وجهت السيدة نازك رفيق الحريري كلمة الى اللبنانيين بمناسبة عيد الأب قالت فيها: "إن اشتياقي لكم وللحديث معكم لا نهاية له ولا حدود. فأنا بشوق لكم كشوق أم لاحتضان ولدها. شوق وحنين لأكون معكم وبقربكم، لا توازيه ولا تضاهيه لوعة البعاد. ولو أنني بعيدة عنكم لظروف نزلت بي نزول الصاعقة، فإنني قريبة منكم بمشاعري وأحاسيسي وقلبي وفكري ووجداني. إن القلب مثقل بالوحدة، يلملم الجراح ليتعافى وليعود بقوة وعزم كما أراد شهيدنا الغالي، الذي رحل عنا، عن عائلته الصغيرة وعائلته الكبيرة باكرا جدا. ولكنني أقول دائما إنها مشيئة الله عز وجل، وهي حق علينا وقد ارتضينا بها. ولا بد من يوم تظهر فيه الحقيقة، وينتصر فيه الحق بإذنه سبحانه وتعالى".

تابعت: "أيها الأحبة، نجتمع اليوم لنكرم آباء لبنان والعالم، في تحية لرجال جسدوا العطاء بلا مقابل، وأخذوا بيد الأجيال ليسلحوا الأوطان بشباب وشابات مزودين بالعلم والإيمان، وبالأخلاق الحميدة. وفي هذه المناسبة العزيزة على قلبي وكما في كل مناسبة، أتذكر الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأهنئه بعيد الأب؛ هو من كان خير أب للعائلة والوطن. كل عام وذكراك طيبة يا رفيق العمر. لك مني ومن أولادنا وأحفادنا، ومن الذين اعتبرتهم أولادا وأحفادا لك في الوطن، تحية ومحبة. إن الأبوة التي عاشها الرئيس الشهيد رفيق الحريري مسؤولية اجتماعية ووطنية. كان شهيدنا الغالي مثالا للأب الذي يرعى بيته ويوجه عائلته إلى الخير والرقي في العلم والأخلاق. ولكنه كان أيضا يراعي مفهوم الأبوة في إدارة البلاد. فهو لم يعتبر نفسه حاكما في لبنان بل أبا مسؤولا عن جميع بنيه، لا يهدأ له بال حتى يضمن لهم مستقبلا آمنا وواعدا".

تابعت: "سلك الرئيس الشهيد رفيق الحريري درب الأبوة بمفهومها الوطني الأوسع. وأثمرت شجرة المحبة والعطاء التي غرسها على امتداد الوطن إنجازات استثنائية، حققها مع اللبنانيين في حياته ثم في استشهاده. كان الطريق إلى الدولة الحرة السيدة المستقلة طويلا، وكان النضال محفوفا بالدماء والتضحيات. لكننا نجحنا أيها الرئيس الشهيد. نجحنا معك ومن بعدك، لأننا اقتنعنا مثلك بقوة لبنان، وبأن ثروتنا تكمن فينا وبأن وحدتنا هي الأهم. واجهنا تحديات خطيرة واستحقاقات مصيرية، وتجاوزنا محنا ومراحل وضع فيها أمن الوطن واستقراره على المحك. تخطيناها جميعها لأننا أدركنا، ما عرفته أنت قبل سنوات طويلة، أن الشعب اللبناني بطوائفه المختلفة لا يملك سوى خيار السلم الأهلي والعيش معا في كنف الدولة ومؤسساتها الشرعية وبحمايتها".

اضافت: "وما زال لبنان يقف على مشارف مرحلة تاريخية، ستحدد موقعه المستقبلي على خريطة الشرق الأوسط والعالم. ففي ظل المخاطر الأمنية التي تهدد الأمة العربية، وآخرها جريمة حصار غزة اللا إنسانية والإعتداء الإرهابي على أسطول الحرية، وأمام التحديات الإقتصادية التي تشهدها الساحة الدولية، بات لبنان بحاجة ماسة إلى التمسك بأسس العمل الوطني التي أرساها الرئيس الشهيد رفيق الحريري في مسيرة إعادة بناء الدولة والمجتمع اللبناني".

تابعت: "ونحن عائلتك نجدد اليوم التزامنا بهذه الأسس والبناء عليها، ونؤكد دعمنا لإبننا سعد في أداء الواجب الوطني الملقى على عاتقه وعلى عاتق جميع الحريصين على مصلحة هذا الوطن الغالي. وإننا متمسكون بإكمال نهج الرئيس الشهيد رفيق الحريري في خدمة الناس في ما يتعدى حدود المناطق والطوائف. وإننا مصرون على العمل مع جميع الأخوة في الوطن، سيرا على خطى الرئيس الشهيد رفيق الحريري، لمواصلة تكوين الدولة الحاضنة لجميع اللبنانيين والتي تقيم أفضل العلاقات مع محيطها العربي والإسلامي ومع أصدقائها في العالم".

تابعت: "هذه الدولة لا تهزمها المصاعب، ولا يكسر إرادتها العدو المتربص بأمنها ونموها. هي الدولة التي يثق فيها شعبها وشعوب العالم، وتؤدي الدور الفاعل والبناء الذي أراده لها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فتكون جسر العبور إلى بر الأمان والإطمئنان في منطقة الشرق الأوسط ومفتاح حل الأزمات التي تعصف بالأمة، وخصوصا الطريق إلى إنهاء الصراع العربي-الإسرائيلي على أساس حل عادل وشامل، يستند إلى تطبيق قرارات الأمم المتحدة بالكامل وإعادة الأرض العربية إلى أهلها والحقوق العربية إلى أصحابها وفي طليعتها حق العودة للأخوة الفلسطينيين إلى دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف".

وقالت: "والحديث عن الحق، يرجعنا إلى حق ما زلنا ننتظره جميعا في لبنان والعالم. إنه حق معرفة من قتل الرئيس الشهيد رفيق الحريري وسائر الشهداء الذين سقطوا على دروب الحرية والسيادة. ونحن مقتنعون بأن العدالة ستأخذ مجراها وبأن المجرمين سينالون العقاب المناسب، ولعله عاجل إن شاء الله. وأملي يتجدد دائما بعودة قريبة إلى ربوع لبنان، للقاء الأحبة ومواصلة مسيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري ونهجه الإنساني من بلدنا الحبيب ومع شعبنا الطيب، بإذن الله تعالى".