×

بين الهجرة وعاشوراء الحسين

التصنيف: الشباب

2015-10-17  07:34 م  193

 

بقلم الشيخ جمال الدين شبيب (رئيس الهيئة الإسلامية للإعلام):

نستعيد اليوم هذه المقالة من قديمنا الجديد مع قليل من "الرتوش" ...لأن لاشيء تغير إلى الأفضل حتى الساعة.. على أمل...

المسلمون اليوم أمام مناسبتين تاريخيتين : الهجرة و عاشوراء .وهاتان المناسبتان تجمع بينها قواسم مشتركة من المفيد للمسلمين استقراؤها لتحديد ملامح الطريق في ذلك الصراع الطويل بين الحق والباطل .

الأول: أن هذه المناسبات كانت بداية لتغير استراتيجي في الكون ، هذا التغير من طبيعته أنه يتجاوز الجغرافيا و الزمن. فعاشوراء ذكرى نجاة موسى و من تبعه من فرعون و جنوده ، فدمر الله فرعون و أنهى هذه الدولة العظمى المستبدة فأراح الناس و الكون منها ، ثم مكن لموسى ومن معه لكن في أرض غير هذه الأرض ، فنشأت ممالك على الجانب الآخر و كان لهذا الحدث أثره حتى اليوم و سيبقى إلى أن يشاء الله.

ثم كان الأمر مشابها مع سبط رسول الله الإمام الحسين الذي وقف في وجه الظلم والانحراف عن النهج الإسلامي وسطر بشهادته وأصحابه نبراساً يضيء طريق الأجيال في منابذة الظالمين ورفض الانصياع لشهواتهم وإقرار انحرافهم.

ثم كان الأمر مشابها بالنسبة لهجرة الرسول – صلى الله عليه وآله وسلم – فالهجرة كانت نصراً في حقيقتها و إن كان ظاهرها عكس ذلك ، حيث تكونت دولة الحق في الجانب الآخر فتغيرت معادلة القوى المحلية والإقليمية والدولية لصالح الإسلام والنهج الإسلامي الأصيل.

الثاني: معلوم أن من ترك شيئاً لله أبدله الله خيراً منه ، ترك موسى وقومه ديارهم و أموالهم فراراً بدينهم ، وترك محمد وصحبه تجارتهم و عشيرتهم فراراً بدينهم كذلك ترك المهاجرون ديارهم والتحقوا برسول الله فقامت دولة المدينة الإسلامية،وترك الإمام الحسين الراحة والاستقرار والأمن وخرج لإعلاء كلمة الله ومواجهة الطغيان والاستبداد. فالنتيجة نجاة لأتباع موسى وطعام طيب من وسلوى ، و نجاة و تمكين لأصحاب محمد و غنائم والرجوع للوطن أسياداً و قادة بعد عشر سنوات حيث فتحوا مكة ، وشهادة للحسين وأصحابه ودرس للأجيال القادمة ( ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)

الثالث : أن الثبات على المنهج الصحيح والتضحية في سبيله هو سبيل الخلاص و التمكين مهما عظمت التضحيات، لقد ثبت موسى وأتباعه و تحملوا العذاب في سبيل دعوتهم ، وثبت محمد وأصحابه و ضحوا بأنفسهم و راحتهم من أجل منهجهم ،وثبت الإمام الحسين وقدم بشهادته وأهل بيته وأنصاره خير دليل على انتصار الدم على السيف .

فكانت النتيجة واحدة حيث خلصهم الله من الظلم و الاستعباد بعدما علم صدقهم واختبر إيمانهم حيث ابتلاهم بالشهداء والحصار والتجويع ثم القتل. ليعلم كل الناس بإن الحق لا يستجدى بل ينتزع و إن الذي لا يستعد للتضحية من أجل أهدافه فضلاً عن مبادئه سيبقى دائما في ذيل القائمة حيث الذل والسقوط.

الرابع : إن منظومة قيم الظلم والباطل في حقيقتها كبيت العنكبوت هي هشة مفككة وإن بدت في ظاهرها معقدة و قوية. وحالة فرعون و نظامه حاله كقريش و نظامها و قبائلها حالهم كسائر نظم حكم الطاغوت يظنون أنهم يملكون القوة و القدرة على إخضاع المستضعفين من البشر ، يوهمون الناس بتعقيدات نظمهم و إدعاء دقتها و متانتها وقوتها وسطوتها، لكنها في حقيقتها واهية كبيت العنكبوت أمام منطق الحق وحجته وثباته.

الخامس : أن هذه المناسبات الثلاث تمثل انعطاف محوري في الإنقاذ من الضياع و الهلاك للأمة. فأراد فرعون و جنوده هلاك موسى و أتباعه ، وأرادت قريش و حلفاءها قتل محمد و أتباعه و القضاء على دعوته ، وأراد نظام الانحراف عن النهج الإسلامي الذي مثله المنقلبون على الحكم الإلهي دفن الإسلام المحمدي الأصيل إلى الأبد، لكن الله أراد شيئاً آخر ، فأنقذ الله الجميع ولو بطرق مختلفة.

مناسبات في تاريخ الإسلام تمثل معالم و أسس في طريق تحرير الأرض والإنسان وإقامة نظام الحق والقوة والحرية الذي يتوق له العالم . ونحن على هذا الطريق سائرون فإما شهادة تغيظ العدى وإما حياة تسر الصديق.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا