محمد الرواس في لحظة نقاء
التصنيف: Old Archive
2010-06-02 08:55 ص 2383
نحت ليتوغرافي مدعّم بشروح رقميّة ومقاسات
«أمهات بأحمال ثقيلة» (جيكليه، طباعة رقمية على ورق ــــ 42 × 45 سنتم ـــ 2009)عوالمه مسكونة بقصص وبشر وأمكنة وتواريخ. مساحات تعبيريّة مختلطة، تتآخى فوقها مفردات متناقضة انحرفت عن مرجعها، لتعيد تركيب الحياة بمزاجيّة تصاعديّة، وفق مستويات هندسيّة وميكانيكيّة. التشكيلي اللبناني المعروف يعرض حالياً في دبي ويواصل الانقلاب على مفاهيم اللوحة
«أمهات بأحمال ثقيلة» (جيكليه، طباعة رقمية على ورق ــــ 42 × 45 سنتم ـــ 2009)عوالمه مسكونة بقصص وبشر وأمكنة وتواريخ. مساحات تعبيريّة مختلطة، تتآخى فوقها مفردات متناقضة انحرفت عن مرجعها، لتعيد تركيب الحياة بمزاجيّة تصاعديّة، وفق مستويات هندسيّة وميكانيكيّة. التشكيلي اللبناني المعروف يعرض حالياً في دبي ويواصل الانقلاب على مفاهيم اللوحة
حازم سليمان
تسبقنا أعمال التشكيلي اللبناني محمد الرواس (1951) بمسافة محيرة. اجتيازها يتطلب جرأة توازي صنعتها، وخروجها عن أنماط وتأويلات بصرية عدة. أعمال تتجرد من ذلك الشحن العاطفي المباشر الذي باتت تجارب كثيرة تراهن عليه لبناء علاقة مع متلقّيها. تجارب الرواس قطعيّة. يعيد فيها تركيب الحياة بمزاجية دقيقة، ومفردات واقعية تبدو غريبة عن واقعها القديم: الطيور والأسماك والدمى المعدنية والخشبية لا تحيلنا إلى ما هو خارج العمل، بل تؤكد امتثالها لمعناها الجديد، ولفضائها المنضبط بإشارات هندسية وتراكيب وخامات عدة.
تمثّل أعمال الرواس المعروضة في «غاليري آرت سوا» في دبي، حديقة أفكار وحكايا مرئية لـ«بشر وتواريخ وأمكنة». حسها الدرامي لا يستند إلى وقائع غيبية، فالخطوط الهندسية، ومستويات العمق، والأرقام، والفوتوغراف، عناصر تضعنا أمام أعمال تحمل إثباتات حقيقتها. شهية الرواس المفتوحة على الحياة ومنجزات بصرية سابقة، جعلت من توظيفاته لأيقونات وشخصيات معروفة في لوحات كلاسيكية عالمية، تبدو كأنها تحدٍّ للزمن الذي يستحضره بطريقة متناقضة زمنياً، لكنها تنضبط مكانياً وفي حيز جغرافي إحداثي.
لم يعطِ الفنان لمعرضه الذي يحوي 18 عملاً أنجزها بين 2008 و2010 عنواناً محدداً. القصدية هنا جزء من الحرية التي تتسم بها تجارب انقلبت على مفاهيم اللوحة مضموناً وليس شكلاً. تحولت اللوحة إلى مساحة تعبيرية مختلطة، تتآخى على متنها مفردات متناقضة، جمعها الرواس وفق بنائية بصرية تصاعدية تتطلب تعقباً، بدلاً من النظر إليها بشمولية تزيد من فعل التغريب الموجود أصلاً في العمل، وخصوصاً أنّ الرواس لا يوائم الشكل مع وظيفته التقليدية، بقدر تفعيله من قدرة هذا الشكل لتمرير انفعالات خاصة.
المبدع الآتي من رحلة أكاديمية استغرقت 27 عاماً، وتحولات بصرية مغرية («كتاب الرواس»، «دار الساقي»، 2004)، تمثل تجاربه الآن لحظة نقاء كاملة، تتكشّف فيها وجهة نظر خاصة في العمل الفني على مستويين: الدور وأدوات التوصيل. العمل الفني هنا ليس اقتراحاً جمالياً، بقدر ما هو منطقة خلاقة لتحفيزات حسية وعقلية، هدفها الوصول إلى أداء بصري يستوعب أنّ الفن سلسلة غير منقطعة مهما روّجت المزادات الفنية لهذه القطيعة.
تسبقنا أعمال التشكيلي اللبناني محمد الرواس (1951) بمسافة محيرة. اجتيازها يتطلب جرأة توازي صنعتها، وخروجها عن أنماط وتأويلات بصرية عدة. أعمال تتجرد من ذلك الشحن العاطفي المباشر الذي باتت تجارب كثيرة تراهن عليه لبناء علاقة مع متلقّيها. تجارب الرواس قطعيّة. يعيد فيها تركيب الحياة بمزاجية دقيقة، ومفردات واقعية تبدو غريبة عن واقعها القديم: الطيور والأسماك والدمى المعدنية والخشبية لا تحيلنا إلى ما هو خارج العمل، بل تؤكد امتثالها لمعناها الجديد، ولفضائها المنضبط بإشارات هندسية وتراكيب وخامات عدة.
تمثّل أعمال الرواس المعروضة في «غاليري آرت سوا» في دبي، حديقة أفكار وحكايا مرئية لـ«بشر وتواريخ وأمكنة». حسها الدرامي لا يستند إلى وقائع غيبية، فالخطوط الهندسية، ومستويات العمق، والأرقام، والفوتوغراف، عناصر تضعنا أمام أعمال تحمل إثباتات حقيقتها. شهية الرواس المفتوحة على الحياة ومنجزات بصرية سابقة، جعلت من توظيفاته لأيقونات وشخصيات معروفة في لوحات كلاسيكية عالمية، تبدو كأنها تحدٍّ للزمن الذي يستحضره بطريقة متناقضة زمنياً، لكنها تنضبط مكانياً وفي حيز جغرافي إحداثي.
لم يعطِ الفنان لمعرضه الذي يحوي 18 عملاً أنجزها بين 2008 و2010 عنواناً محدداً. القصدية هنا جزء من الحرية التي تتسم بها تجارب انقلبت على مفاهيم اللوحة مضموناً وليس شكلاً. تحولت اللوحة إلى مساحة تعبيرية مختلطة، تتآخى على متنها مفردات متناقضة، جمعها الرواس وفق بنائية بصرية تصاعدية تتطلب تعقباً، بدلاً من النظر إليها بشمولية تزيد من فعل التغريب الموجود أصلاً في العمل، وخصوصاً أنّ الرواس لا يوائم الشكل مع وظيفته التقليدية، بقدر تفعيله من قدرة هذا الشكل لتمرير انفعالات خاصة.
المبدع الآتي من رحلة أكاديمية استغرقت 27 عاماً، وتحولات بصرية مغرية («كتاب الرواس»، «دار الساقي»، 2004)، تمثل تجاربه الآن لحظة نقاء كاملة، تتكشّف فيها وجهة نظر خاصة في العمل الفني على مستويين: الدور وأدوات التوصيل. العمل الفني هنا ليس اقتراحاً جمالياً، بقدر ما هو منطقة خلاقة لتحفيزات حسية وعقلية، هدفها الوصول إلى أداء بصري يستوعب أنّ الفن سلسلة غير منقطعة مهما روّجت المزادات الفنية لهذه القطيعة.
الخشب، والأسلاك، والمعدن جميعها عناصر تُغني المشهد، وتزيده تعقيداً وتنوّعاً
في عمله «أمهات بأحمال ثقيلة»، ثمة مسارات يمكن العين المضي فيها لتتبع مستويات العمل هندسياً وميكانيكياً. الفضاء السماوي المقيّد بخطوط مرتبطة بنقاط محددة، والسبر العميق لأرضية اللوحة التي تتخذ أكثر من مستوى بصري، وصولاً إلى الجزء النافر لعربة فيها نسوة مختلفات الهوية. ثمة تأثير قوي ومباشر لمفردات الموضوع في هذه اللوحة وغيرها، مستمدة مباشرة من سلوكيات في الحياة اليومية وفنون مرئية أخرى. قوة التأثير هنا تنبع من وعي مسبق وتخطيط دقيق، في المراحل الأولى لإنجاز العمل الذي لا يخلو من موقف رافض وساخر أحياناً، ومن مشاعر صافية يواريها هذا الفنان في زوايا عدة، لكنها تبدو صارخة في أعمال يلجأ فيها إلى التصويرية.
السيطرة الكاملة على المفردة، والجهوزية المستفزة لا تلغيان التخيل والعاطفة والعفوية في العمل، بل هما استجابة عملية للتحولات الطارئة والأصيلة في الفن، وفق مستويين: تاريخي وراهن. التفاعل يكون مع حساسيات الخامة والمادة في وضعها الطبيعي. الخشب، والأسلاك، والمعدن جميعها عناصر تُغني المشهد، وتزيده تعقيداً وتنوعاً، وتضفي مناخاً من النحت الليتوغرافي المدعم بتصويرية عالية، وشروح رقمية ومقاسات هي ليست ترفاً أو أمراً تزيّنياً بقدر ما هي عناصر تحمل بعداً تفسيرياً ضرورياً.
ويصعب تفسير الحضور النسوي في أعمال الرواس. الغرائزية المباشرة أحياناً لا تحمل نزعة ترويجية، بقدر ما تضعنا أمام بهاء وحشي صادم. الدقة التشخيصية تعطي شعوراً بالمغامرة في وسط رمزي وإيحائي محتشد بالتفاصيل. ثمة تنوع في معنى حضور المرأة في أعمال المعرض كما في سلسلة أعمال «حلم منتصف الخريف»، و«الشتاء»، و«الربيع» و«الصيف». تبدو المرأة في عالم الرواس حالة جدلية شائكة غير مرتهنة لمجرد تأويلات عاطفية. المرأة المقترنة بالدمى، والمقتبسة من لوحات كلاسيكية، الأنثى العارية، والأسطورة، والعاملة، وغيرها من حالات يصعب الخروج منها بنتيجة حتمية.
أعمال المعلّم اللبناني المشبعة بالحكايا تكتسي ثوباً تعبيرياً يتجاوز الأطر المحلية. هذا الاختلاط بين عناصر متناقضة حد التعقيد يقودنا إلى فهم خاص وشمولي لعمل فني بات مساحة لاحتضان جملة اشتباكات ذات أثر مربك. تلك الاشتباكات يقودها الرواس عبر وسائط بصرية، وحسابات دقيقة إلى خصوصية المادة وعلاقتها بالأخرى. الصرامة والعقلانية اللتان تتسم بهما أعماله لا تخفيان القلق والتوتر اللذين تمت السيطرة عليهما، وتفتيتهما إلى شحنات تضيء ثنايا العمل.
عالم محمّد الرواس رحلة قوامها الشغف والحب والرهافة. لوحته التي وصلت اليوم إلى مرحلة متفردة، هي نتاج لعقلية تربط الإنسان، وتعمّق حضوره في المكان والزمان. فنان يقدم قراءات ومحاولات خلق جديدة، هي في المحصلة نتاج هجين لمتناقضات تجتمع في لوحة فنان قطع أشواطاً في رحلة تجاوز الحداثة إلى ما بعدها، منذ معرضه الأول الذي يعود إلى عام 1971.
السيطرة الكاملة على المفردة، والجهوزية المستفزة لا تلغيان التخيل والعاطفة والعفوية في العمل، بل هما استجابة عملية للتحولات الطارئة والأصيلة في الفن، وفق مستويين: تاريخي وراهن. التفاعل يكون مع حساسيات الخامة والمادة في وضعها الطبيعي. الخشب، والأسلاك، والمعدن جميعها عناصر تُغني المشهد، وتزيده تعقيداً وتنوعاً، وتضفي مناخاً من النحت الليتوغرافي المدعم بتصويرية عالية، وشروح رقمية ومقاسات هي ليست ترفاً أو أمراً تزيّنياً بقدر ما هي عناصر تحمل بعداً تفسيرياً ضرورياً.
ويصعب تفسير الحضور النسوي في أعمال الرواس. الغرائزية المباشرة أحياناً لا تحمل نزعة ترويجية، بقدر ما تضعنا أمام بهاء وحشي صادم. الدقة التشخيصية تعطي شعوراً بالمغامرة في وسط رمزي وإيحائي محتشد بالتفاصيل. ثمة تنوع في معنى حضور المرأة في أعمال المعرض كما في سلسلة أعمال «حلم منتصف الخريف»، و«الشتاء»، و«الربيع» و«الصيف». تبدو المرأة في عالم الرواس حالة جدلية شائكة غير مرتهنة لمجرد تأويلات عاطفية. المرأة المقترنة بالدمى، والمقتبسة من لوحات كلاسيكية، الأنثى العارية، والأسطورة، والعاملة، وغيرها من حالات يصعب الخروج منها بنتيجة حتمية.
أعمال المعلّم اللبناني المشبعة بالحكايا تكتسي ثوباً تعبيرياً يتجاوز الأطر المحلية. هذا الاختلاط بين عناصر متناقضة حد التعقيد يقودنا إلى فهم خاص وشمولي لعمل فني بات مساحة لاحتضان جملة اشتباكات ذات أثر مربك. تلك الاشتباكات يقودها الرواس عبر وسائط بصرية، وحسابات دقيقة إلى خصوصية المادة وعلاقتها بالأخرى. الصرامة والعقلانية اللتان تتسم بهما أعماله لا تخفيان القلق والتوتر اللذين تمت السيطرة عليهما، وتفتيتهما إلى شحنات تضيء ثنايا العمل.
عالم محمّد الرواس رحلة قوامها الشغف والحب والرهافة. لوحته التي وصلت اليوم إلى مرحلة متفردة، هي نتاج لعقلية تربط الإنسان، وتعمّق حضوره في المكان والزمان. فنان يقدم قراءات ومحاولات خلق جديدة، هي في المحصلة نتاج هجين لمتناقضات تجتمع في لوحة فنان قطع أشواطاً في رحلة تجاوز الحداثة إلى ما بعدها، منذ معرضه الأول الذي يعود إلى عام 1971.
حتى 6 حزيران (يونيو) الجاري ـــ «غاليري سوا»، دبي ــــ للاستعلام: 0097143408660
www.artsawa.com
www.artsawa.com
أخبار ذات صلة
في صحف اليوم: تراجع في موقف الجامعة العربية بشأن حزب الله بعد ضغط
2024-07-02 12:25 م 86
جنبلاط متشائم: أستشرف توسيع الحرب*
2024-06-24 09:10 ص 175
لبنان ليس للبيع... مولوي: نرفض الإغراءات المالية لتوطين النازحين*
2024-06-22 09:59 ص 151
تطوّر "لافت"... أميركا تكشف مكان السنوار وقادة حماس في غزة
2024-01-13 09:01 ص 227
خطة غالانت لما بعد حرب غزة.. هذه أهم بنودها
2024-01-04 09:09 م 276
مفوضية الجنوب في كشافة الإمام المهدي خرجت 555 قائدا وقائدة
2017-07-10 10:26 ص 1622
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا
أطباء يحذرون: لا تجلس على المرحاض لأكثر من 10 دقائق لهذا السبب
2024-11-14 09:31 م
بدر زيدان: لخدمة صيدا وأبنائها وهو يسير على درب والده السيد محمد زيدان
2024-11-14 03:35 م
خليل المتبولي - المحبة بين الناس: جوهر العلاقات الإنسانية في زمن الحرب
2024-11-06 12:23 م
حكم وعبر في الحياة
2024-11-04 10:37 م
بالصور غارة على بلدة الغازية
2024-11-03 01:32 م
من هم أبرز المرشحين لخلافة السنوار
2024-10-19 06:19 ص
كارثة صحية تهدد مستشفيات صيدا بعد استنفاذ مخزونها من المستلزمات الطبية
2024-10-18 09:40 ص
حمام الشيخ في صيدا القديمة يفتح أبوابه لتمكين النازحين من الاستحمام
2024-10-17 03:02 م
مبروك المصالحة مبروك لصيدا وللنائب الدكتور أسامة سعد والمحافظ منصور ضو
2024-10-10 10:39 ص
بالصور تعليق عدد من اللصوص على الأعمدة في وسط الشوارع بالضاحية الجنوبية