×

بائعة الورد فاطمة ماتت بعمر الورد

التصنيف: الشباب

2015-04-03  08:02 م  1861

 

ينا مياسي  - صيدا تي في
 

لم تكن تعلم الطفلة فاطمة الزهراء أن الموت سيلحق بها إلى لبنان بعدما هربت منه منذ أربع سنوات مضت إثر الأحداث التي عصفت ببلدها الأم سوريا.
فاطمة الزهراء عبد الفتاح، 11 سنة، المعروفة ببائعة الورد، باغتها الموت إثر حادث سير أدى إلى مقتلها وجرح كل من كان معها بالسيارة، لتنتهي حياتها وهي التي كانت قد بدأت تنسج حلمها ببيع الورد لتساهم في إعالة عائلتها.
لقد نجحت الطفلة فاطمة في ترك بصمة جميلة داخل كل من أحبها. لم تكن يوماً عالة على أحد، ولم تقبل أي مساعدة من أحد بالمجان، بل أحبت أن تبيع لتكسب رزقها بالحلال.
وعند انتشار خبر موتها اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي حيث عبر كثيرون عن الألم لخسارتها. فهي  كانت مثالاً للفرد الكادح الذي آلمه خسارة وطن، ليأت ويلقى مصيره في بلد لم يؤمن لها حتى مقعد دراسي واحد ليستقبلها وتتابع تعليمها.
أربع سنوات مضت على  تركها لبلدها سوريا. استقرت فترة سنتين ونصف في طرابلس، ومن بعدها أتت مع عائلتها إلى صيدا.
لم تستطع إكمال تحصيلها العلمي. فبادرت إلى بيع الورد عند تقاطع إيليا. زرعت البسمة والفرح في قلوب الكثير من المارة الذين افتقدوها والذين وصفوها بالهادئة والنشيطة.
ألم فراق فاطمة حفر في المكان الذي كانت تعمل فيه. فبادر محبوها وأصدقاؤها إلى وضع صورة كبيرة لها يترحمون عليها. ولعل المكان صار مقصداً يومياً لقراءة الفاتحة واستذكارها.
عند دخولك إلى منزل فاطمة الزهراء تشعر بروحها تستقبلك مع عطر الورد الذي كانت تبيعه.
تجلس والدتها ويكاد الهاتف لا ينزل من يدها وهي تتنقل من صورة إلى صورة ودموع الشوق تنهمر على وجنتيها. كما يجلس زوج والدتها يحاول التخفيف عن زوجته بخسارة الابنة ليبادر ويقول:" كانت طفلة هادئة ومحبة. ولم نكن يوماً نشعر بغربة عن بعضنا. علاقتي بها  كانت علاقة متينة، ولم أشعر يوماً بأنها ابنة زوجتي، بل ابنتي".
يحاول الزوجان التخفيف عن بعضهما البعض، وتقاطعنا الأم بإبراز صورة تجمعها مع زوجها في إشارة إلى أن فاطمة الزهراء لم تكن تشعر يوماً بغربتها داخل عائلتها، بل كانت تنعم بأسرة أحبتها وأحاطتها بالاهتمام.
أخوها مجد الدين الذي كان يقود السيارة التي تعرضت للحادث سرد تفاصيل الحادث الذي أدى إلى وفاة شقيقته. وأعرب عن اشتياقه لها قائلا:" فاطمة.. رحلت باكراً.. كما أشتاق إليك حبيبتي".
لم يستطع مجد تمالك نفسه فانهار باكياً فقدان شقيقته التي وصفها بالحنون والتي كانت تقوم بقسمة كل ما لديها معه، تعبيراً منها عن المحبة الكبيرة التي كانت تكنها له.
فاطمة كانت تخاف القصف والرصاص. وفي وقت حصول اشتباكات أثناء تواجدها في منطقة المنكوبين في طرابلس قالت لوالدتها:" لقد هزمت الموت في سوريا.. وجئنا هنا، ولا أريد أن أموت هنا.. علينا أن نرحل إلى مكان أكثر أمناً.. عندها جاؤوا إلى صيدا".
فاطمة التي لم يكن لديها أي حلم، كانت تعشق البحر، وتحب الألعاب. لونها المفضل كان الزهري. وكانت تحب بيع الورد الجوري الأحمر. كما كانت تقضي معظم وقتها في المنزل تشاهد المسلسلات التركية، وكان مسلسلها المفضل :" أسرار البنات".
رحلت فاطمة بعمر الورد... هربت من الموت، ليلحقها ويأخذ ما تبقى من سنين عمرها.
رحلت فاطمة.. ولم تكن بعد قد كبرت لتحقق أحلامها.
رحلت وردة الربيع.. تاركة بصمة كبيرة داخل كل من عرفها، ليس لكونها لاجئة وفقيرة، بل لأنها كانت وردة نشرت عطرها الشذي بين محبيها الذين سيبقونها في ذاكرتهم.
رحلت فاطمة.. وبقيت ذكراها العطرة برائحة براءتها وخجلها.


لينا مياسي  - صيدا تي في
3 نيسان 2015

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا