محمد صالح / السفير

أما وقد انتهى السجال «الصيداوي» حول جبل نفايات صيدا الذي بات من الماضي بغض النظر عن موقف كل طرف من الطريقة والآليات التي اعتمدت لازالته وما اذا كانت وفق الاصول البيئية المعتمدة ام لا، فقد انتقل النقاش سريعا في المدينة الى مكان مختلف كليا، الى نقيض الساجالات السابقة، حيث اجمعت كل اطياف صيدا وقواها وفئاتها على ضرورة الاسراع في انشاء الحديقة العامة في نفس مكان وموقع الجبل اضافة الى مطالبة الدولة اللبنانية والوزارات المعنية بضرورة ضم المساحات العقارية المقدرة بـ 550 ألف متر مربع جنوب المدينة والتي نتجت من ردم نفايات الجبل بعد استحداث الحاجز البحري «سنسول» الى املاك بلدية صيدا وهي تمتد من معمل معالجة وفرز النفايات في محلة سينيق وصولا الى موقع انشاء المرفأ التجاري ومرفأ اليخوت مقابل مبنى ثانوية مقاصد صيدا.
رئيس بلدية صيدا المهندس محمد السعودي يكشف عبر «السفير» ان اولى خطوات انشاء الحديقة العامة لصيدا قد بدأت بازالة المكب الجبل ومعالجته وذلك من خلال انشاء الحاجز البحري الذي اوقف انتشار النفايات التي كانت تهوي في البحر على شكل «كتل» وتنتشر من بحر صيدا على امتداد الشاطئ وكانت تصل الى قبرص وغيرها من مدن على البحر المتوسط.
ويشير السعودي الى ان جبل نفايات صيدا كان ارتفاعه 58 مترا عن سطح البحر والآن أصبح مكانه في موقع «الجبل» مطمرا صحيا مساحته 65 الف متر مربع وبات ارتفاعه اليوم من جهة الطريق المؤدية الى سينيق 8 امتار ومن جهة البحر نحو 12 مترا.
السعودي لفت الى ان هذه المساحة ستبقى مقفلة لمدة 7 سنوات بعد ان غلفت ارضها وعزلت بـ«حصيرة من المطاط» مع الجوانب وكذلك من السطح، وتم فردها على شكل طبقات بعد فرز نفايات الجبل وفرزها عن التراب. وتكونت طبقات من رمل ونفايات وتم نشر الحصى الصغير في آخر طبقة على سطح هذه المساحة. ومن ثم سيتم فرش المسطح بنوع من الحشيش او العشب «غازون» الأخضر الصناعي. أما من الجوانب، فسيتم زرع عشب «غازون» طبيعي وانشاء سور حولها لأنها ستبقى مقفلة تماما كل مدة الـ7 سنوات. يضاف الى ذلك فان هذه المساحة زودت بشبكة من «المواسير» مخصصة لسحب «الغاز» من جوف هذه المساحة الى سطحها عبر 3 مضخات من خلال 3 غرف للتحكم بسحب هذا الغاز الذي سيتوالد وينبعت مما تبقى من نفايات المطمر لحين اضمحلالها وذلك حتى لا يحصل تسرب غاز عشوائي.

الحديقة العامة

يتابع السعودي «جنوب هذا المطمر الصحي، خصص موقع إنشاء الحديقة العامة على مساحة 35 الف متر مربع وستكون مرتفعة ثم تنحدر تدريجا بارتفاعات متدرجة حتى يكون البحر مشكوفا تماما امام اي زائر من روادها. وسيقام على قسم منها مسرح او مدرج شبيه باي مدرج روماني لإقامة النشاطات الثقافية والمهرجانات. وسيتم زرع الحديقة بالعشب الاخضر، «غازون» طبيعي، كمساحات خضراء وغرسها بـ 10452 من الشتول تصل انواعها الى 44 نوعا، و286 شجرة، بعضها معمّر، يعود لنحو 200 سنة وشجر من النوع النادر وشجرة ضخمة جدا ووارفة الظلال. يضاف الى ذلك شبكة ري وخدمات صحية وكافتيريا وخلاف ذلك من الانشاءات والتجهيزات والمرافق العامة المتعلقة بالحدائق العامة.

على نفقة المتعهد

ويؤكد السعودي لـ«السفير» ان هذه الحديقة ستنجز خلال سنة من هذا التاريخ وتتم الآن الاجرءات اللوجستية لانشائها وقد بوشر باستقدام الاشجار والغرسات التي ستزود بها. وان زائرها سيتمكن من مشاهدة البحر والجبل والهضبة الخضراء (المطمر الصحي 65 ألف م2)، والتي سيتم ضمها بعد تلك السنوات إلى الحديقة العامة الحالية (35 ألف م2)، لتصبح مساحتها الإجمالية 100 ألف متر مربع.
ويشدد السعودي على «ان انشاء هذه الحديقة سيتم على نفقة المتعهد لانها من ضمن عقد ازالة جبل النفايات الاساسي ولا يوجد اي عبء مالي اضافي لا على البلدية ولا على أي جهة أخرى بالمطلق».
ويعلن السعودي ان المساحة المتبقية من كامل الارض (وهي الـ 550 الف متر مربع) اي الـ 450 الف متر مربع بعد اقتطاع مساحة المطمر الصحي والحديقة العامة سوف يتم ردمها لاحقا ولكن ليس على نفقة المتعهد لان ليس لها علاقة بالعقد الأساسي المبرم.

محطة معالجة مياه الصرف

ويشير السعودي الى ان بلدية صيدا وجهت رسالة الى مجلس الوزراء لردم هذه المساحة اي البركة من مخلفات عدوان تموز 2006 الموجودة في الجية. وان البلدية وجهت رسالة الى وزير الاشغال لتسجيل كامل هذه المساحة (550,000 متر مربع) باسم بلدية صيدا كونها تابعة للاملاك البحرية ووزارة الاشغال وذلك من اجل استخدامها بمشاريع انمائية حيوية وبيئية تعود بالفائدة على عموم اهالي صيدا.
ومن بين هذه المشاريع الانمائية البيئية اقامة محطة لمعالجة مياه المجاري والمياه الآسنة وتنقيتها لتصبح صالحة للري تخدم 63 قرية اضافة الى صيدا وذلك على مساحة 100,000 الف متر مربع.

نقل الدباغات

ويشير السعودي الى ان صيدا اليوم وبعد ازالة جبل النفايات ما زالت تواجه مشكلة بيئية تتعلق بموضوع نقل الدباغات المعدة لصناعة وتجارة الجلود من مكانها الحالي جنوب صيدا قرب المطمر الصحي والحديقة العامة الى جانب محطة معالجة مياه المجاري والمياه الآسنة على مساحة تقدر بـ 10,000 متر مربع من المساحة المردومة ونحن نعد حاليا بالتعاون مع وزارة البيئية تصميما لانشائها في الموقع الجديد.
ويشدد السعودي على ان المهم تسجيل ملكية هذه الارض باسم البلدية معربا عن اعتقاده ان لا عقبات اساسية تحول دون تسجيلها خصوصا ان ثمة توافقا سياسيا وانمائيا وبيئيا في المدينة من كل الاطراف على هذه المسألة الحيوية ولان أهالي صيدا يستحقونها بعد معاناة طويلة وتحملهم وصبرهم على كارثة جبل النفايات البيئية، التي دامت أكثر من 40 عاما كمكافأة لهم على تحمل كل تلك المعاناة.

مطالبة بمنح الأرض للبلدية

يذكر ان الأمين العام للتنظيم الشعبي الناصري الدكتور أسامة سعد كان قد اجرى اتصالا بالوزير غازي زعيتر تمنى عليه منح مساحة هذه الأرض لبلدية صيدا «نظراً لما عانته وتعانيه المدينة من موضوع النفايات على ان تستفيد منها صيدا لاحقاً بمشاريع تعزز أوضاع المدينة». كما قام وفد مشترك من التنظيم الشعبي الناصري واللقاء الوطني الديموقراطي في صيدا بزيارة الوزير زعيتر في مبنى الوزارة. وعرض هذا الموضوع مطالبا بتسجيلها باسم البلدية وقد نقل الوفد عن الوزير زعيتر تفهمه البالغ لهذه الجهة، وعبر عن اهتمام وتعاطف مع هذه الرغبة عبر التقدم بطلب من خلال فعاليات المدينة أو بواسطة البلدية.
يذكر انه جاء في الكتاب الرسمي الذي كانت وجهته بلدية صيدا الى وزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر قد طلبت فيه استصدار مرسوم يتيح للبلدية إشغال الأرض الناجمة عن ردم الحاجز البحري المحيط بمنطقة جبل النفايات بأعمال ذات منفعة عامة.
وجاء في الكتاب الذي أرفقته البلدية بخريطة للموقع: «يعتبر إنجاز الحاجز البحري جنوب مدينة صيدا وتحديداً في الجهة الغربية مقابلاً لجبل النفايات سابقاً، ركناً أساسياً من خطة التخلص نهائياً من جبل النفايات وذلك بهدف الحماية من الانهيارات التي كانت تحصل وتلوث البحر. وأيضاً إيجاد مساحات لإنشاء مطمر صحي وحديقة عامة. وقد توفرت مساحات إضافية تقدر بـ550 ألف متر مربع. نتمنى من معاليكم التكرم واستصدار مرسوم خاص يجيز لبلدية صيدا إشغال مساحة الأرض المنوه عنها في الخريطة المرفقة للقيام بأعمال ذات منفعة عامة تساهم في تنمية مدينة صيدا ولا تتعارض مع المخطط التوجيهي العام للمدينة».