أكبّ محققون من روسيا وبولونيا أمس على التحقق من هويات نحو 95 شخصاً قتلوا في حادث تحطم الطائرة الذي قضى فيه الرئيس البولوني ليخ كاتشينسكي وعدد من المسؤولين السياسيين والعسكريين الكبار، فيما صرح نائب رئيس الوزراء الروسي سيرغي ايفانوف بان تسجيلات الصندوقين الاسودين للرحلة تؤكد أن طاقم الطائرة تلقى تحذيراً من سوء الاحوال الجوية في مطار سمولنسك.
وقال ايفانوف ان "وضع تسجيلات الحديث (بين الطيار والمراقبين الجويين) وظروف الرحلة مرضية... تأكد ان التحذير من سوء الاحوال الجوية في مطار سيفيرنيي والتوصية بالتحول الى مطار آخر وجه فعلا وتلقاه الطاقم".
وكانت طائرة الرئيس البولوني تحطمت صباح السبت في سمولنسك على مسافة 420 كيلومتراً غرب موسكو، بعد محاولات عدة للهبوط وسط ضباب كثيف، مما أدى الى مقتل ركابها الـ96. وكان الوفد البولوني متوجهاً الى كاتين قرب سمولنسك لاحياء ذكرى 22 الف عسكري بولوني قتلوا قبل 70 سنة في نيسان 1940 على ايدي الشرطة السرية للديكتاتور الراحل جوزف ستالين.
وبدأ ذوو 95 شخصاً قتلوا في الحادث التعرف في موسكو على الجثث وغالبيتها مشوهة.
ففيما نقل جثمان الرئيس كاتشينسكي الاحد الى فرصوفيا، لا تزال جثث القتلى الآخرين، بمن فيهم زوجته ماريا، في مشرحة موسكو التي نقلت إليها من مكان الحادث قرب سمولنسك.
 ووصل نحو 120 شخصاً من ذوي القتلى الى موسكو ليل الاحد- الاثنين، وتبعهم مئة آخرون أمس.
ووصلت المجموعة الاولى من البولونيين صباحاً الى المشرحة الرقم 3 في موسكو للتعرف على جثث ذويهم.
 وقال نائب رئيس بلدية موسكو بيوتر بيريوكوف ان التعرف على الجثث سيستغرق ما بين "ثلاثة واربعة ايام" لان غالبية الجثث مشوهة.
وكان أمس يوم حداد في روسيا التي أقامت علاقات مضطربة مع بولونيا في السنوات الاخيرة. ونكست الاعلام ، وخصوصاً في العاصمة.
وزار الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف السفارة البولونية أمس ووضع باقة من الورد الاحمر أمام صورة للرئيس الراحل وزوجته، قبل أن يوقع دفتر التعازي.
ووعد رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين باجراء "تحقيق موضوعي وكامل" في الكارثة الجوية التي حصلت في روسيا. وقال في اجتماع حكومي: "من البديهي اننا سنبذل كل الجهود لضمان اجراء تحقيق موضوعي وكامل"، مؤكدا أن "كل اسباب هذه الكارثة الجوية ستكشف" وان روسيا "تشاطر البولونيين حزنهم".
الصندوقان الأسودان
وبدأ الخبراء الروس مع زملائهم البولونيين الاحد فك رموز التسجيلات في الصندوقين الاسودين في مختبر بموسكو.
واستبعدت السلطات الروسية أساساً أن تكون مشكلة فنية وراء الحادث، وافادت ان الطيارين البولونيين تجاهلوا تعليمات المراقبين الجويين الروس الذين نصحوهم بالهبوط في مطار آخر نظرا الى سوء الاحوال الجوية.
وعلم ان قائد الطائرة يدعى أركاديوتس بروتاسيوك (36 سنة) ومساعده يدعى الميجر روبرت غرتسيفنا (36 سنة). وكان في عداد طاقم قمرة القيادة أيضاً انسينيه أندريه ميشالاك (36 سنة) واللفتنانت آرثر تسيتك (31 سنة).

                                                                    فرصوفيا
وفي فرصوفيا، سادت مخاوف من أن يكون قائد الطائرة أذعن لطلب أحد ما في الطائرة بالهبوط في سمولنسك بدل التحول الى موسكو أو مينسك خوفاً من تفويت موعد الاحتفال.
 الى ذلك، صرح المدعي العام البولوني اندريي سيريميت بان العمل تواصل بحثاً عن مزيد من الجثث بين حطام الطائرة. وأبلغ الصحافيين أن الجهود تتواصل لتمكين وصول المعدات الثقيلة التي ستساعد في رفع اجزاء كبيرة من الطائرة واخراج جثث الضحايا، موضحاً أنه "أمكن العثور حتى الان على 87 جثة".
 ولئن كان مقتل قادة عسكريين وشخصيات بارزة في المعارضة يوجه ضربة شديدة الى النخبة السياسية والعسكرية، فان الحادث لن يشكل أي خطر كبير على الاستقرار السياسي والاقتصادي في بولونيا حيث تحدد الحكومة لا الرئيس السياسة العامة، وإن يكن رئيس الدولة قادرا على الاعتراض على القوانين. ومن الحكومة كان هناك ثلاثة نواب فقط للوزراء على متن الطائرة.
وتجاوزت الأسواق المالية الى حد كبير أثر الحادث، وانعكس ذلك على العملة البولونية والبورصة اللتين ظلتا مستقرتين أو حققتا ارتفاعاً طفيفاً. وتنتظر الأسواق تعيين محافظ للمصرف المركزي البولوني خلفا لسلافومير سكرزيبيك الذي قضى في الحادث أيضا.
واجتمعت اجهزة الرئاسة البولونية ورئاسة الوزراء للبحث في تنظيم مراسم تشييع كاتشينسكي الذي سيسجى جثمانه اليوم ليلقي عليه افراد الشعب النظرة الاخيرة في القصر الرئاسي.
وأورد موقع صحيفة "غازيتا فيبروتسا" ان مراسم الجنازة ستقام السبت.
وقال وزير الخارجية البولوني رادوسلاف سيكورسكي ان الرئيس الروسي يرغب في المشاركة في الجنازة من غير ان يستبعد حضور الرئيس الاميركي باراك اوباما ايضا.
 وأوضحت المديرة السابقة لمكتب الرئيس كاتشينسكي نائبة حزب القانون والعدالة اليزبييتا ياكوبياك انه "من المرجح جدا" ان تنظم مراسم التشييع على يومين السبت والاحد. وقالت انه يجري النظر في ثلاثة مواقع للدفن، هي كاتدرائية القديس يوحنا او المقبرة التاريخية في بوازكي بفرصوفيا أو حتى كاتدرائية فافل في كراكوف حيث يرقد ملوك بولونيا ورؤساؤها.