×

دواء للعديد من الأمراض والاكتئاب ويحتوي على الفيتامين «ب»

التصنيف: الشباب

2014-12-17  12:20 م  759

 

جريدة اللواء

بقلم ثريا حسن زعيتر

عادت صناعة دبس الخروب لتأخذ مجدها مجدداً تزامناً مع حملة الأمن الغذائي، حيث بات اللبنانيون يعودون إلى الطعام والشراب الريفي الخالي من أي تلوث، ومعها انتشرت زراعته في عدد من المناطق الجنوبية ولا سيما منها صور والخرايب وعربصاليم وإقليم التفاح...
وشهرة الخروب قديمة العهد، إذ أن الألمان كانوا يستخدمون حبوب الخروب المحمصة مكان حبوب البُن أحياناً لصناعة القهوة، والفرنسيون يعتمدون على قشر البذر في صناعة أدوية التجميل، ونحن لا نبالي بقيمته تلك، علماً بأن «الأطباء اليوم ينصحون مرضاهم بأكل الدبس، لأنه دواء ناجع للعديد من الأمراض»، إذ يحتوي على فيتامين «ب» الذي يخفف من نسبة الضغط النفسي...
ودبس الخروب الذي يوصف بأنه «طبق الفقراء أو «العسل الأسود»، يُعد واحداً من أبرز العوامل التي شجعت على إعادة زراعة شجرته، التي عادت لتزيّن الكثير من البلدات، مع قيام بعض بلديات المنطقة بزرعها على الطرقات، بعدما ذهب بعض الأهالي إلى قطعها، لبناء مساكن، حيث حلَّ الاسمنت تماشياً مع التطوّر العمراني والتمدد السكاني...
ودوافع عودة زراعة شجرة الخروب، تأتي في إطار خطة تعزيز المساحة الخضراء أولاً، وثانياً تشجيع الزراعات الإنتاجية كنوع من تشجيع الزراعات المنتجة التي تدرّ خيراً على المزارع، إذ أنها لا تحتاج إلى رعاية، وتعود بالربح المادي على معظم البلديات في لبنان، وقد أصبح اليوم ما يقارب الـ 30 معصرة دبس خروب، أغلبها تراثية، ومعظمها يفتقد إلى الدعم الحكومي...
«لـواء صيدا والجنوب»، واكب عملية عصر «دبس الخروب» في بلدتي الخرايب - قضاء صيدا وعربصاليم - إقليم التفاح، والتقى عدداً من أصحاب المعاصر...


رحلة الخروب
تبدأ رحلة الخروب من القطاف إلى المعصرة، بعد أن ينضج ثمره ويتحوّل لونه إلى الأسود، يقطف في شهر أيلول، ويتم تجفيفه تحت أشعة الشمس، بعدها ينقل إلى المصنع، حيث تكون «فرامة» الخروب بانتظاره، تقطعه وتفرمه، ليعمل الغربال على تنقية كسر الخروب الصغيرة والكبيرة من شوائبها ويعرّبها ليذهب الكسر نقياً إلى التخمير، حيث يتم وضع كسر الخروب الخالي من شوائبه في غرفة معتمة لمدة 60 يوماً يُخمّر، وبعد هذه المدة ينقع في المياه لمدة 8 ساعات يتم خلالها استخراج عصارته التي يُمكن تحويلها إلى شراب مفيد لأمراض المعدة، بعدها تكون النار في انتظار العصارة لكي تطبخه وتحوّله دبساً بعد مشوار 4 ساعات من الغليان على البخار الذي توفره آلة الشاديار، بعدها يصبح الدبس جاهزاً للبيع الذي يسوّق في الأسواق.
سيد المائدة
تشتهر بلدة الخرايب - قضاء صيدا بزراعة الخروب، وقد باتت أحد معالم البلدة التي تشتهر بها لأكثر من 90 عاماً، حيث كان يوجد فيها معصرتان قديمتان، إحداها للمرحوم الحاج محمود يوسف الدر، والأخرى للمرحوم الحاج محمد أحمد خليفة، وهي المعصرة الوحيدة التي لا تزال موجودة وتعمل حتى الآن ويديرها علي خليفة «أبو حسن».
وقال خليفة: «إن دبس الخروب كان وسيبقى سيد المائدة لأهالي الخرايب والمنطقة لا سيما في فصل الشتاء، لكونه يبعث الدفء والحرارة والحيوية والقوة والنشاط في الجسم، لكنه في نفس الوقت يأسف لتمدد العمران والازدهار، الذي قضى على قسم كبير من أشجار الخروب في البلدة، ويهدد ما تبقّى منها على مدى السنوات المقبلة».
واستعاد خليفة ذكريات الماضي، فقال: «كانت الحلويات مقتصرة على ما تعدّه ربة المنزل من مربى التين أو اليقطين وغيرها، وكان دبس الخروب سيد المائدة خصوصاً في فصل الشتاء، وقد اشتهرت بلدتنا بوجود أشجار الخروب فيها بكثرة في السنوات الماضية، إلا أنها وبسبب إتساع البناء وزحف العمران إلى مختلف أنحاء البلدة، بدأت تتهدد هذه الثمرة بالنقصان، إن لم نقل بالإنقراض، لأن معظم أهالي البلدة باتوا لا يهتمون بها ولا يقومون بزراعتها، لا سيما وأنها لا تحتاج إلى العناية».
وأضاف «أبو حسن»: «الفلاحون والأهالي يقطفون قرون الخروب في أواخر شهر أيلول، حيث تكون قد أينعت، ويقومون بأخذها إلى معاصر الدبس، حيث يلجأ البعض إلى بيعها وآخرون إلى إيداعها بما يسمّى بالحصة، فيتم تقسيم الدبس بين صاحبي المعصرة والخروب في الشتاء بعد طبخه ونعمد في المعصرة إلى تكسير الخروب وتخزينه في المستودعات ما يقارب 60 يوماً، بعد فرزه عن البذور التي أصبحت تشترى من المعاصر وتُصدر إلى الخارج التي تدخل في صناعة بعض الأدوية».
وتابع: «بعد مرور شهرين على تكسير قرون الخروب وتخزينها، نقوم بوضع الخروب شيئاً فشيئاً في مستوعبات مياه صافية لمدة زمنية معينة ليأخذ بعدها المحلول صافياً ويرمي بالخروب الصفى حيث يمكن أن يُستفاد منه بالأعمال الزراعية، عند إكتمال الكمية المناسبة من مياه الخروب للطبخ توضع هذه الكمية في مطبخية كبيرة ويشعل النار تحتها ما يقارب الخمس ساعات ليخرجها بعد ذلك دبساً لذيذاً يُملاُ في أوعية من البلاستيك ويبرّد ليُصار بعدها إلى بيعه للزبائن».
«عسل الفقراء»
وعلى خلاف الخرايب، فان زراعة الخروب ازدهرت في منطقة اقليم التفاح، فكان لا بد من وجود معمل لصناعة دبس الخروب، لكي تستوعب الإنتاج، فأُنشئ أحدها في بلدة عربصاليم على مشارف جبل الرفيع، وهو يعد الأول في منطقتي النبطية وإقليم التفاح، افتتح قبل 7 سنوات من قبل «الجمعية التعاونية الزراعية» في عربصاليم بتمويل من الحكومة النمساوية.
عند مدخل المعمل، تفترش عشرات الأكياس المعبأة بالخروب، تنتظر دورها لتدخل في رحلة تحويلها إلى دبس، ينهمك مسؤول المعمل الحاج محمد نذر داخل المعمل، وقال: «إن هذه الصناعة في لبنان مهدور حقها، لو كانت هناك إلتفاتة بسيطة أقله كنا صدّرنا إنتاج الخروب إلى الخارج ولكن عبثا»، فالمعمل يستقطب حوالى 50 طنا سنويا، وتنتج ما يقارب الـ 30 طن دبس، بعد ان إتسعت رقعة الأراضي المزروعة خروباً».
وأضاف الحاج محمد، وهو ينهمك في غلي شراب الخروب: «للأسف، لا أحد يعرف قيمة هذه الشجرة ولا ثمرها، وكان الأجداد يعتمدون عليها كمصدر للحلو وينشط عمل الخلايا في الجسم، ويساعد على حل مشاكل الغازات وعسر الهضم والامساك، واستقبل الخروب من المزارعين وأعيده إليهم دبساً معتمداً طريق المقايضة، وقد عمدنا إلى هذه الطريقة تشجيعاً للمزارع أولاً، وهربا من احتكار السوق، خاصة وأن بعض التجار عمد إلى استيراد الخروب من مصر ما خفّض سعره حتى وصل إلى 200 ليرة»، ونعتمد طريقة كل 100 كلغ خروب يأخذ المزارع 10 كلغ دبس، يباع الكلغ في السوق المحلي بـ 6 آلاف ليرة».
غير أن صناعة الدبس اليوم تفتقد إلى الدعم والتشجيع اللازمين، وأكد الحاج محمد «لو كان يتم تصدير الدبس، لكانت صناعته عروس الصناعات، ولكن تغيب الدولة عن الصناعات المحلية. وفي لبنان ما لا يقل عن 30 معصرة خروب قادرة أن تصدّر إلى الخارج وتطوّر إنتاجها، ولكن في لبنان الدعم فقط للسياسة، أما للصناعة فهو وهم، تطوير المصانع والتصدير يساعدان في تشغيل الأيدي العاملة، ولكن التقصير كبير».

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا