×

مبيّض «ديليفري»

التصنيف: مواضيع حارة

2016-03-03  09:48 م  464

 


رأفت نعيم
حرفة « المبيّض « التي ذاع صيتها في الماضي وارتبطت بتراث وتاريخ قرى وعائلات لبنانية في غير منطقة وشهدت عهدها الذهبي عندما كان «النحاس» يدخل في اواني الطعام مثل «القدور والصوانٍي والصحون والشوك والسكاكين بل وركوة القهوة وإبريق الشاي وغيرها»، يبدو انها اليوم في طريق الاندثار مع تراجع استخدام هذا النوع من الأواني واجتياح «الألومينيوم» و»الستانلس ستيل» وغيره للمطابخ ولكافة الأدوات المنزلية التي يدخل فيها هذا النوع من المعادن.

ولا يزال كثيرون من كبار السن يذكرون ذلك الرجل الذي كان يطوف بالبلدات والقرى حاملا ًعلى ظهره كيساً من الخيش وصارخا في الأحياء والدساكر «مبيّض... مبيّض«.

امام احد محال الحلويات في صيدا يجلس محمود الدايخ (40 عاما) منكبا على «تبييض قاعدة و»سدر» نحاسيين يستخدمان في صناعة وعرض الحلويات ، بعدما قطع مسافة عشرات الكيلومترات من مسقط رأسه جويا ( الذائعة الصيت في هذه الحرفة) في قضاء صور الى هذا المكان ملبيا طلب اصحاب المحل.. تلك حال محمود منذ فترة طويلة ، منذ ان تراجع الطلب على هذه الحرفة وتراجع معه عدد من بقي محافظا عليها ممن ورثوها أباً عن جد..

ويقول محمود الذي كانت له صولات وجولات مع والده الذي تعلم على يديه المهنة واحترفها حتى باتت وسيلة وحيدة لكسب قوت يومه: اعمل بهذه المهنة منذ 30 عاما واذكر عندما كان والدي يصحبني معه وانا بسن 10 اعوام ويجول على المناطق وكنا نعمل طوال النهار، اذ لم يكن يخلو بيت من آنية نحاسية او الومينيوم. كنا نقصد مثلاً قرى البقاع ونبقى اسابيع في العمل هناك اذ ان معظم السكان هناك من العرب والعشائر كانوا يطهون بـ»دست النحاس» للولائم وبطبيعة الحال كان عليهم ان يبيّضوا الاواني.

ويضيف: اما اليوم فقد تبدل الحال، صحيح انني ما زلت اعمل بهذه الحرفة لكن اعتمادي ليس فقط عليها وذلك بسبب استبدال الناس النحاس بـ»الالومنيوم» و»الستانلس « واصبحت اعمل حسب الطلب اي « دليفري». وعملي اليوم يتركز في معامل الحلويات العربية التي ما زالت تعتمد على سدر وآنية النحاس في خبز وعرض الحلويات.

وعن عملية « التبييض» يقول الدايخ انه يصهر مادة القصدير على درجة حرارة مرتفعة ويصبها على الأواني المنوي تبييضها لإزالة القشرة التي تتشكل عليها والتي تحتوي على مادة سامة تشكل خطورة على حياة الإنسان اذا تركت الآنية دون تبييض ، ومن ثم يقوم بتلميعها في عملية تتطلب جهدا وتعبا وحرفية واتقانا في آن.

يبقى ان كلمة «مبيّض» بمعناها ورمزيتها تحولت مضرب مثل يطلق على المتزلف والوصولي فيقال عنه «مبيض طناجر«!.

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا