مروان حمادة "جبل لا تهزه ريح".. الاغتيال
التصنيف: سياسة
2009-10-02 06:06 ص 2506
عمر حرقوص
انها سيارة النائب مروان حمادة التي تحترق في منطقة جل البحر في بيروت، هكذا قال مراسل أحد التلفزيونات العربية وهو يخبر عن الانفجار الذي هزّ المدينة من دون مقدمات صباحية.
يوم أسود أعلن بداية أيام القتل غير العادية، عبوة ناسفة تستهدف الرجل الذي بقي في بيروت خلال الاجتياح الاسرائيلي، وعمل في مرحلة السلم من أجل وطنه. مروان حماده نسي ألمه الخاص وحمل همّ وطنه ليفتديه. للأشهر الأولى بعد العبوة الناسفة ظن أن هذا الاغتيال غير المكتمل هو الوحيد الذي سيكون من عمل المجرم، شدّ عزمه ليشفى ويناضل مع رفاقه لإكمال معركة السيادة والحرية والاستقلال التي بدأت برفض التجديد القسري لاميل لحود في الثاني من أيلول 2004.
منذ خمس سنوات والمقتلة تتطور وتختار حياة اللبنانيين لتقتلهم، جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري أتت لتشد عزيمة مروان حماده، فصار من أول الواقفين في ساحة الشهداء يطالب مع الناس بالحرية وتحرير لبنان من الاحتلال السوري.
يحضر مروان حماده، الرجل المصاب بعبوة كادت ان تفعل الكثير، تغلّب على تلك اللحظة ووقف أمام الجميع يحيي الناس الواقفين في برد تلك الليلة معلناً ان الاستقلال آت، والوصاية إلى زوال. يصرخ الناس لرؤيته يتحدث بقوته المعهودة. يقول الشهيد وليد عيدو "انه مروان حماده مثل الجبل لا يمكن قهره".
مروان حمادة لا ينسى اللحظات السوداء التي تلت الانفجار ورحيل مرافقه الشهيد غازي بو كروم. والعيش لفترة طويلة تحت المراقبة الطبية الدائمة ومشاهدة الجريمة بتواصلها. ولكن مقتلة السان جورج غيرت الكثير من قدرات الرجل وجعلته مارداً في مواجهة حملة القتل الكبيرة التي لم تتوقف منذ صباح ذلك اليوم الخريفي على شاطئ بيروت. رحيل الأحبة وخسارتهم كانا السبيل الوحيد لتحرر هذا الوطن من قبضة مجرم لا يشتهي إلا رائحة الدماء.
في منزل حمادة صور لعدد من شهداء الانتفاضة وكذلك الصورة الأخيرة للرئيس الشهيد رفيق الحريري يوم 14 شباط 2005 في المجلس النيابي، الصورة التي تجمعه مع الوزيرة بهية الحريري، وفي الصورة يظهر ايضاً الشهيد انطوان غانم، وخلفه يظهر الشهيد بيار الجميل بأجمل ابتسامة لشهيد أوصى على مقعد رجال الاستقلال كما غيره من شهداء الانتفاضة. في هذه الصورة لحظات حميمة يراها مروان ويدركها جيداً. يقترب منها ويضع يدها على الزجاج كأنه يعيدها للحياة ثانية في عينيه وذاكرته. كأنه يريد لهذه اللحظة ايقاف الزمن هناك وتغيير المعادلة. صورة تجمع الشهداء والأحياء الذين ناضلوا ليبقى لبنان. وفي المنزل أيضاً لوحة فنية ليوم 14 آذار 2005 في ساحة الشهداء، لوحة يطغى فيها العلم اللبناني على كل شيء فيغطي بلونه الأحمر وأبيضه مع الناس على فكرة القتل والتدمير.
خمسة أعوام مرت على التمديد المشؤوم لاميل لحود، خمسة اعوام رأى فيها اللبنانيون كل دقة ساعة ودقيقة وثانية مرّت بحياتهم، حسبوا الوقت جيداً منذ اليوم الأول لذاك التمديد، لأنه اليوم الأول لبداية المأساة التي لم تتوقف. في المجلس النيابي يقف قلة يرفضون تعديل الدستور من أجل شخص، حمادة يقف أولاً في رفض هذا التمديد، كما وقف طيلة حياته للبنان أولاً. بين المجلس النيابي وساحة الشهداء دقائق قليلة وآلاف العسكر وأجهزة المخابرات لمنع مجموعة صغيرة من الشبان القيام بالاعتصام. مجموعة لا تتعدى 120 شاباً داعمين لمروان ورفاقه في ذلك اليوم الكئيب. مكان أقرب ما يكون إلى اللون الأسود منه إلى الحياة، حيث يستطيع أي رجل مخابراتي أن يهدد الناس في حياتهم.
قبل أيلول 2004 وإبان التحضير للتمديد القسري والتحضيرات من الجهة المقابلة لمواجهته والتي أسس لها حمادة مع غيره من قيادات المعارضة في تلك الفترة، صدر القرار الدولي الرقم 1559 الذي أتى ليحمي اللبنانيين من "الجريمة" المتمادية بالوصاية التي امتدت 30 عاماً. في البداية برزت جبهة معارضة تشكلت من نواب اللقاء الديموقراطي والحزب التقدمي الإشتراكي، وقرنة شهوان والمنبر الديموقراطي واليسار الديموقراطي وبعض أعضاء كتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري. كانت هذه النواة لتأسيس حركة معارضة وبدا جلياً أن معركة استعادة الاستقلال اللبناني دخلت مرحلتها الحاسمة والنهائية. هي مرحلة قاسية كانت تسيطر غيوم داكنة على تلك الفترة، وكان لحمادة دور أساسي في العمل على خط توحيد الرؤية بين المعارضة والشهيد الحريري من خلال الثقة الكبيرة التي يتمتع بها من قبل الأطراف التي تحاول بناء الدولة والحفاظ على أسس الدستور واتفاق الطائف.
بعد محاولة اغتيال حمادة، بدأت حملة أمنية سياسية لتغيير الواقع بالقوة في لبنان. أبعد من خلالها الوزير الياس المرّ عن وزارة الداخلية وعن المراكز الحكومية. وذلك لمجرد كشفه مدى تورّط جهات نافذة في مخطط استعمال حسن نية بعض الجهاديين الثائرين على الوضع في العراق. توالت الأحداث المباشرة من تهديد وتهويل وتحريض مباشر على الشاشات وصفحات الجرائد. كان الهدف الأول هو الرئيس الشهيد الحريري وصولاً إلى ما سمي أزمة "الزيت". وصل الاستهداف إلى كل أعضاء لائحة الشرف النيابية التي رفضت التمديد القسري لإميل لحود. في المقابل، كان الشهيد رفيق الحريري ينخرط في المعارضة كمحرّك أساسي للمسار الاستقلالي الجديد الذي تبلور في اجتماعات البريستول وفي الاعداد المتواصل للانتخابات النيابية في بيروت والمناطق. والتي بدا واضحاً فيها أن الحريري والمعارضة سيكتسحون مواقع الطرف الآخر.
المحكمة
بدايةً، أتت لجنة تقرير لجنة تقصي الحقائق بشأن أسباب، ظروف ونتائج عملية إغتيال الرئيس رفيق حريري، وبعدها أتى التحقيق الدولي ليضم في طياته كل قضايا التفجير والاغتيال التي حصلت بعد تفجير "جل البحر" في عين المريسة، وصولاً إلى عملية الاغتيال الأخيرة التي استهدفت الشهيد وسام عيد. واليوم سارت المحكمة الدولية، لتتقدم في عملها لتوضيح الصورة الكاملة للجريمة وما يمكن أن تتوصل إليه من حماية للبنانيين.
تحصين النتائج بكل الدلائل والقرائن والإثباتات التي سيكون لها وقع مدوٍ أمام المحكمة الدولية، كل ما يمكن قوله في هذا المجال وفي ضوء التكتم الشديد للمحققين. ومن خلال التقارير المقدّمة إلى مجلس الأمن يظهر أن اتجاه الاتهام سلك طريقاً محدداً ومعروفاً لدى الجميع، وان الترابط بين معظم الجرائم بات ثابتاً إلى أقصى الحدود. فالتحقيق كما يرد في التقارير يركّز على دوافع القتل وأساليب تنفيذ الجرائم وفرادة المستفيد. المحكمة الدولية ستظهر الآمر بالقتل والمحرّض والمنفّذ. سيأتي وقت تنفضح فيه آلة القتل بتفرعاتها المحلية والاقليمية وسيمثل القتلة أمام المحكمة الخاصة بالجرائم الممتدة في لبنان منذ العام 2004.
أيام سود.. مرّت
بعد انفجار جل البحر ومحاولة اغتيال حمادة، كانت أيام صعبة لا يعرفها إلا قلة عاشوها، صديقان في القلب يدركان معنى هذا النوع من النجاة الموصوف بالصدفة، هما الوزير الياس المر والإعلامية مي شدياق. يجمعهما الكثير مع مروان إضافة إلى الصداقات المشتركة، والرفاق من الشهداء المشتركين، ومحاولات القتل حيث لا ينتظر أحدهم الموت.
هناك رحلة آلام طويلة يقضيها الثلاثة كأنهم يسجلون للوطن ذاكرة حقيقية بعد غياب الشهداء. أو كأنهم يزرعون أملاً للذاهبين إلى الحرية لمواجهة المجرم بقوة الحياة في مواجهة العبوة الناسفة.
محاولة الاغتيال الأولى كانت بالتأكيد لقطع وإيقاف مسيرة الاستقلال التي بدأت تكبر يوم ظهر ميل حقيقي لدى اللبنانيين برفض التمديد لإميل لحود، ولكنها كانت السبب الرئيسي لتوحيد السياديين من كل لبنان تحت سقف إخراج الاحتلال السوري وبناء الدولة. الدموع هي أول ما يتحرك تلقائياً كلما قيل اسم مثل رفيق وباسل أو جبران وسمير وجورج وبيار ووليد وانطوان وفرنسوا ووسام. كأنما الوقت يتوقف هنا أو كأن الشهداء يسمعون صوتهم للأحياء. الذاكرة تؤلم أحياناً، ومع أن الأحبة لا يغيبون عن البال فلا شيء يستطيع إيقاف الألم برحيلهم. كأن وجع الانفجارات والقتل بالرصاص والعيش بجروح لم تنته يعيد إلى اللبنانيين بعضاً من أيام فقدوها.
في انتفاضة الاستقلال والطريق إلى الحرية سقط شهداء، ودفعوا ثمناً غالياً لمواقفهم، كان باستطاعتهم الركون والصمت والتحول إلى ساكتين عن المجرم، ولكن مدرسة صنعها تاريخ طويل من كمال جنبلاط وبشير الجميل، ورينيه معوض والمفتي حسن خالد وغيرهم الكثيرين، صنعت هذه المدرسة للبنان رجالاً يعيشون في الشمس.
في الأول من تشرين الأول كان الاعتداء الذي تعرض له حمادة جزءاً من الزلازل الإجرامية التي ضربت لبنان بأبطاله ومواطنيه. معاقبة المجرم أول الطرق لإيقاف الجريمة بدل المحاولة المسبقة لمعرفة الضحية المقبلة. أو على الأقل تضامن الشهداء ورفاقهم، وحماية الدستور والدفاع عن الجمهورية، هي أول الطرق لتحييد لبنان عن الرسائل الاقليمية؛ لمروان حمادة قدرة كبيرة على النضال أكثر من السابق، لأنه يحمل قضية رفاقه الشهداء والجرحى، ويحمل أيضاً همّ بناء وطن أكبر من كل عسسهم ومخابراتهم.
في الانتخابات النيابية انتصر لبنان على التدخلات الاقليمية و"المال الطاهر"، وكذلك انتصر الشعب الذي صنع "ثورة الأرز" على أيام "القتل المجيد". أرادها الناس فرصة لإبراز ديموقراطية ناضلوا من أجلها، طالبوا بالحرية والسيادة والاستقلال وحصلوا عليها، ولكن هذا الشعب كان ينتظر فرحة بما أنجزه، فأتاه البعض وهم يحاولن منع قيام الدولة.
لم تكن الانتخابات إلا واحدة من الفرص التي أراد فيها ناس مروان والشهداء جميعاً القول ان المستقبل هو للحياة ولمن يريد بناء وطن، وليس للمجرمين ومهددي الناس بالسلاح.
تغير مروان حمادة بعد محاولة اغتياله، صورة الرجل الذي حوّل أكثر وقته للبحث عن حقيقة الاغتيال والقتل الذي حصل لرفاقه وأحبته. فمروان حمادة الانسان والديبلوماسي القادر على محاورة الجميع ما زال موجوداً طوال الوقت ومنغرساً في النفس والإسلوب. لكن في مواجهة الجريمة والمجرمين، أفسح المجال أمام درجة وافية من التصميم وبل الصدامية التي لا بد منهما أمام المسلسل الرهيب الذي يعيش فيه اللبنانيون منذ التمديد القسري لإميل لحود.
خمسة أعوام على الجريمة، ومروان حمادة كما هو لا يهادن ويدفع معنا جميعاً ثمن حماية لبنان، خمسة أعوام لم يتوقف القاتل عن محاولاته، وكذلك لم يتوقف مروان حمادة عن نضاله لأجل الوطن. تأتي المحكمة الدولية فيربح لبنان الحماية، ويخسر المجرم حربه التي بدأها قبل أربع وثلاثين عاماً
يوم أسود أعلن بداية أيام القتل غير العادية، عبوة ناسفة تستهدف الرجل الذي بقي في بيروت خلال الاجتياح الاسرائيلي، وعمل في مرحلة السلم من أجل وطنه. مروان حماده نسي ألمه الخاص وحمل همّ وطنه ليفتديه. للأشهر الأولى بعد العبوة الناسفة ظن أن هذا الاغتيال غير المكتمل هو الوحيد الذي سيكون من عمل المجرم، شدّ عزمه ليشفى ويناضل مع رفاقه لإكمال معركة السيادة والحرية والاستقلال التي بدأت برفض التجديد القسري لاميل لحود في الثاني من أيلول 2004.
منذ خمس سنوات والمقتلة تتطور وتختار حياة اللبنانيين لتقتلهم، جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري أتت لتشد عزيمة مروان حماده، فصار من أول الواقفين في ساحة الشهداء يطالب مع الناس بالحرية وتحرير لبنان من الاحتلال السوري.
يحضر مروان حماده، الرجل المصاب بعبوة كادت ان تفعل الكثير، تغلّب على تلك اللحظة ووقف أمام الجميع يحيي الناس الواقفين في برد تلك الليلة معلناً ان الاستقلال آت، والوصاية إلى زوال. يصرخ الناس لرؤيته يتحدث بقوته المعهودة. يقول الشهيد وليد عيدو "انه مروان حماده مثل الجبل لا يمكن قهره".
مروان حمادة لا ينسى اللحظات السوداء التي تلت الانفجار ورحيل مرافقه الشهيد غازي بو كروم. والعيش لفترة طويلة تحت المراقبة الطبية الدائمة ومشاهدة الجريمة بتواصلها. ولكن مقتلة السان جورج غيرت الكثير من قدرات الرجل وجعلته مارداً في مواجهة حملة القتل الكبيرة التي لم تتوقف منذ صباح ذلك اليوم الخريفي على شاطئ بيروت. رحيل الأحبة وخسارتهم كانا السبيل الوحيد لتحرر هذا الوطن من قبضة مجرم لا يشتهي إلا رائحة الدماء.
في منزل حمادة صور لعدد من شهداء الانتفاضة وكذلك الصورة الأخيرة للرئيس الشهيد رفيق الحريري يوم 14 شباط 2005 في المجلس النيابي، الصورة التي تجمعه مع الوزيرة بهية الحريري، وفي الصورة يظهر ايضاً الشهيد انطوان غانم، وخلفه يظهر الشهيد بيار الجميل بأجمل ابتسامة لشهيد أوصى على مقعد رجال الاستقلال كما غيره من شهداء الانتفاضة. في هذه الصورة لحظات حميمة يراها مروان ويدركها جيداً. يقترب منها ويضع يدها على الزجاج كأنه يعيدها للحياة ثانية في عينيه وذاكرته. كأنه يريد لهذه اللحظة ايقاف الزمن هناك وتغيير المعادلة. صورة تجمع الشهداء والأحياء الذين ناضلوا ليبقى لبنان. وفي المنزل أيضاً لوحة فنية ليوم 14 آذار 2005 في ساحة الشهداء، لوحة يطغى فيها العلم اللبناني على كل شيء فيغطي بلونه الأحمر وأبيضه مع الناس على فكرة القتل والتدمير.
خمسة أعوام مرت على التمديد المشؤوم لاميل لحود، خمسة اعوام رأى فيها اللبنانيون كل دقة ساعة ودقيقة وثانية مرّت بحياتهم، حسبوا الوقت جيداً منذ اليوم الأول لذاك التمديد، لأنه اليوم الأول لبداية المأساة التي لم تتوقف. في المجلس النيابي يقف قلة يرفضون تعديل الدستور من أجل شخص، حمادة يقف أولاً في رفض هذا التمديد، كما وقف طيلة حياته للبنان أولاً. بين المجلس النيابي وساحة الشهداء دقائق قليلة وآلاف العسكر وأجهزة المخابرات لمنع مجموعة صغيرة من الشبان القيام بالاعتصام. مجموعة لا تتعدى 120 شاباً داعمين لمروان ورفاقه في ذلك اليوم الكئيب. مكان أقرب ما يكون إلى اللون الأسود منه إلى الحياة، حيث يستطيع أي رجل مخابراتي أن يهدد الناس في حياتهم.
قبل أيلول 2004 وإبان التحضير للتمديد القسري والتحضيرات من الجهة المقابلة لمواجهته والتي أسس لها حمادة مع غيره من قيادات المعارضة في تلك الفترة، صدر القرار الدولي الرقم 1559 الذي أتى ليحمي اللبنانيين من "الجريمة" المتمادية بالوصاية التي امتدت 30 عاماً. في البداية برزت جبهة معارضة تشكلت من نواب اللقاء الديموقراطي والحزب التقدمي الإشتراكي، وقرنة شهوان والمنبر الديموقراطي واليسار الديموقراطي وبعض أعضاء كتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري. كانت هذه النواة لتأسيس حركة معارضة وبدا جلياً أن معركة استعادة الاستقلال اللبناني دخلت مرحلتها الحاسمة والنهائية. هي مرحلة قاسية كانت تسيطر غيوم داكنة على تلك الفترة، وكان لحمادة دور أساسي في العمل على خط توحيد الرؤية بين المعارضة والشهيد الحريري من خلال الثقة الكبيرة التي يتمتع بها من قبل الأطراف التي تحاول بناء الدولة والحفاظ على أسس الدستور واتفاق الطائف.
بعد محاولة اغتيال حمادة، بدأت حملة أمنية سياسية لتغيير الواقع بالقوة في لبنان. أبعد من خلالها الوزير الياس المرّ عن وزارة الداخلية وعن المراكز الحكومية. وذلك لمجرد كشفه مدى تورّط جهات نافذة في مخطط استعمال حسن نية بعض الجهاديين الثائرين على الوضع في العراق. توالت الأحداث المباشرة من تهديد وتهويل وتحريض مباشر على الشاشات وصفحات الجرائد. كان الهدف الأول هو الرئيس الشهيد الحريري وصولاً إلى ما سمي أزمة "الزيت". وصل الاستهداف إلى كل أعضاء لائحة الشرف النيابية التي رفضت التمديد القسري لإميل لحود. في المقابل، كان الشهيد رفيق الحريري ينخرط في المعارضة كمحرّك أساسي للمسار الاستقلالي الجديد الذي تبلور في اجتماعات البريستول وفي الاعداد المتواصل للانتخابات النيابية في بيروت والمناطق. والتي بدا واضحاً فيها أن الحريري والمعارضة سيكتسحون مواقع الطرف الآخر.
المحكمة
بدايةً، أتت لجنة تقرير لجنة تقصي الحقائق بشأن أسباب، ظروف ونتائج عملية إغتيال الرئيس رفيق حريري، وبعدها أتى التحقيق الدولي ليضم في طياته كل قضايا التفجير والاغتيال التي حصلت بعد تفجير "جل البحر" في عين المريسة، وصولاً إلى عملية الاغتيال الأخيرة التي استهدفت الشهيد وسام عيد. واليوم سارت المحكمة الدولية، لتتقدم في عملها لتوضيح الصورة الكاملة للجريمة وما يمكن أن تتوصل إليه من حماية للبنانيين.
تحصين النتائج بكل الدلائل والقرائن والإثباتات التي سيكون لها وقع مدوٍ أمام المحكمة الدولية، كل ما يمكن قوله في هذا المجال وفي ضوء التكتم الشديد للمحققين. ومن خلال التقارير المقدّمة إلى مجلس الأمن يظهر أن اتجاه الاتهام سلك طريقاً محدداً ومعروفاً لدى الجميع، وان الترابط بين معظم الجرائم بات ثابتاً إلى أقصى الحدود. فالتحقيق كما يرد في التقارير يركّز على دوافع القتل وأساليب تنفيذ الجرائم وفرادة المستفيد. المحكمة الدولية ستظهر الآمر بالقتل والمحرّض والمنفّذ. سيأتي وقت تنفضح فيه آلة القتل بتفرعاتها المحلية والاقليمية وسيمثل القتلة أمام المحكمة الخاصة بالجرائم الممتدة في لبنان منذ العام 2004.
أيام سود.. مرّت
بعد انفجار جل البحر ومحاولة اغتيال حمادة، كانت أيام صعبة لا يعرفها إلا قلة عاشوها، صديقان في القلب يدركان معنى هذا النوع من النجاة الموصوف بالصدفة، هما الوزير الياس المر والإعلامية مي شدياق. يجمعهما الكثير مع مروان إضافة إلى الصداقات المشتركة، والرفاق من الشهداء المشتركين، ومحاولات القتل حيث لا ينتظر أحدهم الموت.
هناك رحلة آلام طويلة يقضيها الثلاثة كأنهم يسجلون للوطن ذاكرة حقيقية بعد غياب الشهداء. أو كأنهم يزرعون أملاً للذاهبين إلى الحرية لمواجهة المجرم بقوة الحياة في مواجهة العبوة الناسفة.
محاولة الاغتيال الأولى كانت بالتأكيد لقطع وإيقاف مسيرة الاستقلال التي بدأت تكبر يوم ظهر ميل حقيقي لدى اللبنانيين برفض التمديد لإميل لحود، ولكنها كانت السبب الرئيسي لتوحيد السياديين من كل لبنان تحت سقف إخراج الاحتلال السوري وبناء الدولة. الدموع هي أول ما يتحرك تلقائياً كلما قيل اسم مثل رفيق وباسل أو جبران وسمير وجورج وبيار ووليد وانطوان وفرنسوا ووسام. كأنما الوقت يتوقف هنا أو كأن الشهداء يسمعون صوتهم للأحياء. الذاكرة تؤلم أحياناً، ومع أن الأحبة لا يغيبون عن البال فلا شيء يستطيع إيقاف الألم برحيلهم. كأن وجع الانفجارات والقتل بالرصاص والعيش بجروح لم تنته يعيد إلى اللبنانيين بعضاً من أيام فقدوها.
في انتفاضة الاستقلال والطريق إلى الحرية سقط شهداء، ودفعوا ثمناً غالياً لمواقفهم، كان باستطاعتهم الركون والصمت والتحول إلى ساكتين عن المجرم، ولكن مدرسة صنعها تاريخ طويل من كمال جنبلاط وبشير الجميل، ورينيه معوض والمفتي حسن خالد وغيرهم الكثيرين، صنعت هذه المدرسة للبنان رجالاً يعيشون في الشمس.
في الأول من تشرين الأول كان الاعتداء الذي تعرض له حمادة جزءاً من الزلازل الإجرامية التي ضربت لبنان بأبطاله ومواطنيه. معاقبة المجرم أول الطرق لإيقاف الجريمة بدل المحاولة المسبقة لمعرفة الضحية المقبلة. أو على الأقل تضامن الشهداء ورفاقهم، وحماية الدستور والدفاع عن الجمهورية، هي أول الطرق لتحييد لبنان عن الرسائل الاقليمية؛ لمروان حمادة قدرة كبيرة على النضال أكثر من السابق، لأنه يحمل قضية رفاقه الشهداء والجرحى، ويحمل أيضاً همّ بناء وطن أكبر من كل عسسهم ومخابراتهم.
في الانتخابات النيابية انتصر لبنان على التدخلات الاقليمية و"المال الطاهر"، وكذلك انتصر الشعب الذي صنع "ثورة الأرز" على أيام "القتل المجيد". أرادها الناس فرصة لإبراز ديموقراطية ناضلوا من أجلها، طالبوا بالحرية والسيادة والاستقلال وحصلوا عليها، ولكن هذا الشعب كان ينتظر فرحة بما أنجزه، فأتاه البعض وهم يحاولن منع قيام الدولة.
لم تكن الانتخابات إلا واحدة من الفرص التي أراد فيها ناس مروان والشهداء جميعاً القول ان المستقبل هو للحياة ولمن يريد بناء وطن، وليس للمجرمين ومهددي الناس بالسلاح.
تغير مروان حمادة بعد محاولة اغتياله، صورة الرجل الذي حوّل أكثر وقته للبحث عن حقيقة الاغتيال والقتل الذي حصل لرفاقه وأحبته. فمروان حمادة الانسان والديبلوماسي القادر على محاورة الجميع ما زال موجوداً طوال الوقت ومنغرساً في النفس والإسلوب. لكن في مواجهة الجريمة والمجرمين، أفسح المجال أمام درجة وافية من التصميم وبل الصدامية التي لا بد منهما أمام المسلسل الرهيب الذي يعيش فيه اللبنانيون منذ التمديد القسري لإميل لحود.
خمسة أعوام على الجريمة، ومروان حمادة كما هو لا يهادن ويدفع معنا جميعاً ثمن حماية لبنان، خمسة أعوام لم يتوقف القاتل عن محاولاته، وكذلك لم يتوقف مروان حمادة عن نضاله لأجل الوطن. تأتي المحكمة الدولية فيربح لبنان الحماية، ويخسر المجرم حربه التي بدأها قبل أربع وثلاثين عاماً
أخبار ذات صلة
موكب سيارات حماس في غزة يثير الجدل
2025-01-20 11:59 ص 20
ترامب عشية تنصيبه: سأتصرف بسرعة وقوة غير مسبوقتين
2025-01-20 06:08 ص 38
شبكة NBC: إدارة ترامب تدرس نقل جزء من سكان غزة إلى إندونيسيا
2025-01-19 09:48 ص 71
السنيورة لـ"الحرة": وجود إسرائيل في لبنان يخلق ذريعة لحزب
2025-01-19 06:08 ص 53
إعلام فلسطيني: قوات إسرائيلية تنسحب من رفح إلى فيلادلفيا
2025-01-19 06:05 ص 49
بهية الحريري أطلقت فعاليات العام الـ20 لإستشهاد الرئيس رفيق الحريري
2025-01-18 11:31 ص 63
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا
برسم المعنيين ..بعض الدراجات النارية تبتز السائقين بتصنع الاصطدام
2025-01-19 04:03 م
ما سر انقسام نواب صيدا في انتخابات رئاسة الجمهورية والحكومة!!
2025-01-15 06:07 ص
بالصور.. كيف تبدو حرائق لوس أنجلوس من الفضاء؟
2025-01-12 10:22 م
إن انتخب د. سمير جعجع رئيساً للجمهورية ما هي علاقة صيدا ونوابها معه!
2025-01-02 10:12 م
أبرز بنود الاتفاق: بين لبنان و إسرائيل
2024-12-28 02:33 م
اطباء نصيحه عواقب صحية مقلقة للامتناع عن ممارسة الجنس
2024-12-19 09:37 م
الرواية الكاملة لهروب الأسد.. وسر اتصال مفاجئ بالمقداد
2024-12-19 09:21 م
تحركات شبابية في صيدا للمشاركة في الانتخابات البلدية المقبلة
2024-12-19 01:42 م
حبلي زار السعودي وتم التباحث في شؤون المدينة
2024-12-17 12:29 م
بين التغييريين والسياديين ضاع نواب صيدا في استحقاق الانتخابات الرئاسية