×

بقلم رأفت نعيم - هيلا .. يا صيدا

التصنيف: منوعات

2015-11-15  04:41 م  1298

 


رأفت نعيم
لصيدا مع البحر حكاية عشق عابرة للتاريخ وملازمة لذاكرة المكان وحاضره .. وترويها قوارب الصيادين المبحرة على أمل .. وشباكهم العائدة بغلة او بخيبة ..لا همّ ، فإبحارهم اليومي في المدى الأزرق ونحو الأفق المفتوح على الخير كما الخطر.. موعد لا يخلفونه ولا يحول بينهم وبينه الا طقس عاصف او بحر ثائر .. حتى الابحار في لجة العاصفة بالنسبة لبعضهم متعة .. فالبحر كريم حتى في ثورته ..

بعد ليلة شمالية الرياح والصقيع يؤوب الصيادون الى مينائهم قبالة القلعة البحرية بقوارب منهكة من كثرة ما تقاذفها الموج، وشباك متثاقلة بتعب اصحابها اكثر مما هي مثقلة بما تحمله من رزق البحر ولكل رزقه الذي قدر الله وشاء ينشرونها على رصيف الميناء بعد ان تشد مراكب الصيد متراصة الى مراسيها ومعتزة بهويتها الموثقة على الخشب قبل الدفاتر الرسمية.. تسميات وارقاماً ..

هي رحلة الشتاء والصيف.. وكل الفصول.. واذا كان للصيد ربيعا بهجته باستعادة البحر لهدوئه وصفوه، وصيفا نكهته وموسمه الذي يعوض على الصيادين اشهرا من الغياب القسري عن البحر والابحار في غفلة من عواصفه، فان للصيد شتاءً- وان متقطعاً- ايضا لديهم عدته ابحارا وطقوسه تعطيلا..

يختلس الصياد بين عاصفة وعاصفة، هدأة رياح تطوع له الموج ليكسح في رحلة سريعة قبل عودة الأولى وثورة الثاني.. متحصناً بقنديل ومرساة وحبال وطوق نجاة وعناية الله اذا قدر له النجاة وعاد لأولاده بقوت يومهم..

تنفرج اسارير البحارة العائدين «مظفرين بصيد ثمين« هو اثمن شتاء منه صيفا، وما يزيد من غبطة الصيادين انه الشتاء الأول الذي يحل عليهم ببحر نظيف من النفايات وشباك غير مثقلة بها ولا ممزقة بسببها .. بعدما نجحت البلدية في ازالة مصدر هذه النفايات اي المكب.

يتجمع ما يخرج به الصيادون من البحر اسماكا مختلف الوانه واشكاله واحجامه .. في مزادات سوق بيع السمك بالجملة «الميرة» عند مدخل الميناء، يبكر اصحابها في استقبال حصتهم من غلة الشباك من «الغبّص والمليفة والجربيدة واللقز والسرغوس والسلطان ابراهيم والسردين وغيرها مما يجود به البحر من ثمار ..تختلط اصوات الباعة واصحاب المزادات وهم يدللون على بضاعتهم « الطازجة « بأصوات الزبائن وهم يزايدون بالسعر او يحارجون به ..

ينتهي دور الصياد بعد كل رحلة صيد على اعتاب سوق السمك ولا تنتهي رحلته مع البحر ومعها هموم وشجون المهنة الأقدم في التاريخ، وهي هموم تلازم اصحابها صيفا شتاءً، وتتعدى ما تتعرض له مراكبهم من اعطال وشباكهم من حوادث.. الى عبء رسوم المراكب ورخص الصيد واعباء التزام قوانينه.

وللصيادين شتاءً «طقوس» أخرى ساحتها مقهى نقابتهم الصغير قبالة الميناء.. تتسع بهم غرفة صغيرة على ضيقها، بعدما كان يضيق بهم بحر محيط على رحابته.. يتسلون بتنظيف وفك تعقيدات الشباك او بلعب ورق الشدة وتدخين النرجيلة وتجاذب اطراف الحديث في شؤون البلد وقبلها احوال الطقس .. بانتظار ابحار جديد.. بعد عاصفة.. وقبل أخرى ..!
 

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا