×

إتخذت من العائلات وخبرتها سراً للتميّز في صناعتها

التصنيف: إقتصاد

2014-07-09  01:35 ص  2271

 

سامر زعيتر

 

مع عودة شهر رمضان، تدبُّ الحياة في مدينة صيدا، وتعود الحركة التجارية لتنشط في مرافقها على أكثر من صعيد، فيما تنشغل محال الحلويات بإعداد ما لذّ وطاب...
تراث تحفظه العائلات الصيداوية التي تناقلته جيلاً بعد آخر، البعض أعطاها من أسمه، فيما البعض الآخر طوّر الحلويات وقام بالدمج بين أنواعها، لتبقى للحلويات الصيداوية نكهة خاصة وإن تعرّض لمنافسة أجنبية...
تعدد للأصناف والأنواع، بعضها ما كان خاصاً بالمدينة، والبعض الآخر جاء ثمرة التزاوج فيما بين الحضارات المتعاقبة، العربية منها والإفرنجية، حيث تحوّلت الحلويات الصيداوية الى العالمية...
زيادة للطلب على الحلويات خلال الشهر الكريم، لا يقتصر على أبناء المدينة والجوار بل يتعدّاه الى التصدير، كل ذلك يسهم في إعطاء الشهر الفضيل بُعداً اقتصادياً...
«لـواء صيدا والجنوب» يُسلط الضوء على صناعة الحلويات الرمضانية وما يتبعها من مشروبات في مدينة صيدا، فعاد بهذه الانطباعات...
تراث متداخل يزيد المنافسة
يحتار المرء من أين يبدأ في الحديث عن الحلويات الرمضانية، وما يرافقها من منتوجات ومشروبات، والتي يسير العمل بها على مدار الساعة لتأمين احتياجات الزبائن الذين ينتظرون دورهم للحصول على ما يريدون. أم من الحديث عن المنافسة داخل العائلة الواحدة لتتكامل أحياناً وتعود الخلافات أو المنافسة أحياناً بين عائلات اشتهرت بالحلويات، لا بل أعطتها من أسمها.
ومن أشهر العائلات الصيداوية التي أعطت للحلويات نكهة خاصة: السنيورة والسمرة، التي لا زالت صناعة صيداوية بامتياز، تُحافظ على نكهتها الخاصة، ومعها عائلات شهيرة من آل جويدي والقبلاوي والبابا والديماسي والإسكندراني.
حلويات خرجت من أزقة المدينة القديمة توالت عليها أجيال متعاقبة حوّلت الاسم إلى تاريخ متعاقب من النجاحات، ومعها اشتداد المنافسة في ظل الحفاظ على سر المصلحة، فيما التداخل بين الصناعات العربية وفي ظل وفود ضيوف من سوريا، زاد المنافسة في المدينة.
أما صناعة المشروبات الرمضانية، فهي مهنة تتكامل مع الحلويات أحياناً، أو يختص بها البعض الآخر، ولعل أشهرها التمر هندي وعرق السوس والليموناضة الشهيرة، والتي بدورها تلقى اليوم منافسة من الوافدين.
{ وعن ذلك يقول مثنى الأحمد الذي يعمل في صناعة المشروبات الرمضانية، وبيعها من خلال الطريقة التراثية: «بدأت العمل في هذه المصلحة عندما أصبحت قادراً على حمل قارورة التمر هندي النحاسية الكبيرة، وقد توارثنا هذه المصلحة عن والدي عبد الله الذي عمل بها أكثر من 30 عاماً، وقدمنا الى لبنان بعد تدهور الأحداث في سوريا، ونحن اليوم نواصل حفظ التراث والعمل في هذا المجال».
الجندولين.. تميّز في التجديد
أما التجديد فقد أعطى لـ «حلويات الجندولين» شهرتها الخاصة، وهي التي انطلقت على يد الحاج حبيب جويدي، الذي اتخذ من المعمول بحجمه الصغير بالتمر والفستق في سبعينيات القرن الماضي البادرة الأولى، ليكمل أولاده المسيرة.
وعن ذلك يقول مدير عام «حلويات الجندولين» عبد الكريم حبيب جويدي: «إن شركة جندولين للحلويات، تأسست عام 1975 في حي الوسطاني في صيدا بواسطة الحاج حبيب جويدي، وبعد ذلك توسّع بفروع جديدة بعد ابتكار الوالد أصناف جديدة من الحلويات والتركيز عليها، فحاز شهرة واسعة من خلال المعمول الصغير الحجم المحشو بالتمر والبقلاوة الصغيرة. واشتهرت «حلويات الجندولين» بهذا الإنتاج قبل أي محل آخر في لبنان أو سوريا».
ويضيف: «نعمل اليوم على مواصلة تطوير أصناف الحلويات، بعد اتساع عملنا، الذي لم يعد مقتصراً على تلبية طلبات الزبائن في لبنان، بل نقوم بتلبية حاجات الزبائن من مختلف المناطق والتصدير إلى دول عديدة. وفي رمضان يقبل الزبائن على شراء الحلويات مثل العثملية والمدلوقة، لذلك قمنا بتطوير أصناف جديدة منها ما حمل اسمنا. كما تم تطوير المدلوقة التي تصنع عجينتها بالفستق واللوز، والجزرية بالقشطة، إضافة الى حلاوة الجبن بالقشطة والكاتو بالقشطة مع الكريما، فنحن نقوم بدمج الحلويات الغربية مع العربية».
ويختم جويدي: «كل هذا يُعطي تطويراً لصناعة الحلويات ويستقطب زبائن جدد، حيث نضيف الفاكهة وعصيرها إلى الحلويات، وذلك يعطي نكهة جديدة تروي الصائم، كما طوّرنا الخدمات من خلال مطبخ متميّز في تقديم المأكولات في مطعم يحمل اسم «بيت جود» في فرع الأولي عند المدخل الشمالي لمدينة صيدا».
الإخلاص..  تنوّع وانتشار
{ أما «حلويات الإخلاص» فقد وسّعت فروعها لتشمل جميع المناطق اللبنانية وبأسعار مدروسة وفق رؤية صاحبها الحاج زهير قبلاوي.
وعن ذلك يقول مدير «حلويات الإخلاص» صهيب قبلاوي: «إن «حلويات الإخلاص» وسّعت فروعها لتشمل كافة الأراضي اللبنانية، ورغم أنها انطلقت من صيدا، لكن بسبب زيادة الطلب على منتوجاتها تم فتح فروع متعددة، إضافة الى تقديم المأكولات بأسعار مدروسة. وانتشار أصناف الحلويات هو السمة الغالبة اليوم، ففي السابق كانت كل مدينة تختص بنوع محدد من الحلويات».
ويضيف: «لقد ساهمت الدولة العثمانية في انتشار الحلويات، حيث انتقلت من بلد إلى آخر، لكن هناك تميّز في طريقة إعداد الحلويات، إضافة الى التميّز في النوعية والأسعار، وقد اشتهرت مدينة صيدا بالحلويات، وكانت في البداية تسمى التمرية، ثم أصبح أسمها الكلاج، والسنيورة هي من الحلويات الصيداوية البحتة التي انتشرت إلى كل العالم، وكانت في السابق تصنع على شكل حلق مدور، لكن لسهولة التصنيع أصبحت تُصب في قوالب، فيما الجزرية كانت تنتج في برك داخل مدينة صيدا القديمة، لكن توافر الآلات مكّن من السرعة في صناعة الحلويات».
ويختم قبلاوي: «الصائم يحتاج إلى المواد السكرية، والحلويات العربية تتميّز باحتوائها مواد طبيعية كالحليب والسمن البلدي والجوز والفستق الحلبي، وهي تعطي طاقة لجسم الإنسان، إضافة الى توفر الحلويات التي لا تحتوي على نسبة عالية من السكر للمصابين بمرض السكري أو الذين يريدون تخفيف وزنهم».
السمرة.. وسر الأصالة
ويشتد التنافس بين عائلة السمرة في صناعة الحلويات، والكل يحفظ السر الأصلي، والتي اتخذت من الجزرية والمكسرات على أنواعها مجالاً لإنتاجها.
{ وعن ذلك يقول مدير «حلويات السمرة الممتازة» خضر الغربي: «البداية لـ «حلويات السمرة» كانت منذ أكثر من 180 عاماً مع والد جدتي أبو إبراهيم السمرة، الذي كان يبيع في صيدا القديمة هذه الحلويات، إضافة إلى الملبس والمعلل، وبما أنه لم يكن لديه ذكور، علّم المصلحة لجدي الذي تزوج ابنة عمه، وقام جدي بتطوير المصلحة، لكن كونه هو الآخر لم يرزق ذكوراً، قام بتعليم المصلحة لشقيقه زهير السمرة، وعندما كبر أولاد زهير وعملوا معه، لم يرضَ البعض باستمرار قسمة الأرباح بالنصف، فاضطروا إلى الانفصال في المحال، وبما أن جدي لم يكن لديه ذكور أيضاً تشارك مع والدي من آل الغربي الذي يعد اسمه استكمالاً لخبرة محمد السمرة».
ويضيف: «تشتهر «حلويات السمرة» بإنتاج الجزرية والسمسمية والفستقية وكل ما خصّه بالمكسرات، والتي يشتد الطلب عليها في النصف من شعبان، وخصوصاً الجزرية، أما في رمضان فإن جميع المحال تهتم أيضاً بإنتاج المرطبات، ولا تزال مصلحة السمرة تتمتع بنكهة وخبرة خاصة لا تتوافر لدى محال الحلويات الأخرى، وذلك بفضل سر الخلطة، التي تتميّز حتى ضمن العائلة الواحدة، وبالتالي تنتقل من جيل لآخر، ولا يتعلمها جميع الأولاد، لأن صناعتها تحتاج إلى الرغبة من قبل القائمين بها، لذلك هي لا زالت حكراً على مدينة صيدا».
وعن سبب وضع كلمة المحل الأصلي على جميع فروع محلات السمرة المتنافسة، يقول الغربي: «نحن نترك الأمر لكل زبون ليحدد ما هو الأطيب، وبالتأكيد فإن البضاعة الأطيب لا ترتبط فقط بعمر المصلحة، لأن البعض قد يتقدم والآخر قد يتراجع، فالحلويات تتطلب إضافة الى الطعمة اللذيذة حسن المعاملة مع الزبائن، ونحن قمنا بتطوير أنواع الحلويات مواكبة لرغباتهم، فضلاً عن فتح فرع جديد، فبعد أن كان مركزنا الرئيسي في شارع الدكتور غسان حمود، أصبح فرعنا الرئيسي الذي تم افتتاحه منذ 15 عاماً على بوليفار الدكتور نزيه البزري».
حلويات اتخذت شهرة واسعة، ورغم اشتداد المنافسة لا زالت تحفظ تراثها واسم عائلات صيداوية عرفت الحلويات باسمها.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا