، إضافة إلى ما يمكنه جمعه من معلومات عن تحركات المقاومين. وقد نفذ كفوري ما طلب منه. وبعد انتهاء العدوان، وفّر كرم اتصالاً مباشراً بين كفوري وأحد ضباط الاستخبارات الإسرائيلية الذي طلب منه إعادة تجنيد محمد عوض، واعداً بدفع مبالغ مالية كبيرة لهما. وافق عوض، فطلب الإسرائيليون من كفوري نقله إلى منطقة حرجية قريبة من الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة، في أوائل نيسان 2007. وفور وصولهما إلى المكان المتفق عليه، اتصل كفوري بمشغّله الإسرائيلي، فحضر شخصان مجهولان واصطحبا عوض عبر الأودية إلى داخل الأراضي الفلسطينية، حيث كانت تنتظرهم سيارات عسكرية تولت نقلهم إلى مركز للاستخبارات. التقى عوض ثلاثة أشخاص في حوزتهم خريطة لشوارع مخيم عين الحلوة ومداخله، وسئل عن مواقع المساجد والمراكز التابعة للتنظيمات الفلسطينية، وخاصة من حركة فتح والتنظيمات الإسلامية. كذلك، سئل عن عدد من قادة الحركات الإسلامية، مثل أبو محجن وأبو طارق السعدي وأبو شريف عقل وشحادة جوهر، وعدد من قادة حركة فتح، أبرزهم منير المقدح، طالبين منه مراقبة تحركاتهم. وقد دُرّب على استخدام الكومبيوتر وتشغيله بواسطة برنامج مشفر تحويه شريحة ذاكرة إلكترونية (USB)، قبل تزويده بمبلغ من المال وبمحفظة فيها مخبأ سري وخط هاتف خلوي، ثم أعيد إلى منطقة الحدود. وبعد نحو شهرين، انتقل عوض مجدداً إلى فلسطين المحتلة بالطريقة ذاتها، ليصطحبه الإسرائيليون هذه المرة إلى فندق في مدينة عكا، حيث التقى 3 ضباط إسرائيليين تحادثوا معه عن قريبه نعيم عباس. والأخير الذي لا يغادر المخيم علناً، كان قد طلب من عوض إدخال أسمدة زراعية كيميائية إلى المخيم بهدف استخدامها في تصنيع مواد متفجرة. وبعد تحديد المواد التي طلبها عباس، عرض الإسرائيليون على عوض فكرة اغتيال قريبه، واعدين إياه بمكافأة مالية كبيرة.
وبعد قبول عوض، تداول مع الضباط الإسرائيليين في الطريقة الممكنة لاغتيال عباس، فاتُّفق على زرع عبوة ناسفة بالقرب من منزله. وبعد إعادة عوض إلى لبنان، طلب منه مشغّله استطلاع المنطقة المحيطة بمنزل عباس. وبعد أيام قليلة، التقى عوض بعباس في مسجد حطين، وأبلغه أنه أحضر المواد الكيميائية التي طلبها منه، وأنه بحاجة إلى نحو أسبوع لإدخالها إلى المخيم. كان عوض ينسق خطواته مع مشغّله الإسرائيلي بدقة، فطلب منه الأخير التوجه مجدداً إلى الحدود للدخول إلى فلسطين المحتلة. وهناك، أعطى الإسرائيليون عوض صندوقاً خشبياً فيه عبوة ناسفة، واتفقوا معه على تسليم الصندوق لنعيم عباس باعتباره يحوي المواد التي طلبها، مشيرين إلى أنهم سيفجرونه بعد أن يتسلمه نعيم. وأعطى الإسرائيليون عوض هاتفاً خلوياً خاصاً لاستخدامه أثناء تنفيذ المهمة، قبل أن توصله مجموعة من الجنود إلى منطقة الحدود. بقي الصندوق في حوزة عوض الذي بقي يتقرب من نعيم عباس إلى أن حان شهر نيسان عام 2008. في ذلك الحين، بناءً على توجيهات الضابط الإسرائيلي، أدخل عوض الصندوق إلى مخيم عين الحلوة، وجهز العبوة بحسب التدريبات التي تلقاها، فيما كان الضابط الإسرائيلي يواكبه هاتفياً خطوة خطوة. وفي مسجد حطين، أدى عوض صلاة العصر إلى جانب نعيم عباس، مبلغاً إياه أن «الغرض» في حوزته، واتفق معه على تسليمه إياه قرب منزله، بعيداً عن إحدى كاميرات المراقبة المزروعة في المنطقة. وبعدما صعد عوض بسيارته، فتح مكبر الصوت في هاتفه، ليحادث على الطرف الآخر الضابط الإسرائيلي. والأخير، كان قد حذر عوض من الترجل من السيارة أثناء تسليم الصندوق لعباس، وأوعز إليه أن يطلب من عباس الاقتراب لأخذ الصندوق من نافذة السيارة. وتظهر تعليمات الضابط الإسرائيلي أنه كان لديه مصدر آخر لرؤية عملية التسليم، والأرجح أن ذلك كان يجري من خلال عميل آخر. والدليل على ذلك أن الضابط الإسرائيلي طلب من عوض فتح باب السيارة وإقفاله ثلاث مرات كعلامة على أن نعيم عباس تسلم العبوة الناسفة. لكن العملية لم تُنجَز كما أرادها الإسرائيليون، فنعيم عباس لم يتقدم لتسلم الصندوق، مصراً على أن يترجل عوض من السيارة لتسليمه إياه. وبعدما تقدم أحد رفاق عباس منه، طلب الضابط الإسرائيلي من عوض الابتعاد من المكان، والتوجه إلى مدينة صيدا والتأكد من أنه لا أحد لحق به. وبعد انتظار على الكورنيش البحري لنحو ساعة ونصف، أمر الضابط الإسرائيلي عميله بعدم الدخول مجدداً إلى مخيم عين الحلوة، وبإتلاف الجهاز الخلوي الذي استخدمه في العملية. وبعد نحو أسبوع، تسلم كفوري الصندوق من عوض، وفككه بناءً على تعليمات مشغّله، ثم صبّ الإسمنت على أجزائه ورماه في مكب للنفايات.
ويكشف القرار الاتهامي عن تكليف الإسرائيليين عوض نقلَ علب يجهل محتواها من منطقة صيدا إلى داخل مخيم عين الحلوة، وتركها في أماكن محددة له سلفاً ثم المغادرة بسرعة. ويلفت في قرار القاضي الحاج إقرار عوض بأن الإسرائيليين كلفوه مهمات مراقبة داخل مخيم عين الحلوة، بالتزامن مع حصول تفجيرات، كالذي وقع في أيلول 2008 قرب مسجد النور الذي يؤمّ المصلين فيه قائد الحركة الإسلامية المجاهدة الشيخ جمال خطاب، علماً بأن التفجيرات المماثلة كانت توضع دوماً في إطار الصراع بين حركة فتح والمنظمات الإسلامية، وتزيد من التوتر الأمني داخل المخيم.
 

حسن عليق

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا