×

الدراجات النارية... بين الحاجة والفوضى ( فيديو مثير ضمن الخبر )

التصنيف: المرأة

2014-08-18  12:48 م  1127

 

نهلا ناصر الدين / البلد

لطالما ارتبطت قيادة الدراجة النارية بالمغامرة والشباب والسرعة، وتُعتبر الدرّاجة الناريّة أو "الموتو" من أسرع وسائل التنَّقل وأسهلها. وهي وسيلة نقل مرغوبة من فئات المجتمع كلِّها دون تمييز، ولا تعترف بتعقيدات العمر ولا بالفوارق الاجتماعيّة، وتزداد أعدادها بسرعة قياسيّة يوماً بعد يوم، حتى أصبحت أكثر من أن تُعد أو تُحصى، وباتت ظاهرة تسترعي الانتباه في الشوارع اللبنانية.
تشكّل الأزمة الاقتصادية الضاغطة التي يعيشها لبنان، من بطالة ومعاشات متدنّية، وارتفاع أسعار المحروقات كل فترة، وزحمة السير الخانقة التي يعلق بها اللبنانيون لعدّة ساعات يومياً. بالإضافة إلى اعتماد المؤسسات والمطاعم والصيدليات وغيرها، على الدراجة النارية كوسيلة نقل أساسية لإيصال الطلبات "دليفري"، من الأسباب الرئيسية لتكاثر عدد الدراجات النارية بهذه الصورة اللافتة.

إيجابات

يفسّر فضل عيتاني، لـ"البلد" أسباب تفضيله للدراجة النارية على السيارة، بقوله "الدراجة النارية توفر البنزين، وتوفّر الوقت، فيمكنني الهروب من زحمات السير بكل سهولة، ويمكنني أن أركنها في أي مكان بغض النظر إن كان هناك موقف خاص في المكان الذاهب إليه أم لا".

إقبال مختلف

ويؤكّد إيهاب صعب، صاحب أحد المحال التجارية المخصّصة لبيع الدراجات النارية، بدوره، بأن الإقبال على شراء الدراجات النارية يفوق الإقبال على شراء السيارات، لأنها تناسب اللبناني من كلّ النواحي، ماديّاً ومعنوياً. والدليل أن معظمهم يأتي بسيارته ليشتري دراجة نارية ليستغني من بعدها عن السيارة إلا في الطرقات الطويلة. مشيراً إلى أن الإقبال على شرائها لا يقتصر على فئات عمرية محددة، فيمكن أن نرى رجلاً يفوق عمره الأربعين سنة يقود دراجة نارية فهي أصبحت ضرورية في لبنان وليست مجرّد هواية شبابية. ويشير صعب إلى إقبال الفتيات بشكلٍ لافت على شراء الدراجات النارية.

بنات الموتو

ومن هنا يمكننا الإضاءة على نظرة المجتمع السلبية للفتاة التي تقود الدراجة، فيرى المجتمع اللبناني الذي لم يتحرّر من قيد ذكوريته بعد في الفتاة التي تقود دراجة نارية حالة شاذّة ومُستهجنة للفت النظر وليس أكثر، في الوقت الذي ترى بعض الفتيات في الدرّاجة النارية حاجةً مُلحّة في الحياة اليومية، بغض النظر عن عن كونها هواية مسلية لمحبّي المغامرة والسرعة.

تحكي منى الخطيب لـ"البلد" قصّتها مع "الموتو" التي بدأت منذ خمس سنوات تقريباً، حتى بات يُعتبر جزءاً لا يتجزّأ من حياتها اليومية. تقول منى "أنا أقود الدراجة النارية منذ العام الـ2009، فهو قبل أن يكون هواية ورياضة ممتعة في الأماكن المخصصّة طبعاً لممارسة هذا النوع من الهوايات، هو ضرورة تفرض نفسها عليك في بلد العجقة، وبلد الغلاء. يوفر الوقت ويوفر الأموال بشكلٍ ملحوظ، مشوار اللي بدو ساعتين بالسيارة بياخد ربع ساعة بالموتو، ومصروفه في البنزين خياليّ نسبةً لمصروف السيارة".

أمّا عن نظرة المجتمع لمنى، فتشير منى إلى أنها تعرّضت لمواقف كثيرة وتعابير سلبية فيما يخص هذا الموضوع، مثل "عيب وحرام ومسترجلة" إلا أنها لا تتأثر ولا تأبه بانتقاداتهم طالما هي مرتاحة في قيادة الدراجة النارية معنوياً ومادياً ومن جميع النواحي.

سلبيات

ولكن بالانتقال إلى السلبيات، أو إلى الإهمال الذي يحوّل إيجابيات الأشياء إلى سلبيات وربّما إلى كوارث في بعض الأحيان. تشكّل حوادث الطرق والإصابات الناتجة عن "الدراجات النارية" هاجساً مُقلقاً، وتلقي بثقلها على المجتمع باعتبارها متّصلة بإحدى الوسائل اليوميّة في النقل والتنقل والتي لم يعد بالإمكان الاستغناء عنها في الحياة المعاصرة.
فتشير إحصائيات "اليازا" العلمية إلى أن الدراجات النارية تسبّب إصابات تبلغ 35 ضعفاً، عمّا تسببه السيارات، وراكبو الدراجة النارية الذين لا يستعملون الخوذات الواقية معرّضون لكسور في الرأس بنسبة 4 مرات أكثر من الذين يستعملونها، ولو لبسوا الخوذة الواقية لانخفضت إصابات الدماغ في الحوادث بنسبة 88%.

ولا ننسى بأن هناك قلّة قليلة من الدراجين تلتزم قوانين السير وتعليماته، سواء لجهة احترام الإشارات الضوئية أم التزام إشارات السير عموماً أم السرعة المحددة ، كذلك فان معظم سائقي الدراجات النارية لا يتورّعون عن السير عكس الاتجاه المحدد، ويستعملون أجهزة اتصال أثناء قيادتهم كما يقومون بنقل ركاب وأمتعة تعجز سيارة صغيرة عن نقلها.
وفي هذا الصدد، أظهرت دراسة قامت بها مؤسسة الأبحاث العلمية ان 23% فقط من سائقي الدراجات النارية في لبنان يستعملون الخوذة الواقية ومن المعلوم ان استعمال الخوذة الواقية ينقذ حياة 75% من ضحايا حوادث الدراجات النارية.

حالة خطرة

يؤكّد كامل ابراهيم، أمين سر جمعية "اليازا"، لـ"صدى البلد" بأنهم كجمعية مختصّة بالسلامة المرورية يشجّعون ركوب الدراجة النارية لأنها تقلل من زحمات السير الخانقة، وأقل ضرراً على البيئة. ولكنه يشدّد على أنها في لبنان تشكّل حالة سلبية أكثر منها إيجابية، وتشكّل خطراً على حياة الكثير من الناس، لأنها غير منظمة، أو بالأحرى لا توجد فئة رسمية مخصصة لتنظيمها.

ويتابع ابراهيم "مصطلح السلامة المرورية أو تنظيم قطاع السير غائب في لبنان كليّاً، وهو ليس في أولويات الدولة اللبنانية، فالأولوية للوضع الأمني والاقتصادي. في الوقت الذي تتفشّى فيه الفوضى بشكلٍ ملحوظ ويموت الناس في الطرقات في ظلّ ضياع قانون السير بين قديم وجديد، وتطبيق ولا تطبيق".

إهمال رسمي

وينجرّ الإهمال الرسمي على المجتمع ليولّد حالة من الانفلات والفوضى، فمن منا لم يتفاجأ بدراجة نارية في اللحظة الأخيرة تسدّ طريقه فجأة، ومن منّا لم يسمع بحادثة نشل للهاتف المحمول أو لحقيبة اليد بواسطة دراجة نارية مرّت بسرعة الريح من جنبه. وليست حوادث النشل والحوادث الفجائية وحدها تثير النقمة في نفوس المواطنين من راكبي الدراجات النارية، فهناك أيضاً بعض الشباب الذين يستخدمون درّاجاتهم للتباهي بالقيام بعمليات بهلوانيّة بين السيارات وفي الشوارع الآهلة بالسكان ليلاً نهاراً.

يؤكّد ألبير عكّاوي، أحد سكان الحازمية لـ"البلد" بأن عصابة من الشباب اللبناني يرتدي افرادها شعارات دينية تنتمي لأحزاب معيّنة، يقومون بأعمال بهلوانية على دراجات نارية لا تحمل لوحات كل يوم أحد على أوتوستراد بيروت صيدا، وأوتوستراد جونيه جبيل. ويروي ألبير قصّة أحد أقاربه الذي "تعرّض لحادثة ضرب بالسكين من قبل هؤلاء الزعران الذين قطعوا عليه الطريق الأحد الماضي على اوتوستراد طبرجا وهو الآن موجود في مستشفى (سان لويس) في جونيه". مطالباً عبر "البلد" الجهات المعنية والقوى الأمنية التي تغض النظر عن تصرفات هؤلاء لدواعٍ سياسية، بأن تأخذ دورها في حماية المواطنين من مواكب الموت المتحركة التي تهدد حياتهم في أيّ لحظة.

إذاً، لا إيجابيات في بلد الإهمال واللامبالاة، وحدها الفوضى تبقى سيدّة المواقف في الشوارع اللبنانية، وبهكذا تتحوّل الدرّاجة النارية من حاجة ملحّة إلى مصدر إزعاج وتهديد يومي غالباً ما ينتهي بكارثة.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا