×

لبنان وطوابعه البريدية في كتالوغ للباحثة هدى طالب

التصنيف: ثقافة

2015-05-10  08:34 م  2440

 

خالد عزب  الحياة
أعدت الباحثة اللبنانية هدى طالب كتالوغاً تذكارياً لمجموعة بريدية نادرة ومتكاملة لأحد أشهر هواة جمع طوابع البريد العربي، وهو شفيق طالب الذي ولد في صيدا عام 1934 وأمضى حياته متتبعاً طوابع البريد اللبنانية، ونظم لها العديد من المعارض، فكان من أشهر من رسخوا ثقافة طوابع البريد.

قسمت الباحثة الكتالوغ طبقاً لتطور المراحل التاريخية التي مر بها البريد اللبناني، بدءاً من العهد العثماني لنهاية القرن العشرين لتؤرخ للعديد من الأحداث والمناسبات ليس على الصعيد اللبناني فحسب، بل على الصعيدين العربي والدولي.

وكان من الطبيعي أن تعتمد هدى طالب معياراً معيناً لتبويب إصدارات الطوابع في مجموعات تسهل على الناظر قراءتها الشمولية في إطارها الزمني المرجعي. لذا اتخذت من العهود الرئاسية المتتالية، إبان فترتي ما قبل الاستقلال وما بعده، مفاصل أساسية يتوقف عندها الكتاب، في شكل اصطلاحي، فيبرز مناظر ومعالم تاريخية ومعاصرة، ويحدد إنجازات ويعرض رؤى ويخبر عن أحداث وأنشطة، تروي بمجملها حكاية لبنان خلال ولاية رئاسية ما، ترسخ من ثم صورة الدولة ومنجزاتها في وعي الجمهور.

خلال الفترة السابقة لتسلّم الرئيس شارل دباس الحكم، ظهرت مجموعة طوابع «لبنان الكبير». أما عهد دباس (1926-1932) فعرف 17 إصداراً، وحملت الطوابع للمرة الأولى توشيح الجمهورية اللبنانية، باللغة الفرنسية أولاً وبالعربية تالياً. كما عرضت لمناطق وآثار لبنانية ولمؤتمر الحرير.

النزوع الوطني المتنامي للتحرر من الانتداب الفرنسي والمخاض السياسي الداخلي اللذان شهدتهما البلاد خلال فترة ما بعد إعلان الجمهورية، ظهرا خلال العهود الرئاسية المتعاقبة التي تأثرت إلى حد كبير بالأطماع الفرنسية كما بالتجاذبات والمصالح الإقليمية. وقد انعكس هذا الأمر سلباً على إصدار الطوابع، إذ لم يصدر أي طابع خلال فترة تعليق الدستور (1932-1934). ولم تصدر طوابع أيضاً في عهد الرئيس الحبيب باشا السعد (1934- 1936).

في عهد الرئيس إميل إده (1936-1941)، بلغ عدد الإصدارات تسعة. تميزت بلحظ للمناطق اللبنانية وذكر لموضوع التزلج ولمناسبات لبنانية ودولية (معرض باريس، الأيام الطيبة). وكان إميل إده أول رئيس للجمهورية يثبت رسمه على طابع لبناني. وشهد عهد الرئيسين ألفرد نقاش (1941- 1943) وأيوب ثابت (آذار- مارس/ تموز- يوليو 1943) إصدارين، تميز أولهما بإعلان الاستقلال.

تميز الطابع اللبناني خلال فترة ما قبل الاستقلال، بذوق مرهف وبلمسة فنية ظهرت جلية في النمط الكولونيالي الذي أبدع في رسم المنظر اللبناني الرومانسي، كما في زخرفة الإطارات التزينية.

ومع إرساء دولة الاستقلال، تغيّر المشهد البريدي. فانطلقت الدولة لإجلاء معالم ذاكرتها وتظهير صورتها الجديدة والتعبير عن هويتها، من خلال رموز وأدوات معروفة مثل النقد الوطني والطوابع البريدية والتغريمية. خمسة وثلاثون إصداراً جديداً رافقت العهد الاستقلالي الأول خلال ولاية الرئيس بشارة الخوري (1943- 1952). وتنوعت الإصدارات ما بين ذكرى الاستقلال (وهي الطوابع الوحيدة التي أرخت بخط رئيس الجمهورية)، ومناطق ومناسبات ومؤتمرات لبنانية وعربية ودولية، ودعم قضية فلسطين. كان للجيش والسراي الكبير حصتهما من هذه الإصدارات.

وبدوره حظي عهد الرئيس كميل شمعون (1952- 1958) بـ24 إصداراً. وتميزت بلحظ المرافق والمنشآت الحديثة التي ظهرت للمرة الأولى (دار البريد، المطار، مشروع الليطاني، محطة شمعون الكهربائية). فضلاً عن إدراج المناطق والمهرجانات والمؤتمرات (بعلبك، مؤتمر الرؤساء والملوك العرب، الدورة العربية الرياضية الثانية). والملاحظ أن أي طابع للاستقلال، أو لرئيس الجمهورية منفرداً، لم يصدر خلال هذا العهد في المقابل لحظت صورة الرئيس شمعون، لمرتين، في إطار، في الطابعين العائدين لمؤتمر القمة العربي لافتتاح الدورة الرياضية.

العهد الأغنى على صعيد الإصدارات هو بلا شك عهد الرئيس فؤاد شهاب (1958- 1964). 58 موضوعاً متفرقاً حملتها هذه الإصدارات التي قاربت السبعين. ففضلاً عن المناسبات والمواضيع المتكررة (الاستقلال، الأرزة، مناظر ومناطق...)، لحظت المؤتمرات والنشاطات العربية والعالمية المنحى والزيارات الرسمية (الملك محمد الخامس) والمرافق، والمنظمات العربية والعالمية (الجامعة العربية، ميثاق سان فرنسيسكو، الأمم المتحدة). وتشهد هذه الوفرة للحيوية والانفتاح اللذين عرفتهما السياسة الخارجية اللبنانية على الصعيدين العربي والدولي. ويسجل لشهاب أنه الرئيس الوحيد الذي حملت أربعة من إصدارات صورته بالبزتين العسكرية فالمدنية.

حفلت الإصدارات الخمسة والأربعون التي ظهرت خلال ولاية الرئيس شارل الحلو (1964- 1970) بمواضيع متكررة (الجامعة العربية، مهرجانات بعلبك...) وبأخرى مستجدة (مشروع السنوات العشر للمياه، فخر الدين الثاني، زيارة قداسة البابا، بيروت أم الشرائع، حقوق الإنسان، ذكرى مرور مئة عام على تأسيس أول مجلس بلدي...). وثمة مواضيع ترافقت مع إعلان الأمم المتحدة لسنوات كرست لمواضيع محددة (السنة السياحية العالمية، حقوق الإنسان). وانسحب هذا العرف على العهود اللاحقة التي تابعت الإصدارات ذات الطابع الدولي، تماشياً مع المواضيع العلمية المطروحة وربما تلافياً للخوض في المواضيع الداخلية.

تميزت ولاية الرئيس سليمان فرنجية (1970- 1976) بظهور مجموعة إصدارات. وللمرة الأولى يصار إلى التركيز على شخصيات لبنانية متميزة (الإمام الأوزاعي، حسن كامل الصباح، الأخطل الصغير، جبران خليل جبران)، وعلى رسامين بارزين (حبيب سرور، داود قرم، جبران، قيصر الجميل، مصطفى فروخ، عمر الأنسي)، وقد تضمنت الإصدارات مجموعة لافتة من المرافق والمنشآت التي تشهد على التطور الإنمائي للدولة. كما كان للأديب ميخائيل نعيمة حصته من الإصدارات. ولمناسبة انتخاب جورجينا رزق ملكة جمال الكون، صدر لها طابع خاص. فكانت بذلك اللبنانية الوحيدة المعاصرة التي يحمل طابع لبناني رسمها. لكن المفارقة تكمن في أن سليمان فرنجية هو الوحيد، من بين رؤساء الجمهورية، الذي لم يصدر له طابع خاص به.

ويلاحظ أن العهود التالية لم تحظ بوفرة في إصدارات الطوابع، بسبب الأحداث الأليمة التي شهدتها البلاد. فخلال عهد الرئيس الياس سركيس (1976- 1982) لم تظهر سوى عشرة إصدارات، تميز منها اثنان (تأسيس جمعية المقاصد في بيروت وتكريم ميخائيل نعيمة). أما عهد الرئيس أمين الجميل (1982-1988) فكان كسابقه، ولم تتميز فيه سوى بضعة إصدارات (العيد الماسي للحركة الكشفية العربية ومئوية جبران). وفي العام 1988، خلال عهد الجميل، ظهر طابع «عربسات» الذي حمل ضمن إطاره رسم رئيس الوزراء الشهيد رشيد كرامي عام 1988. ويذكر أنه الوحيد بين رؤساء الحكومات الذي لحظ رسمه ضمن طابع بريدي.

أما الإصدارات الأحد عشر التي ظهرت خلال عهد الرئيس الياس الهراوي (1989-1998) فأرّخت لمحطات ومناسبات تذكارية مهمة في تاريخ لبنان من خلال 23 موضوعاً أهمها: الذكرى الخمسون للاستقلال (6 مواضيع)، زيارة البابا بولس الثاني، مجزرة قانا، البيئة، الرئيس الشهيد رينيه معوض... ويشار إلى أن الرئيس الهراوي هو الوحيد الذي صدر في عهده طابع يمثل رئيس جمهورية سابقاً.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا