انطلق الجمعة ببلدة الهوارية التابعة لمحافظة نابل/100 كلم شمال شرق العاصمة تونس/ المهرجان السنوي للصيد بطائر الباشق الذي يعد أحدا أشهر مهرجانات الصيد بالطيور الجارحة في المنطقة العربية.

وقال الشاذلي الجليدي مدير المهرجان في تصريح إن " نحو 100 من أمهر مربي الصقور تتراوح أعمارهم بين 19 و80 عاما يشاركون في الدورة الجديدة لمهرجان السّاف (الباشق باللهجة التونسية)".

وأشار الجليدي إلى أن المهرجان يهدف إلى الحفاظ على فن"البيزرة" (ترويض الصقور واستعمالها في الصيد) الذي يتوارثه أهالي الهوارية منذ قرون طويلة وإلى التعريف بهذه البلدة الجبلية المطلة على البحر الأبيض المتوسط كوجهة للسياحة البيئية.

ولا يكاد حي في هذه البلدة يخلو من مرب للجوارح التي يحرص الكبار على تلقين الصغار فنون ترويضها وتدريبها على الصيد. وتنتصب في كثير من شوارع الهوارية تماثيل ومنحوتات عملاقة لطائر "الساف" الذي يعتبره سكان المنطقة رمزا لبلدتهم.

ويعتبر مهرجان "الساف" بالهوارية الذي بدأت دورته الأولى عام 1967 المهرجان الوحيد للقنص بالطيور الجارحة في تونس.

تستمر فعاليات المهرجان 4 أيام تستقبل الهوارية خلالها أعدادا غفيرة من السياح العرب والأجانب جاؤوا خصيصا للاستمتاع بعروض "البيزرة".

ويعتمد الطائر الجارح طريقة ذكية في القنص تمكّنه من العودة بالسمّانة سالمة إلى مروّضه، إذ عادة ما ينقضّ بمنقاره أو مخالبه الحادّة على ذيل الفريسة دون سواه حتى لا يصيبها بجروح في أماكن أخرى من جسمها.

وتعتبر الهوارية التي أطلق عليها الرومان قديما اسم "أكوالاريا" أي "بلاد الصقور" محطة استراحة تتوقف فيها سنويا ومنذ بداية فصل الربيع آلاف من الجوارح المهاجرة من إفريقيا نحو أوروبا موطنها الأصلي الذي غادرته بداية الخريف هربا من برد الشتاء القارس.

وتسلك هذه الطيور- ومن بينها الباشق- في طريق العودة إلى أوروبا مضيقا بحريا طوله 130 كلم يفصل بين صقلية الايطالية والهوارية التونسية.

وعند توقفها بالهوارية تلجأ الطيور المهاجرة إلى غابات البلدة وكهوفها الجبلية التي يعود عمر بعضها إلى 814 قبل الميلاد. ويغتنم مربي الطيور الجارحة هذه الفرصة ويقتنصون طيور الباشق ويدربونها على صيد السمان للمشاركة بها في مهرجان "السّاف".

ويقول الشاذلي الجليدي :"الماهر من بين البيازرة من ينجح في ترويض الباشق وتدريبه على الصيد في مدة لا تتعدى 20 يوما من تاريخ قنصه".

ويقول مربو الباشق إن هذا الطائر يرتاح كثيرا إلى الشخص ذي الرائحة الطيبة ويجلس مطمئنا فوق يده بينما ينفر بشدة من الشخص كريه الرائحة. ولا يأكل هذا الطائر الجيفة ويحتاج يوميا إلى التهام 400 جرام من لحم الطيور الحية.

جدير بالذكر أن مربي الصقور يطلقون على الباشق اسم "أمير السماء" لذكائه وحدة بصره وسرعة انقضاضه على الفريسة. ويمتاز هذا الطائر الذي يعيش 16 عاما على أقصى تقدير، بلونه الرمادي المائل للزرقة في أعلاه مع سواد في قمة رأسه.

ويحظر القانون التونسي الاحتفاظ بالباشق بعد انقضاء موسم صيده الذي يتزامن مع نهاية مهرجان الساف فيطلق البيازرة سراحه مكرهين ليواصل رحلته نحو أوروبا بعد وضع خاتم في ساقيه خاص بالوجهة التي قدم منها. (د ب أ)xpx xclxالعرب أونلاين