×

الداية مهنة من أيام زمان نجمها بدأ بالأفول

التصنيف: Old Archive

2009-10-02  03:40 م  4909

 

 

جمال الغربي – البناء
لاقت شخصية الداية إم زكي في مسلسل باب الحارة رواجاً كبيراً بين أوساط فئات عمرية ناشئة وشابة حيث لفتت هذه الشخصية الأنظار نتيجة الدور الذي تقوم به إكان لجة علاقتها بأهالي الحارة وتحديداً لمشاكل النسوة طبياً وولادتهم فضلاً عن الشؤون الإجتماعية لناحية الدور " الخطابة " وتأمين العرسان .
 
ولعل فضولية الطفلة منى " 11 عاماً " لمعرفة إذا كانت الداية هي فعلاً موجدودة في حياتنا أم هي من سرد الخيال دفعتها لسؤال جدتها الحاجة إم محمود عن هذا التساؤل الذي ينتشر في بال الكثيرين من الأجيال الصاعدة وماهو عملها ؟
 
وترد إم محمود 78 عاماً على سؤال حفيدتها منها بأن الولادة أوالداية هي جزء من تاريخنا ولها حكايات كثيرة في مجتمعنا، أما اليوم فقد إنقرضت هذه العادات وباتت من الذكريات فقط. وبدأت تتلاشى في لبنان أمام التطور الطبي والعلمي، بعدما كانت "الداية" أشهر من "النار على العلم"، وصولاً إلى أنها علما بين النساء الحارات والمدن والقرى، تُفتح لها دون إستئذان أبواب المنازل على مصراعيها وحتى أسرارها لتعلن "البشرى" في زينة حياة الدنيا.
وتروي الحاجة لحفيدتها بتعبير شعبي متعارف عليه آنذاك حكاية " داية " كانت هي من بشرت برأسها وهي "الداية إم سليم" الوحيدة التي دخلت معظم منازل مدينة صيدا حيث كانت حركتها بين منازل معظم المدينة التي كان معظم سكانها يقطنون في مايسمى حاياً البلد القديمة لا تهدأ على مدار الساعة نهاراً وليلاً، تكاد لا تستريح في المنزل .
 
30-40 مولداً في الأسبوع
وتضيف في كل أسبوع  تقريباً كان يبصر النور على يديها  ما بين 35 ـ 40 مولودا، وكل ولادة كانت تحتاج ما بين ساعة ونصف الساعة الى ساعتين إذا كانت طبيعية وتزيد المدة إذا كانت بكرا أي أول ولادة لها بعد الزواج.
وتسألها منى بعفوية " شو هيي أدوات التوليد لي بتكون معها " فتجيب أن أدوات التوليد بسيطة، ملاقط ومصل ومياه ساخنة وبضع ساعات من الصبر حتى يأتي المخاض، بينما في السابق كانت الداية تستخدم الكرسي كأحد أهم أدواتها، وهي عبارة عن كرسي خشبي، بمسندين على الجانبين، وثقب في الوسط حيث تجلس النفساء، وقد ثبت طبياً أن هذه الوضعيّة كانت تساعد على خروج المولود، بأسرع وأسهل مما لو كانت المرأة مستلقية على ظهرها، والشخص الذي كان يستدعي الداية، كان مجبراً على حمل هذه الكرسي، تتبعه الداية ومعها "عدتها".
وتؤكد الحاجة إم محمود وهي التي قامت الداية سلمى إبنة أخ الداية إم سليم بتوليد أولادها 5 ومن ضمنها " إم منى " أن عمل الداية لا يقتصر فقط خلال عملية الولادة بل تتعداها متابعة المرأة الحامل وفحصها للاطمئنان عليها خصوصاً في فترة ما قبل الولادة بأسابيع عديدة قبل أن تعاونها في عملية الولادة بجد وإجتهاد الى ان تضع حملها، فتعمد الى تغسيله وتطييبه.
وتتابع من العادة الداية هي أن تقوم بتبشير والد المولود وتلقى احيانا "البشارة" النقدية الاضافية، حسب مركزه المالي والاجتماعي ـ فالعطاء قيمة، ولها أسلوب خاص في "التبشير"، تخفف بلسانها المطواع وكلامها المعسول وطأة الخبر على الوالد إذا كانت المولودة أنثى، أما إذا كان المولود ذكراً، فرحت النسوة وابتهجن وأطلقن الزغاريد.
 
الخبرة والجرأة
في حين تشير بعض المراجع الطبية أن "الداية" لاتحتاج الى شهادة علمية بل الى خبرة وجرأة ومتابعة دقيقة للحامل كي لا تصاب بنزيف، كما أن الدراسة أمر هام. لأن مثل هذه المهنة تحديدا تحتاج الى الخبرة والجرأة، وهما الاساس .كما أنها في ذات الوقت "أنها تتطلب فكر وعلم لانه بين يدي "الداية" تكون روحان: الوالدة والمولود ويجب ان تكون حريصة كل الحرصة على متابعة "طلقاتها" لانه بين اللحظة والاخرى قد يأتي المخاض وتلد الحامل والخوف أن تصاب بنزيف أو أي عارض صحي مفاجىء خاصة إذا كانت مريضة أو مصابة بالسكري أو الزلال.
عادات وطرائف
وبضحكة وتنهيدة تستذكر فيها عادات وطرائف هذه المهنة مع الولادات تقول الحاجة إم محمود وهي التي تلقب بمختارة البلد " نسبة إلى البلد القديمة " أن يسلّم المولود بعد غسله وإلباسه ملابسه، إلى إحدى العجائز المحنكات أو السيدات المشهورات بالفصاحة، فتقوم بوضع أصبعها في فم المولود، وتمرره يمنة ويسرة عدة مرات وهي تردد "اللهم يجعلك من أهل الفصاحة" أو "يجعل كلامك يخرّس الحكام والظلاّم"، ويُسمّى هذا العمل بالتحنيك، أي التيمّن بأن يكون الطفل في مستقبله انساناً محنكاً.
رمي السرّة
وتضيف كما كان من عادات النساء  في تلك الفترة الاحتفاظ بسرّة الولد بعد قطعها، فتجفف وتحفظ في مكان آمن، حتى إذا سنحت الفرصة بعد فترة عمدت والدته إلى رميها في السراي مثلاً، كي يصبح أبنها من الحكّام، أو رميها على باب ثكنة عسكرية أو مخفر شرطة، تفاؤلاً بأن يصبح أبنها من الضباط، وكان الحرص شديداً على عدم رمي السرّة مع نفايات الولادة خوفاً من أن تأكلها هرة أو كلب شارد، فيلحق الشؤم بالولد. 
مشاركة في قرار التسمية
كما أن للداية رأي في تسمية المولود كما حصل مع الداية إم سليم خلال قيامها بعملية ولادة لإحدى النساء التي فقدت مولدها بعد أيام من الإنجاب فقالت لها الداية إم سليم "الله عوض عليكم فسموه عوض" وهذا ماحصل.
وفي ختام هذا الحوار بين الجدة والحفيدة تتمنى الجدة العودة إلى الماضي على الرغم من هذا التطور الطبي في تجسيد للمقولة "حافظ على قديمك ... جديدك مابيدوملك" لأن أجرة الطبيب في الوقت الحالي هي باهظة الثمن بالنسبة للعائلات "المستورة" كما تقول . في حين كانت الداية ترضى بما يقدمه أهل المولود كل قدر استطاعته.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا