المصدر: "النهار"
باسكال عازار
طردت القلوب الملتهبة حماسة صقيع آذار المتسلل إلى خيم النائمين عند أقدام أرز تنّورين اليوم، فالفجر قد حان والقائد ينتظر الجميع لإطلاقهم في اتجاه طبيعة أرضهم الوعرة يتحدّون بها أنفسهم ويثبتون أنهم مغاوير. إنها حادثة تتكرر للسنة السابعة على التوالي، في سباق ينظمه فوج المغاوير بعنوان إغارة الأرز، لكن نكهته هذه السنة كانت مختلفة، فقد شعر المشاركون أنهم بتحملهم مشقة التحدي والبرد الذي يخترق عظامهم، يعايشون جزءاً بسيطاً من معاناة جيشهم المرابض في الجرود وسط البرد والجوع، حيث يصدّ جنودنا الإرهاب بأجسادهم وقلوبهم وأرواحهم، ويتحدّون بشجاعة ظروف البرد القارس... والسياسة الماكرة.

في الأمس شقّ قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز صفوف المشاركين المحتشدين وقلوبهم، خاطب الشباب في عمق وطنيّتهم بصوت واثق، مجسّداً بشخصه المحبوب مؤسسة الجيش وكلّ العسكريين، وطموحات وآمال اللبنانيين برؤيته عماداً للجيش وقائداً للمؤسسة العسكريّة. وقف روكز وسط المشاركين، ألقى كلمته التي ركّزت كما العادة على دور الجيش في محاربة الإرهاب والدفاع عن حرية الوطن وسيادته، داعياً الشباب إلى التشبث بكرامة وطنهم وأرضهم. توقّف عند أهداف السباق، أعطى توجيهاته، ومن ثمّ تناول المشاركون العشاء الذي حضّره لهم الجيش وتحلقوا حول النار في حضور روكز الذي رافقهم طوال الليل كما يرافق القائد جنوده على الجبهة وينطلق معهم إلى القتال.

قبل انبلاج الفجر كان الجميع جاهزين للسباق وهم حاليا منتشرون على ثلاثة مسالك متفاوتة من حيث الصعوبة، بدءاً من أرز تنورين، ومروراً بجيل الرهوة، ومنه إلى جرد القنديل، وسيدة النجاة، فحجر الجميل، فالجورة وأخيراً أرز بشرّي.

وشرح مصدر عسكري لـ"النهار" ظروف السباق الذي يحمل عنوان "صار وقت تكون مغوار" لهذه السنة وأهدافه "فهو سباق عسكري ينظمه فوج المغاوير في رعاية قائد الجيش العماد جان قهوجي للسنة السابعة على التوالي، شتاء بعنوان "إغارة الأرز" وصيفاً بعنوان "من ثكنة لثكنة"، ويشارك فيه المدنيين إلى جانب المغاوير، وعلى المشاركين إكماله بمختلف صعوباته وتدرّجات ارتفاعه". وتكمن أهميّة السباق وفق المصدر بأهدافه "فهو يشكّل فرصة فريدة من نوعها، يلتقي فيها المدنيون مع العسكريين لتجاوز طبيعة أرض فريدة من نوعها فوق مرتفعات أرز لبنان. وهي مناسبة تجعل الشباب يختبرون ظروف حياة الجيش فيتعاونون في السباق ويختبرون ظروف حياته. وإن هذا التواصل بين الشباب والعسكر يجعلهم يشعرون بأن الجيش منهم ويعمل من أجل حمايتهم وصون مستقبلهم وحريتهم وكرامتهم، فالعسكري ليس بغريب عنهم بل هو واحد منهم وهذا ما يعزز التعاون والتضامن بين الجيش والمواطن". وأضاف: "من المهمّ أن يشعر الطرفان بأنهما واحد وبأنهما يتشاركان المصير نفسه".

ولفت المصدر إلى أن السباق "هو صورة لبنان الحلو، إذ يجمع اللبنانيين من كل الطوائف والمناطق في أجواء من الفرح والتحدي، فهذه هي صورة لبنان التي يجب أن نعمل على تعزيزها في ما بيننا أولا ومن ثمّ نشرها في العالم". ولفت إلى أن "المشاركة كثيفة هذه السنة على رغم كل الظروف إذا يفوق عدد المشاركين الـ2000 شخص، والسباق في تقدّم مستمرّ، فقد انطلقنا في السباق الأول منذ 7 أعوام بـ600 مشارك فقط". أما عن مشاركة الأجانب هذه السنة رغم الظروف الأمنية الصعبة، فقال: "مشاركة الأجانب في هذا السابق كثيفة أيضاً تماماً كالأعوام الماضية، فهم في الأساس يحبّون الرياضات الجبليّة وينتظرون تنظيمها للمشاركة فيها، ووجودهم معنا اليوم يدلّ إلى ثقتهم بالجيش اللبناني وقدراته التنظيميّة والأمنيّة. والسباق في النتيجة هو فرصة حقيقية يتعرف فيها الأجنبي إلى صورة لبنان الحقيقيّة وعيشه المشترك الحقيقي".

ويشمل سباق إغارة الأرز ثلاث فئات: "الأولى بمسلك يبلغ طوله 45 كلم مع فارق ارتفاع 2300 متر، والفئة الثانية بمسلك يبلغ طوله 30 كلم مع فارق ارتفاع 2200 متر، والثالثة بمسلك يبلغ طوله 18 كلم مع فارق ارتفاع 1000 متر، وتشارك الفرق المشاركة بعتاد الراكيت في الفئة الثالة من السباق". ويختتم اليوم مع وصول كل الفرق المشاركة إلى غابة أرز بشري خلال فترة ما بعد الظهر حيث يتشارك الجميع الغداء وإعلان الفائزين وسط أجواء مرح رياضيّة ووطنيّة.

pascale.azar@annahar.com.lb
Twitter: @azarpascale