×

من أمراض الدعاة: الغفلة عن الله والانشغال بالدنيا

التصنيف: Old Archive

2016-01-02  01:10 م  367

 

بقلم/ الشيخ جمال الدين شبيب

 

الغفلة عن الله والانشغال بالدنيا وتحصيلها .. واحدة من أهم التحديات التي تواجه العاملين للإسلام من أفراد وقيادات وقواعد وحركات إسلامية، فتقوض إمكاناتها، وتهدد مستقبل العمل وتفسده وتبعثر جهود المسلمين في الدنيا بل وترديهم في نهاية المطاف إلى نار جهنم في الآخرة.

و للغفلة أسباب كثيرة، من أهمها: الإعراض عن ذكرالله والتهالك على الدنيا وتناسي الحساب في الآخرة،فلا يعود ينفع وعظ ولا إرشاد مصداقا لقوله تعالى:[اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَة مَّعْرِضُونَ، ما يَأْتِيهِم مِّن ذِكْر مَّن رَّبِّهِم مُّحْدَث إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ، لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ.]   (الأنبياء: 1-3).

فإن القلب الغافل اللاهي عن الله، يقضي صاحبه حياته في ضنك وشقاء، ولو كان عنده مال قارون ومهما كان يعيش في حياته في نعيم ورخاء، قال تعالي:  }...وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى، قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا ، قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى، وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى{ (طه: 124).

 الإنسان الغافل لا تزيده نِعمَ الله عليه إلا عصياناً وضلالاً، ولا يزيده حلم الله عليه، وستره، إلا تمادياً واستخفافاً وإعراضاً، فمن الناس من يغتر بنعم الله عليه، ويظن أن الله عز وجل ما أنعم عليه بهذه النعم، إلا لأنه يحبه، ولولا أنه مستحق وأهل لهذه النعم ما أنعم الله بها عليه.

ولو التفت هذا الإنسان المعتر قليلاَ إلى نفسه لوجد أنه مقيم على المعاصي، مقصر في الطاعات، نهم في جمع المال واكتنازه لا يبالي من حلال أو حرام ..وربما نسي هذا المسكين، أن هذا استدراج له من رب العالمين، جاء في الصحيح عن سيد النبيين  من حديث عقبة بن عامر أنه صلى الله عليه وسلم قال" إذا رأيت الله تعالى يعطي العبد ما يُحِب ُ وهو مقيم على معاصيه، فاعلم أنما ذلك منه استدراج" ( البخاري ومسلم)، ثم قرأ المصطفى قول الله جل وعلا: }فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْء حَتَّى إِذَا فَرِحُواْ بِمَا أُوتُواْ أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ، فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ وَالْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ{ (الأنعام: 44-45).

 إن من الناس من يغتر بحلم الله عليه، فيظلم خلق الله، ويصد الناس عن سبيل الله ودعوته، بارتكاباته المشينة ويبالغ في ارتكاب المعاصي والذنوب، والله عز وجل يمهله فلا يأخذه بذنوبه سريعاً، فيظن هذا المسكين أن المعصية حقيرة، وأن الذنب هين، وأن إهانة الناس والاستكبار والتطاول عليهم شيئاً بسيطاً ..ولو كانت ذنوبه عظيمة ً عند الله لأخذه الله بها في الدنيا، ولَعجَل له العقوبة.

 ونسي هذا الغافل أن الله جل وعلا يمهل ولا يهمل، كما جاء في الصحيحين من حديث أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" إن الله تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته" ( البخاري ومسلم )، وقرأ المصطفى قول الله جل وعلا: }وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَي وَهِيَ ظَالِمَة إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيم شَدِيد{ (هود: 102).

 ومن الغريب أن نجد إنساناً يحمل أمانة الدعوة ثم ينصرف إلى الدنيا، ويكرس لها كل وقته وجهده وفكره، بل ويجعلها كل همه، ويتفانى في السعي لها ولو على حساب الدين والآخرة، وربما اغتر بعمله فقال:أنا نحسن الظن بالله، ولو أحسن الظن لأحسن العمل .

وهذا الصنف من المغترين لا يعرف لله طريقاً ولا للجنة سبيلا ًوربما اتخذ الدين ستاراً توصلاً لتحقيق مآربه ومصالحه الشخصية ، فإذا ما ذُكّر لم يتذكر، وإذا نُصحَ ما انتصح، وإذا دَلَهَ صادق أمين على طريق الله سَخَرِ به، واستهزأ منه، وكأن الأمر لا يعنيه، فكل همه الدنيا وجمع وتحصيل ملذاتها  منصرفاً بكل طاقته إلى الحياة وجمع الثروات، فهي معبوده الذي يتوجه إليه بخالص العمل، وبخالص العبادة ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

فيا دعاة الإسلام ويا قادة الأمة الغافلين، بل ويا أيها المؤمنون الطائعون، استمعوا إلى قوله تعالى: [اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِب وَلَهْو وَزِينَة وَتَفَاخُر بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُر فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْث أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ، ثم يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا، ثم يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَاب شَدِيد وَمَغْفِرَة مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَان وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ] (الحديد: 20)، هذا كلام ربنا جل وعلا فانتبهوا وراجعوا أنفسكم قبل فوات الأوان واعلموا أن من غفل عن الله ونسي الله أنساه الله نفسه ووكله إلى نفسه ومن وكله الله إلى نفسه ولم يسدده ضل وخاب وخسر في الدنيا والآخرة..

وفقنا الله وإياكم لما يرضاه ويحبه.. آمين

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا