×

البرامية بلدة القصور تُحافظ على تُراثها المعماري وتنوّعها الطائفي

التصنيف: إقتصاد

2010-10-20  10:35 ص  1343

 

ثريا حسن زعيتر: تختصر بلدة البرامية ? قضاء صيدا، صورة لبنان بشكله المصغر، وبجناحيه المسلم والمسيحي، وعيشه المشترك وتنوعه الديني والسياسي، إذ يوجد من أبنائها والمقيمين فيها من مختلف طوائف لبنان الـ 18، وهي ميزة فريدة في بلدة صغيرة··
 

والبرامية ببعديها الجغرافي والعمراني تجسد أيضاً نموذجاً للبلدات، التي ما زالت تُحافظ على تراثها المعماري الأنيق والمميز، فتجمع بين الطابع القروي والفن المدني في قالب قلّ نظيره حتى أنه يُطلق عليها إسم بلدة <القصور> ففيها الأقدم والأكثر روعةً جمالاً وأناقة، حتى إن الرئيس الفرنسي شارل ديغول نزل في احداها ضيفاً أثناء زيارته لبنان في الحرب العالمية الثانية، لذلك فإن أراضيها تعتبر الأغلى سعراً في المنطقة، حيث تربض ارتفاعاً على كتف مدينة صيدا لتجمع بين الساحل بمشهده المفتوح على البحر، فضلاً عن أنها تُشكل حلقة وصل بينهما وامتداداً لقرى شرق صيدا لجهة المدخل الشرقي الشمالي للمدينة··

<لــــواء صيدا والجنوب> حط رحاله في هذه البلدة، وتجول في شوارعها وعاين قصورها ومنازلها، قبل أن يلتقي رئيس بلديتها ميشال جرجي هاشم، الذي تحدث عن ميزتها وعن المشاريع المستقبلية··

الموقع والعائلات تقع بلدة البرامية - شرق مدينة صيدا، ويحدها شمالاً بلدة بقسطا وحي الوسطاني في صيدا، وشرقاً عبرا وبقسطا وجنوباً الهلالية وغرباً الوسطاني ? صيدا وهي ترتفع عن سطح البحر حوالى 100 متر، بينما تبلغ مساحتها الإجمالية 550 متراً مربعاً، 45% منها مساحة خضراء، ومن منتوجاتها: الحمضيات، الزيتون، ماء الزهر والعسل البلدي·

وتعدد الروايات حول أصل تسمية البلدة، فالبعض يُرجح أنه نسبةً الى غناها بالمياه <برومي>، والبعض الآخر بأنها كلمة فنيقية معناها <مكان للرماية>، ومهما يكن من تسمية للبلدة إلا أنها تعتبر أجمل البلدات في المنطقة·

ومن أبرز عائلاتها: <فرح، عرابي، الحوراني، قزحيا، هاشم، مزهر، يونس، جنبلاط، ضاهر، ريشا، روكز، سليمان، السيد، غانم، رستم، حبيب، اسطفان، بوشاهين، شربل، أيوب، إلياس، سعد، أبو حمد، شاهين، الحداد، الهاشم، أمين، بوشروش، مخول، سوداح، عيد وصقري·

ومن أبرز الشخصيات منها: الراحل رشيد بك جنبلاط متصرف الجنوب (1919?1921)، وهو نائب في أول مجلس تمثيلي سنة 1922 ونائب في البرلمان من (1922?1937)، الوزير السابق الراحل الشيخ إلياس هاشم، قائمقام أول الراحل مالك جنبلاط، خالد جنبلاط، نائب حاكم مصرف لبنان مجيد جنبلاط وعميد مختاري لبنان إلياس حبيب·

قصور وتاريخ رغم صغر مساحتها، إلا أن البرامية تضم في نطاقها الجغرافي مصلحة تسجيل السيارات (النافعة)، الجامعة اليسوعية، جامعة الجنان ومدرسة الأفق، أما الأبرز فيها فهي القصور الراقية والتاريخية التي تمتد على طول شارع يبدأ عند الطرف الشمالي لبلدة الهلالية وينتهي عند طرف البلدة الجنوبي، حيث ينتصب فيه أعرق القصور وأجملها على الإطلاق، قصر نسيب باشا جنبلاط الذي يُعتبر واحداً من أجمل القصور اللبنانية، يُملكه نسيب جنبلاط أو نسيب باشا كما كان يُعرف آنذاك، وقد بناه جده قبل 100 عام ونيف، كان يومها نسيب باشا قائمقام جبل لبنان وقد إختار موقعه بنفسه ليؤكد على الروابط القوية بين أهل المختارة مسقط رأسه وبين أبناء صيدا، وقد عهد نسيب باشا الى نائبه رشيد بك جنبلاط بالإشراف على هندسة وبناء القصر الذي أصبح المسكن الشتوي للباشا، في حين بقى قصره في المختارة مسكنه الصيفي·

تبلغ مساحة القصر الداخلية حوالى 1200 متر مربع، وبنيانه مزيج متناسق ومتكامل من الفن الإيطالي - الفلورنسي، إلا أن أروع ما في القصر الداخلي القاعة الشرقية أو قاعة الفسيفساء التي تتوسطها بركة من الرخام وعمرها 200 سنة، وقد أتى بها نجيب بك جنبلاط من أحد قصور بلاد الشام وذلك في العام 1936، واستغرق تركيبها في القصر الجنبلاطي 13 عاماً·

وتعتبر حديقة القصر واحدة من أكبر وأجمل الحدائق اللبنانية والتي تمتاز الى جانب العديد من أنواع الأشجار والورود بنوع من شجر النخيل الذي لا مثيل له في لبنان، وهذا النوع معروف بإسم <النخيل الملوكي> وقد أهداه الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الى نجيب بك جنبلاط (والد نسيب بك جنبلاط) من الجنس الذكر منعاً للإنجاب، علماً أن القصر الجنبلاطي هذا كان في يوم من الأيام مركزاً للقنصلة الفرنسية، وعندما زار الرئيس الفرنسي شارك ديغول لبنان أقام فيه لعدة أيام·

جمال جنبلاط ومن قصر نسيب باشا الى قصر آخر في بلدة البرامية العقارية، له أيضاً تاريخ عريق من القرن العشرين، أنه قصر جمال بك جنبلاط الذي قام ببنائه رشيد ومجيد جنبلاط عام 1905، وكان عبارة عن بنائين منفصلين الأول لرشيد والثاني لمجيد بك، دمجهما في قصر واحد بعد أن اشترى رشيد من أخيه المبنى الأول في العام 1923، وفيه أكبر شجرة صنوبر في لبنان·

سياسياً، شهِد قصر جمال بك جنبلاط العديد من اللقاءات السياسية بين عامي 1939 و1943 لا سيما على الصعيد إنهاء حكم الإنتداب الفرنسي، وكما شهدت قاعات القصر في البرامية العديد من اللقاءات السياسية الساخنة فقد شهدت القاعات ذاتها العديد من المناسبات الحلوة ومنها حفل خطوبة الأمير مجيد إرسلان والأميرة خولة·

عسيران وقصور والى جانبه يقع قصر عسيران وهذا القصر جنبلاطي المنشأ، إذ أن مالكه الأساسي الوزير السابق المرحوم خالد بك جنبلاط، وقد باعه الى المرحوم حسين عسيران في العام 1971، ومؤلف من طبقتين وحديقة تتوسطها نافورة مياه غاية في الروعة والجمال، ويدون القصر تاريخاً من خلال إقامة الرئيس عادل عسيران فيه لفترة خلال الحرب اللبنانية قبل أن ينتقل الى قصره في الرملية·

ويشهد هذا الشارع منذ عدة سنوات بناء مجموعة من الفلل تعود ملكيتها الى عائلات صيداوية معروفة مثل آل البساط والزعتري والحريري والبابا وزيدان وعطاالله، وهذه الفلل التي تشبه بعضها القصور، تمتاز بجماليتها وزخرفتها والحدائق المحيطة بها·

هاشم رئيس بلدية البرامية ميشال هاشم، الذي تولى الرئاسة للمرة الأولى منذ أربعة أشهر تقريباً قال: إنني أحمل بعض المشاريع التي تختلف عن النمط البلدي التقليدي، إذ أسعى الى تحويل البلدية الى مؤسسة إبتداء من أول العام القادم 2011 لنبعد عنها المزاج الشخصي عن العمل الداخلي والخارجي بحيث تخدم جميع أبنائها والمقيمين فيها دون تمييز تأكيداً على أن البلدية هي لخدمة جميع الناس دون تفرقة أو نظر الى أيِ انتماءٍ سياسيٍ وخاصة بعدما طوينا صفحة التنافس الإنتخابي في اليوم الثاني للنتائج، وإننا سنتخذ عدة تدابير لتحقيق هذا الهدف المنشود لجهة الموظفين وتصرفهم مع الناس·

وأكد هاشم على <مفهوم تطوير العمل البلدي وتعديل بعض التشريعات الخاصة بها على قاعدة أن مئات مليارات الليرات اللبنانية تُنفق على البلديات لبناء جدران الدعم والحدائق العامة وسواها، بينما دراسته هي التنمية المتعلقة بالإنسان لأنها الأساس وقبل كل شيء، ومن أجل وقف نزوح أبنائها الى المدن أو الخارج عبر القضاء على البطالة وتوفير فرص العمل للشباب>·

وأضاف: إن نظام البلديات لا يسمح لنا بأي عمل تنموي كبير أو إستثماري، تنظيف الطرقات وجمع النفايات وتجميل البلدات وإقامة الحدائق وسواها هو من الأهمية بمكان في العمل البلدي·· ولكن في ذات الوقت يجب إيجاد فرص العمل للناس في بلداتها من أجل البقاء فيها وقطع الطريق على كارثة النزوح وذلك عبر إعادة النظر في بعض القوانين والسماح لكل بلديتين أو ثلاث أو أكثر بناء مصنع صغير أو شركة مساهمة أو مشروع إستثماري لتوظيف الناس، فالقانون الداخلي للبلديات لا يسمح بذلك ونأمل من المسؤولين المعنيين إعادة النظر في هذه القوانين حتى تصبح البلدية حقيقة عنواناً للتنمية وليس فقط للتجميل وهذا ما يريده الناس بإعتقادي قبل كل شيء·

وأشار الى <أن عدد سكان البلدة يبلغ 2200 مسجلين على قيودها، أما المقيمين فلا يتجاوز عددهم النصف، إذ أن كثيراً من أبنائها تركوها نزوحاً إبان الأحداث اللبنانية الى الخارج مثل أميركيا وإستراليا وكندا، علماً أنها تُجسد صورة مصغرة عن لبنان، إذ فيها أبناء من جميع الطوائف الـ 18 التي يتشكل منها لبنان ورغم كل الذي جرى من أحداثٍ دامية وإنقسام فهي تُحافظ على الصداقة والمحبة والعيش المشترك>·

وتابع: واذا كانت البلدة لا يوجد فيها معالم أثرية أو تاريخية، إلا أنها تتميز بقربها من البحر حتى أنه يُطلق عليها <البر المائي>، الذي يُحيط بها من كل جانب، ويشير رئيس البلدية هاشم، الى أن البلدة <تشتهر بنبع معدني مياهه في الشتاء ساخنة وفي الصيف باردة وصحية>·

واستطرد بالقول: إننا نخشى اليوم من التلوث بسبب كثرة المجارير والتغيير الجغرافي، كما فيها أيضاً منتزه قديم نسعى الى إعادة إحيائه مجدداً ولدينا مشروع آخر لإقامة حديقة عامة عند <نزلة النافعة> تطل على البحر في منظر خلاب·

وختم هاشم مؤكداً <إننا في البرامية لدينا تنظيم مدني إستثنائي ? أي نسمح بنسبة بناء معينة ما بين 25-50% للحفاظ على جمالية البلدة وطابعها المميز، وهذا النظام يسمح ببناء طابقين بشكل مرتب، ويُمكن للبلدية أن تتدخل في الشكل الخارجي للحفاظ على طابع متناسق، لذلك فإن أسعار الأراضي في البلدة تُعتبر الأغلى في المنطقة وتُقارب أسعار المدن، بعض الأراضي يبلغ ثمنها مليون دولار أميركي، فكيف يُبنى فيها مثلاً منزلاً بـ 100 أو 200 ألف دولار، يجب أن يكون هناك تناسق بين سعر الأرض والمنزل، وخاصة أننا نتحدث عن بلدة جلّ منازلها من القصور والفلل، وقد عرفت أول قصر لنسيب جنبلاط، الذي زاره الرئيس الفرنسي شارل ديغول إبان الحرب العالمية الثانية>·

th@janobiyat.com

أخبار ذات صلة

إعلانات

إعلانات متنوعة

صيدا نت على الفايسبوك

صيدا نت على التويتر

الوكالة الوطنية للاعلام

انقر على الزر أدناه لزيارة موقع وكالة الأنباء الوطنية:

زيارة الموقع الإلكتروني

تابعنا