×

حقوق العمال المهدورة

التصنيف: Old Archive

2010-05-01  10:10 ص  682

 

يأتي عيد العمّال في كل سنة، حاملاً المزيد من أسباب القلق، فالحاجات تتزايد والأعباء تتراكم وينحدر المزيد من الأجراء إلى تحت خط الفقر... في المقابل، ينخفض سقف الطموح وتتقلّص المطالب إلى «البديهيات» وتصبح المعارك للحفاظ على ما هو قائم... بل إن نظرة سريعة على الأولويات اليوم تدفع إلى الاعتقاد بأن هذا الزمن يعود إلى أيام «شيكاغو» عندما انتفض العمّال لتكريس حقهم بالعمل لمدّة 8 ساعات يومياً فقط
بحسب حسابات لبنان الاقتصادية الصادرة عن رئاسة مجلس الوزراء، فقد تراجعت حصّة الأجور من الناتج المحلي القائم الى أقل من 35.5 % في عام 1997، وهو آخر عام تتوافر فيه المعلومات عن هذا المؤشّر، وهذا المنحى مستمر، إذ إن بعض الحسابات الخاصّة تفيد بأن هذه الحصّة لم تعد تمثل أكثر من 30% في أحسن الأحوال... هذا الانحدار يجد دلالاته في الواقع المعيش، فالعمّال المقيمون لا يحصلون على مداخيل تتناسب مع أكلاف المعيشة المتجهة دائماً نحو الأعلى، فبات أكثر من نصف الأسر المقيمة تعاني «فقر الدخل»، وهذه النسبة تتطابق مع نسبة الأسر غير المشمولة بأي تغطية صحّية نظامية ومستقرة، كما تتطابق مع نسب أخرى أكثر حدّة، إذ إن أكثر من 40% من الأجراء يعملون في القطاعات الهامشية، وأكثر من 75% من الأجراء لا يستفيدون من أي تعويض لنهاية الخدمة أو معاش تقاعدي، كما أن ثلث الأجراء يضطرون الى الالتزام بعملين معاً، وثلثاً آخر يضطر الى العمل أكثر من 10 ساعات يومياً وأيام العطل والإجازات!
إنها عودة الى زمن الأممية الأولى التي دعت العمال، في مؤتمر جنيف في عام 1866، الى النضال من أجل يوم يكون مقسوماً بين «8 ساعات عمل، 8 راحة ونوم، 8 ترفيه»، وكانت هذه الدعوة بداية مشوار نضالي طويل، تخللته محطّات قاسية عدّة، منها مجزرة شيكاغو في أيار عام 1886، التي قضى فيها أكثر من 200 عامل برصاص الشرطة واعتقال الآلاف ومحاكمتهم لأن تحقيق هذا المطلب يعني انخفاض ما يجنيه للرأسماليين على حساب العمال.
الفارق بين وضع العمّال في لبنان اليوم ووضع عمّال شيكاغو قبل 124 عاماً، أن النقابات العمالية والتيارات اليسارية والأحزاب الشيوعية والاشتراكية والعمّالية لم تعد تمثّل من تدّعي تمثيلهم، فالعمّال متروكون وحدهم يخسرون كل شيء بلا القدرة على الخروج حاملين سيوفهم!
فما الذي يريده العمّال اليوم؟
1ــ أجور عادلة: إن الحدّ الأدنى للأجور المعمول به حالياً (500 ألف ليرة) لا يمثّل إلا ثلث قيمة حاجات الأسرة الأساسية في الشهر، ولا تنوي الحكومة وهيئات أصحاب العمال الخوض بأي حوار في هذا الشأن، علماً بأن التضخّم يسجّل نسباً لا بأس بها تساهم في تآكل القدرات الشرائية، فيما الممسكون بالقرار والمقدّرات يمنّنون العمّال كل يوم بأن عدم زيادة الأجور هو لتحقيق مصلحتهم، باعتبار أن الجهد يجب أن يتركّز على منع ارتفاع الأسعار الذي يلي كل زيادة على الأجور... ويرى رئيس مركز البحوث والاستشارات كمال حمدان أن الأساس ليس كبح التضخم، وإنما إجراء إصلاحات تخفف من المستوى المرتفع الذي استقرت عليه الأسعار، «إذ لدينا بنية أسعار مرتفعة»، وهذا لا يتم فقط عبر زيادة الرقابة في السوق، بل من خلال تفكيك البنية الاحتكارية القائمة على احتكار القلة لأكثر من نصف الأسواق، والمتلطّية تحت قوانين وبقايا قوانين ومصالح مخفيّة وتشابك مصالح بين أهل السلطة والقطاعات المستفيدة، معتبراً أن أكبر عقبة في لبنان لتصحيح الأجور هي الدولة التي تعدّ في حالة عجز بنيوي، وخصوصاً أنها أحد أكبر أصحاب العمل، وهذا يؤدي دوراً سلبياً وضاغطاً لأنه خلال العشرين سنة الأخيرة، غالباً ما كان يتزامن تصحيح الأجور في القطاع الخاص مع القطاع العام، علماً بأن عمال القطاع الخاص حققوا تحسيناً لافتاً في إنتاجيتهم بالتزامن مع ارتفاع معدلات النمو، وبالتالي هناك مسوّغ لمطالبتهم في تعويضهم عن التضخم وزيادة قوتهم الشرائية لإشراكهم في المنافع الآتية من ارتفاع معدلات النمو والإنتاجية. هذا الواقع أدى دوراً سلبياً في إحراز المزيد من المطالب للعمال، ومن الضروري إجراء إصلاحات حقيقية في القطاع العام وزيادة إنتاجيته للمطالبة بزيادة الأجور وفقاً لارتفاع هذه الإنتاجية.

4 قضايا أساسيّة برسم من يدّعي تمثيل الطبقة العاملة
 

أكثرية الأجراء لا يجري التصريح عنهم لصندوق الضمان
2ــ شمولية الضمان: إن تبنّي نظام ضمان صحّي شامل للجميع، ومموّل من عائدات الضرائب، هو من أهم المطالب، ولا سيما أن أكثرية الأجراء لا يجري التصريح عنهم لصندوق الضمان، فضلاً عن أن جزءاً مهماً من القوى العاملة لا تنطبق عليه شروط التصريح، وجميع المنتسبين الى الضمان تسقط تغطيتهم بعد بلوغهم سن التقاعد... ويرى المدير العام للصندوق محمد كركي، أن توسيع شريحة العمالة في القطاع المنظّم، يؤمن الاستقرار الاجتماعي ويحصن العمال من خلال التقديمات، وهذا يفرض على القطاعات المنظّمة التصريح عن عمالهم، وعن الأجر الحقيقي حتى لا تتضرر تعويضاتهم، وعدم حرمان العمال من تعويضاتهم العائلية.
ويأمل كركي أن يأخذ الصندوق، الحيّز المناسب على صعيد السياسة الاجتماعية، ولا سيما في إطار توسيع شمولية الضمان الاجتماعي إلى كل اللبنانيين، وإقرار نظام التقاعد والحماية الاجتماعية، فلم يعد مقبولاً أن يتقاعد العامل في سن الـ 64 ويفقد الرعاية الصحية!
ويشير إلى بعض المنظّرين الذين يرون أن الضمان هو عبء على الإنتاجية القومية، مؤكداً أن الضمان مع النظرية المعاكسة التي تقول إن الاستقرار الاجتماعي شرط أساسيّ لزيادة الإنتاجية والنمو، ولذلك يأمل أن يتم إنشاء صندوق للبطالة في لبنان.
3ــ الحفاظ على المكتسبات: أدّت موجة النيو ليبرالية الى تدمير الكثير من المكتسبات المحققة بنضالات العمّال على مدى عقود ماضية، ويقول النقابي أديب أبو حبيب إن هناك العديد من القوانين ومشاريع القوانين التي تعمل على إلغاء مكتسباتٍ للعمال، ومن بينها مشروع إنشاء مناطق حرة في لبنان، ومنها منطقة طرابلس، حيث سيتم إعفاء أصحاب الشركات ضمن المناطق الحرة من تسجيل العمال في صندوق الضمان، وهذا خطير جداً، إذ ستنقل معظم الشركات أعمالها الى المنطقة الحرة.
ويلفت الى أن الحكومة صرحت بأن العمال في المناطق الحرة سيحصلون على تقديمات اجتماعية، وأن هذا الموضوع يشوبه الكثير من الشكوك، إذ إن أصحاب العمل يخالفون قانون الضمان نفسه، ولا يسجلون عمالهم أو يصرحون عن أجور أقل من المدفوعة فعلياً، بدليل أن الحكومة بررت خفض اشتراكات الضمان في 2001 بأنه يشجّع أصحاب العمل للتصريح عن الأجور الحقيقية، غير أن النتيجة ظهرت بوقوع الضمان في عجز خطير.
4ــ ديمومة العمل واستقراره: لعل أخطر مشكلة تواجه العمّال هي في غياب الحماية القانونية، فوزير العمل بطرس حرب يبشّر بتعديلات على قانون العمل قد تفتح الباب أمام رغبات البعض في القضاء على ما بقي من حماية، ولو شكلية. ويقول عضو مجلس العمل التحكيمي، فؤاد قازان، إن قضايا العمل كثيرة، فهناك عدد كبير من الأحكام التي تصدر يومياً، ففي بيروت وحدها ما لا يقلّ عن 40 ملفاً تبتّ يومياً في 5 مجالس عمل، والنسبة نفسها في المجالس الثلاثة في بعبدا، ولكنها أقل في مجالس البقاع والشمال والجنوب. إلا أن إجمالي عدد الدعاوى التي تبتّ سنوياً في كل المجالس، يتجاوز 15 ألف دعوى.
 
75 في المئة من أصحاب الدخل المحدود تطالهم الضرائب مقابل ما بين 10% و13% من أصحاب المداخيل الكبيرة والثروات، بحسب دراسة أعدّتها الجمعية اللبنانية لتعزيز الشفافيّة «لا فساد» علماً بأن الضرائب على الإنفاق والضرائب غير المباشرة توازي 85% من واردات الموازنة .
ضمان الشيخوخة
المعاش التقاعدي هو حق أساسي من حقوق كل عامل، إلا في لبنان، إذ تعمل القوى المسيطرة على الحكومة والمجلس النيابي على تعطيله من أجل ضمان سيطرتها على المجتمع اللبناني، فالحاجة هي أداة للسيطرة عندهم، وبالتالي فإن تعطيل ضمان الشيخوخة والضمان الصحّي الشامل والتعليم المجاني الإلزامي يتلاقى مع تعطيل آليات الانتقال الى الدولة العلمانية أو الدولة المدنية أو دولة المواطنة... باعتبار أن المواطن كلما خفّت حاجته الى الحماية التي تؤمّن بواسطة مؤسساته الطائفية كان أقرب الى قبول شكل مختلف للدولة

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا