×

«سوق الكندرجية» بين «شاكوش» الصيني وسندان وضع البلد

التصنيف: تقارير

2015-02-02  06:51 ص  546

 
صيدا ـ رأفت نعيم
حتى سنوات قليلة خلت كانت سوق الاسكافية أو «الكندرجية» عند البوابة «التحتا» لصيدا القديمة اكثر من مجرد مكان متخصص بتصليح الأحذية وإن كانت اشتهرت بذلك على مدى عقود فموقعها عند مدخل المدينة القديمة حول السوق الى شريان حيوي يضخ الحياة والحركة والنشاط في الأحياء الداخلية والقديمة.. الى جانب كونها ايضاً سوقاً تراثية لحرفة تكاد تكون الأقدم عبر العصور لكنها فقدت بعضاً من وهجها ضربات «شاكوش» البضاعة الصينية وسندان الأوضاع السياسية والأمنية التي غالباً ما تؤثر سلباً على حركة الزائرين للمدينة بقصد التسوق أو السياحة، بينما كان يفترض ان تنعش الأزمة الاقتصادية والمعيشية سوق تصليح الأحذية بهدف تمديد صلاحيتها وتجنب شراء الجديد لولا منافسة «الصيني» للوطني والأجنبي مستهلكاً..

يأتي الزبون الذي يريد تصليح حذائه أو درزه أو تغيير نعله، فيكون إما منتعلاً له فيخلعه ويجلس على كرسي أو أريكة خشبية بانتظار ان ينهي الاسكافي عمله، أو يحمله بكيس ويودعه اياه ليقوم بجولة في السوق ويعود لأخذه لاحقاً.. أما من يخلع حذاءه ويجلس فيحظى باهتمام صاحب المصلحة الذي يحرص على عدم شعور زبونه بالملل، فـ«يعيره» اولاً ما ينتعله وهو جالس ريثما يصلح الحذاء، ثم يتبادل واياه الحديث حول شؤون الساعة أو ما يتصل بالمهنة نفسها.. حديث يبدأ مع انواع الأحذية وكيفية صيانتها ولا ينتهي مع «آخر التطورات في البلد والمنطقة».. وإن كان معظم العاملين في هذه المصلحة يفضل الابتعاد عن «السياسة».

في محلين متقابلين في سوق «الكندرجية» يتقاسم الشقيقان احمد ويوسف البزري رتابة الوقت وبعض ما يدخل السوق من زبائن بهدف إصلاح أحذيتهم.. وهما ممن بقي يعمل بهذه الحرفة ولا يوازي عددهم عدد أصابع اليد الواحدة بعدما ورثاها عن والدهما فبقيت صامدة بهما....

يقول يوسف: كان في صيدا القديمة اكثر من خمسين «كندرجياً» ولم يتبق منهم إلا ثمانية لأن هذه الحرفة توقفت مع جيل معين ولم تنتقل من جيل لجيل لأن معظم من عملوا بها لم ينقلوا هذه المصلحة لأولادهم، بينما أورثنا والدنا اياها.. كانت مصلحة واحدة وأصبحت محلين، أخي وأنا والحمد لله «مش مختلفين».

وعن سبب تراجع الحركة في سوق الكندرجية يضيف: السوق في الأساس مقصد من العديد من مناطق الجنوب والجبل وحتى بيروت، كان الناس يشترون منها الجديد أو يصلحون القديم، وهناك من كان يقصدها بهدف التوفير، إلا انه بسبب وضع البلد تراجعت حركة الإقبال على السوق لأنها مرتبطة اساساً بالوضعين السياسي والأمني، وطبعاً الوضع الاقتصادي، ولكن بعد غزو البضاعة الصينية لأسواق الأحذية أصبح الجاهز «الصيني» أقل كلفة من « تصليح « المستعمل إذا ما احتسبت أجرة الطريق لمن يأتي من خارج صيدا. ونحن اعتمادنا في الأساس على الزبائن من خارج صيدا لأن ابن البلد بياخدك بـ«المَونة» و«ما فيك ما تتوصى فيه»!. وللأسف «كل ما صار شيء بالبلد أمني أو سياسي ما بتشوف حدا من الجنوب ولا من الإقليم ولا من الدامور ولا حتى البيارتة».

ويوافقه شقيقه احمد في هذا التوصيف، لكنه يقول: الحمد لله رغم كل شيء. فالمصلحة «ماشية» ونحن نقوم بتطويرها باستخدام آلات حديثة لـ«الدرز» و«الجلخ». ولنا زبائننا، الى جانب اعتمادنا ايضاً على حركة المتسوقين والسائحين داخل المدينة في الأيام العادية.

ونسأل احمد وشقيقه عن واجهة تضم أحذية جديدة في محل الأول بينما لا توجد في محل الثاني، فيجيب يوسف: كنا نصنع الأحذية ونبيع الكثير منها لكن تراجعت الصناعة والبيع بعدما اصبح الجاهز ارخص - في اشارة الى الصيني - وبقي أخي يصنع القليل منها بحسب الطلب.

وقبل أن نغادر سوق الكندرجية، تستوقفنا بعض المتاجر والحوانيت الصغيرة المنتشرة الى جانب محال تصليح الأحذية عند جانبي مدخل القشلة القديمة ومقابله والتي تغرد بما تبيعه خارج سرب تسمية هذه السوق، مثل بيع التحف واللحوم والحلويات والأقمشة وغيرها.. فيأتي الجواب سريعاً من أحد الكندرجية الواقف امام محله منتظراً «الفرج» فيقول: «كانت مصالح كمصلحتنا وأقفلت أو غيّرت وجهة اختصاصها.. ثم يبتسم ويستدرك بشيء من الحسرة «هم السابقون ونحن اللاحقون»!.
 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا