×

جمع وتجارة الخردة في صيدا حل لمشكلتي النفايات وغياب الوظائف

التصنيف: Old Archive

2010-07-14  09:00 ص  829

 

سامر زعيتر: <إن ضاقت بك سبل العيش والحياة، فما لك سوى تجارة الخردة>·· عبارة على الرغم من بساطتها، ولكنها تعني الكثير لشريحة كبيرة من الذين قست عليهم ظروف الحياة··

كيف لا والبحث عن الخردة أيضاً يصنف أبناء المجتمع الى طبقات وشرائح، تبدأ من الباحثين عنها بين مكبات النفايات، مروراً بجامعي الخردة عبر العربات والشاحنات، ليعتاشوا على ما يتخلى عنه الآخرين، لتؤمّن لهم دخلاً يقرن بالحد الأدنى للأجور، كي لا يمدون يدهم للعوز وطلب المساعدة، وصولاً الى تجار الخردة ومصدريها··

ويسهم ذلك في الحفاظ على البيئة ومعالجة مشكلة النفايات الصلبة التي تلقى سواءً في الحاويات أو بالقرب منها، أو الأشياء القديمة التي لا تجد مكاناً مناسباً لها في المنزل، والتي تضم: الحديد والألمنيوم والنحاس الى البلاستيك والعبوات الزجاجية والأخشاب، الى بطاريات السيارات وحديدها والكرتون، وصولاً الى كل ما يُمكن اعادة تصنيعه··

ولكن من أين نبدأ، سؤال يطرح نفسه بقوة في البحث عن الباحثين عن لقمة العيش ورؤيتهم يتحدون الصعاب غير أبهين بكلام الناس؟ <لـواء صيدا والجنوب> يسلط الضوء على هذه المهنة ومراحل عملها والمعتاشين منها··

كانت البداية، من حاويات النفايات التي نادراً ما تخلو من مشهد يتكرر صبح مساء، فترى الباحثين عن شتى أنواع الخردة، من الزجاجات الفارغة، الى علب المشروبات الغازية والبلاستيك والكرتون، يرتبونها في عربات صنعت من خشب أو في بعض الأحيان في عربات للأطفال، تجمع بعناية بعد البحث في كل حاوية نفايات، وافراغ ما فيها··

وعلى المقلب الأخر، تجوب شاحنة <بيك آب> بين الأحياء، ليرتفع صوت ينادي عن <أشياء عتيقة للبيع> وكل شيء يُمكن أن يتخلى عنه أصحاب المنازل، لتجمع المتناقضات، وكل له سعر خاص بعد جدال بسيط، لأن أصحاب المنازل يتخلصون من عبء نقل تلك الأشياء··

ومن ثم ينقل كل ذلك الى منطقة الحسبة في صيدا، حيث بالقرب منها <بورة> للخردة يملكها يحيى الحريري، لا تهدأ حركتها بإستقبال مختلف الراغبين في بيع هذه الأشياء، وتجميعها استعداداً لنقلها الى بيروت، ومن ثم تصديرها ولكن بعد خضوعها لمراحل من العمل·· بداية تفرز الحديد وتوزن على <القبان>، وتجمع في مكان مخصص لها بإنتظار نقلها، وقد يتم معالجة بعض الحديد بالمطرقة لتفكيكها الى أجزاء صغيرة، فيما البلاستيك يخضع لعملية تقطيع وتصغير لتتداخل الألوان وتصبح قطعاً صغيرة تجمع في أكياس بإنتظار نقلها الى بيروت ومن ثم التصدير··

أما المكان فيعلوه هيكل لسيارة قديمة زرقاء اللون، وضع بالقرب منها صحن لاقط للتلفاز، وهي تخصص للحارس في الشتاء أو في المساء، كي يقوم بمهمته، فيما جهز المكتب أسفل منها بمكيف، وخصصت أماكن للقيام بعملية التجميع وفرم البلاستيك وجمعه، فيما صاحب المؤسسة يحيى الحريري كان يجلس بالقرب من المكان تحت ظل الشجر مع مورديه من الباعة وهو يشرب <النرجيله>··

الوحيدة في صيدا وأشار الحريري الى <أننا بدأنا منذ العام 2003 بإفتتاح هذه المصلحة، لأنه لا يوجد أحد في صيدا يعمل في هذا المجال، لذلك قررنا أن نكون أول المبادرين للقيام بهذا العمل، ولكن هناك من يقوم بهذا العمل في مناطق أخرى، ووجدنا أن عملنا هذا يكمل ما كنت أقوم به في الماضي، حيث كنت أعمل في مجال الكهرباء التي ينتج عنها بعض الخردوات كالنحاس وغيره، وبدأنا العمل وتطويره شيئاً شيئاً، حتى أصبح لدينا مكان لجمع الخردة، وهو الوحيد في صيدا، ولكن يوجد في الغازية مكان يستخدم وسائل أكثر تطوراً في تقطيع الحديد>·

وقال: أسسنا <مؤسسة يحيى الحريري لتجارة الخردة>، وعملنا يخدم الشق البيئي بشكل كبير من حيث علاج المواد الصلبة الناتجة عن النفايات والمخلفات، التي تأتي من مكبات النفايات أو التي يجمعها أصحاب <البيك آب> الذين يجولون بين الأحياء، أو الذين ينتشلون الحديد والبلاستيك من الطرقات والحاويات، وهناك العديد من الناس تمتهن هذه المصلحة، وخصوصاً إن لم يجد عملاً، فيتجول سواءً من خلال عربة أو <بيك آب> كي يطعم أولاده·

وأضاف: خلال التجوال على الحاويات أو في الأحياء، يجد البعض، كراسي أو غسالات أو قطع حديدية، فيعملون على جمعها أو شرائها من المنازل، وهذا يخفف من الواقع البيئي، لأن هناك أموراً يصعب تحميلها بواسطة عربات النفايات التي لا يمكنها كسر أو تحميل هذه النوعية من الأمور المتروكة، لأن عربات النفايات تقوم بكبس النفايات، ووجود بعض المعادن يؤثر عليها وخصوصاً إذا كان بأحجام كبيرة·

صعوبات وتطلعات وعن الصعوبات والمشاكل التي تعترض المصلحة قال: إن مصلحة الخردة تتأثر بالأسواق العالمية، وخصوصاً انخفاض أسعار الحديد والنحاس والألمنيوم، فعندما يكون طن الحديد يساوي 300 ألف ليرة، فإن جمع ما يقارب 200 كلغ يساوي 50 ألف ليرة فقط، وهو أمر لا يعطي يومية للعامل الذي يجمع الحديد، وخصوصاً إذا ما كان يستخدم <بيك أب> أو يشتري الحديد من المنازل والمحال، لأن تنكة البنزين تفوق الـ 30 ألف ليرة، مما لا يجعله يستفيد من هذا العمل·

وعن المراحل التي تمر بها هذه المصلحة قال: بعد جمع هذه المواد، فإن العمل لدينا يتم من خلال عدة مراحل، حيث نقوم ببيعه الى تاجر في بيروت، وهو يقوم بتصديره، ولكن فيما يتعلق بالمواد البلاستيكية، فإننا نقوم بتقطيعها الى اجزاء صغيرة كي تسهل عملية نقلها، وخصوصاً أن وزنها ليس كبيراً، فيما الحديد فإن وزنه أكبر، ويتطلب معدات أكبر للتقطيع والتفكيك·

وأكد <أن هناك طموحاً لتكبير المصلحة، ولكن الأهم من ذلك يجب أن يكون هناك مناطق صناعية ضمن مدينة صيدا، ووجود أراضي بأسعار تشجيعية، لكن مؤسستنا ليست في منطقة صناعية، وليس هناك في صيدا مناطق تتواجد فيها أراضٍ بأسعار منخفضة، لأن سعر الأرض بات مرتفعاً، وإذا أردنا الحصول على مساحة كبيرة تتجاوز 5 دونمات لتطوير العمل، فإننا يجب أن نتحدث عن ملايين الدولارات، ولكننا نعمل ضمن امكانياتنا، وكل انسان يسعى للتطوير ولكن يجب أن لا نتجاوز الإمكانيات المتاحة>·

وقال: هذا المجال يؤمـّن فرص عمل لعدد كبير من الناس، وخصوصاً الذين لا يجدون عملاً وتقفل الأبواب في وجههم، فيجدون أن أسهل الأمور للعمل من خلال جمع الخردة من المكبات أو عبر التجول، وهي تجعل الإنسان يعيش مستوراً وأفضل من مد اليد للناس، فهناك أيام يجد فيها الإنسان غلة وفيرة وفي أيام تتعطل سيارة الشحن، أو قد لا يتوفق في شراء شيء، ولكنها تبقى تؤمن دخلاً فوق الحد الأدنى للأجور··

وختم الحريري بالقول: نحن نساهم في مساعدة الدولة على علاج البيئة، وهذا الأمر الذي يؤرق الجميع، وتضع الدولة فيه كل طاقاتها، بحاجة الى تكاتف جهود الجميع، لذلك نأمل أن يكون هناك دعم من قبل الدولة بإيجاد مناطق صناعية بأسعار تشجيعية، لكي نستطيع تطوير المصلحة، كما نشكر بلدية صيدا التي تسمح لنا بممارسة عملنا، والذي يندرج أيضاً ضمن مساعدتها في حل مشكلة النفايات الصلبة في مدينة صيدا·

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا