لليوم الرابع توالياً، خلت أكثر أجواء أوروبا من الطائرات، مع استمرار معاناة حركة النقل الجوي شللاً هو الاسوأ في تاريخها، بسبب سحابة الرماد البركاني التي انطلقت من ايسلندا وتسببت باقفال المجالات الجوية لنحو 30 بلداً اوروبياً. وتلقى المسافرون العالقون في المطارات بعيداً من ذويهم وأعمالهم اشارات متفاوتة أمس، فعلى رغم تفاؤلهم بنهاية قريبة لمحنتهم مع تسيير هولندا وألمانيا وفرنسا رحلات تجريبية بلا ركاب انتهت بنجاح، عاد قرار الخطوط الجوية البريطانية "بريتيش آيروايز"  والايرلندية "آير لينغوس" والاسكندينافية "ساس"، الغاء رحلاتها اليوم أيضاً، ليثير الشكوك مجدداً. ومساء، أعلن الاتحاد الاوروبي أن الملاحة الجوية قد تعود الى طبيعتها بنسبة 50 في المئة اليوم، اذا أثبتت الارصاد الجوية أن الاجواء باتت نظيفة من الرماد البركاني.
وازداد الوضع سوءا أمس، وتراجع عدد الرحلات في المجال الجوي الاوروبي الى أربعة آلاف، في مقابل 24 الف رحلة عادة، بعد الغاء نحو 63 الف رحلة منذ الخميس، بسبب غمامة الرماد، استناداً الى منظمة "أوروكونترول" الاوروبية.
وقالت شركة الخطوط الجوية الهولندية "كي أل أم" إنها سيرت السبت والاحد أربع رحلات تجريبية عبر ما وصفته بأنه فجوة في طبقة الغبار الميكروسكوبي فوق هولندا وألمانيا، كشفت عدم حصول تلفيات للمحرك أو مشاكل أخرى من الرماد البركاني. واشارت الى أنها ستنظم رحلات تجريبية أخرى.
كذلك، أعلنت شركات الخطوط الجوية الالمانية "لوفتهانزا" والنمسوية "أوستريان آيرلاينز" والفرنسية "آير فرانس" تسييرها رحلات تجريبية لم تعان أي خلل، وإن تكن كلها حلقت تحت الارتفاع الذي تكثف فيه الرماد.
وصرحت ناطقة باسم "كي أل أم"، في إشارة إلى الرحلة التجريبية: "لم نجد أي شيء غير معتاد أو اضطرابات، مما يشير إلى أن الغلاف الجوي نظيف وآمن للطيران".
كذلك، قالت "آير برلين"، ثانية كبرى شركات الطيران الالمانية إنها قامت أيضا برحلات تجريبية.
ومع مرور أربعة أيام على الاضطرابات، ارتفعت شكاوى شركات الطيران.
وقال الرئيس التنفيذي لـ"آير برلين" يواكيم هونولد: "نحن مذهولون لأن نتائج الرحلات التجريبية التي أجرتها لوفتهانزا وآير برلين لم يكن لها أي أثر على صنع القرار لدى سلطات سلامة الطيران... حصل الاقفال الجوي بناء على مجرد بيانات محاكاة لكومبيوتر في المركز الاستشاري للرماد البركاني في لندن".
وقال وزير النقل البريطاني أندرو أدونيس إن وزراء النقل الاوروبيين سيدرسون نتائج الرحلات التجريبية اليوم، وسيقررون إمكان إعادة فتح المجال الجوي الأوروبي.

في غضون ذلك، تلتزم الشركات على نحو صارم قيوداً فرضت على الرحلات الجوية في أكثر مناطق أوروبا، مما يمثل مشكلة متفاقمة للشركات، بما في ذلك شركات الطيران التي يقدر أنها تخسر نحو 200 مليون دولار يوميا.
واقفلت دول كثيرة مجالاتها الجوية حتى وقت متأخر من أمس أو اليوم، مما قطع السبل بعشرات الآلاف من الركاب، في ارباك هو الاسوأ يشهده النقل الجوي منذ هجمات 11 أيلول 2001 في نيويورك وواشنطن عندما اقفل المجال الجوي الأميركي ثلاثة أيام واضطرت شركات الطيران الأوروبية الى وقف كل الخدمات إلى الولايات المتحدة.
واضطرت هذه السحابة عدداً من زعماء العالم الى تعديل خططهم  للسفر.
 فقد ألغى كل من الرئيسين الأميركي باراك أوباما والفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وآخرين رحلاتهم إلى بولونيا، لحضور جنازة الرئيس البولوني ليخ كاتشينسكي.   
وكانت بريطانيا وألمانيا وهولندا من الدول التي أعلنت اقفال مجالاتها الجوية طوال يوم السبت وأمس، وقد مددت الأحد هذه الاجراءات الى اليوم. واقفلت  فرنسا آخر مطاراتها بدءا من الساعة 12:00 بتوقيت غرينيتش حتى صباح اليوم على الاقل.
واعلنت سلطات الملاحة الجوية التركية أمس ان سحب الدخان البركانية وصلت أمس الى تركيا، مشيرة الى اقفال المجال الجوي في ثلاث محافظات على البحر الاسود بشمال البلاد، هي زونغولداك وسينوب وسمسون، موضحة أن القرار سارٍ بين الساعة 13:30 بتوقيت غرينيتش والتاسعة بتوقيت غرينيتش.
وأفادت المنظمة الاوروبية المعنية بمراقبة الطيران ان اربعة آلاف رحلة سيّرت أمس، مقارنة برحلات السبت التي بلغت 4886 رحلة. وقالت إن خدمات المراقبة الجوية متوقفة في معظم المناطق في المجال الجوي الاوروبي، لكن هناك رحلات تجري في جنوب أوروبا، بما في ذلك اجزاء من اسبانيا والبرتغال ودول جنوب البلقان وجنوب ايطاليا وبلغاريا واليونان وتركيا.
وامتدت الاضطرابات إلى آسيا، إذ ألغيت عشرات الرحلات الجوية المتجهة إلى أوروبا، كما تعرضت الفنادق من بيجينغ إلى سنغافورة لضغط شديد لاستيعاب الركاب الذين تقطعت بهم السبل.
وازاء هذا الوضع، يسعى ملايين من المسافرين الى بلوغ وجهاتهم بوسائل النقل البري او البحري.
ووضعت شركة "أورو ستار" مزيداً من القطارات في الخدمة منذ الخميس، وهي تقدر عدد المسافرين الاضافيين على متن قطاراتها منذ الخميس حتى الاحد بأكثر من 50 الفاً.
كذلك، اعلنت شركة الحافلات "أورو لاينز يو. كي." أمس وضع نحو 100 حافلة اضافية في الخدمة لتصل بريطانيا بباقي الدول الاوروبية، كما حذت شركات فرنسية وألمانية حذوها.
وتلقت شركة "بي. أند أو." التي تسير رحلات على متن عبارات 40 الف طلب الجمعة.

في غضون ذلك، قال خبراء في الأرصاد الجوية إن الحال الراهنة للرياح تعني أنه من المستبعد أن تنتقل السحابة الى مكان أبعد لاحقاً.
وقالت هيئة "أكيو ويذر" للأرصاد الجوية، ومقرها الولايات المتحدة، إن الرماد موجود في منطقة تتسم بضعف تدفق الرياح، ومن المستبعد أن ينتقل الى مكان أبعد اليوم، مضيفة: "من المتوقع أن تصير السحابة أكثر تركيزاً يومي الثلثاء والأربعاء، مما يمثل خطرا ًأكبر على السفر الجوي. ولكن من المتوقع أيضاً أن يتقلص نطاقها مما سيؤثر على مساحة أقل".
ولا يبدو ان بركان أيافيول سيهدأ قريباً، فقد نبه خبراء الى امكان ان يستغرق الامر اسابيع.
وفي دبي، اعلنت شركتا طيران "الامارات" و"الاتحاد" الاماراتيتان ان اكثر من ثمانية آلاف راكب ترانزيت عالقون في دبي وأبو ظبي بسبب الغاء الرحلات الى اوروبا نتيجة لغيمة الرماد التي انطلقت من البركان الايسلندي