×

الفرير» يكمل حلقات مفقودة من تاريخ صيدا

التصنيف: مواضيع حارة

2015-09-14  07:43 ص  649

 

 رأفت نعيم
علمت «المستقبل» ان مدير المتحف البريطاني جون كيرتس سيزور مدينة صيدا الأسبوع المقبل للإطلاع على المكتشفات الهامة التي ظهرت مؤخرا في موقع الفرير الأثري في صيدا القديمة، والتي يقوم عند طرفه الشمالي في الوقت نفسه، مشروع بناء متحف صيدا التاريخي الذي سيشكل بعد انجازه من خلال حفظ وعرض كافة المكتشفات، نافذة المدينة والعالم المفتوحة دائما على تاريخ صيدا القديم وعبر العصور والحضارات المختلفة .

وكانت اعمال التنقيب التي تقوم بها بعثة المتحف البريطاني في الموقع المذكور تحت اشراف المديرية العامة للآثار ووزارة الثقافة، وللسنة السابعة عشرة على التوالي، اسفرت عن مكتشفات تعود الى القرون الوسطى والى العصر الحديدي والعصور الاسلامية: الأموي والعباسي وحتى الفاطمي، ما يساهم في اعادة ربط حلقات مفقودة من تاريخ المدينة خلال تلك الحقبات.

وابرز هذ المكتشفات، وفق ما اعلنت رئيسة بعثة المتحف البريطاني كلود ضومط سرحال، جدار ضخم يعود الى الفترة الفارسية يعتقد انه جزء من سور المدينة القديم، وبرجين بينهما خندق بمسافة 55 مترا كانا يشكلان جزءا من منظومة دفاعية عند مدخل المدينة في القرون الوسطى

وتقول سرحال في هذا المجال: «بقيت اجزاء كبيرة من الدفاعات القروسطية للمدينة سليمة في الجزء الجنوبي من موقع الفرير. وعلى رغم انها بنيت دفعة واحدة ولم تلاحظ اي مؤشرات الى تعديلات او تصليحات كبيرة، فان اجزاء مختلفة من هذه الدفاعات بقيت غير مكتشفة عبر السنين. وهي تتألف من برجين نصف دائريين يشرفان على التحصينات ويبعدان عن بعضهما 55 مترا، وبينهما سوران مقوسان متوازيان بنيا على التوالي في الجهتين الشرقية والغربية من الخندق الدفاعي. وهناك مساحة يراوح عرضها بين 12 و 15 مترا تفصل بين السورين الداخلي والخارجي. اما الطريق المؤدية الى مدخل المدينة والبالغ عرضها بين ستة وسبعة امتار، فمحاطة بجدار من الصخور الرملية المصقولة وتظهر على الأقل ثلاثة اعمدة رومانية في واجهته الغربية المماثلة لبناء قلعة صيدا البحرية. ولهذه الاعمدة ثلاثة نتوءات (اطناف) كانت ربما تدعم بنية خشبية، هي على الارجح جسر او ممشى يمتد فوق الخندق الدفاعي.

وتضيف: وعثر في خندق يفصل بين البرجين على هيكلين عظميين سليمين لمهر وخنوص (صغير الخنزير) يقل عمرهما عن السنة، خارج سور المدينة، ويفترض انهما القيا من الحصن. وعثر ايضا عند قاعدة الحصن على قطعة نقود نحاسية اسلامية منقوش عليها الشهادتان، وتعود الى اوائل العهد الأموي. وبالاضافة الى هيكلي الحيوانين العظميين، وجد المنقبون ايضا في 2014 مدافن جماعية صليبية في الخندق نفسه. ويعتقد ان هذه المدافن العائدة الى ما بين العامين 1160 و1256 ميلادي، جاءت نتيجة نزاع مسلح لانها تحتوي على بقايا انسانية معظمها لذكور بالغين وتحمل اثار عنف. وتبدو الجروح من فعل بشري وتدل الى اعمال عنف واحيانا الى حرق. ووجد علماء الآثار قطعة نقود وخمسة ابزيمات احزمة من النحاس تشبه ما كان سائدا في لندن خلال القرون الوسطى، واعادوها الى الفترة بين 1250 و1450 ميلادي. وقادت هذه المكتشفات الى الاستنتاج بأن القبور الجماعية كانت نتيجة معركة وقعت في القرن الثالث عشر وشارك فيها الصليبيون. وهذا تأكيد اضافي لسجل احداث صيدا الذي وضعه الملك لويس التاسع ووصف فيه احداثا تتوافق الى حد كبير مع الأدلة الأثرية.

وتضيف سرحال: جرى ايضا اكتشاف جدار دعم ضخم يعود الى الفترة الفارسية،الى الشمال من المدخل القروسطي لمدينة صيدا. وعثر الى الجنوب من هذا الجدار على مزيد من آثار الفترة الفارسية وعلى غرف تعود الى معبد فينيقي. وبداخل الغرف الفينيقية وجدت بقايا مرتبطة بطقس ديني تشمل ادوات يومية مثل تنور مليء ببذور الزيتون المحروقة التي كانت تستخدم كوقود على الارجح.

وكشفت سرحال ان من اهم ما عثر عليه هذا العام كان اكتشاف عدد كبير من القطع المستوردة من جزيرة ايفيا الى صيدا. وايفيا في البحر الإيجي هي اكبر جزر اليونان بعد كريت. وبالاضافة الى العديد من اواني الشرب (سكيفوس) ذات المقابض نصف الدائرية او المزينة برسوم طيور التي عثر عليها، وجد المنقبون إناء نادرا يتوسط جانبيه رسم لشجرة الحياة ويعود الى ما بين العامين 760 و 750 قبل الميلاد. ويشير موضوع رسومه واتقانها الى رسام يعرف بإسم سيسنولا. وكانت شجرة الحياة مع ماعزتين متقابلتين تتسلقانها الموضوع المفضل لهذا «الرسام». ويستند وجود «الرسام سيسنولا» الى معيار الرموز وليس الى الاسلوب. ومع ذلك فإن من يدعى الرسام سيسنولا سمي كذلك نسبة الى إناء شهير من مجموعة سيسنولا العائدة الى ديبلوماسي اميركي في قبرص حصل على مجموعته من التنقيب في مواقع عديدة في الجزيرة المتوسطية خلال القرن التاسع عشر. وعلى ما يبدو، بيعت المجموعة الى متحف متروبوليتان في نيويورك. واحدى قطعها الرئيسية اناء ضخم من ايفيا، مزين على جهتيه بشجرة الحياة وماعزتين إلى جانبيها، ويعرض حاليا في متحف متروبوليتان. اما الإناء الصيدوني الذي سيخضع لتحليل مكثف، فسيكشف بلا شك عن مصدر هذه القطعة المميزة المتقنة. لكنها اكدت انها القطعة الأثرية الأولى من نوعها التي يعثر عليها حتى الآن على ساحل البحر المتوسط .

وبحسب خبراء الآثار المشرفين على حفرية الفرير فإن صيدا من خلال هذه المكتشفات تثبت مرة اخرى اهميتها في تاريخ البحر الابيض المتوسط عبر حركة الاستيراد الكبيرة من كريت ومايسنيه وايفيا واثينا. ويجعل هذا من عمليات التنقيب الحالية في صيدا احدى اهم البعثات الآثارية في الشرق، كونها تكشف شبكة من الاتصالات والمبادلات التي دامت آلاف السنين.

كما يكشف العمل في موقع صندقلي والمستمر منذ خمس سنوات، وجود نظام ري رائع من العهدين المملوكي والروماني ومبنى من العصر الحديدي المتأخر.

اشارة الى ان اعمال التنقيب في موقعي الفرير والصندقلي في صيدا القديمة والتي تجري تحت اشراف مديرية الآثار وبالتعاون مع بلدية صيدا، تتم بدعم من شركة الترابة الوطنية- ترابة السبع ومؤسسة الحريري للتنمية البشرية المستدامة والمتحف البريطاني .


 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا