محمد دهشة:::

وسط صيحات الغضب والتكبير.. أزال العشرات من ابناء مدينة صيدا ما تبقى من اللوحة التاريخية لـ "حارة اليهود" قرب "سوق النجارين" في مدينة صيدا القديمة وإستبدلوها بإسم "حارة غزة" في تعبير عن رفضهم للتهويد الاسرائيلي للمقدسات الاسلامية والمسيحية في القدس واستمرار حصار غزة منذ اربع سنوات.

وتعتبر هذه الخطوة الاولى من نوعها في المدينة وقد جاءت بدعوة من مركز "عمر المختار" في صيدا القديمة الذي يرأسه الشيخ خضر الكبش والذي لا يبعد سوى مئات الامتار عن "حارة اليهود"، وتزامنا مع إحياء "يوم القدس العالمي" الذي دعا اليه الامام الخميني في الجمعة الاخيرة من شهر رمضان المبارك للدلالة على أهمية القدس في نفوس المسلمين ومع انطلاق الجولة الاولى من المفاوضات المباشرة بين "اسرائيل" والسلطة الفلسطينية في واشنطن وفي كليهما رسالة اعتراض واحتجاج على الظلم الاسرائيلي.

داخل باحة الحارة التي تقطن فيها اليوم عائلات لبنانية وفلسطينية، ناهيك عن بعض العمال السوريين، احتشد العشرات من ابناء المدينة ومن بينهم أمهات شهداء وجرحى واحفادهم، وهم يرفعون الاعلام الفلسطينية والرايات الاسلامية، قبل ان يقوموا بتعليق يافطة كتب عليها بالخط الأسود العريض "حارة غزة" عند المدخل المؤدي الى الكنيس اليهودي القديم.

نشفي الغليل
وقالت الحاجة فاطمة محمد السوسي والدة الشهيد حسين عبد الجواد الذي استشهد في عملية ضد قوات الاحتلال الاسرائيلي عام 1988 في تلة السويداء حيث احتجزت جثته لمدة سبع سنوات قبل ان يتم استعادة رفاته.. في هذا اليوم نشفي جزء من غليلنا ضد اسرائيل"، لقد ارتكبت المجازر بحق شعبنا الفلسطيني واللبناني وتحاول اليوم قتل غزة بعد خنقها بالحصار وتدميرها بالعدوان، اننا نرفع الصوت عاليا لنقول كفى حصار ومعركتنا مع اسرائيل طويلة".

بينما قالت الحاجة قمر اسماعيل التي فقدت ولدها اسماعيل على يدي قوات الاحتلال الاسرائيلي وعملائها في العام 1983 وهي تحمل صورة قديمة له بالاسود والابيض اثناء علاجه من اصابة في قدمه التي بترت خلال الاجتياح الاسرائيلي للبنان.. كل يوم يغلي قلبي كالجمر، تدمع عيوني، تسقط دمعة على خذي، اسمعه ينادي لا تبكي يا امي، اليوم جئت للمشاركة في هذا التحرك لاعبر عن غضبي ضد اليهود، لا نريد ان نرى لهم اثرا في مدينتناالمقاومة بعد اليوم.

وقالت الحاجة فاطمة عيسى حمدان اننا اعلان حارة غزة اليوم هي خطوة على طريق مواجهة اسرائيل، لننا ندعو الى ازالة كل اثار اليهود ردا على تهويد القدس واحتلال الاراضي الفلسطينية، فى يجوز بعد اليوم الصمت عن الظلم اليهودي.

خضر الكبش
وقال رئيس مركز "عمر المختار" الشيخ خضر الكبش تزامنا مع احياء يوم القدس العالمي فاننا نطلق على "حارة اليهود" اسم "حارة غزة" تضامنا مع ابناء غزة وكل الشعب الفلسطيني في وجه الاحتلال الاسرائيلي والحصار والاعتقال وللتعبير عن دعمنا المتواضع لهم، واستنكارا للجرائم والاعتدءاءات الصهيونية التي تمارس بحق اهلنا وشعبنا ولمحاولة تهويد القدس وبناء المستوطنات والاعتداء على المسجد الاقصى المبارك وسائر المقدسات الاسلامية والمسيحية ورفضا للحصار الظالم والجائر على غزة الذي مضى عليه اكثر من اربع سنوات وعانى خلاله الشعب الفلسطيني الصابر المجاهد الويل والالم وامام التهديد الصهيوني الدائم لشن عدوان جديد على قطاع غزة ولبنان، اطلق على هذه الحارة التي تضم الى جانب المواطنين اللبنانيين عشرات من الاخوة اللاجئين الفلسطينيين الذين اخرجوا من ديارهم بغير حق اسم "حارة غزة" بدلا من "حارة اليهود"، داعيا بلدية صيدا والجهات الرسمية اعتماد هذه التسمية وتصنيفها والتعامل معها على هذا الاساس.

تذكير بالحي
واليوم مع استبدال الاسم لم يعد من "حارة اليهود" سوى الذكرى بان هذا الحي كان قبل ثلاثة عقود ونيف من الزمن عاصمة اليهود في المدينة التي احتضنت اللبنانيين من أبناء الطائفة اليهودية ردحا طويلاً من الزمن، حتى سميت الحارة باسمهم وكان عددهم كبيرا ويتعايشون مع أترابهم من أبناء المدينة من باقي الطوائف والمذاهب قبل ان يغادرها آخر يهودي مع انسحاب القوات الإسرائيلية من المدينة عام 1985 وهو شخص من عائلة بصل، بينما ما زال الكنيس قائما فيها وتحول الى منزل لاحدى العائلات الى جانب عائلات لبنمانية وفلسطينية.

تجدر الاشارة الى ان الهجرة الواسعة لليهود حصلت مع بداية الحرب الأهلية اللبنانية مطلع العام 1975، حيث آثر هؤلاء في ظل الفوضى العامة التي اجتاحت لبنان والخوف من استهداف مؤسساتهم التجارية ومصالحهم الخاصة، النزوح باتجاه "وادي أبو جميل" في بيروت قبل التوجه الى الدول الأوروبية وأميركا وبعضهم استقر داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، وان آخر يهودي غادر مدينة صيدا كان في العام 1985 مع انسحاب القوات الاسرائيلية من المدينة وهو شخص من عائلة بصل.