×

«فرن ياسين للمناقيش» في حارة صيدا.. الحطب سر التلاقي

التصنيف: إقتصاد

2014-10-22  07:33 ص  1129

 

سامر زعيتر

فرن ياسين في حارة صيدا يحفظ تراث الحطب والتواصل مع الجوار
يذكّرك بزمن جميل، يوم كان الجار للجار وإن جار، يحفظ تراثاً تربّى عليه الصالحون على مرِّ الزمان، وإن تغيّرت الظروف والمعطيات، لكن يتحوّل الإصرار الى أصالة تتجذر مع مرِّ الزمان...
يستقبل العاملون في «فرن ياسين للمناقيش» في حارة صيدا الزبائن بإبتسامتهم المعهودة، ينتظرون دورهم للحصول على المناقيش التي لا زالت تحفظ تراث الأجيال وأفران الحطب، وإن قلّ نظيرها في لبنان بعد شيوع استخدام الغاز والمازوت، لكن الحفاظ على اللقمة الطيبة يستدعي الحفاظ على هذا التراث...
أما الأسعار فهي الأخرى لا زالت على حالها، رغم ارتفاع مكوّنات المناقيش، ليكون نصف الثمن هو ما يدفعه الزبائن، الذين يأتون الى الفرن من مختلف المناطق، فيما تأمين موقف للسيارات فيكون عند الجار أيضاً والذي له نصيب من الربح أيضاً من خلال بيع المشروبات للزبائن...
«لـواء صيدا والجنوب» زار المكان وعاد بهذه الانطباعات...
عودة إلى التراث
عند مدخل حارة صيدا من جهة الغرب، أمتار قليلة توصلك الى المكان، الذي يتميّز بموقعه على مقربة من مدينة صيدا، وبالتجاور مع بلديات شرق صيدا، ليشكّل مع عاصمة الجنوب ومحيطها، نقطة للتلاقي رغم الاختلاف.
صاحب «فرن ياسين للمناقيش» أسعد ياسين أشار الى «أن العودة الى التراث أمر هام، لأن الحياة البدائية رغم ما كانت عليه تحمل الكثير من الخيرات والأصالة، إضافة الى أن المأكولات تصبح صحية إذا كانت طبيعية، من هنا كان اعتماد «فرن ياسين للمناقيش» على الحطب، ويعود الى تراث أجدادنا، لأن أفران المازوت تجعل الخبز مطعّماً بالرائحة، لذلك قررنا أن نعود الى هذا التراث عندما تم افتتاح الفرن منذ 16 عاماً».
وقال: «لأننا من حارة صيدا قمنا بفتح هذا الفرن في حارة صيدا، ولكن الفرن يقع في منطقة تشكل ترابطاً بين المناطق، فعلى بعد أمتار تبدأ حدود مدينة صيدا وقرى شرق المدينة، وبالتالي فإن الزبائن هم من مناطق متعددة، فيأتي إلينا أبناء صيدا والمخيمات الفلسطينية، وأبناء عبرا والهلالية والقرية وعين الدلب، إضافة الى أبناء الحارة، والناس تعرف الفرن وتقصده من هذه المناطق».
نصف الثمن ولكن!
وعن المزايا التي تجعل الزبائن تفضّل هذا الفرن عن سواه قال: «لا شك أن الطعمة واللقمة الطيبة هي الأساس بالنسبة للزبائن، وهذا ما يوفّره فرن الحطب إضافة الى الخبرة في صناعة المناقيش، ونحن أيضاً نحرص على ابقاء الأسعار مخفّضة، حيث تباع منقوشة الجبنة بألف ليرة، أي بنصف الثمن عن أفران أخرى».
وحول المشاكل التي تواجه أفران الحطب مقارنة بالأفران العادية أشار الى «أن ارتفاع أسعار الحطب يزيد تكاليف صناعة المناقيش، ولكن اصرارنا هو الحفاظ على هذا التراث والاعتماد على الحطب في صناعة المناقيش، ولم يتم تطوير المناقيش لدينا بل كان الهدف الحفاظ على المنقوشة بشكلها المعهود، فكل ما تم زيادته على المناقيش هو المرتديلا والسجق، ولكن للأسف فإن ارتفاع الأسعار بات الأمر الطاغي على كل شيء، فسعر كيلو المرتديلا ارتفع من 5 ألاف الى 8 ألاف، وهذا الأمر يزيد التكلفة على أصحاب الفرن، وبالتالي انعكاس ذلك على الناس برفع الأسعار، ولكن من جهة ثانية، فإننا نعلم واقع الناس».
وقال: «هذه المصلحة تؤمّن لنا السترة والحمد لله، وتمكننا من العيش الكريم، ونحن نواصل الحفاظ على السعر القديم رغم ارتفاع الأسعار، ولكن لا ندري إن كنا نستطيع تحمّل ذلك طويلاً، فلا بد من التفكير مليّاً، لأن الظروف الاقتصادية تؤثر على الناس، وما يهمنا دفع إيجار المحل وبالتالي السترة، ونأمل أن لا نضطر لرفع الأسعار».
وعن الاقبال على الشراء من الفرن قال ياسين: «الأيام كلها مثل بعضها البعض، فنحن نحافظ على نفس الزبائن والفترات كلها متشابهة، فلا يوجد أيام مميّزة عن الأخرى سواء أكانت أيام العطل أم غيرها، لأن اقبال الناس هو ذاته بعدما اعتادوا على الشراء من الفرن بشكل دائم».
تواصل وتكامل مع الجيران
أما التكامل والتواصل مع الجيران، فتلك حكاية أخرى ترويها الأيام والتجارب، التي توارثها الناس من الأدب الديني، يوم كان البائع يرفض احتكار كل شيء ويترك نصيباً من الرزق يناله جاره، كي تسود المحبة بين الجميع.
وعن ذلك قال أسامة ياسين، الذي اكتسب سمعة وشهرة جيدة جراء تسلمه إدارة الفرن وحسن تواصله مع الجيران: «نحرص على التواصل الجيد مع الجيران، ولذلك نحن لا نبيع المرطبات الغازية أو المياه والعصير، بل يشتري الناس هذه المواد من «سوبر ماركت» جاري، والأمر مقصود لعدة أسباب نكتفي منها بذكر القليل، حيث يقوم الزبائن بإيقاف السيارات أمام الفرن والسوبر ماركت المجاور، وبالطبع فإن التنافس بين الجيران قد يثير بعض الشقاق، لذلك نفضّل التكامل على التنافس وهذا أمر هام».
وعلى مقربة من الفرن، يجلس صاحب «سوبر ماركت الزين» علي، الذي أكد الفكرة ذاتها قائلاً: «كان السبب الرئيسي لتوقف جاري عن بيع المشروبات هو الخسارة بسبب استهلاكها من قبل العاملين، ولكن أصبح بعد ذلك أمراً اعتيادياً فهو يهتم بصناعة المناقيش، فيما بيع المشروبات تكون لدينا، وهذا الأمر يؤكد على أهمية المحبة فيما بين الجيران، فإن كان جاري بخير فإني بألف خير، وإذا لم يكن هناك مودة ورحمة فعلى الدنيا السلام، ودين الإسلام هو دين المحبة والرحمة، ولو تمسّك الناس بدينهم بشكل صحيح ستكون الدنيا بألف خير، ولصلحت أحوال الناس».
كلام يوزن بالذهب، علّ الناس تتعظ من هذه الحكمة ومن حسن التجاور الذي يمتد بين المناطق اللبنانية، بعيداً عما تشهده هذه الأيام من تناقل الفتن والنعرات المذهبية، فيما الزبائن يأتون الى المكان من كل المناطق على اختلاف جنسياتهم ومذاهبهم، لتكتمل الصورة بعيداً عن مشهد التراشق السياسي أو المذهبي.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا