×

متسوّلو في صيدا: أحلام وأرقام

التصنيف: إقتصاد

2014-07-12  08:20 ص  583

 

لم ينتظر «تجمع المؤسسات الأهلية في صيدا» مؤسسات الدولة اللبنانية المتنوعة للقيام بعمل ما، لمعالجة ظاهرة التسول التي باتت تؤرق الصيداويين والمقيمين فيها، فاتُخذ قرار لتنفيذ دراسة ميدانية في مختلف شوارع المدينة والتقاطعات والساحات، والاماكن التي تتنامى وتتكاثر فيها ظاهرة التسول.
قام في المرحلة الاولى 30 متطوعاً من تجمع المؤسسات بجولات ميدانية واستطلاعية وتنفيذية ومباشرة على أرض الواقع، شملت 55 متسولاً من عمر الخامسة وحتى الستين سنة، ومن الجنسين، حول ظاهرة التسول. وفي المرحلة الثانية قام فريق من 20 متطوعا بلقاء 26 متسولاً في الأماكن نفسها، التي التقاهم فيها في المرحلة الأولى. وفي المرحلة الثالثة، وعلى مدى أيام، نفذ المتطوعون أعمال المراقبة، التي شملت 10 متسولين، لمعرفة ما إذا كان هناك وجود لأشخاص جدد في المكان نفسه، ولاستكمال النقص بالمعلومات سواء البيانات الشخصية أم الصور أم مقاطع الفيديو. المراحل الثلاث وجولاتها الميدانية، تمت وفق الأصول المرعية، وبالتنسيق مع قوى الامن الداخلي وبلدية صيدا.
وبعد التدقيق في البيانات وفرز المعلومات وتتطابقها مع ما ورد في الاستمارات المعدة للغرض، أظهرت نتائج الدراسة أن غالبية المتسولين هم من السوريين بنسبة 60%، يليهم اللبنانيون بنسبة 29%، وهم من اللبنانيين المجنسين حديثاً ومكتومي القيد بنسبة 6%، ثم الفلسطينيين بنسبة 5% .
واظهرت نتائج الدراسة ان الفئة العمرية الاكبر من المتسولين، كانت بين 12 و15 سنة. كما تشير معطيات فريق العمل الى وجود «مشغل» او «راعي» لحالات عدة، يقوم بمهمة «المعلم» عليهم، ويتولى نقلهم وتوزيعهم ومراقبتهم من بعيد ومن ثم جمعهم.
وخرجت الدراسة إلى أن حل تلك الظاهرة ليس بالشق الأمني فقط، بل بضرورة إشراك الدولة وهيئات الجتمع الاهلي والمؤسسات المدنية المحلية والإقليمية المعنية، ووكالة «الأونروا»، بالتحضير لبرنامج الوقاية والعلاج، والتنسيق مع جميع من يعنيهم الأمر من الفلسطينيين واللبنانيين والسوريين وفلسطينيي سوريا. وركزت نتائج الدراسة على ضرورة اشراك المؤسسات السياسية، الاجتماعية، الاقتصادية، الروحية والأمنية في دعم الحل الاجتماعي للظاهرة، حيث تتوفر في صيدا مؤسسات ومراكز هامة لاستقبال هذه الحالات الإنسانية المهمة.
وشملت الدراسة الشوارع الآتية في صيدا: تقاطع الاشارات الضوئية (المعروفة بمحلة ايليا) على بوليفار الدكتور نزيه البزري، محيط مركز «سبينس» التجاري على بوليفار الرئيس عادل عسيران، سوق صيدا التجاري، والمساجد، وشارع الحاج حافظ.
في جولات المرحلة الثالثة، لاحظ فريق العمل وجود تناقض وغموض في البيانات التي يُعطيها المتسولون، ووجود أشخاص جدد، معظمهم أطفال تتراوح أعمارهم بين 6 و11 عاماً، وأبدوا تجاوبا وارتياحا لوجود شخص يسمعهم. في المقابل، رفضت نحو 14 امرأة متسولة، بشكل عدائي، إعطاء أي معلومة. ولاحظت الدراسة تواجد الأطفال المتسولين في منتصف الليل في محلة إيليا عند تقاطع الاشارات الضوئية.
«بحب صير حلاق»
في بعض عينات الدراسة الاستقصائية، ورد في البيانات ان أحدهم بدأ في التسول منذ سنة تقريباً، والده يعمل في مجال البناء، وهو ترك الدراسة والتحق بالتسول. كان يتعلّم في مدرسة معروف سعد وتوقف عن دراسته بعد وصوله الى الصف الثالث. عندما سألوه عن المهنة التي يتمنى تعلمها وممارستها، قال: «بحب صير حلاق».
في عينة أخرى، شوهد فتى في السادسة من عمره يتسول ويقوم بأخذ المال من المصلين. توجه فريق المتطوعين إلى باب المصلى، حيث كانت أم الفتى تتمركز هناك منتظرة انتهاء الصلاة للقيام بعملية التسول. تبين أن الأم تطلب من الطفل الذهاب الى هذا الرجل أو ذاك لطلب المال. وفي الحديث معها، أفادت بان ابنها لم يدخل المدرسة، وبأنها ستكون سعيدة ان استطاع دخول المدرسة، فـ«الحياة المعيشية صعبة وأنا أم لسبعة أولاد ولا يوجد من يعيلنا». تقول الأم إنها ترغب في تعلم حرفة تساعدها في تأمين لقمة العيش: «اذا بتعلموني الخياطة، ما بوقف متل ما أنا هلق واقفة».
وفي جانب آخر من الدراسة، تضاربت معلومات قدمتها فتاة لفريق المتطوعين في المرحلة الأولى، وعرّفت عن نفسها باسم آخر لفريق المرحلة الثانية. ادعت ان عمرها 13 سنة وأن والدها مريض وأمها تتسول ولديها 3 إخوة، وبدأت بالتسول منذ سنتين، ووالدها لا يقبل أن تتعلم. في المرحلة الثانية، بدلت اسمها وقالت إن لديها 4 إخوة، ووالدها لا يعمل، وأنها بدأت بالتسول منذ 6 سنوات، تريد أن تبدأ بالدراسة وتحلم أن تصبح دكتورة، وطلبت المساعدة من الجمعيات.
وفي حالة اخرى، اشارت متسولة الى انها متزوجة وزوجها يحارب في سوريا، ولديها طفل، بدأت التسول منذ سنة ونصف بعد حرب سوريا. وعندما سُئلت من فريق العمل إذا أرادت أن تخضع للتدريب المهني وافقت وتحمّست، وهي تفضّل أن تعمل في صالون نسائي أو أعمال منزلية. ولاحظ فريق العمل ان وجهها يدل على حزن شديد.
الخلاصة التي توصل إليها المتطوعون، في الدراسة التي استهدفت 91 متسولاً، أفضت إلى أن نسبة 70% من المتسولين كانوا من من الذكور، و66% منهم كانوا تحت سن 18، وجميعهم من دون مدارس. 56% منهم أبدوا استعدادا تاما للمشاركة في برنامج التدريب المهني، و33% أبدوا ترددهم بسبب عاملي الخوف والاقتصاد، لأن التسول المصدر الأساس لدخل عائلاتهم ، أما 11% فرفضوا الفكرة.
وفي المقترحات التي وضعتها نتائج الدراسة البحثية الاجتماعية: فرص عمل لا تتعارض ومصالح المواطنين، تأمين مأوى يضمن «كرامة الاشخاص»، توزيع حصص غذائية، توعية في ترشيد استهلاك المياه، توعية للنظافة الشخصية.
وحمل وفد من تجمع مؤسسات المجتمع المدني والأهلي في مدينة صيدا الدراسة ونتائجها، ووضع خطة لمكافحة ظاهرة التسول، وعقد لقاء مع مفتي صيدا وأقضيتها الشيخ سليم سوسان، ثم قائد منطقة الجنوب في قوى الأمن الداخلي العميد سمير شحادة، ورئيس بلدية صيدا محمد السعودي، وفعاليات المدينة ووزارة الشؤون الاجتماعية. وتم تحديد الحاجيات ووضع خطة العمل المبدئية لمكافحة هذه الظاهرة.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا