×

بالإذن..ذكاء..

التصنيف: Old Archive

2010-06-09  01:34 م  720

 

 

علي نون
موضوعان مركزيان سيظلان حتى إشعار آخر، الركنين الأساسيين في حركة معظم دول المنطقة، وتلك المعنية بها يا إخوان، الأول كيفية فك الحصار عن غزة، والثاني كيفية إحكام الحصار على إيران.
الشأن الأول الخاص بغزة، يدور كما يبدو راهناً حول لافتة البحث، تحت شعار فك الحصار، عن كيفية منافسة تركيا إعلامياً وإنسانياً وسياسياً بعدما طغى "منطقها" على كل ترسانات الكلام والسلاح من خلال اعتمادها خيار عدم السكوت على مجزرة "أسطول الحرية"، ومن خلال تمسكها بكرامتها الوطنية العليا التي تعني في ما تعنيه، أن حفظ دماء أبنائها أهم من حفظ مصالحها الاستراتيجية المبنية على مدى سنوات مع إسرائيل والمنظومة الغربية الداعمة لها.
ويعرف كل الناس، أن السياسة لعبة مصالح عليا وسفلى على حد سواء. ويعرف الجميع قبل ذلك وفوقه، ان الدول تحترب بسبب تضارب المصالح وليس بسبب قصائد الشعر والغزل المقفّى، وأن الاحتراب ذاك لا يكون بالضرورة ودائماً، من خلال الدم والحديد والنار وقرقعة الصواريخ، إنما بأشكال أخرى يُفترض أن الحداثة طوّرتها وبلورتها ودفعتها الى أخذ أشكال ديبلوماسية وقضائية وسياسية عدة... ويعرف الكثيرون أيضاً، أن قصة المصالح تلك تنزل عن منصة الصدارة والوجاهة عندما تتعرض الدول والجماعات لطعن في دمائها وكبريائها ومُثلها وكل مكوّن من مكوّنات هويتها القومية، لكن حتى في هذا السياق، كما يبيّن المثال التركي تحديداً، تصير الكرامة القومية صنواً للمصلحة العليا وليس بديلاً عنها.. وفي حساب منطقي بسيط يُظهر أن من يسكت عن طعنه في دمه يسقط من حساب الآخرين ويؤدي ذلك السقوط تلقائياً الى دحرجة تطال كل شأن آخر بدءاً بالسياسة وصولاً الى الاقتصاد.
بذكاء وقّاد، حوّلت القيادة التركية، الحصار على غزة الى حصار لحكومة بنيامين نتنياهو، والهذر الدائر في تل أبيب راهناً تحوّل من حديث لا يكلّ ولا يملّ عن ترسانات الصواريخ المقابلة وتهديداتها الى بحث دائم وعلى مدار الساعة في كيفية "مواجهة" الأساطيل الآتية لنصرة غزة وأهلها.. حوّلت أنقرة الأنشودة الى مكان آخر وصار "البحر بيتكلم تركي".
عامل الذكاء وليس التذاكي هنا، هو الذي يُبرز الفرق بين التأثير الذي يتركه الموقف العالي النبرة والواصل، وذلك الذي لا يتركه الصاروخ الخافت والنائم الى يوم الدين والذي لا يصل!
أما الشق الثاني الخاص بـ"الحصار على إيران" من خلال العقوبات، فهو على ما يبدو سيأخذ اعتباراً من اليوم، وتيرة تنفيذية واضحة، خصوصاً وأن روسيا (لاحظوا) وليس الولايات المتحدة، تبدو الأكثر إصراراً على معاقبة طهران على أدائها النووي وسياسة الصراخ التي تعتمدها. وهذا (في رأيي المتواضع) أمر بديهي كان يفترض بأقطاب النظام في طهران أخذه في الحسبان أكثر بقليل من قصة المناطحة الاستراتيجية مع أميركا.
هذا أول درس تفرضه الجغرافيا السياسية وقد غيّبته طهران لصالح إيدلوجيا سياسية لم توصلها الى أي مكان... إنه الفارق بين الذكاء والتذاكي، والله أعلم.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا