شراب الرمان: صناعة يدوية تحفظ التراث الصيداوي
التصنيف: إقتصاد
2010-10-11 01:48 م 1738
محمد دهشة
لم يمنع التمدن الذي شهدته مدينة صيدا ولا التطور التكنولوجي من الغاء مهن يدوية عن الزوال اذ ما زالت بعض العائلات الصيداوية تحافظ على بعضها وقد التصق اسماء الكثير منها بكنية العائلة ذاتها او لقبها كتعبير عن بقائها حية ومنع إندثارها.. فصناعة ماء الورد وماء والزهر وشراب الرمان وسواها ما زالت روائحها الزكية تفوح في مواسم صناعتها بين الابنية.. ووسط ما تبقى من بساتين خضراء امام زحفت الاسمنت، اذ يؤكد محترفوها انها لم تعد مجرد مهنة لكسب قوت اليوم والعيش من جنى عائداتها وانما تراث يحافظون عليه جيلا بعد آخر.
يتصبب الصيداوي بسام حجازي عرقا وهو يقف امام موقد من النار على مدى خمس ساعات متتالية ليحول "أكواز" الرمان وعصيره الاحمر الى شراب في مهنة يحافظ عليها منذ أكثر من 50 عاما بعدما ورثتها أبا عن جد.
فداخل أحد بساتين منطقة "مكسر العبد" عند الاوتوستراد الشرقي ـ بوليفار الدكتور نزيه البزري الواقع في الطرف الشمالي للمدينة، تجتمع عائلة حجازي كل يوم حول مئات "أكواز" الرمان في حركة لا تهدأ، يعاونهم بعض العمال في صناعة شراب الرمان الذي ما زال يعتبر من مونة المنزل ويقدم للضيوف كشراب فاخر طيب المذاق او يرسل الى مسافر كهدية تحمل في طياتها ذكريات الماضي الجميل.
ويؤكد بسام حجازي (50 عاما) انه ورث هذه المهنة عن والده علي قبل 25 عاما الذي بدوره ورثها عن والده ـ جده محمود لتنتقل في العائلة منذ نصف قرن وما يزيد وفي ذات المنطقة كمصدر رزق للعيش الكريم.
يقول "ان صناعة شراب الرمان مهنة ليست معقدة ولكنها تحتاج الى خبرة ونظافة وطول أناة، اذ تستغرق عملية صناعته نحو ثمانية ساعات متواصلة، تبدأ بشراء "أكواز" الرمان من حسبة صيدا بالجملة، حيث يبلغ الكيلو الواحد نحو الف ليرة لبنانية وصولا الى غليه على النار وتعبئته في قناني زجاجية نظيفة معقمة لتباع الواحدة منها بعشرين الف ليرة لبنانية.
موسم ومراحل
وعادة يبدأ موسم صناعة شراب الرمان في نهاية ايلول من كل عام ويستمر شهر كاملا حتى أواخر تشرين الاول وهو يمر بخمسة مراحل أساسية تبدأ بتنظيف "أكواز" الرمان بمياه نظيفة عدة مرات حتى يزول عنها كل بقايا الاوساخ والوحل، ثم يتم تقطيعه ففرطه بواسطة عصا خشبية صغيرة تسمى "المكتة"، مرورا بتنقيته وعصره وتصفيته وصولا الى غليه على نار هادئة.
ويشرح حجازي هذه المراحل بالقول "ان كل مرحلة منها تحتاج الى جهد ووقت، فغسيل الاكواز يعتبر الاصعب لان النظافة اساس العمل وهو يحتاج الى وقت، بينما الفرط بواسطة عصا خشبية ـ "المكتة" يحتاج الى جهد وعرق، فيما باقي المراحل سهلة وتحتاج الى خبرة ومراقبة دائمة لجهة عصره وتصفيته.
ويوضح حجازي ان هناك عدة أنواع من الرمان، وأهمها الرمان الحامض العادي والحلو واللفاني (قليل الحموضة) والرمان الصنيني وهو شديد الحموضة، بيد ان أفضل الأنواع التي تستخدم في استخراج شراب الرمان، هو الرمان الحامض والصنيني الذي يزيد من عقدة الشراب.
ويؤكد "ان التطور لم يدخل الى هذه المهنة فهي 90% يدوية، فقط عصر "اكواز" الرمان كان يتم بواسطة اليدين ويأخذ وقتا طويلا، اما اليوم فإننا نعصره بواسطة آلة كهربائية، قبل ان يتم تصفيته تحضيرا لغليه على النار"، مشيرا الى انه "ما زلنا نستخدم موقد النار على حطب لا حبا بالتوفير امام إرتفاع أسعار الغاز.. ولكن لان "الطبخة" تحتاج الى نار هادئة تستمر نحو 5 ساعات ونستخدم الوعاء النحاسي لانه الافضل، كي يعقد العصير ويتحول الى شراب، قبل ان نسكبه في قناني زجاجية نظيفة ومعقمة ويصبح صالحا للشرب".
ويؤكد "اننا بتنا مقصدا من مختلف المناطق اللبنانية وليس في صيدا ومنطقتها وحسب وكثيرا من الزبائن "يوصوننا" كما حال عدد من اصحاب المحال التجارية، لان صناعتنا باب اول ولا نضيف اليه اي ماء او ملح الليمون او حتى النشا كي لا تخرب "الطبخة"، موضحا "اننا نبيع انتاجنا بالجملة والمفرق حسب الطلب، فالقنينة الواحدة نبيعها بعشرين الف ليرة لبنانية وبالجملة بثمانية عشر الف ليرة لبنانية"، ممازحا ونقبض بالعملة اللبنانية فقط".
ذكريات والدة
الى جانب عدد من العمال الذين ينهمكون في فرط "اكواز" الرمان ويتقاضون في اليوم 25 الف ليرة، تجلس والدته الحاجة مواهب حجازي التي رافقت زوجها علي وولدها بسام في هذه الصناعة منذ خمسة عقود من الزمن في ذات المكان، تقول "انها سعيدة بهذه المهنة التي تحتاج الى انتباه ومراقبة كي لا "تشوط الطبخة" ـ تحترق وتخرب"، مضيفة "انها مصدر رزقنا الاساسي فهي تكفي للعيش بكفاف اليوم"، قبل ان تضيف "للاسف لم تعد تكفي الهم والتعب اليوم امام المضاربة والمنافسة ما دفع بسام الى تعلم مهنة الميكانيك.. وما نأسف له ان احفادي لا يرغبون بتعلمها كما والدهم، لقد قرروا متابعة تحصيلهم العلمي، يرون لنا مستقبلها بات محدودا".
وتختم "أم درويش" إنها تحب هذه المهنة، ورغم خسارتها تحاول الحفاظ عليها كتراث عائلي، إذ كانت عائلتها مشهورة بهذه المهنة، مؤكدة أن شراب الرمان يعتبر من حاجيات المنزل، ويستعمل في العديد من الوجبات والطعام".
يتصبب الصيداوي بسام حجازي عرقا وهو يقف امام موقد من النار على مدى خمس ساعات متتالية ليحول "أكواز" الرمان وعصيره الاحمر الى شراب في مهنة يحافظ عليها منذ أكثر من 50 عاما بعدما ورثتها أبا عن جد.
فداخل أحد بساتين منطقة "مكسر العبد" عند الاوتوستراد الشرقي ـ بوليفار الدكتور نزيه البزري الواقع في الطرف الشمالي للمدينة، تجتمع عائلة حجازي كل يوم حول مئات "أكواز" الرمان في حركة لا تهدأ، يعاونهم بعض العمال في صناعة شراب الرمان الذي ما زال يعتبر من مونة المنزل ويقدم للضيوف كشراب فاخر طيب المذاق او يرسل الى مسافر كهدية تحمل في طياتها ذكريات الماضي الجميل.
ويؤكد بسام حجازي (50 عاما) انه ورث هذه المهنة عن والده علي قبل 25 عاما الذي بدوره ورثها عن والده ـ جده محمود لتنتقل في العائلة منذ نصف قرن وما يزيد وفي ذات المنطقة كمصدر رزق للعيش الكريم.
يقول "ان صناعة شراب الرمان مهنة ليست معقدة ولكنها تحتاج الى خبرة ونظافة وطول أناة، اذ تستغرق عملية صناعته نحو ثمانية ساعات متواصلة، تبدأ بشراء "أكواز" الرمان من حسبة صيدا بالجملة، حيث يبلغ الكيلو الواحد نحو الف ليرة لبنانية وصولا الى غليه على النار وتعبئته في قناني زجاجية نظيفة معقمة لتباع الواحدة منها بعشرين الف ليرة لبنانية.
موسم ومراحل
وعادة يبدأ موسم صناعة شراب الرمان في نهاية ايلول من كل عام ويستمر شهر كاملا حتى أواخر تشرين الاول وهو يمر بخمسة مراحل أساسية تبدأ بتنظيف "أكواز" الرمان بمياه نظيفة عدة مرات حتى يزول عنها كل بقايا الاوساخ والوحل، ثم يتم تقطيعه ففرطه بواسطة عصا خشبية صغيرة تسمى "المكتة"، مرورا بتنقيته وعصره وتصفيته وصولا الى غليه على نار هادئة.
ويشرح حجازي هذه المراحل بالقول "ان كل مرحلة منها تحتاج الى جهد ووقت، فغسيل الاكواز يعتبر الاصعب لان النظافة اساس العمل وهو يحتاج الى وقت، بينما الفرط بواسطة عصا خشبية ـ "المكتة" يحتاج الى جهد وعرق، فيما باقي المراحل سهلة وتحتاج الى خبرة ومراقبة دائمة لجهة عصره وتصفيته.
ويوضح حجازي ان هناك عدة أنواع من الرمان، وأهمها الرمان الحامض العادي والحلو واللفاني (قليل الحموضة) والرمان الصنيني وهو شديد الحموضة، بيد ان أفضل الأنواع التي تستخدم في استخراج شراب الرمان، هو الرمان الحامض والصنيني الذي يزيد من عقدة الشراب.
ويؤكد "ان التطور لم يدخل الى هذه المهنة فهي 90% يدوية، فقط عصر "اكواز" الرمان كان يتم بواسطة اليدين ويأخذ وقتا طويلا، اما اليوم فإننا نعصره بواسطة آلة كهربائية، قبل ان يتم تصفيته تحضيرا لغليه على النار"، مشيرا الى انه "ما زلنا نستخدم موقد النار على حطب لا حبا بالتوفير امام إرتفاع أسعار الغاز.. ولكن لان "الطبخة" تحتاج الى نار هادئة تستمر نحو 5 ساعات ونستخدم الوعاء النحاسي لانه الافضل، كي يعقد العصير ويتحول الى شراب، قبل ان نسكبه في قناني زجاجية نظيفة ومعقمة ويصبح صالحا للشرب".
ويؤكد "اننا بتنا مقصدا من مختلف المناطق اللبنانية وليس في صيدا ومنطقتها وحسب وكثيرا من الزبائن "يوصوننا" كما حال عدد من اصحاب المحال التجارية، لان صناعتنا باب اول ولا نضيف اليه اي ماء او ملح الليمون او حتى النشا كي لا تخرب "الطبخة"، موضحا "اننا نبيع انتاجنا بالجملة والمفرق حسب الطلب، فالقنينة الواحدة نبيعها بعشرين الف ليرة لبنانية وبالجملة بثمانية عشر الف ليرة لبنانية"، ممازحا ونقبض بالعملة اللبنانية فقط".
ذكريات والدة
الى جانب عدد من العمال الذين ينهمكون في فرط "اكواز" الرمان ويتقاضون في اليوم 25 الف ليرة، تجلس والدته الحاجة مواهب حجازي التي رافقت زوجها علي وولدها بسام في هذه الصناعة منذ خمسة عقود من الزمن في ذات المكان، تقول "انها سعيدة بهذه المهنة التي تحتاج الى انتباه ومراقبة كي لا "تشوط الطبخة" ـ تحترق وتخرب"، مضيفة "انها مصدر رزقنا الاساسي فهي تكفي للعيش بكفاف اليوم"، قبل ان تضيف "للاسف لم تعد تكفي الهم والتعب اليوم امام المضاربة والمنافسة ما دفع بسام الى تعلم مهنة الميكانيك.. وما نأسف له ان احفادي لا يرغبون بتعلمها كما والدهم، لقد قرروا متابعة تحصيلهم العلمي، يرون لنا مستقبلها بات محدودا".
وتختم "أم درويش" إنها تحب هذه المهنة، ورغم خسارتها تحاول الحفاظ عليها كتراث عائلي، إذ كانت عائلتها مشهورة بهذه المهنة، مؤكدة أن شراب الرمان يعتبر من حاجيات المنزل، ويستعمل في العديد من الوجبات والطعام".
أخبار ذات صلة
مدينة صيدا وسطروا محضري ضبط بحق الافران
2024-11-12 01:06 م 82
التعويض على العمال واجب وطني من قبل الدولة وأرباب العمل
2024-11-06 12:14 م 55
ناشدت بلدية صيدا في بيان، "أصحاب المولدات الخاصة في صيدا و جوارها، بسبب الأوضاع الراهنة
2024-11-02 05:37 ص 81
67 مليون دولار… إليكم خسائر “أوجيرو” و”ألفا” و”تاتش” جراء الإستهدافات الإسرائيلية
2024-10-22 10:40 ص 62
إعلانات
إعلانات متنوعة
صيدا نت على الفايسبوك
صيدا نت على التويتر
الوكالة الوطنية للاعلام
انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:
زيارة الموقع الإلكترونيتابعنا
أطباء يحذرون: لا تجلس على المرحاض لأكثر من 10 دقائق لهذا السبب
2024-11-14 09:31 م
بدر زيدان: لخدمة صيدا وأبنائها وهو يسير على درب والده السيد محمد زيدان
2024-11-14 03:35 م
خليل المتبولي - المحبة بين الناس: جوهر العلاقات الإنسانية في زمن الحرب
2024-11-06 12:23 م
حكم وعبر في الحياة
2024-11-04 10:37 م
بالصور غارة على بلدة الغازية
2024-11-03 01:32 م
من هم أبرز المرشحين لخلافة السنوار
2024-10-19 06:19 ص
كارثة صحية تهدد مستشفيات صيدا بعد استنفاذ مخزونها من المستلزمات الطبية
2024-10-18 09:40 ص
حمام الشيخ في صيدا القديمة يفتح أبوابه لتمكين النازحين من الاستحمام
2024-10-17 03:02 م
مبروك المصالحة مبروك لصيدا وللنائب الدكتور أسامة سعد والمحافظ منصور ضو
2024-10-10 10:39 ص
بالصور تعليق عدد من اللصوص على الأعمدة في وسط الشوارع بالضاحية الجنوبية